Skip to main content

Full text of "هيثم سرحان خطاب الجنس مقاربات في الادب العربي القديم"

See other formats


خطاب الجئس 

إن حضور خطاب الجنس في الأدب العربيّ القديم» بهذا 
الشكل اللافت والرّاخر والبهيّ» يدل على أنّ الجنس مُكوّن ثقافيٌ 
حيويٌ وفاعلٌ في الحضارة العربية الإسلامية أسهمء شأنه شأن 
المكوّنات الثقافية الأخرىء في صناعة المُتخيّل الثقافي العربيّ. 

كما يؤكّدٌ خطابٌ الجنس مسألتين مهمتين؛ الأولى: شيوع 
الجنسانيات وتعدد أشكالها واطرادها وتنوع عناصرها البشرية 
وخصوبة تمثيلاتها الخطابية. إلآ أن وفرة الجنسانيات وشيوعها 
يكشفان عن التمايزات والإكراهات التى اكتنفت حقل الجنسانية 
ويسأقك. سنال (3:.خاك: السلفقة والتبسوقة لمن يقعون فى 
دوائرهما فرصًا كثيرة ومتنوعة فى إنجاز الجنسانية واد 
أنشطتهاء فى حين أن الأفراد والاشيغاسن البسطاء عانوا حرمانًا 
جتسانبًا ةا والثانية: إدراك المؤلفين والكتّاب القدامى أهمية 
حقل الجنسانية مما دفعهم إلى بحث آفاقه وكشف انظمكة وسير 
قوانينه وجمع نصياته ومُقاربة سردياته رغبة في تطويق آثاره 
واستخراج مفاهيمه والإحاطة بقضاياه وتطويع مقاصده. 

إن امتلاك الأدب العربّ القديم سجلاً جنسائيًا هائلاً 55 
عشرة قرون من الزمان يبرهنْ على أن الثقافة العربية ثقافة تنويرية 
فاغلة وليست ثقافة تأثيمية مُتفعلة. 


1580 2685-5 


اا 


اث <> 7 2ن "| 


1 واي أي الصندوق العربى للثقافة واللفنون 
2 المكزالثتان العزدي 5 #اناأأن> 00ه كلم بها قمه؟ طوعة3 154 | ١‏ 


6547 





آي 


قط 


ل 


ل 0 


المكزالتمان العف 


د. هيثم سرحان 


خطاب الجنس 
مقارباث في الأدب العربى القديم 


د. هيثم سرحان 


مقاربات في الأدب العربن القديم 


المركز الثقافي العحربي الصندوق العربي للثقافة والفنون 





الكتاب 
خطاب الحشسر 
مقارباث في الأدب العربي القديم 
المؤلف 
هيثئم سرحان 
الطبعة 
الأولى. 2010 
عدد الصفحات: 256 
الترقيم الدولي 
:1581 








جميع الحقوق محفوظة 
الناشر 


المركز الثقافي العربي 


الدار البيضاء (المغرب) 
ص . ب : 4006 (سيدنا) 

2 الشارع الملكي (الأحباس) 
هاتف : 522303339 - 522307651 
فاكس : 6+ 
21120100 112112200177 :311 


بيروت (لبنان) 

ص. ب : 113-5158 الحمراء 

شارع جاندارك ‏ بناية المقدسي 

هاتف : 01750507 - 01352826 

فاكس : 01343701 -(9611+) 

1101 ع .1111 

10011: 000 02 
6000_6353 17)0093100.3 


الذورياه 
الكتاب؛ في أصله؛ ثمرة منحة حصل عليها الباحث 
من الصندوق العربى للثقافة والفنون سنة 2008 











الإهداء 


إلى الطامحين في إنجاز تشريعات جنسانيّة عربية 


معاصرة عقلانية تستقري التراث وتستشرف القادم. 


إشارة 


«اعلم أنْ الناظرَ في هذا الكتاب رجلان: رجل ينظر إلى الأشياء 
ورجل ينظر في الأشياء. فالأوّل يحارٌ فيها لأنَ صورّها وأشكالها 
ومخاطيطها تستفرغ ذهنه» وتستملك حسّهء وتبدَدٌُ فكرّه فلا يكون له 
منها ثمرةٌ الاعتبار» ولا زبدةٌ الاختيارء وإذا فَقَدَ الاعتبارَ فى الأوّل 
فَقَدَ فائدة الاختيار فى الثانى» وأمًا الناظرٌُ فى الأشياء فإنه ا فى 
نظره» وتأنيه يبعئه على القصفّح البالغ» والتصفّح البالغ يؤديه إلى 
تمييز الصحيح من السّقيم». والباقي من الفاني» والدائم من العارض» 
وما هو قشرٌ مما هو لبّء وما هو شعارٌ مما هو دثارٌء وما هو شجرةٌ 
فعا هو ل 


(1) أبو حيّان التوحيديّ» رسالة الحياة» ضمن : "رسائل أبي حيان التوحيديّ مُصدرة 
بدراسة عن حياته تازه وأدبهك, تمقيق ونشر: إبراهيم الكيلان» دار طلاس 
للدراسات والترحمة والنشر» دمشق » ص 310. 





تغلب 
2 ره و 2 


في شتاء العام 1996»: ساقني قدرٌ مَكين إلى العمل في جامعة 
ناصر في ليبيا. وفي الأيام الأولى من إلقائي محاضرات في الأدب 
العربي الحديث». لمحت عينين تَلْصِفَانٍ تمرّداً وعشقاً للأدب لطالب 
فتيّ يرسم حديتّه أمامي الطريق الذي سيطرقه؛ واضعاً بلا 0 
علاماتِ على منعرجات دربه وصعوباته» ومستشعراً أيضاً. صحبة 
الوعورة» نشوةً السالك فى غابات المجهول. كان ذلك الفتى ما صار 
يا يعد الشباط والداقه هين صيرتجانة: :القد :«الفكة اقله سام ف 
العام 2000 إلى الأردن لأظل هناك سنتين» فكان هيثم سرحان هناك 
أيضا في مستقرّه بعمّان وفي مرحلة الدراسات العلياء الشغف بالكتب 
ا والجذية فى اختطاط طريقه علامة جليّة» وما زال فتى 
تلصف عيناه كينها ردقا العف والصر ف 


مقارباث في الأدب العربي القديم هي أنه كتابٌ يستكملٌ معرفتّنا في 
الثقافة العربية التى تبقى ناقصةً دون تسليط الضوء على تلك المئات 
من القصص والنوادر والحكايات والطرائف والوقائع والأيام وتحليلها 


10 خطاب الجنس: مقارياتٌ في الأدب العربيٌ القديم 


للوقوع على كنوزها المختفية والمخفيّة. وهذا الحقل بالطبع لا يوفيه 
محراثٌ واحدء وسيظل غير مطروق طرقاً جيداً إذا ما قورن بالحقول 
الأخرى المقتولة بحثاً. كتاب هيثم سرحان يدشَنُ خوضاً جديداً في 
هذا الميدان الصعب» ويقدّم ثمراتٍ ستكون بالتأكيد فاتحة لمشروع 
طويل للعمل على هذه الموضوعة» ولبحث مفاصل أخرى منها. 

قبل هذا الكتاب الذي بين يديك أيها القارئ» تمرّن هيثم سرحان 
أكاديمياً في حقليّن: حقل التأويل الدلالي وحقل السيمياء. أفضى به 
اعدف الأول إلن عفت أنظية الناوين لد المحتزلة متشاولا تظرية 
المعرفة التي يقوم عليها التأويل الاعتزالي» فاكتسب خبرة مَنْ 
يخوض في بحر واسع من النصوص القديمة ترافقها مُلارَمَةَ لنصوص 
حديثة توخى منها العون المنهجيّ فخرج لنا بكتابه الآول في العام 
3 تحت عنوان استراتيجية التأويل الدلالى عند المعتزلة. وكان 
أطروحته لنيل درجة الماجستير. في التمرّن الثاني » خاض غمار 
الببحت في السرة العربى القديم ناشدا الشف عن اتظتعها 
السيميائية» وهذا البحث ليس ببعيد عن الأول» فعْدّته هي هي» 
تَمِسَك بنصوص التراث وتطلّب للعون المنهجي الحديث». وحتى 
أكون أكثر دقة» فإن هيثم سرحان في غوصه في السرود العربية 
القديمة إنما كان يبحث عن منظومة المعارف العربية من خلال 
سرودهم. فالسرد كما تبتاه تبدّى مفهوماً يشير إلى نظام المعرفة الذي 
يشكله المجتمع» وهنا يكمن عمق معالجته التي أفضت إلى ظهور 
كتابه الثاني في العام 2008 تحت عنوان الأنظمة السيميائية: دراسة 
في السرد العربي القديم. وكان أطروحته لنيل درجة الدكتوراه. 

في كتابه الجديد هذاء كتابه الثالث» خطاب الجنس : مقاربات في 


تقديم 11 


الأدب العربي القديم» يبحث هيثم سرحان في خطاب محرم لم يُلتَقْت 
إليه إلا لماماًء وفي ظتي أنه سيظل مجالا غير مطروق بكفاية لسنين 
قادمة. والمؤلف على وعي بهذه الحقيقة التي يردُها إلى غياب الأدوات 
لتقي الند لانم السطاقسة 120 الحسهة بخ التم ضيه وكا لاك يانه 
الوعي بأهمية هذه النصوص وأهمية دراستهاء وما غياب هذا الوعي 
الأمناسى إلا بالنوالة الي محتلها العسدين سمط ابه ف كنا نهنا و امشقماعنا 
الحديثين بوصفهما ذادة يشتبك فيهما المحرّم الا وذّهابٍ الحياء. 
يتتبع المؤلف السرود العربية القديمة المبثوثة في أمهات التراث السردي 
العربي الضخم ليأتيَ بحكاياتٍ وقصص ونوادرَ ووقائعٌ وأيام وطرائف 
فاسنها المشكرك موضوغة الجمى غير أنه لاارتوس من تلك الستروة 
التالئة"الوفرة راهنا على مناذتيا" )لمعم و إتعامنا تاها ة .| بمنطاوزيا 
ومخفياتهاء بالأعماق التي تتمرأى مخادعة في مظاهر سردية تبدو 
ل 
لها حين يقشر النصٌ السردي ليقع على لبّه المنشود والمبتغى. 

ولكن كيف يحقق المؤلف هذا العمل الصعبّ الذي يتطلب معرفة 
حاف وميارةقىاتعيال مك الندرفة الجامة؟ وهل حدق اليتق فر 
بجارلانة إماطة اللكام عن لبن التصوضي الجسية :الى عا لها فن كنال ؟ 
أودّ أنْ أذهب مباشرة إلى القول إِنَ تحليلات الكتاب للسرود المنتقاة 
دعا لي لامعةافي مجملها* دزيادة على :ترعة التسعريق الو حودة املا 
في التخطابات والعوادر تفسهاء يضفي هيثم سرحان على تحليلاته طابعاً 
تشويقياً مضاعفاً وذلك» باعتقادي» من خلال أمرين : الأول هو طبيعة 
فارز تومن اللجميية العدلة. وجو لداتق اقلق المع رمه الى تكسي 
باع بحام الك آرة اذ أشورء قاف إلى أن يعن الفيملناديك تيقاة 
بالتجماسة الإوترياة: وقد أستمَيهنا (اندقاغات عاشق تلْصِف غيناه حا » 


12 خطاب الجنس: مقارياتٌ في الأدب العربيٌ القديم 


اندفاعات تود بلوغ فكرة مسبقة في رأس الباحث, وللقارئ أنْ يتدبّر 
معالجة المؤلف لقصة سَبّى ابن هبيرة الغسّانى زوجة الحارث بن عمر 
في هذا الكتاب. مع ا ل الأقذ تاماك التحليلية أنها تتبنى 
فكرة إيجابية يسعى المؤلف من خلالها إلى الهجوم غير المباشر على 
شريك جنسيّ أساسيّ (الزوج) يمارس دوراً عنيفاً ضدَ المرأة بإلحاقها به 
وجعلها تابعاً. وموضوعاًء وآله جنسية» ومخزناً مادياً لتأمين كنز 
معنويّ؛ حيث يودع فيه الشرف. كل هذه التصورات عن المرأة تجعل 
المؤلف ينعى على الحكايات إضمارّها هذا الحيف. فيطلق أحياناً للغته 
العنان دون حيطة أو حذر كأن يرى أنْ المرأة العربية كانت تفضل أنْ 
تكون سبيّة على أنْ تكون زوجة» وأن لذَنَها مرهونة في الخضوع 
للسيطرة الجنسية» وأن متعتها مرهونة في الوقوع في دائرة السَّبِي. 


ثمة تنبية أساسيّ يقدّمه كتاب هيثم سرحان للقارئ العربي؛ وهو 
أن خطاب الجنس المتمخض عن النصوص السردية الجنسية» 
الخطاب بما هو ممارسات ثقافية وبنى كلية لهذه الممارسات» 
والنصوص بما هي حامل لهذه البنى الثاوية فيهاء أقول إِنْ خطاب 
الجنس مكوّن حضاري لا يصمح أنْ يشتبك مع خطاب القيم الثاوي في 
النصوص الدينية وقوانين الشريعة والتقاليد والعادات. ومن هنا ينبّهنا 
الكتاب على فصل هذا المكوّن الحضاري وفحصه لزيادة المعرفة 
بثقافتنا. وهذا بالأحرى ليس فقط لزيادة المعرفة بثقافتناء بل 
لاستكمال معرفتنا بها. وبالسلب» يوحي لنا المؤلف أَنْ معرفتنا بثقافتنا 
ناقصة بالضرورة من دون معرفة خطاب الجنس. وهذه مهمة قام بها 
المؤلف ليس على مستوى التنبيه حسب». بل على مستوى الشروع 
باستكمال هذه المعرفة الناقصة؛ وتلك وحدها مأثرة لهذا البحث. 


تقديم 13 


من .هذه الزاؤية يكون الكتاى كتانب كشب واستكشاف؟ كنت 
لمكامن فى ثقافتنا القديمة» التى ما زالت فى جوانب عديدة منها هى 
ثقافتنا الحديفة ما دامت تثقلنا بالوصايا والذكر إغدايفة سفن 
لكر من السنوض الزن اقلت أعقاقا عات ممااوتهة تصوزاينا 
المتوارثة. خطاب الح مقاريانة. فى الآذت: العويئ الفلسم 
استجلاء لصورة في ثقافتنا العربية» وهو في الوقت عينه استجلاء 
لصورتنا نحن في تلك الثقافة نفسها. فأنْ تجلوَ ماضيّك هو أنْ تجلوَ 
فتك وتعيل هذا الماقن عباتيل لأنسنا أيضاء وين 
لاعن اين لرك عنه سياه مطل باعقارها اشياف الشعية قافا 
في الوقت نفسه» وبالأصالة عن أنفسناء قلنا أشياء عن أنفسنا 
باععارها :أقباءنا التحقيفية أبضاء حو إن 'الكدافيت مطاهنة الأشناء وتو عت 
ألوائه. فنحن وهو نشترك فاعلية ومفعولية. وخطاب الجنس العربي 
الذي مثّل أسلافنا كان ينطوي بمستوىّ ما على ما ننطوي عليه الآن 
من نظام للمعرفة ما زال يمارس فعلّه فينا. 

وفي الوقت عينه؛ء إِنْ تناول المؤلف موضوعة الجنس وصلتها 
بتراثنا العربي تكشف عن وعي القدامى المتقدم في تكييف أفكارهم 
لحاضرهم. فقد كان ثمة خطان متوازيان يعملان معاء ولا يكاد يتقدم 
أحدهما حتى يلحق به الآخرء ولا يكاد يتأسس شيء جديد عملاً حتى 
يتأسس شيء جديد نظراً. كل ذلك فرضه الفخيلر الف الذي وجد 
العربُ فيهم أنفسّهم» بل بالأحرى صنعه العرب أيام كانوا يَضْتَعون ولا 
يُضْبَعونَء حيث تتداخل ثقافتهم بثقافات أخرى» وتتداخل ألوانهم 
بألوان أخرى» وتتداخل لغتهم بلغات أخرى» ويتداخل حتى دينُهم 
بأديان أخرى» أعراق وديانات ومذاهب ولغات ولهجات عالجوها 
فأنتجوا لنا ما أنتجواء ومن بين ما أنتجوا شيء كامن في تلك النصوص 


14 خطاب الجنس: مقارياتٌ في الأدب العربيّ القديم 


تلك المرحلة فيما يتعلق بالثقافة الجنسية» والأهم من ذلك التصور 

إِنَّ هذا الكتاب مساهمة في طريق فك الاشتباك بين قداسة 
الماضي ونصوصه السردية الجنسية من جهة وخرمة البحث التفصيلي 
والتحليلي فيهاء أو العزوف عنها في الوقت الحاضر. وهذه واحدة 
من النتائج المهة والمباشرة لهذا الكتاب. ولبسن خفيًا هذا الارتباط 
الحميم بين القداسة واللاجنسء لأنَّ الجنسٌ في سياق القداسة 
دنس» فلا تقديس مع التدنيس. وهنا تتجلى الفكرة المهمة في تبيين 
هذا الارتباط الإيهامي. إِنَّ فك هذا الارتباط. وهو شيء موجود في 
تضاعيف هذا الكتاب» مساهمة في توسيع الفهم وتصحيحه عن 
لتوفير متعة أكبر كذلك عبر استكناه ما تخفى تلك القصص الجنسية» 
والنوادر والطرائف والحكايات التى احتوت على خطابات جنسية أو 
حتى كرّست هذه الخطابات عن سابق تصميم. وما من مهمة أمتع 
للبحث من إيجاد سبل اكتشاف هذه الخطابات وتقديمهاء الأمر الذي 
هذا الكتاب الذي يوفر المتعة والمعرفة في آن. 


حسن ناظم 
فرجينيا صيف 2010 


15 


المُقدمة 


يهدف. هذا الكتاب إلى كشف. خطاب الجنس في الأذب: العربيٌ 
القديم» وذلك باستخراج نضّياته» وتعيين أنظمته» وتحديد مقاصده. 
ورصد تمثيلاته. ولا شك في أن هدفًا بمثل هذا الطموح محفوفٌ 
بِالمَكَارِء ومُحاطٌ بالعقبات؛ فأمًا المَكارِهُ الحاقَةُ به فتكمنٌ في أن 
موضوع الجنس يُحيلء في المستوى التداوليّ العام» على الحظر 
والمنع والحجب والتأثيم والتحريم؛ مما يجعل الاقتراب من دوائره 
أمرًا مشوبًا بالحذر والخشية والحرج. وأمّا العقباث فتتمدّل في عجز 
النقد العربي وتعاليه عن إنتاج مفاهيم ورؤى وأدوات منهجية لازمة 
لمقاربة هذا الحقل الخصب والحيوي. إذ إِنْ النقد العربي» قديمه 
ومعاصره. لم يجرؤ على الاقتراب من خطاب الجنس ومقاربة 
الجنسانية رغم ادعاءاته الحداثية وانفتاحه على المنهجيات اللسانية 
والنقدية الغربية. وتعود أسباب القطيعة بين النقد والجنسانية إلى أنّ 
حقل الجنسانية ارتبط بمفاهيم الإسفاف والبذاءة واكتسى لبوس التأثيم 
والتحريم الدينيين الأمر الذي دفع إلى إقصائه واستبعاده من دوائر 
المقاربات النقدية التي لم تفلح في تخليصه من الالتباسات وسوء 
القراءة والتأويل اللذين لحقا به. 

إن مدونات الأدب العربيّ تشملٌ نصَّياتٍ وأخبارًا وحكاياتٍ 


16 خطاب الجنس: مقارياتٌ في الأدب العربيٌ القديم 


ونوادرٌ وطرائف جنسية هائلة تحتل مساحةً كبيرةً فى جسد الكتابة 
العربية الأمر الذي يعنى أن الأنشطة والممارسات الي انيد 
في حياة الأفراد والجاعاتك انتشارًا كبيرّاء ولعل هذا ما يُفْسَرٌ عناية 
مؤسسة الكتابة العربية بهاء وانبراء الكتّاب والفقهاء والقضاة والأدباء 
والمناطقة» باختلاف مرجعياتهم المعرفية وخلفياتهم الإيديولوجية 
والمذهبية» للكتابة فيها. 

وهذا يدل على أن الجنسانية مكوّنٌ أساسيّ في مكونات 
الحضارة الثقافية» ومن ثم فإِنَ دراستها وتحليلها يُقدَمُانَ تصوّراتٍ 
فكرية تسهم في تفسير كثيرٍ من القضايا والظواهر الثقافية التي 
رافقت مسيرة العرب والمسلمين الحضارية. كما أن الجنسانية لا 
تنفصل عن الأشكال والأنساق الثقافية الأخرى مثل: الرحلةء 
والعشق» والحرب, والكرم» والبخل وغيرها من الأنساق. بل إِنْ 
الجنسانية أبلعُها أثرًا وأعمقها تأثيرًا وأشدها حساسية من جهة أنها 
نظام لا يمكن للأفراد إلا الانخراط فيه والتفاعل معه؛ إنها شبكةٌ 
تحيط بالإنسان وتحددُ مفاهيمه. وبصرف النظر عن أشكال 
الجنسانية فإنْها «بيت الوجود)؛ إذ لا يمكن للكائن الإنساني أنْ 
يُقيم خارجها. 

وقد ساهمت السلطة في إنتاج الخطاب الجنسيّ عندما أشاعت 
أجواء الملذات وفنون المتع ووظفت العلماء والمفسّرين والفقهاء في 
إيجاد مقاربات تنسجم مع الجنسانيّات الجديدة الناشئة عن تفاعل 
العرب بغيرهم. وبالمقابل نجح الفقهاء والعلماء والمفسرون في 
تطويع السلطة وأصبحوا جزءًا منها وتماهوا معها بعد أنْ قاموا بتأويل 
النصوص القرانية والاثار النبويّة المرتبطة بالجنس في سبيل إنتاج 


خطابات وتشريعات جنسية تتلاءم مع التوازل والحاجات الإنسانية 
المتجددة. 

كما أفاد الخطابٌ الجنسىّ من تعدد الأعراق والإثنيّات 
والديانات وتدفق الجواري الهائل فى الحواضر العربية؛ إذ عملت 
هذه المكوّنات البشرية على رفد اللحسيائنة العربية بأشكال وأنماط 
جديدة لم تعهدها الثقافة العربية من قبل. كما أن الخطاب الجنسيّ 
العربي اقترض كثيرًا من مفاهيمه وأدواته من الثقافات الأخرى؛ إذ 
تفاعل مع منجزاتها الجنسية فأخذ فنون الجنس من الهنود 
والفرس. ونقل مفاهيم الطب والتشريح والعقاقير الجنسية من 
اليونان. 

والناظر في مدونات الأدب العربي القديم يكتشف أنْ العرب 
والمسلمين أَوْلوا الجنسانية اهتمامًا بالعًا سواء تمثّل ذلك في شيوع 
الأخبار والنصيّات الحكائية المتضمّنة إحالات مباشرة على 
الجنسانية» أم في التآليف الممُخصصة للشؤون الجنسية» أم في 
التشريعات والقوانين الجنسانية الأمر الذي يعنى أن التفكير الجنسى» 
فى الثقافة العربية» نمك مكيل زهي امك در ا أن كثمر عن 
دلالات ونتائج ذات بال. 

إن بدايات الخطاب الجنسيّ العربيّ قد تشكلت لتطويق الأنشطة 
الجنسية الجديدة التى ظهرت وشاعت بشكل لافت فى أواخر القرن 
الثاني الهجريّء 7 اتخذ الخطاب». في هذه المريكة صفة 
الوصف والرصد دون أن يثبّت ويسجّل مفاهيم نقدية تُذكر باستثناء 
ما نجده عند الجاحظ من رؤى وأفكار نقدية مهمة في سائر أعماله 
وبخاصة في رسالتيه الموسومتين ب «مفاخرة الجواري والغلمان»؛ 


16 خطاب الجنس: مقارياتٌ في الأدب العربيّ القديم 


و«القيان». ورغم ريادة الجاحظ في حقل الجنسانية إلا أنه حجب 
جزءًا كبيرًا من الأرشيف الجنسيء ولم يحول مُدَخراته في هذا 
الحقل إلى خطاب كاشف ذي دلالة. ويكمن هذا الحجب بتستّره 
على ممارسة الخلفاء العباسيين وتعاميه عن انتهاكاتهم ومفاسدهم 
وسجلاتهم الجنسانية”*©. وفي هذا السياق لا بدّ من الإشارة إلى 
أن موقع المؤلف من السلطة كان يفرض عليه سلوكا من 
الازدواجية النقدية. 

وسوف تكشف هذه الدراسة عن سرديات الخلفاء والوزراء 
والقادة والكتاب الجنسية ومدى عنايتهم في نشر الجنسانية ورعايتهم 
لأنشطة النخّاسين وأصحاب القيان» فضلا عن استقبال الثقافة العربية 
الجنسانية ممارسة وتفاعلاً وتدويئًا وتأليقًا. 

ولمًا كانت الجنسانية حقلا معرفيًًا مترامي الأبعاد فقد ارتأيت 
البحث في أنظار المفسرين المسلمين ومراجعة تأويلاتهم وامساغلة 
اجتهاداتهم في هذا الموضوع الذي لم ينج من المرجعيات ولم 
المعرفية؛ إذ إِنّ حقول المعرفة المجاورة سعت إلى استدراج 
الجنسانية والسيطرة عليها وإخضاعها إلى مفاهيمها بهدف فرض 
أشكال ونماذج جنسانية بعينها واستبعاد ما سواها. وقد أسهم 
هذا التعدد المرجعى فى تخصيب المتخيل الجنسانئ وإثراء 
الخطاب الجنسيّ قود بآليات وأدوات تكشف كادف 


() الدليل على ذلك أنْ أخبار خلفاء بني العباس وَسِيّرهم الجنسية ظهرت في القرن 
الرابع وما تلاه من عصورء وتحديدًا في كتب: الأغاني» والبصائر والذخائر» 
والمستطرف من أخبار الجواري وغيرها من المدوّنات. 





المرجعيات وانفتاح الحقول وصراعها في امتلاك الخطاب. 

وتحضر المرأة بجلاء في الخطاب الجنسيّ؛ ورغم أن جنسانية 
المراة قتسف و اكلال شيرف الوسر وسسيانبيه إلا أن العيات 
أثبتت للمرأة حضورًا مميرًا يتجلى في تعبيرها عن رغباتها وتمردها 
على الذكورة والأبؤة. إن تمثيلات الجنسانية» في الأدب العربي 
القديم» تشدد على أن الجنسانية حظيت بمساحة واسعة في الثقافة 
العربية التي نجحت في إنتاج خطابات لمراجعتهاء واستيعابها لتأمين 
حاجات الأفراد والمجتمع المتنوعة. 

وقد التمست. في هذا الكتاب». منهجًا تفاعليًا مركبًا يقوم على 
استقراء النضّيات» واستخراج البنيات والمفاهيم الجنسانية الذالة» 
ومعالجتها تأويليًا وسيميائيًا وربط نتائج المعالجة بالسياقات الثقافية 
التي أنتجتها الظواهر. والحقّ أنني لم أكن قادرًا على إنجاز هذا 
العمل إلا بعد قراءة أعمال فيلسوف الجنسانيّة ميشيل فوكو المرتبطة 
بتحليل الخطاب والجنسانية. 

وفي هذا المقام يتعيّن علي أنْ أتوجّه بالشكر الجزيل والعرفان 
الوافر لأصحاب الفضل الزملاء الكرام الذي مذوا لي أيادي العون 
والمساعدة فى إنجاز هذا الكتاب» وأخصٌ بالذكر الزميل د. 
إسماعيل القيام في جامعة فيلادلفيا الذي راجع الكتاب تدقيقًا 
وتحقيقاء ود. حسن ناظم الذي قرأ فصول الكتاب وقابسني في 
مواطن كثيرة مقابسات دفعتني إلى معاودة النظر في بعض القضاياء 
ود. ضياء الكعبي في جامعة البحرين التي كان لأفكارها أثرٌ نافعٌ 
في مراجعة بعض المسائل» والباحث عمر خليفة في جامعة 
ا في نيويورك الذي أفدت بمحاورته وأفكاره الدقيقة. كما 


20 خطاب الجنس: مقارياتٌ في الأدب العربيّ القديم 


أشكر د. لؤي خليل في جامعة دمشق ود. يوسف أبو ليلى في 
جامعة فيلادلفيا لما زودانى به من كتب مفصلية أفدت منها فى 
إنجاز هذا الكتاب. 

إن ما أطمح إليهء في هذا الكتاب, أنْ أكون قد أصبثتٌ هدفي 
المتمثّل في الكشف عن ملامح خطاب الجنس في الأدب العربي 
القديم من أجل فهم طبيعة الجنسانيات وطرائق العلماء والكتّاب 
بعيدًا عن الانغلاق والجمود والتأثيم والتحريم. 


الفصل الأؤل 


خصطاب الجنس: المفاهيم والتصوّرات 


23 


المبحث الأ المبحث الأول 


البساط النظريٌ 


له الخطاب: المفاهيم والمقاصد 

تعد القخطات :66 :ومة:91 واحذا فى أرق المطتطتتحات المعقدة 
التي ظهرت في مرحلة ما بعد البنيوية .5)]5161118211512 - 2054 وتعود 
أسباب تعقّده إلى كونه يحيل على جملة من المفاهيم ومجموعة من 
المقاصد. فهوء في واحد من أبرز حدوده المفاهيمية» يحيل على 
اللغة بوصفها نظامًا تواصايًا خلافًا للنصّ 766 الذي تتحدد اللغة فيه 
بوصفها نظامًا مُجِرّدًا من علاقات التواصل والتفاعل الخارجيين. وهو 
في أحد حدوده الأخرى يقترن بالحجم والحيّز الذي يحتله في الزمن 
والمكان». فالخطاب أطول من النصّ وأشد منه تعقيدًا من حيث إنه 
يحيل على غللاقات تتجاوز البنية اللغوية المسيدوة, 


0) انظر: محمد عناني» المصطلحات الأدبية الحديثة : دراسة ومعجم إنجليزي ‏ عربي» 
مكتبة لبنان ناشرون والشركة المصرية العالمية للنشر 0 ٠‏ 41996 ص 
9. و: ميجان الرويلٍ وسعد البازعيّ» دليل الناقد الأدنّ: إضاءة لأكثر من سبعين 
تيارًا نقديًا معاصرًاء المركز الثقافي العربيء ط3. 2002,. ص 155 157. 





24 خطاب الجنس: مقارياتٌ في الأدب العربيّ القديم 


وسوف تتشعبُ مقاصد مفاهيم الخطاب باختلاف الحقول 
المنهجية التي تشتغل فيها المفاهيم؛ فالخطاب في حقل اللسانيات 
وعنأة ناعم آء كما يرى مايكل ستابز وططن56 اعقطه241 فى كتابه 
«تحليل الخطاب»» يرادف الكلامً المنطوق» وتمظهرَ 57 اللغة 
الفعلن» ويمير ستابز بين الشطات والنض :من حيث المستويان؟ 
السطحي. والداخلي. فالنص بنية لغوية مجردة تتسم بتماسك 
المستوى السطحيّ في حين أن الخطاب يتجاوز البنية اللغوية المجرّدة 
إلى الدلالات الماثلة التى يحكمها تماسك المستوى العميق. ليس 
هذا فحسب بل إن لاله الخطاب تتضمن التواصل اللغويٌ بين 
المتحدث والسامع بوصف الخطاب نشاطا بين الأشخاص تتحدد 
وظائفه وأشكاله استنادًا إلى الغايات الاجتماعية والأهداف الثقافية 
والوظائف المعرفية التي يسعى إلى إنجازهاء في حين أن دلالة النص 
تقتصر على التوصيل اللغويٌ بصرف النظر عن الشكل الذي يتشكل 
النص من خلاله» مما يعني أن النصّ رسالة مُجرّدة©. 


أَمّا الخطاب فى حقل السّرديات 7128010818 فيرتبط بمستوى 
التعبير 2130 27 الذي يقابل مستوى المضمون أمعاطهه© 
مقاط ويقابل القصّة لإده:5» فالخطاب السرديّ (أو القصصىئّ) هو 
الآلية والطريقة التي تُقدّم فيها القصّة"©. ْ 


لك ما دكن أن تيه البخطائة عن القن حيننوياته الكداولية 


(2) انظر : المصطلحات الأدبية الحديثة : دراسة ومعجم إنجليزي -عربيء ص 116-115. 
)3( اخطر: جيزالد برتسن» قاموس السرديات» ترحمة: السيدإمام» ميريت 
للنشروالمعلومات» ط1ء القاهرة» 2003. ص 48. و: سعيد يقطين» تحليل النطاب 
الروائئ : (الزمن ‏ السّرد ‏ التبئير) » المركز الثقافيَّ العربيّ » طق 21997 ص 40-28. 





البساط النظريٌ 25 


5 8] ووه صوة:2 المتممّلةٌ فى: المقاصد 6606005م21. والوظائف 
5ه عن » والسياق 1:6*6مه0)». والعلاقات 5هه130ع2. والإحالات 


40 1 

أما النصّ فمعاييره سبعة هى : التماسك الداخلىّ «مأوعطه0» 
والاتساق نءمهتعطه0. والقصد 1216860281199. والقبول 
لاأطةامءءء4» ومراعاة مقتضى الحال (انلهمه6ة511. والإخبار 
1ه 1م1» والتناص 0 

قد أن منقاضس التقطانها وذلالاته سفيقة سن آكاقهيا التفاقة 
والتداوليّة إلى آفاق ثقافية ترتبط بالأنظمة التي تتيح إنتاجّ المعرفة 
وكدذاول.مكوتاتها 4 وفيئئة مفاهيهها »نهدا المعسق فإن الخطات 
يصحت تيتديل مفهوقه» الأنه أساسن القع المقافده 9 
أاننوعنده اعط31 مدىّ جديدًا وأبعادًا إضافيّة.» فالخطاب يرتبط 
سجللات المجتمعات وأنظمتها ومعارفها وشرائعها ومواقفهاء وبهذا 
المعنى فإِنَ الخطاب ليس عنصرًا شفَافًا أو محايدّاء علاوة على 
عدم القدرة على اختزاله إن بنية واضحة؛ إنه ليشن «ما يترجم 
الصراعات أو أنظمة السيطرة» لكنه ما تُصارعٌ من أجلهء وما 


ومنير التريكيّ» منشورات جامعة الملك سعود» ط1ء 21997 ص 235 6 39. 
(5) انظر: المصطلحات الأدبية الحديثة : دراسة ومعجم إنجليزي ‏ عربي» ص 116. و: 
رولان بارط». درس السيميولوجياء ترجمة: ع. بنعبد العالي» ط 2» دار توبقال 
للنشرة الدار البيضاع»ء 6.» ص 60 - 67. 
(6 )انظ ميدن وارعه مشيل فكو مين ١‏ "«الغرية وها تحاف خزيرة عون 
سقروك وترجمة: محمد عصفورء» سلسلة عالم المعرفة (2)206 المجلس الوطني 
للثقافة والفنون والاداب» 6.» ص 114. 


26 خطاب الجنس: مقارياتٌ في الأدب العربيٌ القديم 


نصارعٌ بهء وهو السّلطةٌ التي نحاول الاستيلاء عليها)"”. 

لقد أسهم فوكو في نقد العقلانية الغربية من خلال تحليل خطاب 
تاريخ الأفكار وهو الحقل الذي يرى فيه نسقًا مُتعاليًا 
(113256652062181) على المعرفة. إضافة إلى كشف الهيمنة التى تحاول 
السلطة فرضها باحتكارها الحقيقة» وقد قادته هذه المي الى 
الوصول إلى نتيجة مفادها أن السلطة شأنها شأن المقولات التاريخيّة 
المتعالية على الوعي والحقيقة معًا. وبهذا المعنى فإِنَ دراسة الخطاب 
تعني كشف المضمر والمقصيّ تمهيذًا لنقد المتعاليات التي تمّ 
تأسيسها في الزمن والتاريخ» فالخطابات السائدة هي الخطابات 
المُقرّة من قبل أنظمة المراقبة والمعرفة التى تدّعى امتلاك المعرفة 
والحقيقة اللتين تغدوان بمرور الزمن خطابًا اننا على المعرفة؛ 
نظرًا لعدم القدرة على التشكيك به أو تحليله. وفي هذا السياق 
يوظفت فوكو مصطلح تحليل الخطاب 5 + 2150011564 معتمدًا 
على مبادئ اللسانيات وآلياتها التحليلية» ورغم أنه يوظف مفهوم 
البنية في تحليل الخطاب إلا أنه تمكن من تطوير قوانينها بعد أنْ 
أقصى من التاريخ مفاهيم التواصلية والاستمرارية والتتابع؛ ذلك أن 
دراسة المعرفة» بنيويّاء لا تستقيمٌ في تتابعها التاريخي» كما أنها لا 
تستقيم كعلم مقارن» يبحتُ في تمايز العلوم في مسارها التكوينيّ» 
بل تتم هذه الدراسة وفمًا لقواعد بنية تاريخ العلوم الخفيّة”. 


(7) ميشيل فوكوء نظام الخطاب» ترجمة: محمد سبيلاء دار التنوير للطباعة والنشر 
والتوزيع» بيروت» 7 ص 9. 

(8) انظر: عبد الرحمن التليل» فوكو: الحفريات منهج أم فتحٌ في الفلسفة؟. مجلة عالم 
الفكرء» م30 ع 2.4 يصدرها المجلس الوطني للثقافة والفنون والاداب» الكويت» 


2 ص 22. 





البساط النظريٌ 277 


ورغم انحياز فوكو لمفهوم البنية إلا أنه تمكن من مجاوزتها 
عندما رفض مبدأ انغلاقهاء وراح يكشف عن التحوّلات والعلاقات 
والإحالات التي يستدعيها الخطاب ويحجبها. فالخطاب جهاز معرفيٌ 
مخاتل ؛ فهو يوهم باستقلاله النسبيّ وحضوره الراسخ وحقيقته 
العطلقة نظلوًا لامتلاكه شرؤوطا يِنيَوَيةٌ .ذاتية ومكؤنات عاذية منضدة عن 
غيرها. ويمنح توافرٌ هذه الشروط الخطاب خصوصية في التداول 
ووجودًا في الزمن وحضورًا في الوعي. لذلك يتعيّن على دارس 
الخطاب ومُحلله أن يبحث فى وظائف الخطاب وأهدافه مستقلاً عن 
التقاصد»والسياقات من تاهية ومتضيلا والشافقاك والاحالات مه 
ناحية أخرى. إِنَّ دراسة الخطاب تقتضى» حسب فوكوء ربطه بعوامل 
خارجية ترفده وتؤسّس وظائفه مثل الأنظمة الاستراتيجية التى تتخف 
الكل السو 

وإضافة إلى ذلك يستدعي الخطابٌُ المؤسسة التي تتبناه وتروّجه 
وتفرضه وتقوده ضمن منظومة مفاهيمية تُحِسَّدٌ سلطة وإرادة قادرتين 
على الهيمنة؛ ذلك أن الخطاب لا يندرج في الواقع بدون إرغام 
وإكراه وعنف. كما أن سيادة الخطاب ترتبط بالجهة التى يصدر عنها 
ويمثّل توجّهاتها؛ فالخطاب ليس إلا تعبيرًا عن إرادة جماعة تسعى 
إلى فرض خبراتها وتصوراتها بما تتمتع به من حضور وسلطة» وفي 
هذا السياق تنشأً الرغبة في المماهاة بين السيطرة والإخضاع من جهة 
والادّعاء بامتلاك المعرفة والحقيقة من جهة أخرى. إِنْ الخطاب 


(9) انظر: انظر: محمد علي الكبيسيّ» ميشال فوكو: تكنولوجيا الخطاب» تكنولوجيا 
السلطةء تكنولوجيا السيطرة على الجسد. ط1ء دار سراس » تونس » 3 
ص 18. 





28 خطاب الجنس: مقارياتٌ في الأدب العربيّ القديم 


يُجِسَدُ ذانَا جمعيّة تسعى إلى إحراز موقع في الوجود والعالم والثقافة 
ضمن صراع معرفيٌّ يقوم على الإبعاد المستند إلى دعامة مؤسسية 
مدعومة اجتماعيًا ومعرفيًا وإيديولوجيًا ولوجستيًا". 

ولمّا كانت غايةٌ الخطاب تحقيق غايته القصوى المتمئّلة في أنْ 
يُصبح (إرادة حقيقة» فإنه سيكون مَلرْمًا باللجوء إلى تدابير معرفية» 
والاستناد على دعائم ونفوذ يميلان إلى ممارسة الضغط على 
الخطابات الأخرى وإقصائها. علاوة على سعيه الدؤوب إلى الهيمنة 
على المنظومات والمفاهيم السائدة من خلال إعادة توصيفها وتعيينها 
بما ينسجم مع أهدافه وغاياته”'". 

ويتأسس الخطاب على الاختراق والاختزال؛ فهو يسعى إلى 
اختراق المنظومات السائدة واختزال مفاهيمها وتصوراتها لتصبح أكثر 
عمقًا وأقل قابلية للإحاطة. وتوفْر هذه الطريقة للخطاب فرصة ادّعاء 
لإزافة السزفة) واحتكارها على اعتبار أن المتيقة اميفيحونة ومكتومة 
ومُصادرَةٌ. ولكنّ الخطاب وهو يقومٌ بهذا الادّعاء فإنه يُمارسٌ حجبًا 
وكتمًا وإزاحة؛ ذلك أن السلطة التي يذَرعٌ بها تتمتع برصيد هائل من 
لوال 

إن دراسة الخطاب وتحليله يستوجبان تحريره من الرغبة» 
وتخليصه من السّلطة اللتين تحققان سيطرته وهيمنته. ويندرج في هذا 
السياق كشف الآليات السلطوية المتغلغلة في الأصوات والمفاهيم 


(10) انظر: نظام الخطاب. ص 12-11» 14. 


2110 انظر: نفسه» ص 15. 
(12) نفسف 15. 





البساط النظريٌ 29 


حا و نح المح ل ال زه لهت 
ومحاصرتهاء ذلك أن الخطاب» وهو يدّعي احتكار الحقيقة» 
حقائقٌ ويُصادرٌ أفكارًا ويُقصي تصوراتٍ لا تنسجم مع إرادة 0 
التي يسعى إلى ترسيخها تلك المتمثلة في برامجه السلطوية ورقابته 
الدائمة وعنفه المتواصل37". 1 

ولا يتفضين البخطان: عو هوتة الثااف السبعية المبفحة لمن 
حيث إن هناك خطاباتٍ فيض لها أنْ تروجَ بفعل سلطة الذات 
الجمعية المُنتجة وهيمنتها المعرفية والسلطوية في حين أن هناك 
خطاباتٍ تمت مُصادرتها؛ لأنّ أصحابها لا يتمتعون بسلطة تمنحهم 
حقّ سرد خبراتهم وتنصيص تجاربهم في الوجود تمهيدًا لتحويلها إلى 
تجربة معرفية. وعلاوة على ذلك فإِنّ حضور الخطاب اللامتناهي في 
الزمان» وتكرار دورانه يكشف عن السلطة التي تتمتع بها الذات 
الجمعية وقدرتها على إنتاج السياسات الكفيلة بتحويله إلى حقيقة 
ثابتة ومعرفة راسخة لا تكفمان عن الحضور والثّرداد والتداول فى 
مؤسسات الأفكار شرحًا وتعليقًا وتأويلا”". 1 

ولا يؤكد الخطاب احتكار الحقيقة والمعرفة فحسب بل إنه يتخذ 
صفة التجدد والراهنيّة وتعدد المعنى. لذلك فهو لا يكف عن 
الإشارة إلى امتلاكه الإضمار والثراء والخفاء وهي مكوّناتٌ تكفلٌ له 
حضورًا وتأويلاً لا ينضبان ولا ينفدان. وتندرجُ في نظام السيطرة 
الخطابية إحالة الخطاب إلى المؤلف المتمتع بفاعلية تاريخية ومعرفية 


(13) نفسهء ص 16. 
(14) نفسهء ص 17 18. 


30 خطاب الجنس: مقارياتٌ في الأدب العربيّ القديم 


قادرة على منح المفاهيم الوحدة» والتماسكء والانسجام» والترابطء 
والاندراج في الواقع عبر نظام تمثيليَّ يختزل التجارب والخبرات في 
إطارٍ واحد”2". 

وحتى يكتسب الخطابُ شرعيةً معرفية فإنه يعرّز مفاهيمه من 
خلال تقنيات وأدوات مفاهيمية» وعلامات مرافقة. فالهدف من 
الخطاب أن يفرض سيطرة على جمهور المتلقين» وأنْ يحظى 
بالتداول في المجتمع» وأنْ يحضر في فضاء المعرفة» ولايمكن لهذه 
الأهداف أنْ تتحقق إلا بعد أنْ يخضع الخطاب لقواعد التسنين دون 
أن يَحُولَ ذلك من تفكيك مبدأ مراقبة عملية إنتاج الخطاب» بمعنى 
ضرورة الوعي بأنْ الخطاب قد تمّت المصادقة عليه بعد أنْ خضع 
لمبدأ مراقبة عملية إنتاج الخطاب التي تُعيّنُ حدوده وتشكل هويّته 
ببعث قواعد إنجازه وقوانين حضوره”*"". إن لمؤسسة إنتاج الخطابات 
وإنجازها شروطا تصدرٌ عنهاء ومرجعياتٍ تتحكم فيهاء بيد أن كشف 
هذه الشروط والمرجعيات لا يتوقف عند أدوارها في إنجازه وتسنينه 
والاعتراف به بل يجب أنْ يشمل البحتٌ في قوانين هذه المؤسسة 
الإرغامية وشروطها التداولية””". 


ومن الثابت أن مؤسسة إنتاج الخطابات تفرض شروطا وقواعد 
وإكراهاتٍ وتشريعاتٍ على الراغبين في تأسيس الخطاب وإنجازه. 
ويعتمدٌ الأمرُْ على الحقل الذي ينتمى إليه الخطاب المرغوب فى 
(15) نفسهء ص 21-20. 


(216 انظر: نفسه» ص 27. 
(17) نفسهء ص 27. 





البساط النظريٌ 31 


تأسيسه؛ فبعض مناطق الخطاب يحظر ولوجها على ذوات لا تحظى 
بالقبول والموافقة من لدن مؤسسة الخطاب» وبعضها مُحاط بالمنع» 
وبعضها الآخر مفتوح ويُسمح للذوات بإنتاج الخطاب والمساهمة في 
تفعيله دون قيد أو شرط. وبعبارة أخرى فإِنْ ظهور الخطاب يخضع 
لاندراج الذوات المؤسسة له في سياق سياسات الخطاب التي لا 
تنفصل عن السلطة ومرجعياتها الاحتكاريّة والرقابية والإرغامية". 


ويعتمدٌ انتشارٌ الخطاب ورواجه على الإطار الموضوعيّ الذي 
تأتلك افيه النازاك النفية"[العطاى» إنما كات جع سند إلى 
احتكار الخطاب وامتلاكه وعدم السماح للآخرين بالخوض في 
مجالاته ظئًا منها أنها تحافظ على الخطاب وإنتاجهء بيد أن هذه 
الممارسة الاحتكارية تجعل هذه الخطابات تُتُداول في مجال مُغلق 
فضلا عن أنه يوفْرُ لمنتجي الخطابات سلطة يخشون أنْ يُنازعهم فيها 
الآخرون ويُجرّدونها 0 

إنَ مجتمع الخطاب المُتمثّل في منتجيه ومُتداوليه يمنحٌ أفراده 
حصانةً وفرادةً وتفوّقًا تتيح لهم الاشتغال ضمن مساحة معرفية معيّنة 
تمكنهم من إنتاج المفاهيم المعرفية المرتبطة بنوع معيّن من 
الخطابات» وسوف تمنحهم هذه العملية الإنتاجية التي يضطلعون بها 
امتيازًا وتمايزًا عن مستعملي المنظومة اللسانية الذين يتعيّن عليهم 
استهلاك المفاهيم الخطابية وتداولها بوصفها حقائق مطلقة. ومن أبرز 
هذه الأنواع الخطابية؛ الخطابات الدينية» والفلسفية» والسياسية التي 


(18) نفسهء ص28. 
(19) نفسهء ص 30. 


32 خطاب الجنس: مقارياتٌ في الأدب العربيٌ القديم 


يُشْدد منتجوها على إغلاق دائرة الإنتاج وفتح دائرة الاستهلاك أمام 
جمهور الخطاب الذي يتعيّنُ عليه الاعتراف بالمفاهيم والحقائق 
المنتجة والمصادقة على الخطاب والاعتراف به والخضوع له. مما 
يعني أن الخطاب يهدفٌ إلى تحقيق التَملّك الاجتماعيّ؛ أي إخضاع 
الذوات والجماعات لمقاصده ومفاهيمه» تمهيدًا لتحقيق منظومة 
شاملة تضمن انخراط الأفراد والجماعات فيها. بل إِنَ الأمر يتسع 
ليتجاوز تأمين انخراط الأفراد وإخضاع الجماعات إلى العمل على 
إنتاج جهاز لمراقبة الخطاب؛ ذلك الجهاز الذي سيهتمٌ بدراسة تلقي 
المستعملين لشكل منطوق الخطاب ومضمونه فقط دون السماح 
لمعاف عالدواف الجنكلطة اللي 0 


وسوف يتعيِّنْ على دارس الخطابات تحريرها من القراءات 
السلطويّة» والرقابة الدائمة» فحيثما يكون السّكون يوجد خطابٌ 
مُصادرٌ ومقموع. كما أن الشقوق البسيطة تنفتح على فْسَح مترامية من 
الوحَود النظلم الذي ركه على :ركام سحزفي شاملم «وجمعد »وف هذه 
اللحظة المعرفية تتجلى فقَبَساتُ الخطاب؛ فالهامش هو اللا مقروء» 
وإِنَ عدم قراءته أمرٌ بالغ الدهشة والقسوة؛ لأنه يعرض أسباب عدم 
قراءته والعوامل التى أدّت إلى إقصائه. فالإقصاء 5وعمء#زوناه<8 هو 
القيمة إلى مسن ميعزل تزعو إلى كنثتها #العخادق التابة بحا وومقة 
وسخرية مريرة من اللامفكر به”'0. 


(20) نفسهء ص 32-31. 

)221 انظر: ميشيل دوسترتوء ضحك ميشيل فوكوء ترجمة: كاظم جهاد. بجلة 
الكرمل» ع 54 ص 209. وتجدر الإشارة إلى أن المفكر محمد أركون قد استثمر 
مصطلح «اللا مفكر به» لدراسة بنية السلطة في التراث العربيّ والإسلاميّ. 





البساط النظريٌ 33 


إِنَ البرهنة على فصام العقل المعرفيّ هو المجال الذي يسعى 
فوكو إلى إثباته وكشفه. فسياسات العزل والاستبعاد التي كانت 
تنتهجها المجتمعات والحكومات الغربية لإقصاء المرضى والمجانين 
والمجرمين والمنحرفين قادت فوكو إلى البحث في الذاكرة 
والأرشيف والسّجلات عمّا يكشف عن قوانين الاستبعاد والعزل 
والإقصاء تمهيدًا للبرهة على أن الحضارة الغربية قد استحدثت 
قوانين الاستبعاد والنفي والإقصاء لإخفاء جرائمها وتسويغ ما قامت 
به من تصفيات جماعية. وقد قادت هذه التصورات فوكو إلى نتيجة 
مفادها؛ أن العلوم والمظاهر العقلانية» بدءا من ديكارت» لم تقم 
إلا تاسعيعاة: المقارقف والتصنو راك" |ل0الاعقاذينة دل أتفي : العصور: 
نيك ]3 #العغل الخرية :قد اتحطات فى سمي نه بورد على ريضلته 
اللاعقلانية وأنشأ تتجاوزاتِ لا عقلانيةً باسم العقل نفسهء لذلك 
يتعين على مُحلل الخطاب أنْ يُفكك ادّعاءات العقل والممارسات 
التي اقترف باسمها اللاعقلانية”2. 
11. تحليل الخطاب: الرؤية والمنهج 

تكمن خصوصية تحليل الخطاب في كونه يُقِيمٌ «في مُفترقٍ العلوم 
الإنسانيّة» الأمر الذي يجعله عُرضة عدم الاستقرار والتحوّل 
المستمر؛ فعلاوة على أن المشتغلين في تحليل الخطاب ينتمون إلى 
حقول معرفيّة متنوّعة تمتدٌ من علم الاجتماع إلى علم النفس 


(22) انظر: محمد علي الكردي» نظرية المعرفة والسلطة عند ميشيل فوكوء دار المعرفة 
الجامعية» الإسكندرية»؛ د.ت.ط»ء ص 10]. و: عبد العزيز العيادي» ميشيل فوكو: 
المعرفة والسلطة. ط1. المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع» بيروت» 
4 ص 22. 





34 خطاب الجنس: مقارياتٌ في الأدب العربيٌ القديم 


والأنثربولوجيا واللسانيات فإِنَ هناك تياراتٍ واتجاهاتٍ متنوّعة داخل 
هذه الحقول مما يجعل من اكتشاف قوانين تحليل الخطاب وغاياته 
وأهدافه أمرًا بالغ الصعوبة والتعقيد"©. 

وبما أن الخطاب». موضوعًا ومكونات» ينطوي على هذا التعقيد 
والأهمية؛ فإِنّ ميشيل فوكو يستند» في سبيل تحليل الخطاب» إلى 
تراث البنيوية”*” مسوَعًا انحيازه لها بكونها تتمتع بقدرة فائقة على 
تحليل الرّكام الوثائقئَ المتمثّل في جملة الخطابات المُستبعدة 
والأرشيف الأسود الذي يبرهن على تورّط البشرية والعقلانية في 
انتهاكات كبرى تفضحٌ الادّعاءات التي يزعمها تاريخ الفكر. ويؤكد 
ميشيل فوكو أَنْ انحيازه للبنيوية ناجم عن حجم المبادئ التي تزوّد بها 
الدارس» فضلا عن قطيعتها مع المناهج المنفعية السياقية التي تنطلق 
من موجّجهات أيديولوجية تصادرٌُ الوعي والحقيقة. وفي الوقت نفسه فإنَ 
فوكو يشجبُ الذاتية التي تُعززها البنيوية في نفوس أتباعها؛ إذ تبدو 
فكرةٌ النسق رهينة جملة القوانين والعلاقات التي يرصدها الباحثون”*2. 


(23) انظر : دومينيك مانغو» المصطلحات المقاتبح لتحليل الخطاب» ص 10- 11: 

)224 كان فوكو يرى أنه لا يستحقٌ لقب البنيويّ الذي منحه له المثقفون الفرنسيون» 
وكان يعتقد أن صفة بنيويّ رفيعة جدّاء وتزيده شرفاء لكنّه لا يستحقّها. كما كان 
ينكر وصف البنيوية الذي يلحق بأعماله. انظر: أديث كيرزويل» عصر البنيوية: 
من ليفي شتراوس إلى فوكوء. ترجمة: جابر عصفورهء ط1. دار آفاق عربية» 
بغداد» 5 ص 112. 000 : هيدن وايت» ميشيل فوكوء ضمن كتاب : البنيوية 
ومابعدها : من ليفي شتراوس إلى دريداء 0 جون ستروك» ترجمة محمد 
عصفورء سلسلة عالم المعرفة» المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب» 
الكويت» 6.» ص 113. 

(25) انظر: أوبير دريفوس وبول رابينوف» ميشيل فوكو: مسيرة بنيوية» ترجمة: 
جورج أبي صالح» مراجعة : مطاع صفديّ» مركز الإنماء القوميّ» بيروت» ص 
2 22 





البساط النظريٌ 35 


إن فوكو يقطع مع الفرضيات البنيوية التي تنتهي بمركزية العقل؛ 
بيد أنَ ممارسته تستند على مبادئ بنيوية تسعى إلى كشف 
الاستراتيجيات وتحليل القصيّ والغامض والمصادر تمهيدًا إلى إدانة 
الكلام والوضوح والتمركزء وفضح استراتيجيات السلطة التي تهيمن 
على مجمل الفعاليات والأنشطة الفكرية. 

والبنيوية» كما يفهمها ميشيل فوكوء نظام مُعقَدٌ من المبادئ يُعيدٌ 
بناء مفاهيمه في كل محاولة يصل فيها إلى مرحلة التمركز. إِنّ البنيوية 
نيت ا ميكانيكية هدفها كشف العلاقات والبنى والثنائيات» 
وإنما هي حركة متحؤّلة من البحث والانفتاح الدؤوبين على حقول 
المعرفة المتنوعة» ولعل في هاتين الصفتين ما يمنحها الطابع اللمّاس 
حرق كدوته عن «بالامشة المتعارفه كي 

ويحتل مفهوم التمثيل 5688]08م26 موقعًا مركزيًا في نظرية 
تحليل الخطاب» ويُقصدٌ بهذا المفهوم سعي المتكلم (مفردًا كان أم 
جماعة) إلى تدشين خطاب عبر استعمال العلامات اللغوية» مما يعني 
أن الخطاب ليس إلا سلسلةً من التمثيلات المتكررة التي تسعى إلى 
إبراز تمثيل مركزيّ. وبناء على هذا التصوّر فإِنَ تحليل الخطاب 
ينشغل بتحليل قيم الخطاب التمثيلية وكشف مرجعياتها وآلياتها'”. 

بيد أن امتداد العلامات والتمثيلات في حقول متعددة يُعقّدٌ من 
فعل التحليل بعد أن مورست على المعرفة عملياتُ تحقيب وتقسيم 


(26) انظر: ميشيل فوكوء البنيوية والتحليل الأدنَء مجلة العرب والفكر العالمَ» ع1» 
يصدرها مركز الإنماء القومئ . بيروت» 98 ص 16. 

 )27(‏ مط عا إن برومامعم ل دل كج:1[1 “ره “ه070 776 ,النتوعيده اأعطعتل8 :ععم 

.5 م.1994 ,كه لآ لاع[ بمه خالل 80015 عع ١112‏ ,دم دوتء5ى 





36 خطاب الجنس: مقارياتٌ في الأدب العربيّ القديم 


أفضت إلى تجزئة المعارف وفصلها وإخضاعها إلى سيرورة تاريخية 
مُفتعلة. وحسب ميشيل فوكو فإِنَ على تحليل الخطاب أنْ يرفض 
التقسيمات والتنميطات القائمة بين حقول المعارف؛ ذلك أنها تؤدي 
إلى الفضل ببخ ‏ الموضوعات» وتعرز استقلالية الحقول: وتجدذ 
الخطاب عدم الركون إلى التمييزات القائمة بين أنماط الخطاب 
الكبرى» والأشكال السردية التي تبدوء للوهلة الأولى» متعارضة 
ومُتشاكلة مثل التاريخ والسرد» والعلم والأدب» والدين والفلسفة. 
وهذا يعنى أنْ الثورات العلمية والنزعة التجريبية اللتين حققهما 
تجشدان ؤس 'العقلانية الى اذعتها اسه 

وكما أنَ حقول المعرفة متواشجةٌ ومُّتَسقةٌ فإنَ مجتمع الخطاب 
يسعى إلى تمثيل نفسه بوسائل متنوّعة» وطرق متباينة مُستمذّة من 
معارفٌ متعددة» الأمر الذي يتيحٌ للخطاب الانتشار في مساحات 
تمثيلية واسعة. ولعل قدرة الخطاب على تقديم نفسه بوصفه حقيقة 
عائدٌ إلى مرونة آلياته» وفعالية طاقته» وخصوبية إحالاته الأمر الذي 
يعني أنه لا وجود لخطاب يتمتع باستقلالية مُطلقة بل إن فرضية 
الخطاب تتأسس على كونه متغيّرًا ونسبيًا؛ إنه عالم لا يُطَابِقٌ نفسه؛ 
لأنه ناشئ فى حقل -خطابات مُتشابك ومُترافد. 


(28) انظر: حفريات المعرفة» ترجمة: سالم يفوت. ط22, المركز الثقافي العربي» بيروت - 
الدار البيضاءء 1987. ص 22. 


(29) انظر: نفسهء» ص 32. 





البساط النظريٌ 377 


وسوف ينشغل تحليل الخطاب بتحليل الخطابات التي تبدو 
بديهيّة» ذلك أن الخطابات التي تحقق إجماعًا وحضورًا هي 
الخطابات الأكثر خطرًا ومدعاةً للشك والتحليل والكشف والتساؤل؛ 
لأننا مبكس تن العطوول عل الاعتزاف »بعد أن خفنعيك لقراعن 
التسئين. لكنْ ذلك كله لا ينبغي أنْ يصرف نظرّ المُحلل عن 
التواطؤات التي مهّدت لولادة قواعد تسنين الخطاب7©. 

بيد أن تحليل الخطاب لا ينصرف إلى كشف الوشائج والصلات 
التي يٌُقيمها الخطابُ مع غيره» فهذه المُهِمَهٌُ يضطلمٌ بإنجازها تاريخ 
الفكرء يقول ميشيل فوكو: «أما تحليل الحقل الخطابيّ» فيتّجه وجهة 
أخرى مُغايرةٌ» همّه الأساسيُ هو التعامل مع العبارة كشيء قائم 
الذات» لا يُحِيلٌ إلى مستوى آخرء والنظر إلى ما في خصوصيتها 
وتميّزها كحدث لا أصول له» وتحديد شروط وجودهاء وتعيين 
حدود تلك الشروط بكيفية دقيقة وواضحة أكثرء مع إبراز الترابطات 
القائمة بين العبارة وعبارات أخرى له صلة بهاء والإشارة إلى بعض 
أشكال التعبير أو الأداء التعبيريّ الأخرى التي تستبعدها وتُقصيها. في 
تحليل الحقل الخطابيّ» لا يتوجّه الاهتمام» إطلاقاء إلى البحث 
خلف ما هو ظاهرٌء عن الثرثرة شبه الصامتة لخطاب اخرء بل إلى 
إظهار لماذا صعب عليه أن يكون غير ما كان» وكيف ينفرد بذلك 
الحقّ عن غيره من الخطابات الأخرى» ويتميّز عليها باحتلال مكانة 
لا يقدرُ أيّ خطاب آخر أنْ يشغلها)0!7©. 


(30) انظر: نفسهء» ص 23. 
(0) نفسهء ص 27. 


38 خطاب الجنس: مقارياتٌ في الأدب العربيٌ القديم 


وخلافا لتاريخ الفكر الذي يسعى إلى كشف وشائج الخطاب 
وصلاته بغيره فإِنَ تحليل الخطاب يستدعي استحضار المستويات 
العميقة وتخيّلها؛ لأنَ هناك أجزاء خطابية حفيّة تتمئع عن الظهور 
والانكشاف طالما أن الخطاب لا يُحيل إلى حضور بعيد للأصل 
وإنما إلى حضور لا أصل له'7©. وبعبارة أخرى فإِنَ تحليل الخطاب 
ليكوت الست في الستن والمكر لان بيهن إل امهارعية 
حضور المستويات والدلالات خلافًا لما تظهر عليه فضلا عن مكامن 
فرادة دلالات الخطاب قياسًا بالخطابات الأخرى التي لا تستطيع تأدية 
الدلالات نفسها30©, 

إِنَّ لجوء تحليل الخطاب إلى عزل بعض الوحدات والوقائع 
الخطابية لا يعنى إعادة فصل الخطاب عن وشائجه وارتباطاته بل 
يعني ذلك 557 مجموع علاقات الخطاب الداخلية والخارجية 
وتنظيمها وجعلها قابلة للوصف؛ من أجل الكشف عن القوانين التي 
تجعل الخطاب حقلاً لإنتاج المعرفة'*©. 

ويتعيَنُ على تحليل الخطاب الكشففٌ عن القواعد التي تسمح» 
فى زمن ماء بإمكانية ظهور موضوعات أساسيّة تشكل مادّة رئيسية 
ف تشكيل الخطاب””©. وبمعنى آخر فإنَ من الخطأ الجسيم البحثٌ 
عن المبادئ والمكوّنات التي ثُميّرُ هويّة خطاب من خلال النظر في 
قيمه ومضامينه الفكرية بل إن من الضروريّ البحتٌ عن تلك 


(32) نفسهء ص 25. 

(33) انظر: نفسه. 27. 

(34) انظر: نفسهء ص 30-29. 
(35) نفسهء ص 22. 





البساط النظريٌ 39 


المبادئ والمكونات التي تتضمنها إحالات الخطاب ومناطق تبعثره 
المختلفة تلك التي تُعبّرُ عنها إمكانات الخطاب المتنوّعة المتمئّلة 
في بعض الأفكار والموضوعات الموجودة سلماء وإحياءً 
استراتيجيات متعارضة» والقيامَ بأدوار مختلفة استنادًا إلى ذات 
المفاهيم المحددة خطابيًا. وبدلا من البحث في مضمون الخطاب 
وموضوعه الفكريّ المحوريّ» واستمرار حضور أشكاله عبر الزمن» 
وتعقّب جدل صراعها؛ لإبراز سمات كل مجموعة من عبارات 
قات فإِنَ على تحليل الخطاب الانشغال بتحديد حقل المُمكنات 
الست 

ويعني تحديد حقل الممكنات الاستراتيجية خرقٌ صفات الإحكام 
والاتصال والبناء والتراص التي يُظهرها الخطاب» والبحتٌ عن قوى 
التداخل وعوامل التشابك وفواعل الإحالة التي نُعينُ على اكتشاف 
الثغرات والفجوات والاختلافات والفوارق والاستبدالات والتحؤّللات 
التي تُعدٌ مصدرَ إحكام الخطاب وبنائه واتصاله”7”©. 

ويمكن هذا :الفعل 5ن الطبيعة الأركبرلوصية محلل الخطات مق 
كشف التعابير المتباينة والوظائف المتغايرة والدلالات المتشاكلة 
والإحالات المتعارضة التي لا يُمكن أنْ تتآلف وتترابط وتتعايش 
لتكوّنَ خطايًا مُنسجمًا وتبلورَ نضًا كبيرًا دون تدخل إرادة الأفراد 
وسلطة الجماعات والاتفاق علبها!ة©. 
(36) نفسهء» ص 36. 


(37) نفسهء ص 37. 
(38) نفسهء ص 37. 





40 خطاب الجنس: مقارياتٌ في الأدب العربيّ القديم 


إن ميشيل فوكو يرفض الاعتراف ببناء الخطاب واتصاله 
وإحكامه رغم إدراكه العميق أن الخطابات قد نجحتء عبر 
التاريخ» في البرهنة على الاتصال والإحكام والثبات مما يدفعه إلى 
التساؤل عن عوامل الاتصال والإحكام والثبات.» وسوف يقوده هذا 
التساؤل إلى البدء في مناقشة المفاهيم التي تعتمد عليها الخطابات 
ليُّقرر أنَ الخطابات لا تستمد ثباتها وإحكامها وبناءها واتصالها من 
جملة المفاهيم المحددة؛ لأنْ تحليل الخطاب يُصادفٌ مفاهيم 
تختلف في بنيتهاء وحسب قوانين استخدامهاء مما يمنحها صفات 
التنافر والتنابذء ويجعلها غيرَ مهيّآة للانسجام والتعايش ضمن بناء 
منطقيّ. كما أن تماسك الخطابات وإحكامها لا يرجع إلى بقاء 
أفكار الخطاب الحيوية ومضامينه المحورية وموضوعاته الفكرية 
واستمرار دورانها وحضورها في الزمان وتحقيقها الاستجابة 
والتلقي؛ لأنْ التاريخ قد أثبت أنْ هناك استراتيجيات متباينة تسمح 
بتنشيط أفكار وموضوعات ومضامين محورية متناقضة فضلا عن 
إساءة استعمال هذه الأفكار والمضامين وتوظيفها لصياغة خطابات 
ا ا 

إن على تحليل الخطابء إذا ما أراد أنْ يصل إلى غاياته 
المعرفية» أَنْ يُفلت من هيمنة الخطاب وسطوته؛ بِأنْ يتساءل عن 
وجاهة إحكام الخطاب». وكشف زيف ادّعائه الكامن في إصراره على 
الاتصال والبناء»ء وضرب معقوليته المزعومة وعلميته الموهومة. 
وذلك لا يتحقق إلا برصد تبعثرات الخطاب ووصف نظام تبعثره بدل 


(39) نفسهء ص 37. 


البساط النظريٌ 41 


ليده لوفنت عد الا 00 

إن وصف نظام تبعثر الخطاب سيفضيء بالضرورة» إلى تحديد 
وطرق التعبير وصيغه» ومفاهيمه واختياراته الفكرية التي تمنح 
الطاب شووظ الوبعوة ب الاحتفاء والجدوير و الا 1 

ويتعيّن على تحليل الخطاب حصر الموضوعات» ومراجعة 
القواعد التي تمّ على أساسها فرزٌ الموضوعات وتعيينها. فضلا عن 
كشف المنظومة غير الاستنباطية التى سمحت بعرض الموضوعات 
000 5 7 ا .420 
وتعافبها تمهيدا لتصبح حقلا لإنتاج المعر ف 

ومن أجل أنْ يحقق تحليل الخطاب هذه الغاية فإِنّ عليه أَنْ يسيرَ 
فى ثلاث خطوات: 

© الأولى: رصد المساحات الأولى لانبثاق الموضوعات؛ وذلك 
بإيراز المكان المتوقع الذي ولدت فيه الموضوعات» ويندرج في 
هذه الخطوة كشف الآليات التي تشكل مفاهيم الموضوعات النظرية. 
ليس هذا فحسب بل إن انبثاق الموضوعات يرتبط بطبيعة 
المجتمعات» وسياقاتها الحضارية» وظروفها الموضوعية» ومكوناتها 
التاريقية وأحوال العضر الى :ممكدة قد البرفوعات الشطاية: 


(40) نفسهء ص 37. 
(41) نفسهء ص 37. 
(42) نفسهء ص 40. 





002 خطاب الجنس: مقارياتٌ في الأدب العربيّ القديم 


على قدر بالغ من الأهمية؛ ذلك أنها قادرة على منح الموضوعات 
ضيلفة د07 

© الثانية: تصنيف مراتب التعيين ومعاييرها؛ فعلى تحليل 
الخطاب أنْ يتخقق من المعابير التي تم على أساسها تعيين 
الموضوعاتء وأنْ يصدر عن تشكيك في هذه المعايير؛ لأنّ مجتمع 
الخطاب بامتلاكه القدرة على تعيين الموضوعات. وتحليل 
مكوناتهاء وتقديم أمثلتها يجعله قادرًا على السيطرة على الحالات 
والعينات نتيجة ما يتمتع به من معرفة وسلطة تؤهلانه لإصدار 
الأحكام وإطلاق القرارات. وبالجملة فإِنَ مراتب تعيين الموضوعات 
لا تختلف باختلاف موضوع الخطاب بل إنها ترتبط بالسلطة التي 
تتولى إصدار الأحكام وإطلاق القرارات وتعيين الحدود وإنتاج 
القواعد. مما يعني أن مجتمع الفقهاء. أو القانونيين» أو الأطباء» أو 
اللغويين» أو النقاد يتمتع بسلطة رمزية تخؤله الانتقاء» والاستبعاد. 
والقبول» والرفض الأمر الذي يقود إلى مساءلة مرجعيات هذه 
المجتمعات وانتماءاتها( 28 

© الثالثة: حواجز التمييز والفرز؛ ينبغي على تحليل الخطاب 
التصدّي للقواعد والأحكام والحدود والشرائع والسئن التي يُنتجها 
مجتمعٌ الخطاب في سبيل إحكام منظومته النقدية» وإضفاء 
الموضوعية على التمثيلات التي يتوسّل بها في سبيل شرعنة منهجه. 
وبعبارة أخرى» فإنه ينبغي تفكيك المحددات التي يلجأ إليها مجتمعٌ 


(43) نفسهء ص 40. 
(44) نفسهء ص 40. 


البساط النظريٌ 43 


الخطاب وهيآته من أجل فرز عينات الخطاب ومفاهيمه التمثيلية 
وموضوعاته المعرفية؛ ذلك أنْ تدقيقًا عميقًا فى هذه المحددات 
سيكشف عن خلل فادح وقع فيها وأصاب أدواتها واعترى نسقهاء 
يتوجَبُ على تحليل الخطاب رفض ادعاءات الخطابات بالاكتمال 
حيّز تودعٌ فيه موضوعاتٌ تكونت سلمًاء ويكدَّسُ بعضها فوق بعض» 
كها لو كانت تسخل: وتلاؤنا: لذلك لا يمك القبول الخطات؟ 
لافتقاره إلى الدقة والعلمية والموضوعية»ء ذلك أَنْ التحديدات التى 
يتناولها تبدو متباينة ومختلفة» ولا تربطٌ بينها علاقاتٌ ولا تجمعها 
صلاتث وروابط ونواظم قابلة للفحص والتعيين. وبقدر ما يدعي 
الخطابُ من الموضوعية» والعلميّة» والمنهجيّة فإنه يمتلئ بالشقوق» 
والتبعثرء والانحياز””. 

موجودة فى كل مكان وزمان بيد أنْ تمييز العلاقات التى أدّت إلى 
والتمييز هو الأمر الذي ينبغى على تحليل الخطاب أنْ يلتفت إليه 
وَيتَحْذْ منه مادة للكشف والتحليل. ويعبارة أخرى فإِنْ الشروط التى 
تتيح ظهور الخطاب» والميانات التاريخية التي تسمح بتداول 
حوله. كل ذلك علاوة على الشروط التي تتوافر لانخراط الموضوع 


(45) نفسهء ص 41 42. 


44 خطاب الجنس: مقارياتٌ في الأدب العربيّ القديم 


في ميدان يرتبط فيه مع موضوعات أخرى بروابط ووشائج» وينشئٌ 
معها علاقاتٍ تشابه وتباعد وتحوّل مكونات لا يمكن فصلها عن 
التتطاب نفضنة !00 

إذ هذه الشرؤط والسياقاف والعلاقاك بوالوقاتع عنقا سيجة 
تحالفات بين مؤسسات ترعى السلطة وتحتكرها وتتقاسم» فيما بينهاء 
الأدوار والامتيازات» وتتبادل الاعتراف. وبما أن لهذه المؤسسات 
سلطاتٍ ونفودًا ومصالح تسعى للحفاظ عليها ورعايتها فإنَ العلاقات 
القائمة بينها والمسيطرة عليها تخضع » بدورهاء ل «تطوّرات اقتصادية 
واجتماعية وأشكال من السلوك ومنظومات المعايير والتقنيات وأنواع 
التصنيف» وأنماط التمييز». بيد أن هذه التطورات والسلوكات 
والأشكال ليست معطاة بشكل مباشر في الخطابء» كما أنها غيرٌ 
حاضرة في موضوع الخطابء بل إنها مُتضمَّنةٌ فيه وغائبة عنه؛ إنها 
لا ترسمٌ لُحمة الخطاب «ولا تشكلٌ معقوليته المحايثة؛ وليست تلك 
الزخرفة الذهنية التي تعاود الظهور كليًا أو جزئيّاء حينما نفكر في 
حقيقة مفهومه. فهي لا تعرفٌ نشأته الداخلية ولا تُحددهاء بل تعرف 
لنا ما يسمح له بالظهور وبأنْ يوجد إلى جانب موضوعات أخرى» 
ويتخذ موقمًا إلى جانبها وإزائهاء وتحدد لنا اختلافه وعدم قابليته لأنْ 
يرد إلى شيء آخرء ومغايرته إذا اقتضى الحال)77. 

إنَ علاقات الخطاب لا تقع داخل الخطاب؛ بمعنى أنها لا تربط 
مفاهيمه وألفاظه بعضها ببعض» ولا تقيم بين الجمل والقضايا بناء 


(46) نفسهء ص 43 44. 
(47) نفسهء ص 44. 


البساط النظريٌ 45 


استنباطيًا واستدلاليًا أو بلاغيًا. كما أنها لا تقبع خارج الخطاب؛ 
فهي ليست علاقاتٍ ترسم حدود الخطاب». وتفرض عليه أشكالا 
معيّنة» وتلزمه أنْ يتلقّظ بأشياء ويعبّر عنها. إِنَ علاقات الخطاب 
ووشائجه وسياقاته تقع عند حدود الخطاب؛ في المنطقة التي ثُقِيمُ 
تمايرًا بين الموضوعات التي يُتحدّث عنها وبين الخطاب الذي 
فرك عن الموورعا قن ويه ادر إن" الجالاقات اميف ل 
مجموع الروابط التي ينجزها الخطاب فعليًًا عندما يحيل ويتكلم عن 
موضوعه ليتمكن من دراستها وتسميتها وتصنيفها وتفسيرها وتحليلها 
ا 

ولا بد من التشديد على أنْ العلاقات الخطابية لا تعني اللغة التي 
يستخدمها الخطابٌ في التعبير عن موضوعه. كما أنها لا تعني تمييز 
الظروف والعوامل والفواعل التي ينشأ فيها الخطاب وتسهم في 
ولادته؛ بل إنها الاستراتيجية التي تميّرُ الخطاب بوصفه ممارسة تتيخ 
التعبير عن موضوعه. 

ونهذا المع نإن: الخطات: لبن دؤال ولا إقناوالك ولا علايانت 
دالة على مدلولات ينبغي اختراقها لبلوغ ما هو جاثم في صمت 
وراءهاء وإنما هو استراتيجية موضوعية ومفاهيمية يحكمها نظامٌ من 
العلاقات والنواظم والروابط المُصاغة لتوافق رغبات مجتمع الخطاب 
ورؤاه في صياغة الموضوعات وطرق التعبير عنها”". 

ويشدد ميشيل فوكو على ضرورة محافظة تحليل الخطاب على 


(48) نفسهء ص 44 45. 
(49) نفسهء ص 46. 


46 خطاب الجنس: مقارياتٌ في الأدب العربيٌ القديم 


صفتي التماسك والصلابة اللتين يتمتع بهما الخطاب». ذلك أن هاتين 
الصفتين تمكنان تحليل الخطاب من كشف قوانين تعثّر الخطاب» 
وقوانينه» واستراتيجياته. لذلك لا طائل من تأمل «الأشياء» التي 
يتحدث عنها الخطاب» ويجعل منها علماء إذ لا بد من أنْ يُنزع عن 
الأشياء ما هو سابق على العلمء ويُطردَ منها امتلاؤها الخصب 
والكثيف والمباشرء وذلك برذ موضوعات الخطاب إلى مجموع 
القواعد التي تسمح بجعلها موضوعات خطاب» وتشكلٌ ظهورها 
التاريخيّ بهدف إقامة تاريخ للموضوعات الخطابية بالكشف عن 
مجمل الانتظامات التي تحكم تبعثرها"9. 

وفي هذا السياق لا بد من توضيح العلاقة بين الخطاب واللغة 
لفك الالتباس القائم في نظرية تحليل الخطاب التي لا تتعامل مع 
الخطابات بوصفها مجموعة من الأدلّة التي تُحيل إلى مضامين 
وتصوّرات بل إنها تنظر إلى الخطابات بوصفها ممارسات تتكوّنُ من 
خلالهاة. يكينية نتف الموضترغاتك آل السدث حنهاء جنك فزن 
بين الخطابات بوصفها أآدلة والخطابات ‏ نوضفهنا ممارسات؟؛ 
فالخطابات» بوصفها أدلة» نصوصٌ تتقاطع فيها الأشياء والكلمات» 
ويتماسٌ فيها الواقع واللغة» ويتشابك فيها القاموس مع التجربة. في 
حين أن الخطابات» بوصفها ممارسات» استراتيجياث توظف فيها 
الخبرات والسلطة والأدلة واللغة في التعبير عن الموضوعات ومنحها 
شكل الخطاب الذي يؤول في النهاية إلى حقل إنتاج المعرفة”'. 


(50) نفسهء ص 46. 
(51) نفسهء ص 47. 


البساط النظريٌ 47 


ورغم أن الأدلة مادةٌ رئيسةً في تشكيل الخطاب إلآ أن تحليل 
الخطاب لا يُعنى بالعودة إلى تحليل الدلالة اللسانيّ؛ لأنْ وصف 
موضوعات الخطاب يعني رصد أنواع الارتباطات والعلاقات التي 
تُميّز ممارسة خطابية ماء وهذا يعني تجنب المحددات المعجمية 
والحقول الدلالية. كما أن البحث عن المعاني والمقاصد والاختلافات 
والفروق الدلالية لا يمكن أنْ يُسهم في رصد العلاقات والارتباطات 
الخطابية. أما تحليل المضامين المعجمية فهو إما أنْ يُحيل إلى 
العناصر الدلالية التي يتداولها الأفراد في فترة معينة أو أنه يكشف 
البنى الدلالية التي تظهر على سطح الخطابات التي سبق التلفظ بها. 
إِنَْ مكوّنات الخطاب الدلالية عديمة الجدوى والفائدة عندما يتعلق 
الأمر بالخطاب توضنه #سمازسة تتشتكل فيه الموضوعات التتداحلة 
والختطايقة الملعة بالانتظاننات المع 520 

ومن جهة أخرى فإِنَ صيغ عبارات الخطاب تُحيل على المتكلم 
الذي يصدر عنه الخطاب فردًا كان أم جماعة» الأمر الذي يستدعي 
الوقوف على القوة الرمزية التي تخوّل المتكلم من الكلام وامتلاك 
الحقيقة وادعائها ومصادرة كلام الاخرين واختزال تجاربهم وخبراتهم 
والتكلّم باسمهم. كما أن البحث في أوضاع المتكلمين قانونيًا وعرفيًا 
وشرعيًا ونقديًا من شأنه الكشف عن أسباب انفراد المتكلمين بحقّ 
التلفظ بالخطاب» والتحقق من امتلاكهم المؤهلات والكفايات التي 
تمكنهم من إنتاج الخطاب على وفق أسس علمية دقيقة؛ لأنّ النظر 
الفاحص في شبكة صيغ عبارات الخطاب سيكشف عن تمتع 


(52) نفسهء ص 46 47. 


48 خطاب الجنس: مقارياتٌ في الأدب العربيّ القديم 


المتكلمين بحصيلة واسعة من الامتيازات» واحتكارهم جملة من 
الأدؤات والسلطات والاآليات التي تمكتهه من بيرميجة :الخطاب 
وإصدار الأحكام المرتبطة به”0. 


وإضافة إلى ذلكء» لا بد من وصف المواقع المؤسساتية التي 
ينطلق منها المتكلمون في صوغ الخطاب؛ فإذا كان المتكلمون 
ينخرطون في موقع مؤسسة القضاء أو الفقه أو اللغة فإنَ طبيعة 
الموقع التمثيلية ستمنحهم قوة إضافية لا سبيل إلى نقضها والتشكيك 
فيها. وبعبارة أخرى فإِنْ المواقع المؤسساتية تمنح المتكلمين فرص 
معاينة الوقائع واختبارهاء فضلا عن كونها توفْرٌ رصيدًا هائلا من 
التجارب والخبرات التي تصلح لأنْ تكون حقلا تتعاقب فيه الظواهر 
وتتكرر فيه التجارب وتتعدد فيه الوثائق والشهادات. ورغم ذلك لا 
يمكن الاطمئنان لهذه الظواهر والتجارب نظرًا إلى أنها تشتمل على 
عناصر الصدفة والاحتمال والانقطاع”*0. 

إِنْ الخطاب» وهو يزعم استناده على الملاحظات المنهجية 
والأدلة المتجانسة التي تسمح له بإجراء المقارنات الواسعة وعقد 
النسب والاحتمالات وإقامتها واستبعاد المتغيرات التي لا تنسجم مع 
قواعد الاطراد التي يبرهن عليهاء لا يمكن الاطمئنان له؛ إذ إنه حقل 
للاستبعاد بالقدر الذي يدعي فيه النزاهة والشفافية. كما أن مواقع 
الذات المتكلمة تستوجب مراجعة وتوصيفا؛ لأنه لا يمكن الفصل 
بين الذات والموقع الذي تتموقع فيه للكلام في مختلف الميادين 


(53) نفسهء ص 48. 
(54) نفسهء ص 48 49. 


البساط النظريٌ 49 


وشتى الحقول والموضوعات, لأنْ معاييرها تحتكم إلى نمط وصفيّ 
محددء وتستند إلى بعد إدراكيّ معيّن يجعلها تُخضع التجارب 
والشهادات والعيّنات لهذه الأنماط الوصفية والأبعاد الإدراكية» الأمر 
الذي يؤدي إلى حدوث تطابق بين مرجعيات مواقع الذات والأحكام 
التي يُنجزها الخطاب”0©. 


وبما أن شكوكًا تكتنف مواقع الذوات المُتكلمة فإنَ إعادة تنظيم 
الحقول الإدراكية تنظيمًا مختلفًا ينسجم مع انفجار المعارف» وانفتاح 
الحقول» وانضباط المنهجيات» وبرامج المؤسسات يصبح آمرًا 
ضروريًا. ذلك أن على تحليل الخطاب أنْ يتساءل عن المؤثرات التى 
خضع لها متكلمو الخطاب وعن الفلسفات والأفكار التي 5500 
مناخ تفكيرهم., والدوافع التي جعلتهم يسرعون في إصدار 
أحكامهم» والجهود التي بذلوها للتحرر من الأحكام السابقة المخالفة 
لهم» وأخيرًا مراجعة السبل التي سلكوها وانتهجوها في توحيد 
تعركهم .وها طابعي الأفساقة .والالنظطاء 56 

وبعبارة لدوئ: فإن تحليل الخطاب: لا يبيمة:فن: الذات: المتكلمة 
نتيا لسغيو كما ]لد هييف اتن انحر ال فيه عير 
الخطاب» بل إنه يدرس الذات من خلال موقعها المتمثّل في كونها 
مؤسسة للمعقولية» أو بوصفها وظيفة تركيب اختبارية. وبهذا المعنى 
فإِنَْ تحليل الخطاب» بتشديده على إحالة صيغ عبارات الخطاب 
على التركيب أو الوظيفة الموحّدة للذات» فإنه يتخذ من هذه الصيغ 


(55) نفسهء ص 50. 


(56) نفسهء ص 52. 


50 خطاب الجنس: مقارياتٌ في الأدب العربيّ القديم 


أدوات للكشف عن تبعثر الذات وهي تتلفظ بالخطاب» والكشف 
عن انتهاكاتها وانفصال مستوياتها ووظائفها لا سيّما أن هناك ترابطًا 
بين المستويات والوظائف من جهة ومنظومة العلاقات من جهة 
أخرى» خاصة أن منظومة العلاقات تنتج عن خصوصية الممارسة 
ع0 

إِنَ تحليل الخطاب يتجاوز النظر إلى الخطاب بوصفه ظاهرة 
تعبيرية تترجم إلى الكلام الذي تتوسل به تأليفا خارجًا عنه. بل إنه 
ينظر إليه بوصفه حقلا محفوفًا بالتعثرات التي تشتغل فيه الذات 
وتمارس فيه أقصى أنواع التطرّف. ومتى ما أخذ تحليل الخطاب في 
إنجاز هذه الرؤية فإنَ سلطة الخطاب ستأخذ بالتلاشى والاضمحلال» 
!3 5ك الخ يف الخظات يليا :لداك تنك وتعزف وتقزل ما قل 
فيه وما تعرفه: بل ستغدو مظهرًا لتعثر الذات وانفصالها عن نفسها. 
إنه مكانٌ كله خارجٌ. لا باطن له. تنبسط عليه مجموعة المواقع 
المتمايزة للذات»”*©. وهكذا فإِنَ تحديد نظام موضوعات التشكيلة 
الخطابية وتعريفه لا يكون باللجوء إلى الذات الترانسندنتالية» ولا 
اللجوء إلى الذات السيكولوجية» ذلك أن الخطاب ليس إلا مساحة 
تشع فيها الذاك«وتتفصل عن 7 

وسيعقب دراسة صيغ عبارات الخطاب البحث في تكوّن مفاهيم 
الخطاب التي تمثّل المكونات التفصيلية التي ينتظم فيها الخطابُ. 
وحسب ميشيل فوكو فإِنْ على تحليل الخطاب أنْ يتصدى للكشف 
(57) نفسهء ص 52. 


(58) نفسهء ص 52. 
(59) نفسه. 52. 





البساط النظريٌ 51 


عن الاختلافات التي ينتظم فيها الخطاب؛. فضلاً عن اختلالات 
مفاهيم الخطاب؛ لأنْ هذه المفاهيم لا تخضع لانضباط وشروط 
دقيقة بسبب كونها لا تملك تاريخًا متصلا يطبعه النظام والتقدم: 
ولأقنا ولعدة عتظريات عير تسمه كن واسدة ني أصولينا 
ومبادئها من مرجعيات مختلفة”7. 

وعلاوة على ذلك فإِنْ هناك سياقاتٍ معرفية أذت إلى إنتاج 
مفاهيم الخطابات وتداولها وتوزيعها في الزمن وحضورها 
في المعرفة» ولهذه الأسباب فإنّه يتعين على تحليل الخطاب 
توجيه المجال المعرفيّ الذي ولدت فيه المفاهيم ومعرفة أسباب 
شيوعها وتداولها من جهة ومن أجل تصويب المجال الإدراكيّ 


وترميم مساره مع تعاقب العبارات والتشكيلاات الخطابية من جهة 
5 26610 
الاك 


إِنَ شيوع مفاهيم يعني أن هناك إرادة معرفة تسعى لتشكيل حقل 
عبارات حققت حضورًا وصيغت بوصفها يقيئًا لا شوائب فيهء 
واعدلالا للا سينا إلى :نقضةة :نترام لا يكن تعاووة نيما يعدن 
أن العلاقات التي تنشأ داخل حقل الحضور والتداول ديوع 
والشيوع تملك تحققًا تجريبيًا وإثبانا منطقيًًا ناجمين عن البحث في 
الدلالات المتوارية» وتحليل الخطأ. وتفسير الغامض. ولهذا كله فإِنَ 
الناظر في تاريخ الخطابات سيكتشف أن حقول المعرفة المتنوّعة 
يشيع فيها قدّرٌ من المفاهيم نفسها الأمر الذي يستدعي تساؤلا حول 


(60) نفسهء ص 53. 
(61) نفسهء ص 54. 


52 خطاب الجنس: مقارياتٌ في الأدب العربيّ القديم 


روابط المفاهيم في الحقول ونسبتها ونشأتها واستمرارها واتصالها 
وانفغنالها تدا لي 

ولاشك في أن هذه الحالة من التداخل والتشابك المعقدين في 
طبيعة المفاهيم المتوزعة في مباحث وحقول تتطلب من تحليل 
الخطاب أنْ يبحث في تنافر المفاهيم الشديد واختلافها وتباينها؛ إذ 
إن بعض المفاهيم يتأسس في خطاب ما بناء على قواعد بناء صوريٌ 
في حين أنها في خطاب آخر تتأسس نتيجة عادات بلاغية. لذلك فإِنَ 
وجهة تحليل الخطاب ستنصرف تجاه تحديد صور المفاهيم التي 
تسمح بربطها وجمعها وتحويرها داخل الخطاب بدلا من إبراز 
سماتها وقياس تناسقها الداخليّ والتحقق من توافقها وانسجامها 
المتبادلين أو البحث في تحليلهما في النص المعزول أو الأثر الفرديّ 
لعلم من العلوم في فترة زمنية معينة”””. 

إن تحليل الخطاب سيسلك سبيلا هي الأنسب في بحث الكيفية 
التي تعاود فيها المفاهيم الظهور داخل العبارات أو الاختفاء أو 
الاتصال» أو كيفية الالتقاء ثانية» أو الطرق التي تنتهجها في العمل 
داخل البنيات المنطقية الجديدة تلك التي تُتيحٌُ لها اكتساب مضامين 
جديدة تنشئ فيما بيئها أصنافًا من التنظيم الجزئي. إن صور حضور 
المفاهيم المعقّدة لا تسمحٌ بوصف قوانين بناء المفاهيم الداخلية 
وميلادها التدريجيّ والفرديٌ في ذهن الإنسان وممارساته الخطابية 
وسلوكه المعرفيّ» بل إنها تسمح بوصف تبعثرها المجهول عبر 


(62) نفسهء ص 55. 


(63) نفسهء ص 56. 


البساط النظريٌ 53 


النصوص والكتب والآثار؛ إنه التّبعثر الذي يميز نوعا من الخطابات 
وينشئ بين المفاهيم أشكالا من الاستنباط والاشتقاق والتناسق من 
جهة» وأشكالا من التناقض والتشابك والتفاصل والإزاحة من جهة 
0 

وهكذا يغدو البحث في مفاهيم الخطاب بحنًا في ١ما‏ قبل 
المفاهيم» حيث يشتغل تحليل الخطاب بتحليل الحقل الذي تتوافر 
فيه المفاهيم» والقواعد التي تحكمهء فضلا عن رصد علاقات 
المفاهيم قبل تشكلها في الخطاب» والبحث في معيارية المفاهيم. 
وسوف يهيئ بحث هذه العلاقات السبل الكفيلة بتفسير تداول 
المفاهيم وتحوّلها وانتقالها من بين مختلف الميادين والحقول إضافة 
إلى الكشف عن التغيّر الذي يصيبٌ شكلها والعوامل التي تؤدي إلى 
تخصيبها. وأخيرًا فإِنَ هذا التحليل سيفضي إلى نتيجة مفادها أن 
قواعد تكوين المفاهيم لا تجد مكانها في العقل الجمعيّ أو في وعي 
الأفراد» بل في الخطاب نفسه الذي تمارس مفاهيمه ضروبًا من 


السيطرة على العقل والوعي”©. 


(64) نفسهء ص 56. 


(65) نفسهء ص 57. 


55 


الميبحث الثانى: 
من الخطاب الجنسي إلى الجنسانية 


تتشابك في المستوى المنهجيّ ثلاثةٌ مفاهيم أساسية هي الجنس 
56» والجنسانيّة 107اةناءه5» والخطاب الجنسيّ 10150111256 21ناكء 5 . 
ويحيل الجنس على العملية الحيوية المباشرة التي تؤلف جزءًا من 
رتابة الكائنات الحية العضوية» وهي عند الإنسان الممارسة الحيوية» 
والسلوك البيولوجئ اللذان يضمنان له تحقق رغباته فى المتعة واللذة 
والتوالد. فى 10 الجنسانية تشتمل على مجمل النضناك والآليات 
العى دار 8 الحياة الجنسية بمعناها الواسع والشامل؛ إنها العلم 
الأركيولوجيّ الذي يسمح بالكشف عن التقنيات التي تستطيع الذات 
بوساطتها الإفلات من ضغوط السّلطات التي تجمح رغائبها 
وسلوكياتهاء والتمرد على المعرفة التي تصادر حضورها ومتعها"". 


(0) انظر: مقدمة مطاع الصفدي لكتاب ميشيل فوكوء تاريخ الجنسانية : إرادة المعرفة» 
ترجمة» مطاع الصفدي وجورج أبي صالحء مركز الإنماء القومي» ييروت» 21990 
ص 8. سيعتمد البحث على هذه الترجمة اعتمادًا أساسيّاء وقد يُلجَأْ إلى ترجمة محمد 
هشام الصادرة عن إفريقيا الشرقء. الدار البيضاءء 2004. علمًا أَنْ الباحث قد 
أجرى مقارنة بين عدد من فصول الكتاب في كلتا الترجمتين فلم يقع على فروقات 
كبيرة إلا فيما يتعلق ببعض المصطلحات والمفاهيم ولغة الترجمة من حيث الاستطراد 
والاختزال» وسوف يتم الإشارة إلى الترجمة المعتمدة في حواشي ي الصفحات. 





56 خطاب الجنس: مقارياتٌ في الأدب العربيٌ القديم 


وإذا كان الجنس آلية حيوية رتيبة وسمت نشاط الإنسان» بوصفه 
أحد الكائنات الحية»ء فإِنّ الجنسانية حقلٌ تحدثٌ فيه الحفريات 
المرتبطة بالجنس والخطاب. أي أن الجنسانيّة تضم الخصائص 
البتولوتجية فى 'الذكروالأنق+«والخصائصن الاجتماعية العميرة بين 
الرجل والمرأة» والهوية الجنسية» والهوية النوعيّة» والتوجّه 
الجنسيّء والإيروسيّة. والإنجاب. وتتخذ الجنسانية تمثيلات تشمل 
الامميهانات والرغبات» والمعتقدات» والمواقف. والقيمء 
والأشطة امنا اه والأدوار و الجا داف ا واف كنا السحالن 
يتشكل الخطاب الجنسيّ الذي يمثل أشكال العنينانة السائدة في 
الحضارات والمجتمعات والثقافات؛ ذلك أن الخطاب الجنسيىّ يسعى 
إلى المطابقة بين سلوك الأفراد والمجتمعات الجنسىٌ رالسطماف 
الأخلاقية والدينية والفلسفية للوصول إلى نتيجة ا أَنْ ممارسة 
تقنيات الذات تُميرُ الإنسان المفكر الخاضع لبرامج الأخلاق ونُظم 
الدين وتقاليد الفلسفة. وهذا يعنى أن الجنسانية» بوصفها بناءً 
لصاطا سا ريا ميدن هوي نوات ل الممسرياف انكر ار 
والنفسية والسوسيو ‏ اقتصادية» والاجتماعية» والثقافية» والأخلاقيّة: 
والقانونيّة» والدينية”. 

ويجِسّدُ الخطاب الجنسيّ الموقف من تعامله مع الجنسانية التي 
تتحدد طبيعتها وفقا لعوامل ومكونات متعددة؛ ذلك أنْ ارتباط 
الخطاب الجنسيّ بثلاثة مفعولات مترابطة هي : السلطة» والمعرفة» 


(2) انظر: عبد الصمد الديالمى» سوسيولوجيا الجنسانيّة العربية» ط1.» دار الطليعة 
للطباعة والنشرء بيروت» 09 ص 13. 


)3( انظر: نفسه» ص 13. 





من الخطاب الجنسى إلى الجنسانيّة 57 


والجنس» يجعله غرضة البحث المتواصل والكشف المستمر 
اللامتناهي ؛ فالسلطة تمارس ضربًا من السيطرة والتحكم في تداول 
الجنس في المجتمع والثقافة» وتوفْرُ له سبلا من البوح والاعتراف أو 
المنع والمصادرة والقمعء فأخبار الجنس وممارساته ترتبط بأنماط 
الإنتاج وعلاقاته وقواه المتعددة. كما أن منمّ تاريخ الجنس رعاية 
واهتمامًا أو إقصاء وإهمالا يكشف عن هيمنة السلطة على مفاعيل 
السيطرة والتحكه”". 


وفضلا عن ذلك فإِنَ الحضارة التي تمنح أفرادها القدرةً على 
الكلام عن تجاربها الجنسية تتمتع بفعّالية معرفية عميقة؛ ذلك أن 
خطاب الجنس يسهم في كشف الحقيقة» علاوة على أن خطاب 
الجنس » بتفاعله مع الخطابات الأخرىء يُقدَمُ رؤىّ وتصوراتٍ شاملة 
عن حركة المجتمعات وفاعليتها ومواقفها من الإنسان والدين» 
والسلطة» والمعرفة» وعن الآليات التي تتحكم في صياغة النظم 
الفكرية والمعرفية» والبرامج التي تعمل على إخضاع إرادة الأفراد 
وسلوكهم وممارساتهم لمنظومات قيميّة متعالية. وفي الجهة المقابلة 
فَإن الحديق عن مصادرة خطاي' الحسن ومتعه يكشف عن آلياث 
عمل السلطة وأنظمة فعلها في الحقول والخطابات كلهاء ومن ثم 
فإِنّ الخطاب الجنسيّ يجِسَّدُ مصالح السلطة الخطابية؛ ذلك أن إيجاد 
منظومات متعالية يعني أن هناك من يتحكم في تسنين مبادئ هذه 
المنظومات وشرعنة أصولها وتأويل مبادئها وتحديد آلياتها. ليس هذا 
فحسب بل إِنَ هذا النهج الخطابيّ يتضمَّنُ إخضاعًا لإرادات الأفراد 


(4) تاريخ الجنسانية : إرادة المعرفة. ص 30. 


58 خطاب الجنس: مقارياتٌ في الأدب العربيّ القديم 


وتحكما في نزعاتهم» ولعل من المفارقات الأساسية أن مؤسسة 
صناعة الخطاب التى تشرف على الخطاب وتراقبه وترعى مصالحه 
تمارس عملها باسم حماية الأخلاق ورعاية ا 


ولا تقتصر أهمية خطاب الجنس عند هذه الجوانب بل تتجاوزها 
إلى البحث في الاستراتيجيات والقوانين التي تتحكم في المجتمعات 
والأفراد وتسيّر أنشطتها وفاعليتها التاريخية والتأويلية» وتوجّه مواقفها 
الحالية والمستقبلية. إِنّ الحضارات التي مارست قمعًا تجاه الجنس 
وصادرت خطابه تمتاز بكونها حضاراتٍ مضطربة سلوكيًا ومعرفيًا الآمر 
الذى يكن أن كعات هده الحقاراه مقظ كنات نمك واضطرانا 
في لكا الاجتماعيّ والسياسيّ والدينيّ» وأن فياه إذا ما أرادت 
أنْ تسير نحو التفاعل والعقلانية والتنمية الشاملة» أنْ تقوم بتصويب 
مسيرتها الجنسية ومراجعة سجلها الجنسيّ ومساءلته ومعالجته”©. 


بيد أنَ ذلك كله لا يمنع من قراءة الخطاب الجنسيّ لدى 
الحضارات قراءة مختلفة؛ ذلك أن معظم الحضارات أتاحت المجال 
للحديث عن الجنس وسمحت بإنتاج خطاب جنسيّ لكنّ هذه الإتاحة 
والسماح لا يعنيان أن فضاءً من الحرية والبوح والإباحة والعقلانية ساد 
تلك الحضارات ومجتمعاتها؛ إذ قد يحدث أنْ تُشِيعَ الحضاراتُ ذات 
السلطات القمعية قدرًا من التسامح في برمجة الخطابات في محاولة 
منها لإخفاء حقيقتها القمعية» وطبيعتها السلطوية» وسجل انتهاكاتهاء 
في حين أنها تمارس سيطرةً على هذه الخطابات وتقوم على توجيهها 


(5) نفسهء ص 30. 
(6) نفسهء ص 33. 


من الخطاب الجنسىئ إلى الجنسانيّة 59 


مما يعني أن سلوكها ذو طابع مخاتل؛ فالسيطرة والتوجيه والتحكم 
والرقابة أشدٌ خطرًا من الحظر والإنكار والمنع. وهكذا فإِنَ أدوات 
السلطة قد تتنوع وتتبدّل لكنّ ذلك لا يمكن أنْ يحجبّ حقيقة السلطة 
التي تعمل على إعادة صياغة القمع بتغيير أشكاله وتنويع وسائله. 
لدرجة أنها قد تسمح بإنتاج خطاب نقديّ يوجّه لدراسة ظاهرة القمع 
وتمثيلاته» ومجابهة اليات التسلط في محاولة منها لإظهار البراءة من 
القمع وشجبه» ونهوضها ببرامج إصلاحية. بيد أن نظرةً فاحصة ودقيقة 
قد تكشف أن هذا الخطاب النقديّ جزء من شبكة القمع مما يعني أنه 
لا يمكن الفصل بين برامج القمع التي تنتهجها السلطة والخطابات 
النقدية التي ترعاها لمجابهة القمع'. 

ويرى ميشيل فوكو أن تحليل الخطاب الجنسيّ» في أي حضارة 
وثقافة» ينبغي أنْ يبدأ بتحديد نظام السلطة والمعرفة واللذة في 
سيرورته ومسوغات وجوده.ء وبدلا من الحديث عن موقف 
الحضارات والثقافات من الجنس تحريمًا وإباحة» شيوعًا وندرة» 
بوحًا واعترافًا وتصريحًاء حجبًا ومصادرةً وتدليسًا فإنه لا بد من إقامة 
الاعتبار لحقيقة الحديث عنه وواقعه. والأشخاص المخوّلين 
بالتتحدث عنه» والأماكن التي تجري فيها تجارب الجنس» ووجهات 
النظر التي يُنطلق منهاء والمؤسسات التي تحض على الحديث عنهء 
والدوافع التي تحكم رؤى المؤسسات» والشخصيات المتنفذة التي 
ترعاه وتتبناه» والأشكال والصيغ التي يرد فيهاء والوسائل التي 
أتاحت لممارسات الجنس والرغبة فرص الظهور والإعلان. وهذا 


(7) انظر: نفسهء» ص 34-33. 


60 خطاب الجنس: مقارياتٌ في الأدب العربيّ القديم 


يعني أن معرفة «وضع الجنس في خطاب»» و«تقنيات السلطة 
المتعددة الأشكال» هي السبيل الوحيد والوجيه للقبض على مركز 
الخطاب الجنسيّ» وإبراز «إرادة المعرفة» التي تعمل عملاً مضاعقًا 
في خطاب الجنس؛ ذلك أنها الركيزة والأداة الأساسيتان القادرتان 
غلن كشفة تحفيقة اليخطان 7 

ويتوجب على تحليل الخطاب الجنسيّ ألا ينشغل بتحليل 
الامتيازات الممنوحة لاقتصاد ندرة الحديث 5 الجنس بل إِنّْ عليه 
البحث في ثلاثة مكوّنات متضافرة هي: مراتب الإنتاج الخطابي وما 
يتصل به من صوت أو صمتء والإنتاج السلطويّ وما يرتبط به من 
منع أو موافقة» والإنتاج المعرفيّ وما يتعلّق به من ترويج أخطاء أو 
إنكارات مطلفة” : 

والحال أن تقنيات السلطة الموجّهة صوب الجنس لم تخضع 
لمبدأ وحيد ودقيق؛ إذ إن خطابات الجنس لدى الحضارات كلها 
تكبت أن هناك تنوّعًا في مبادئ المعرفة الجنسية تمتذ من نشر 
الخطابات مرةً ومصادرتها مرةً أخرى. والتحفّظ على بعض أشكالها 
حيناء وحجبها حيئًا آخر. كما أنَ إرادة المعرفة لم تتوقف أمام 
الجنس بوصفه محرّمًا (18500)» كما أنها لم تتبن منه موقمًا محددًا 
ونهائيًا بل إنهاء ورغم تعثّر مبادئها وأنظمتهاء سعت إلى إيجاد علم 
حولة كو لساب 


(8) نفسهء ص 35-34. 
(9) نفسه.ء ص 35. 
(10) نفسهء ص 36. 





61 


الميحث الثالث 


الجنسانية من الحجاب إلى الخطاب 


للثقافة دورٌ مهم في توجيه أنشطة الأفراد والمجتمعات 
وممارساتهم الجنسية. فهي تعمل على مذهم ببرامج غرائزية 
تدفعهم إلى انتهاج ضروب من الجنسانيات. وهذا يعني أن الثقافة 
تعمل» بمرور الزمن؛ على تشكيل هوية الأفراد الثقافية التي تعني 
إكسابهم مجموعة من الخصائص التي تحدد معايير انتمائهم لها 
ضمن علاقة جدلية قائمة على الهدم والبناء؛ فالهوية الثقافية تشكل 
وعي الأفراد وتبني مفاهيمهم الكلية في الوقت الذي يقومون فيه 
بتطوير الهوية وتعديل مبادئها وهدمها بما ينسجم مع إراداتهم'". 
ولعل. الفيلسوف'فريدزيك نيفشة أؤل: من :ماين نين تسموذحيق 
ثقافيين؛ الأول: النموذج الأبولونيّ «هنههلاهدم4 وملامحه 
الأساسية: «الفردية» والتقنية» والمعرفية» والتراتبية» والنفعية»» 
والنموذج الثاني الديونيسيّ 2108198 وصفاته الأساسية: «الجمعية» 


ط1ء المنظمة العربية للترحمة » بيروت» 067 ص 147 - 150. 


62 خطاب الجنس: مقارياتٌ في الأدب العربيٌ القديم 


والجنسية» والعاطفية» والصوفية» والثورية» والخصوبة)”. 

وسوف تقوم الثقافات البشرية كلها ببناء برامجها بناء على هذين 
النموذجين إضافة أو تطويرًا أو تعديلا أو تركيبّاء بيد أنْ التحولاات 
التي طرأت على النموذجين حالت دون إلغاء القسمات الكبرى بين 
الثقافات التي تكاد تتمايز فيما بينها في الرؤية العميقة لمفهوم 
الثقافة؛ إذ إِنْ بعضها ينظَرُ إلى الثقافة بوصفها منظومة لانتقال 
معارف تقنية مفيدة» وتقاليد نافعة للجماعة عبر الأجيال» وبعضها 
الآخر يتعامل مع الثقافة بوصفها مضمارًا للعديد المتباين من 
الاستعراضات الغزلية التي يحاول من خلالها الأفراد اجتذاب رفاق 
جنسيين والاحتفاظ بهه”0. 

وإذا كانت الثقافة البشرية ضريًا من التكيفات الغزلية فإِنَ أفعال 
الانتخاب الجنسيّ التي يقوم بها الأفراد لاختيار شركائهم 
وممارساتهم ستكون قوّة تطورية أساسية في صوغ الثقافة البشرية 
المتمئّلة في القدرات الموروثة جينيًا المُفْسَرَةٍ سلوكيات الأفرادٍ 
ومواقفهم وحساسياتهم وعلاقاتهم. وهذا يعني أن معرفة الانتخاب 
الجنسيّ وتحليله سيقدمان حلولاً كبيرةً لتفسير التطورات والظواهر 
لكاب فوا دع كي الفر شل التوكدنة :إلى كراكفا ار يوالها 
وتعلّمها وإنتاجها””. 


(0) انظر: جيوفري إف. ميللرء الانتخاب الجنسي دالة للاستعراضات الثقافية» ضمن 
كتاب : «تطور الثقافة: رؤية في ضوء منهج البحوث المتداخلة»» إشراف التحرير: 
روبين دونبار وكريس نايت وكاميلا باور» المشروع القومي للترجمة ‏ المجلس الأعلى 
للثقافة.» ط1ء القاهرة. 2005» ص 106. 

(3) نفسه. ص 106. 

(4) نفسه. ص 107. 





الجنسانية من الحجاب إلى الخطاب 63 


بيد أن مسيرةً الخطاب الجنسيّ في أية ثقافة لا تملك مسارًا 
واحدًا؛ إذ إنها ثُقيم حظرًا على الخطاب الجنسيّ» وتمارس بحقّها 
تطهيرًا صارمًا للمفردات المسموح بهاء لكنها قد تقوم بإحداث 
انفجار خطابيَ حقيقيّ يُجِيرُ البوح والتصريح بعد أنْ مارست أساليب 
بلاغية جديدة في التورية والاستعارة بدافع الاحتشام والرقابة على 
التلفظ. وعلاوة على ذلكء. فإنّ الثقافات قادرةٌ على إنشاء مناطق 
احتشام وذوق وصمت مطلق وصرامة حول الخطاب الجنسيّ الذي 
يتعامل معه بدقة لا متناهية؛ فهي تحدد مكان الحديث عن الجنس 
وزمانه» وتعيّن مكان حظر الحديث عنه وزمانه كما أنها تحدد 
المناسبات» والروابط الاجتماعية» والشخصيات» ومواقعها. وفي 
الجهة المقابلة فإِنَ الثقافات نفسها قد تدفع نحو تخصيب الخطابات 
ومجالاتها الأمر الذي يؤدي إلى بروز الجنسانية والاحتفاء بها 
وإخراجها من الحجاب إلى الخطاب بفعل عملية تخمير خطابيّ 
تستحوذ عليه السلطة وتجعله ضمن مجالاتها ومّداراتها بهدف 
السخرية من الحشمة والاستهزاء من الورع”©. 

إنَ طبيعة الثقافة ومكوّناتها عنصران مهمّان في التعامل مع الجنس 
منعًا أو قبولاء فالجنس في الثقافة الغربية خضع لسلطة الكنيسة 
المتمثّلة في إخضاع الأفراد للاعتراف تحت ذريعة التطهير والإرشاد 
الروحيين» فكان الكاهن يخضع الشخص لمساءلة دقيقة تشمل 
المَلكات؛ الذاكرة» والعقل» والإرادة» والحواس؛ السمع والبصرء 
واللمس» والشمّء والذوق بحئًا عن أفكاره وممارساته الجنسية 


(5) انظر : إرادة المعرفة» ص 39. 


64 خطاب الجنس: مقارياتٌ في الأدب العربيٌ القديم 


صغيرةً كانت أم كبيرة حلمًا أم حقيقة. وهكذا فقد خضع حجاب 
لجف لوقلتة ده هنو الاعف ومع روه عرو تخطات 5 يدرك اله 


فسحة ولا راحة» ولا و 


وقد بدأ الجنس في الانتقال من الحجاب إلى الخطاب في حاضنة 
التقاليد الكسبية حيث خرج الاعتراف ب «الخطيئة والانتهاك» 
الجنسيين من حضرة الكاهن إلى حضرة القاضي والطبيب فكان أنْ 
شكل أرشيف الاعتراف مادة خصبة تمّ بموجبها تحويل الرغبة 
والاكابيين السننية الاتعنة عن الاختر اف لالط ال تلات 

ويرى ميشيل فوكو أنَ التعاليم الرعوية المسيحية عندما دعت إلى 
الاعتراف بالجنس جعلت منه موضوعا مُثِيرًا للقلق؛ إذ حرّضت على 
التكلم عنهء وإخراجه من الظلء وإبرازه بوصفه لغرًا وسرًا 
و (8) عه 7 5 1 
محيرين . اما التحريض على الكلام عن الجنس فبرجع إلى أسباب 
سياسية واقتصادية وتقنية ولدت تحريضًا لم يكن يهدف إلى الوصول 
الى اتطوية كما فة تلوين «فنى كماوكينا انسل الاقنان ووو انه 
وممارساته الجنسية» وإنما كان هدفه الوصول إلى نتائج» وأرقامء 
ومحاسبة» وتصنيف » ومفاضلة ؛ إنه خطاتٌ سد لا يحرص على 
إظهار التمايز بين القيم الأخلاقية كما ادّعى في بداية أمره؛ وإنما قام 
بتوظيف نتائجه لإنتاج أحكام ميتافيزيقية تُعلي من شأن العقلانية 
والذين وتّدين التجاوزات والانتهاكات © . 


(6) نفسهء ص 41. 
(7) نفسهء ص 41. 
(8) نفسهء ص 53. 
(9) نفسهء ص 43. 





الجنسانية من الحجاب إلى الخطاب 65 


لقد منحت الثقافة الغربية الخطاب الجنسي دورًا كبيرًا وتقديرًا 
عاليًا؛ وكأنَ مجتمع الخطاب يطمح من هذا الخطاب التحليليّ 
المتقن إلى الحصول على نتائج عديدة؛ تتصل بتطوير الرغبات 
الجنسية وتبديل وجهتها وتغيير أحوالها؛ بهدف تطوير الاعتراف بها 
وتوسيع مجالهء فكان أن تحوّل الأمر من الرقابة على الجنسانية 
وحظرها إلى إنشاء جهاز إنتاج خطابات متنامية ومتسارعة قابلة للعمل 
والتأثير في اقتصاد الخطابات ورواجها. لقد كان على الجنسانية أنْ 
تظل محصورة ومقتصرة على أنشطة الأفراد وملذاتهم وحيواتهم 
السرّية لو لم تقم آلياتٌ فاعلةٌ بدعمها وتنشيطها وتحويلها إلى 
خطاب ؛ إنها آلياتٌ سلطوية تحاول استغلال اقتصاد ملذات الأفراد 
واستثماره وتحويله إلى خطاب"". 


لقد أحدثت تطورات العوامل البشرية والاقتصادية حراكًا قويًا 
لإدارة الجنسانية وإدخالها ضمن أنظمة تقوم على النفعية المجرّدة. 
وبفعل تسارع وتيرة التطورات سوف يتعين على السلطة تفعيل تقنياتها 
لمجابهة التزايد الهائل في السكان لما يثيرونه من مشكلات اقتصادية 
وسياسية تُثِيرُ عددًا من القضايا ترتبط بالتوازن بين النموّ الذاتي ونمو 
الموارد والممتلكات التي يدخل مكوناتها الموضوع الجنسيّ 
بتفصيلاته المعقّدة التي تشمل الزواج» والولادات» ونسب الطلاق» 
وسنّ الزواج» والإنجاب الشرعيّ» وتعدد العلاقات الجنسية» 
وخصوبتهاء والعزوبة» وممارسات التحكم في الإنجاب والإجهاض. 
وهكذا أصبحت ثروات المجتمع ومستقبله لا يرتبطان بعدد المواطنين 


(10) نفسهء ص 43. 


66 خطاب الجنس: مقارياتٌ في الأدب العربيّ القديم 


وفضائلهم». ولا بأنظمة زواجهم» وتنظيم عائلاتهم وإنما بالطرق 
والعوامل التي يمارس فيها الأفراد جنسانياتهم لأوّل مرة فضلا عن 
الأشكال المتتابعة التي ينصرفون إليها لإشباع رغباتهم وميولهم 
ونزواتهم. وهكذا أصبح سلوك السكان الجنسيّ موضوعًا للتحليل 
وهدفًا للمقارية2010. 
الخطابية أدى إلى انفجارها وتنوّعها؛ فالثقافة التي تعمل على توليد 
الخطابات الجنسية في مؤسساتها الكاملة تقوم بتشعيب الخطابات» 
ولعل نظرة فاحصة ثُبِيَنُ أن الخطاب الجنسيّ حاضرٌ في مؤسسات 
ومنظومات التربية » والتعليم» والطب» والقضاء» والأخلاق» وعلم 
النفس »2 والطت النفسىّ » والبيولوجياء» والديموغرافيا» والاقتصاد الت 
ستعمل كل واحدة منها على إنتاج شروط إنتاج خطاب خاصة» 
واستراتيجيات شاملة تدعم الخطاب وتتجاوزه فى الوقت نفسه؟ إذ 
إذ كل نوشية سكيوت عق مدعي ننطايها الستية ادحل الذي 
تلزمُ به نفسها حيث تسري تعاليمه على القائمين عليها والخاضعين 
لها الأمر الذي يؤدي إلى تكاثر الأدب والتعاليم والآراء والملاحظات 
الجنسية» ومُعاظمة المفاهيم المرتبطة بالجنسانية”2". 

وهكذا أصبح الجنس موضوعًا حيويًا ينبغي على الجميع التكلّم 
عنه بهدف فهمه ومعالجته بخطابات تحليلية. ليس هذا فحسب بل إِنّ 
الحفق أضكض: مجالاً زعا لمشاركة القعات .والم سشات< كلها وان 


(11) نفسه. ص 45. 
(12) نفسهء ص 46 49. 


الجنسانية من الحجاب إلى الخطاب 67 


يُفلت من قبضة سلطة بعينها وأنْ يُصبح مملوكا للسلطة العامة» وأنْ 
يقال وفق منظومات خطابية متنوعة ومرجعيات متعددة تُعيّنُ وجوده 
الخطابيّ» بيد أن هذا التهيّجّ الخطابيّ سيفاقم من صعوبة تناول 
الجنس؛ لأنَ «الأمر لا يتعلّقّ بخطاب واحد حول الجنسء بقدر ما 
يتعلَقُ بعدد كبير من الخطابات أنتجتها مجموعةٌ أجهزة عاملة في 
مؤسسات مختلفة) 0137 ْ 


(13) نفسهء ص 44) 51-50. 


الفصل الثانى 


استقبال الجنسانيّة في الأدب العربي القديم 


71 


المبحث الأول 


إشكالية الحظر والإباحة: الموقف النقدي 


لقد استطاعت الثقافةٌ العربية إنتاج منظومتي قواعد في إدارة الجنس 
هما: منظومة الزواج» ومنظومة الرغبات التي تتجاوز مؤسسة الزواج» 
بيد أنها لم تفصل بينهما؛ فمن الناحية التطبيقية مُنح مجتمعٌ الذكور 
الحق في المزاوجة بين النظامين عبر الزواج والتسرّي الناجم عن طريق 
فيض النساء الذي غمر المجتمع العربيّ والإسلاميّ نتيجة الفتوح 
الإسلامية وما نجم عنها من انساع رقعة الحضارة والبلاد» وتعدد 
الثقافات» وتنوّع الأعراق والأجناس البشرية. ومن الطبيعيّ أَنْ تقوم 
الثقافة باستيعاب هذه المكوّنات وإخضاعها لمفاهيمها الشاملة» وتطوير 
أنظمتها الجنسية» والإفادة من تجارب الوافدين» وخبرات المنضوين 
في الثقافة العربية» وذلك كلّه بهدف استيعاب الحالات البشرية 
والانفجار الجنسيّ الهائل في مستويي النوع والكيفية؛ إذ تشير الروايات 
إلى أن الجواري الوافدات من بلدان العالم القديم (أفريقيا وآسيا 


وأناوونا) احقيرة معي يك ون نمي لكالل 


(1» انظر: جلال الدين السيوطي» نزهة العمر في التفضيل بين البيض والسّمرء ط1اء 


12 خطاب الجنس: مقارياتٌ في الأدب العربيّ القديم 


والهيئات والأحجام ومن جهة الثقافات؛ إذ إِنَ الإماء أسهمن بقدر كبير 
في تطعيم الثقافة العربية بمختلف ثقافات العالم'”. ونتيجة لهذه 
التحوّلات والتنوّعات الجنسانيّة أصبح هناك ما يستدعي الخطاب لتنظيم 
الممارسات الجنسية وفرض وصاية عليها. 


ومما لا شك فيه أنَ الإسلام تمكن من إدماج الجنس في الحياة 
بوصفه تجربة حياتية يوميّة» دون أنْ يُقيّده بقيود تحول دون تفاعل 
القوى: التشورة واليية والحادقة دين أن هده الريهانة فحت البفال 
لقيام أنماط متعددة من العلاقات التي كانت تذعي توافقها مع روح 
الإسلام رغم التناقض القائم بين هذه الأنماط المختلفة”©. 

وقد أسفرت هذه الأوضاع عن منح المرأة مكانة اجتماعية مزدوجة؛ 
الزوجة والجارية. وسوف يقع في مجتمع النساء شرح هائل تولّدت عنه 
ثنائية ضدية هي : الحرائر والجواريّ» ويمتد الانقسام بدءا من المستوى 
الفيلولوجيّ لطرفيّ الثنائية» وانتهاء بالواقع العملي؛ إذ أصبحت 
الجوراي في وضع مُضَادٌ للزوجات الحرائر» وبتن يشكلن خطرًا عليهنَ 
ناجمًا عن المنافسة والمزاحمة الشديدتين في أنْ يحظين بالرجل 
والاستيلاء على عاطفته. وعطاياه» والفوز بملذّاته وإمتاعه. ونتيجة لهذا 
التنافس الشديد طوّر كلّ طرف آليات الفتنة والدهاء والإغواء*. وقد 


(2) انظر: عبد الوهَاب بوحديبة» الإسلام والجنس. ترجمة: هالة العوري؛ رياض 
الريّس للكتب والنشرء بيروت» 01 ص 160 163. 

)3( انظر: نفسه » ص 157. 

4( انظر: سمير عبده» المنزلة الجنسية للمرأة العربية. ط1ء دار النصر» دمشق» 
5 ضن 33 





إشكالية الحظر والإياحة: الموقف النقديٌ 73 


أفضت أجواء التنافس بين الجواري والحرائر إلى تأجيج رغائب الرجال 
الذين راحوا يفاضلون بينهنَ في المهارات والمّتع الجنسية» بيان ذلك ما 
ورد عند السيوطيّ ونصّه : «قال بعض الخلفاء: «الإماء ألذ مُجامعة» 
وأغلبُ شهوةً وأحسنٌ في التبذل» وآنق في التذلل. فقال جليسٌ له: 
لَتَرَدُدُ ماء الحياء في وجه الحُحرّة أحسنُ من تبذّل الأمة وأشهى)””. 

ونتيجة هذه الوفرة والصخب الجنسيين تكاثرت الخطابات الجنسية 
التي لا نُشخَصُ بوصفها ظاهرة كمّيةَ لا تستحقٌ الاهتمام والرعاية» بل 
إنها تُحلل انطلاقًا من كونها خطاباتٍ معرفية تحاول كشف آليات 
الثقافة العربية في التعامل مع ظاهرة الانفجار الجنسيّ الهائل وعلاقتها 
بأشكال العلاقات الاجتماعية» وأنماط الإنتاج» وقوى الاقتصادء 
وأنظمة الشنلطة :وغيلاقاضه السيظ #واتكرا جات الويمة ا" . 

وَتِغَوّه الغيطرة والسودية التحينية القن يطبت نها المعسيعات 
العريية ,رتاوت تي الطامها إلى ما قبل الإسلامة إ3 شين ايام لعز 
فى الجاهلية إلى أن سبى النساء كان دافعًا للإغارات بين القبائل» 
انك لجان فط قير اردان اشيم الجاه ان ا ربك مرا 
في فعل الإغارة الذي كانت النساء أحد ثماره. ففي «يوم جرع ظِلال» 
أغارت بنو فزارة على «الثّيم وعديّ وثور أطحل من بني عبد مَّناة 


إلركق الوشاح في فوائد التكاح» ذ ضمن: الجنس في أعمال الإمام جلال الدين السَيوطي ‏ 
دراسة وتحقيق حسن أحمد ل تقديم: : محمد بئيس » ط1ء دار المعارف» 
سوسة ‏ تونس » 2001. ص 209. 

(6) يعزو ري تاناهيل لتنطقصصة]' نزدع]1 سبب تعاظم انتشار التعددية الجنسية في العالم 
الإسلامي إلى تكاثر الحروب» واتساع الفجوة بين الطبقات» وتزايد تدفق العيدة 
وتكاثر الغروات الوافدة. انظر: قصة الجنس عبر التاريخ »جلء ترحمة : : إيهاب عبد 
الحميد. ط1ء دار ميريت» القاهرة. 2008. ص 218. 





14 خطاب الجنس: مقارياتٌ في الأدب العربيٌ القديم 


فملأوا أيديهم غنائم وإبلاً ونساء»؛ ولما حاول سادة التِيم التحالف 
مع ١بني‏ سعد بن زيد مناه وضبّة» لطلب النصر على بني فزارة عاود 
الفزاريون» وعلى رأسهم عيينة بن حِضّنء الإغارة على التَيْم 
«فقتلوهم قتلا لم يقتلوه أحذاء وأخذوا مئة امرأة من التّيم» فقسّمهن 
عيينة بين بني بدرء وأخذوا سبيًا كثيرًا فقتلوهم». ويبدو أن النكبة 
التي حلت ب «التيم» شجعت قبيلة أخرى على الإغارة عليها؛ إذ (إِنَّ 
بني مُرّة أغاروا على التيم ورئيس بني مرة يومئذ سنان بن سنان بن 
أبي حارثة» فقتلوا التّيم وعديًّا وغكلاء وأخذوا سبيًا كثيراء فلم 
يُعتقوا منهنّ شيئًا واستخدموهنَ»”". ولعلٌ المفارقة التي تجليها أيام 
العرب في الجاهلية أن فعل سبي النساء يصاحبه قتل الرجال؛ نفعت 
أن قعل الأغارة لا يكتهل :فى المنتوى المجازي: .إلا إذا تكدل 
بقتل الرجال وسبي الا قت أن الاستمتاع بالنساء المسبيّات لا 
يتحقق إلا بعد إلغاء صور رجالهِنَ من وعيهنَ؛ ففعل قتل الرجال هو 
تدشين للإغارة والسبى معًا. ليس هذا حسب بل إنّ فعل السبىّ فيه 
منلد لعفي لد ترات 1 تسمه قن د مات ل عات 
السادة الفرسان الذين 505 بمنازل رفس لقد رركت قات 
كثيرة تؤكد حاجة القبائل العربية في المجتمع الجاهليّ إلى النساء؛ 
من أجل توسيع دائرة المتع» واستعمالهنَ جنسيًا. ويرى ناصر الدين 
الأسد أن العرب عرفوا نظام الرق منذ جاهليتهم عن طريق السبي 
والتجارة؛ أما السبي فكان ينتج عن إغارات القبائكل بعضها على بعض 
وما ينجم عنه من سبي النساءء وأسر الرجال» وأما التجارة فكانت 


(7) محمد أحمد جاد المولى» وعلي البجاوي» ومحمد أبو الفضل إبراهيم» أيام العرب في 
الجاهلية. مطبعة دار الكتب والوثائق القومية» القاهرة» 9 ص 03- 374. 


إشكالية الحظر والإياحة: الموقف النقديٌ 15 


تحصل نتيجة تنقّل العرب في تجاراتهم وشرائهم الرقيق» ثم توسّع 
الأمر وأصبح للرقيق رواج في أسواق العرب القديمة وحواضرها 
الكبرى» فقد كانت ثباع» في هذه الأسواق والحواضرء الإماءٌ 
العربيات والجلائب. كما أن «كثرة الرقيق جعلت منهم طبقة اجتماعية 
لها معالمها المميزة وسماتها الواضحة وأثرها الاجتماعي البين)”*. 


ومعرفة العرب بأجناس النساء وفضائلهنَ ومثالبهنَ ترجع إلى سعة 
خبراتهم الناجمة عن تنوّع أعراق النساء في الحواضر العربية» ولعل 
الناظر فى مدوّنات الجنس العربئ يقف على إفراد المؤلفين فصولا 
في احقا النساء وأصولهنّ» 6 ذلك ما ورد في كتاب «الإيضاح 
في علم النكاح» المنسوب للسيوطيّ ولعبد الرحمن بن نصر 
الشيرازيّ ونصّهء أما «الروميّات فإنهنَ أظهرٌ أرحامًا وغالبهنَ معقرات 
عريضاتٌ للنيكء» والأندلسيات أجمل وأطيب ريحًاء والهنديات 
والسنديات والصقالبة آدم أحوالاً وأقبحٌ وجومًا وأقذرُ رحمًا وأخسف 
عقلاء والزنجيات والحبشيّات أطيبٌ نكهةً وأشد طاعة» والبغداديات 
والبابليات أجلبُ شهوةً للرجال من غيرهنّ» والشاميات أودّ للرجال» 
والنويثات والفارسيات لحي احزالا وانهية أوالاذا اجون لظفا 
وعشرةً وصيانة» والنوبيتات أسخنٌ فروجًا وأكبرُ أعجارًا وأنعم أبدانًا 
وأشدّ شهوةً» والتركيّات أبرد أرحامًا وأسرع أولادًا وأسوا أخلاقًا 
وأشدك حتدزابو قور عقولا" بوالسفييتات :اقة ممست در ها 


4:9 انظر : القيان والغناء فى العصر الجاهل , ط3 دار الجيل » بيروت » 8غ ص 30- 
6 42. ورأي الأسد يدحض ما ذهب إليه ري تاناهيل الذي يرى «أنّ التعددية 
الجنسية لم تكن منتشرة على نطاق واسع بين القبائل العربية في عصور ما قبل 
الإسلام» . قصة الجنس عبر التاريخ » ج1» ص 218. 





16 خطاب الجنس: مقارياتٌ في الأدب العربيٌ القديم 


والتعليتات” أفزفى أسداناع اصلت ازحاقا* والتضترتات: الف كانانا 
وأرق طبعًا وأكثد انخلاعاء والصعيديّات ألذ نكاحًاء والشرقيّات أكبد 
أكساشاء والفلاضئات أشَد رعية فن "ارت اكير 


لقد شهدت الثقافة العربية انفتاحًا بشريًا هائلاً أفضى إلى شيوع 
الجنسانيات التي أسهمت في إنتاج خطابات تعلن ما كان مستترّاء 
وتُسفْرُ عمًا كان محجوباء وتُبِيحٌ ما كان محظورًا. وعلاوة على زيادة 
الرأسمال الجنسى وفيوضاته فإِنّ إحساس الثقافة العربية بتفوّق برامجها 
اللغوية. والايية؛ والعسكرية» والاقتصادية» والجغرافيّة مكنها من 
ممارسة ضروب من الهيمنة والتحكم الجنسيين» حيث تعاملت مع 
العناصر البشرية الوافدة بوصفها أدوات» ورعية يجبُ أنْ تظل 
خاضعة» وممتثلة. بيان ذلك في ما أورده ابن قيّم الجوزيّة (ت 751 
ه) في رأي الخليفة الأمويّ عبد الملك بن مروان في الجواري إذ 
قال: 1 أراد أن يتخذ جاريةً للمتعة. فليتخذها ا ومن أرادها 
للولد فليتخذها فارسيّةة؛ ومن أرادها للخدمة فليتخذها روميةً)»2". 


ا بكسن الم نطو لقعا المي الى موريس كن لقان 
العربية تجاه المرأة خ غير العربية» بل يصوّر حدّة الرقابة التي اثبعت في 
تداول النناة اللائي يحضرن بوصفهن محض أدوات لممارسة المتع 
ا 000 0 البو ال 1 


(9) انظر: الإيضح في علم التكلح ٠‏ ضمن: ال كد 


را شرح وتحقيق: 0 2 نيرؤت 6 
9 »؛» ص 12-11. 





إشكالية الحظر والإباحة: الموقف النقديٌ 77 


الحجاج بن يوسف. إذا ورد عليك كتابي هذا وقرأته فسيّر لي ثلاث 
جوار مولّدات نُهدَا بكار يكون إليهن المنتهى في الجمال» واكتب لي 
بصفة كل واحدة منهن ومبلغ ثمنها من المال. فلما ورد الكتاب على 
الحجاج دعا بالنخحاسين» وأمرهم بما أمر به أمير المؤمنين» وأمرهم أن 
يغوصوا في البلاد حتى يقعوا على الغرضء فلم يزالوا من بلد إلى بلد 
ومن إقليم إلى إقليم حتى وقعوا على الغرض. ورجعوا إلى الحجاج 
بثلاث جوار نهد بكار مولدات ليس لهن مثيل)”'". 


وهذا يعني أن الفيض الذي شهدته أسواق الجواري والقيان”" دفع 
داه اق موقم البعلطة إلى البصية هما يقاسي جات العرن 
الجنسية المتجددة من ناحية والمتكائثرة من ناحية أخرى» كما أنه جعل 
من يقومون على أسواق الجواري يزاولون ضربًا من ممارسة الاتجار 


(11) محمد بن دياب الإتليديّء نوادر الخلفاء الْمسمّى إعلام الناس بما وقع للبرامكة مع 
بنى العبّاس. ط1. تحقيق: أبن عبد الحابر الجهيريء دار الافاق العربية» 
القاهرة» 8 .؛» ص 63 64. 

(12) لقد شهد العالم الإسلاميَ. حسب آدم متزء فيضًا في تداول الجواري» إذ راحت 
قوافل الجواري والرقيق تتوافد على حواضر العالم الإسلامي ومدنه الكبرى بدءًا 
بالحجازء ومرورًا بالعراق والشام» وانتهاء بالأندلس والمغرب ومصر؛ نظرًا لما 
تحظى به هذه الصناعة من رواج» ولأنْ أنظمة العالم الإسلاميَ الدينية والثقافية 

تسمح بالتسرّي واقتناء الجواريَ فضلا عن الرخاء الاقتصادي الذي شهده العالم 
ااامز فى السمد الوسيط. وإضافة إلى ذلك فإِنّ هناك عددًا من المصادر 
والبلاد التي كانت تُصدّ ر الجواري إلى العالم الإسلا مي أسهمت في إشاعة الإقبال 
على اقتناء الجواري» فقد توافدت الجواري» من السودان» وأفريقياء وخراسان» 
وتركيا»ء وسمرقند» وأوروبا الشرقية» وألمانيا. ويشير آدم متز إلى أن أغلب تجار 
الرقيق» وبخاصة تجار أوروباء كانوا من اليهود. انظر: الحضارة الإسلامية فى 
القرن الرابع الهجريّ. ج1.» ترجمة: محمد عبد الهادي أبو ريدة» وتقديم: 
مصطفى لبيب عبد الغني» المركز القومي للترجمة (سلسلة ميراث الترحمة). 


القاهرة» 3838» ص 263 - 275. 





18 خطاب الجنس: مقارياتٌ في الأدب العربيٌ القديم 


بالرقيق وهي الممارسة التي ستحظى برعاية مؤسسة السلطة ومباركتهاء 
فالنخاسون فئة من التجار وظيفتها ترويج الرقيق”*'". وإذكاء الشهوات 
في نفوس من يبحث عنها. لقد عرفت الثقافة العربية أدب الرقيق» 
واوعفنة ةله نطافا عاذ لعاناف تداول الرفين كفيو و تاثا موقن شد 
هذا التتظام على الجواري نظرًا لشدة الحاجة إليهنَّ. لذلك بحث هذا 
النظام في تأهيلهنَ وتدريبهنَ والإشراف عليهنَ وإعدادهنَّ للحاجات 
المتنوّعة مثل: الخدمة» والغناء» والمتع» والإنجاب. كما أوجدت 
نظامًا خاضًا بالقيان اللواتي يتميزن عن الجواري بكونهنَ أرفع قدرًا 
وأعلى منزلة من الناحية الثقافية والمعرفية والجمالية*''؛ إذ خضعن 
إلى انتخاب جماليّ وتدريب ثقافيّ رفيع يؤهلانهن إلى الوصول إلى 
مجالس الوزراء والكتّاب والقادة والخلفاء””'". وحسب صلاح الدين 


(213 يقف الناظر في مدونات الأدب على طائفة كبيرة من أخبار النخاسين وما يجري في 
اسرائيكم . ومن ذلك ما أورده التوحيدي : ل دي 
وي متكت مو تافر لفل هن تعوف د فى القرآن» 
ل تسو الور ويصلي الضّحى ويترك الفجر). 
ل 1 ص 36. 
لجار م بني أذ صناعة الجواري كانت مدق أرياحا طائلة للقائمين علج 
أهل المديئة أذ راجيا عا ا ل ا رين 
وأظرفهنَ وأحسنهن أدبًا» . المستظرف من أخبار الجواري» تحقيق : صلاح الدين 
جد ط1ء دار الكتاب الجديد» بيروت» 63 ص 28. 
(215 لقد أسهم لخلفاء العباسيون في إشاعة الجنسانية وتداولهاء وقد حققت هذه 
ااه هات في ارما موادي ول لاك ةسمه ار ا00 
فاشتراها» البصائر واللخاير م 41 1ه ص 230. 











إشكالية الحظر والإباحة: الموقف النقدي 79 


المنجّد فقد «كان للجواريء على اختلاف أنواعهنٌ» أثرٌ كبيرٌ فى 
المجتمع الاجادوة ل سقلا لسري اوناك سكل لداعل 
واستطعنّ في أحايين كثيرة توجيهه أيضًا. وأخذن من الأدب العربيّ» 
وت وتوطيب المسكيب كمي ذا للم قي فبي لقي اسه 
أخبارهنَ ونوادرهن وأخبار المجتمع الل ام 7 

وسوف يكون الأدباء والشعراء القناة التي تمرُ بها أخبار الخلفاء 
وأسرارهم؛ فقد كانوا قريبين من مجالس السلطة ويحظون برعايتها 
نظرًا لما يقدذمونه من وظائف تتمثل في ترويج السلطة وتعزيزها 
والتصدّي لخصومها والذبَ عنها من ناحية وأدوار تتعلقٌ بإمتاع 
السلطة ومؤانستها من ناحية أخرى. كما أن السلطة» بدورهاء تقدّم 
للأدباء والشعراء والكتّاب والعلماء المنضوين تحت لوائها من 
الامتيازات والإغراءات ما يعمَّقٌ ولاءهم ويعرّزه. ويجعلهم يتستّرون 
على أنشطتهم وانتهاكاتهم الجنسية. ومما يؤيد ذلك النصّ الآتي : 

«قال عليَّ بن الجهم: إني لعند المتوكل يومًا والفتح بن خاقان 
حاضرٌ إذ قيل له: فلانٌ النخاس. فأذن له. فدخل ومعه وصيفةٌ. فقال 
له المتوكل: ما صناعة هذه؟ 

قال: تقرأ بالألحان. 

فقال الفتح: اقرئي لنا خمس آيات. فاندفعت تقول: 

قد جاء نصرٌالله والفتحٌ ‏ وشقَّعنّاالظلمةالصَّبِحٌ 

خَدِينُ مَلْكِورجادولة وهمُهالإشفاقٌ والنُصحٌ 

وكلّ باب للندى مُعُْلَّقٌ فإِئمامفتانحهالفتحٌ 


(16) المُستظرف من أخبار الجواري» ص 5. 


80 خطاب الجنس: مقارياتٌ في الأدب العربيٌ القديم 


فأمره المتوكّل بشرائها. وكانت أحظى جواري الفتح)””". 

ما مجتمع القيان فيروي الجاحظ أنَ القائمين على صناعة القيان 
كانوا يعلمونهنَ المجون ويدربونهنَ على الغواية والخلاعة وهي أمور 
تزيد في حظوتهنَ. يقول الجاحظ: «وكيف تسلم القينة من الفتنة أو 
يمكنها أنْ تكون عفيفة» وإنمًا تكتسبُ الأهواء» وتتعلّم الألسن 
والأخلاق بالمنشأء وهي تنشأ من لدن مولدها إلى أوان وفاتها بما 
تعد عن ذكراللة عن لينو العديف عفرت اللعب" والاساتيكه 
وبين الخلعاء والمجَّانَء ومن لا يسمع منه كلمة جد ولا يُرجِع منه 
إلى ثقة ولا دين ولا صيانة مروّة. 

وتروي الحاذقة منهن أربعة آلاف صوت فصاعداً.ء يكون 
الصّوت فيما بين البقيق: إلى أريعة: أبيات» عده نا يدخل في ذلك 
من الشعر إذا ضُربٍ بعضه ببعض عشرة آلاف بيتِ» ليس فيها 
ذكر الله عن غفلة ولا ترهيب من عقاب. ولا ترغيبٌ في ثواب؛ 
رإنما تبت كليا على ذكر الزن :والقيادة»: والعشق والضيؤةة 
والشّوق والغلمة. 

الا تنفك من الدراسة المصخاعتها ستككة عليها» بلحل من 
التتطارحين الوق رمدي كله تموا ل جر ناوه درا ودف رشي 
مضطرَةٌ إلى ذلك في صناعتها؛ لأنّها إن جفئها تفلتت» وإِنْ أهملثها 
نتقصثء وإن لم تستفد منها وقفث. وكل واقف فإلى نقصانٍ أقرب. 
وإِنّما فرق بين أصحاب الصناعات وبين من لا يُحسنها التزيّدٌ فيهاء 


(17) المُستظرف من أخبار الجواري» ص 73. 


إشكالية الحظر والإياحة: الموقف النقديٌ 51 


والمواظبة عليها. فهي لو أرادت الهُدى لم تعرفه ولو بغت الغفلة لم 
تقدر عليهاء وإِنْ ثبّتت خحُجّة أبي الهُذيل فيما يجب على المتفكر 
زالت عنها خاصّته؛ لأنَ فكرها وقلبها ولسانها وبدنهاء مشاغيل بما 
هي فيه» وعلى حسب ما اجتمع عليها من ذلك في نفسها لمن يلي 
مجالستها عليه وعليها»”*". 

لقد «كانت تلك الجواري يتمتعن بالرّزانة والأناقة» ومُثْقَفاتِ 
ومدرّبات على أعلى مستوى, ما أُمَلهنَ إلى أنْ يتحوّلن إلى «نخبة» 
عفري عاق الفورض تأثيوا مانا امند تطاندية فاوس :إل 
ل 

بيد أن هؤلاء الجواري كنّ يتصفن بتقلّب الهوى؛ إذ لا يؤمن 
جانبهنَ» ومن تلك الأخبار ما نضّه: «بلغ فصل الشاعرة» وكانت 
تهوى سعيد بن حميدء أنه قد عشق جارية من جواري القيان 
فكتبت إليه : 

ياعالي السنْ سيّىَ الأدب شِبتَ وأنت العُّلامُ في الطرب 

ويحك إن القيانَ كالشَركِ ال منصوب بين الغرور والعقطب 

لايبفديو للنقير ولا بلطنو ا انه ادات 

عننا تشكع خوالة إذ عدت عن زفرات الشكئ إلى الطلت 

تلط زا وذ أو شاك وذا لَخظ مُحبٌ بعين مُكتسب»20, 


(18) كتاب القيان» ص 177. 

)219 يُرْجِعٌ ري تاناهيل 11ط28دة1 1668 سبب تعاظم انتشار التعددية الجنسية في العالم الإسلامي 
إلى تكاثر الحروبء واتساع الفجوة بين الطبقات» وتزايد تدفق العبيد» وتكاثر الثروات الوافدة. 
انظر : قصة الجنس عبر التاريخ. ج1. ص 220. 

(20) المُستظرف من أخبار الجواري» ص 55. 





82 خطاب الجنس: مقارياتٌ في الأدب العربيّ القديم 


ويُفرد جلال الدين السيوطيّ كتابه الموسوم ب ١‏ المستظرف من 
أخبار الجواري» لإيراد أسماء جواري الخلفاء والوزراء والعلماء 
والقادة والأئمة في المشرق ومصر والأندلس”'7» وقد أتى فيه على 
مكامن نبوغهنّ وفرادة طباعهن وعلائم نباهتهنَ ومواطن فضائلهن. 
ونظرًا لمكانة هذه الفئة من الجواري فإنها كانت تتنقل بين عدد من 
الرجال والخلفاء©» ومن هؤلاء الجواري «دُقاق جارية يحيى بن 
ربيع» التي ترد في كتب الأدت بأنها كانت جميلة مُحسنة مشهورة 
بالظرف والمجون. «ولما مات يحيى تزوجت بعده بجماعة من القواد 
والكتاب فماتوا فقال بعضهم يهجوها: 

فاك كنات بداو ذفاق. ‏ “تس عاافه: والتكتانق 

حذروا الرابع الشّقيّ دُقاقًا لايكوننّ نجمهفي مُحاقٍ 

اله عن بُضعها فإِنَ دُقافًا شوم جرها قد سار في الآفاق 

لم تُضاجع يت ملكا ا 0 

ولم تكن الجواري تجد حرجًا في التشبيب بالخلفاءء. إذ يذكر 
السيوطيّ أنَ «ذلفاء» جارية ابن طرخان «كانت تشبب بالرشيد» وأنها 
قالت تعبّر رغبتها فيه: 


جحت انيف الذى القدق. .يا يسلي ل ونال قينا 


)221 من هؤلاء الجواري تمثيلا: حُسن جارية الإمام أحمد بن حنبل» وخنساء ء جارية هشام 
العتروة ردت 0 بصرك - و عا :مويليه 

2220 ل الل ل خاو الف الرانى التى قلت ل عي اق 
بعد وفاته. انظر: نفسه » ص 50-49. 

(23) نفسهء ص 26 - 27. 





إشكالية الحظر والإياحة: الموقف النقديٌ 53 


وقد دفع قولها أبا نواس إلى التعبير عن استهجانه جرأتها فقال: 

عجيبٌ من حماقة الذلفاء ‏ تشتهي فياشل الخلفاء 

وهذا يعني أن الثقافة العربية مكنت الجواري من التعبير عن 
رغائبهنَ الجنسية شريطة توافر الكفاءة في الرتبة الاجتماعية. لذلك 
قام ابنُ أبي فئَن بإجازة قول أبي نواس واستكمال معناه والاستدراك 
على ,انبعييانة يقؤله حخاظنا 'الذلفاء: 

عدوي تير قان. ارقو .مين زراك مالف عا 

إن أولى الأمور عتدئ منالاة تورات الأكفاه ل 


ونظرًا لأهمية الجواري البارزة قامت الثقافة العربية بسن قواعد 
خاصّة في صناعة التخاسة وحدودها وخدائع النخاسين وتلبيساتهم 
وتدليساتهم في مواسم بيع الرقيق”. علاوة على وضع قوانين 
وتحذيرات ووصايا تنبه شراء الرقيق إلى الحذر من الوقوع في 
شِراك النخاسين في الأسواق والمواسم. ولعل أبا نصر مؤيد الدين 
السموأل المغربيّ الإسرائيلن (ت 570 ه) من أبرز الكتّاب الذين 
وضحوا عملية تداول الرقيق وما يلابسها من إشكالات ومحاذيرء 
وقد أفرد الجملة العاشرة من كتابه للبحث «في بيع وشراء الرقيق» 
وهي جملة مُكوّنة من خمسة أبواب» الأول: في ذكر وصايا يُنتفع 
بها في البيع والشراء» والثاني: في أجساد الرقيق بحسب كل واحد 
منهم على مذهب الأطبّاء. والثالث: في تعرّف الأخلاق لقياس 


(24) نفسهء ص 28. 


(25) انظر: سلام خيّاط» البغاء عبر العصور: أقدم مهنة في التاريخ. ط1ء رياض 
الريس للكتت والشرة لندن ‏ قبرص » 02 ص 45 - 47. 





84 خطاب الجنس: مقارياتٌ في الأدب العربيٌ القديم 


الفراسة على مذهب الفلاسفة» والرابع: في معرفة الرقيق وما 
يضلختوة له فين الأعمال» والشافس :فى 'التصرّر من تلبيسات 
النّخاسين التي يُدَلْس بها في مواسم الرقيق على المشتري”5”. 

ومن المؤكّد أن فئة النخاسين تتمتع بتأهيل ثقافيَّ رفيع وامتيازات 
كبيرة ناجمة عن الخدمات التى تقدمها لرجالات السلطة فى أشدّ 
مراتبها علوًا. ولعل مقارنة العذا عط بين «أصحاب القيان» والخلفاء 
تجسّدٌ أهمية المُقيّنين الذي يتمتعون بمنزلة رفيعة تجعلهم في علية 
الناشان:فالتقيق :ترات ولأ يكلف الزياوة» «زيوصل ولا عمل قل 
الصّلة ويُهدى له ولا تقتضى منه الهدية». كما أن صناعته من أشرف 
الصناعات وأكرمها؛ ذلك أنه «لم يسقط الغيرة عن جواريه ويعنى 
بأخبار الرقباء» ويأخذ أجرة المبيت ويتنادم قبل العشاء» ويعرض عن 
الغمزة» ويغفر القبلة» ويتغافل عن الإشارة» ويتعامى عن المكاتبة» 
ويتناسى الجارية يوم الزّيارة» ولا يُعاتبها على المبيت» ولا يفض 
ختام سرّهاء ولا يسألها عن خبرها في ليلهاء ولا يعبأ بأنْ ثقفل 


الأوافة وده اللععاني., 


ومن النصوص الدّالة على مكانة النخاسين السلطويّة النص الآتي : 
«كان هشام بن عبد الملك يقبض القّياب من عِظَم أيره» فكتب 
إلى عامله فى المدينة: «أما بعد فاشتر لى عِكاك النيك». قال: وكان 
مداق حديك شروو سهان ل برزدرة دنا 2ن الك" فاك 


(26) أبو نصر مؤيد الدين السموأل المغريَء نزهة الأصحاب في مُعاشرة الأحباب. 
ط1ء تحقيق: أحمد فريد المزيديّء دار الآفاق العربية» القاهرة. 22007 
ص 118 143. 


)227( الحاحظطء كتاب القيان» ص 7 179. 





إشكالية الحظر والإياحة: الموقف النقديٌ 55 


الوصائف. فوجّه إلى النخّاسين فسألهم عن ذلك. فقالوا: عِكاك 
النيك الوصائفٌ البيض الطوال. فاشترى منهن حاجته» ووجه بِهِنّ 
0 

إن المتبضّر في هذا النصٌ لا يفاجاً برغبة الخليفة الأمويّ هشام 
بن عبد الملك بن مروان ورغبته الجارفة حسبء بل إن عنصر 
المفاجأة كامن في تسخير عامل الخليفة على المدينة من أجل تأمين 
مُتع الخليفة ورغباته» ولمًا كان عامل المدينة جاهلاً بمدلول طلب 
الخليفة «عكاك النيك» ارتأى أنْ يستعين بكاتبه لحل لغز المدلول من 
أجل الوصول إلى المطلوب. وهكذا فإِنّ النص يحيل إلى تراتبية 
السلطة التي يقع في رأسها الخليفة ثم يأتي بعده عامل المدينة ثم 
كاتب عامل المدينة ثم النخاسون الذين يرتبطون بعامل الخليفة بعلاقة 
الخضوع والامتثال حيث يتعين عليهم الاجتهاد وبذل الجهود الكبيرة 
في سبيل العثور على طلبه التخليفة..ومن المؤكد أن :اليض الذي 
يستثمره الجاحظ لا يَرِدُ في إطار الانتصار للجواري مقابل الغلمان بل 
اكدوبع ولالتين نيلي ١‏ الأول :لهي" ادليه الجه : 
والأشرق:"انيواة. و حال التلظة لعامية وغياه الفا الاأمويي»: 
والجاحظ. بذلك» يمارس إدانة حادة للنظام الأموي وهي ممارسة لا 
حمل يي ا جاح ابي مد جوه ١‏ مررون الذين نعتهم في 
وسالة تددن «لالدامة)"” ع ومواجية المحدلين الذيم كانوا نقفون كلف 


)228 الحاحظء مفاخرة الجواري والقيان» ضمن: رسائل الحاحظء م1 ج22 
ص 133. 
)29 شع خطاب الحاحظ في رسالته الموسومة ب «النابتة 'العي وجهها إل أي الوليد 





586 


خطاب الجنس: مقارباتٌ في الأدب العربيّ القديم 


الأمويين ويحالفونهم. بيد أن هذه الإدانة لا تكشف عن انحياز 


كشف مفاسد العباسيين الجنسية”””'» واستغلال مواقعهم في السلطة» 


ذلك أن الدولة العباسية شهدت انتهاكات جنسية أشد فداحة من 
انتهاكات الأمويين» لكنّ انضواء الجاحظ في برامج العباسيين منعه 
فن التفريفن نها وكتوي*. ين غلن العكين من ذلك كيناما نقد 
كان الجاحظ وعموم المعتزلة يسوّغون برامج العباسيين وانتهاكاتهم 


ويشرعنون ما يقترفونه من تجاوزات وانتهاكات 


232١ 


الجبريين الذي عدوا سبّ ولاة السوء فتنة» ولعن الوّرة بدعة» في إشارة واضحة 


)230( 


231) 


232١ 


إلى معاوية د بن أبي سفيان» ويزيد بن معاوية. ويرى الحاحظ أن النابتة الذين 
يقولون: لا تسبّوا معاوية فإِنَ له صُحبةٌ؛ وسبُ معاوية بدعة» ومن يبغضه فقد 
خالف السّنة» » ١أكفْرٌ‏ من يزيد وأبيه» وابن زياد وأبيه» . يقول الحاحظ عن النابتة: 
١على‏ أنهم مجمعون على أنه ملعونٌ من قتل مؤمنًا مُتعمّدًا أو متأولاً. فإذا كان القاتل 
سلطَانًا جائرًاء أو أميرًا عاصيّاء لم يستحلوا سبّه ولا خلعه ولا نفيه ولا عيبّه» 
وَإِنْ أخاف الصّلحاء وقتل الفقهاءء وأجاعَ الفقيرَ وظلم الضعيف» وعطل الحدود 
والتغور. وشرب الخمورَ وأظهر الفجور) .رسالة في النابتة» ضمن : رسائل 
الجاحظء المجلّد الأول. ج2» ص 212 15. 

لقد انتشرت صناعة الجواري في العصر العباسي بفضل رعاية الخلفاء العباسيين 
لها؟ إذ تكشف النضّيات عن ولعهم الشديد بالجواري. وتشير الأخبار» مثلاء أنْ 
عبيد الله بن طاهر أهدى الخليفة العباسيّ المتوكل أربعمئة جارية. انظر : المستظرف 
في أخبار الجواري؛ ص 63 

ورغم ذلك عرّض الجاحظ بعيسى بن موسىء ابن أخي الخليفة المنصورء 
الذي خلعه المنصور من العهد ليجعل ابنه المهدي مكانه. انظر: كتاب النساء» 
ضمن رسائل الحاحظء المجلد الثاني » ا جزء الثالث» ص 15 . وهذا ذل على 
براغماتية الحاحظ وفطنته؛ فهو يتخذ من العباسيين المبعدين من السلطة مجالا 
للتدليل. 

من ذلك مثلاً تسويغ الجاحظ تنكيلٌ الخليفة بمعارضيه ووزرائه الذين تثبت لديه 
خياناتهم ومعاقبتهم وقتلهم دون أنْ يقدم تفسيرًا لفعله. يقول الجاحظ : «وهناك 
خيانات في صلب الملك» أو في بعض الْرّم» فلا يستطيع الملكُ أنْ يكشف للعامّة 


إشكالية الحظر والإياحة: الموقف النقديٌ 57 


ولعل من اللافت أن أخبار الخلفاء العباسيين الجنسية لم ترد 
بوفرة في كتب الأدب العربي إلا في عصور متأخرة» وتحديدًا في 
القرن الرابع الهجريّ؛. عصر أبي الفرج الأصفهانيّ» عندما بدأت 
الخلافة العباسية في التقهقر والتفكك مما أتاح للمدونة الآدبية إعادة 
كشف المرويات وتدوين الأخبار وتأويل الإنتاج الأدبيَ والفنيَّ» مما 
يعني أنَ سلطة الخلافة كانت تحول دون المساس بسجلاتها وأخبار 
الخلفاء عبر تدوينها وإشاعتها ونشرها وتدوينها. لقد كان النسق 
السياسيّ الضيّق يرى في النسق الأدبي المؤسس على الحرية 
والانفتاح ما يشوش عليه ويهدده. لذلك فرض عليه ضروبًا من 
المنع والحظر مما أدى إلى انغلاق الثقافة على نفسها وفقد حيويتها 
وتراجعها!*. 

ومن تلك الأخبار ما نصّه: «سمع المأمون صونًا في بعض 
مقاصيره فقال للخادم: انظر ما هذا؟ فذهب ورجع فقال مؤنسة 
تضرب وجاريةٌ ترقصٌ. فجاء المأمون فسمعها تقو 


موضعٌ العورة في الك ولا أن يحتجٌ لتلك العقوبة بما يستحقٌ ذلك الذنب» ولا 
يستطيع الملك ترك عقابه» لما في ذلك من الفسادء على علمه بأنْ عُذْرَهِ غير مبسوط 
للعامّة» ولا معروفٍ عند أكثر الخاصّة» ٠‏ البيان والتبيين» 6٠م‏ ج 3 ص 377. 
وانظر مناظرة بشر المريسيّ مع محمد بن أبي العباس الطوسيّ في تحريم النبيذ 
وتحليله. وكيفية انحياز المريسي إلى مبدأ تحليل النبيذ وتأليف كتاب فيه ليوافق 
الخليفة المأمون. انظر : كتاب فصل ما بين العداوة والحسدء ضمن : رسائل 
الجاحظ. م 1. ج1» ص 342 343. 

(33) يرى الباحث أحمد بو حسن أن مدوّنة كتاب الأغاني تندرج في «امنظور التأويلٍ 
الذي يحاول أنْ ينظر إلى اللحظات التكوينية من زاوية فهم الإنتاج الأديّ والفنيّ في 
ضوء آفاق هذا الإنتاج» وآفاق قراءته في المراحل المختلفة» انر له 
الأدب: نموذج «كتاب الأغاني», ط1ء دار توبقال للنشرء الدار البيضاء» 23 
6 -157. 





868 خطاب الجنس: مقارياتٌ في الأدب العربيٌ القديم 


الوا داز كم تتفويد ومو نيك وسين عليه 


متى يرقع طيّان فعس عسي دي 


فدخل عليها فجامعها. وقال: ما كفاك أنْ جعلتنى طيّانًا حتى 
جعلتنى ضعيمًا. فقالت: لولا ذاك ما أكملتٌ هذا الرغيف على 
لك 


لم يقم الجاحظ بتدوين أخبار الخلفاء العباسيين وسردياتهم 
الجنسية بالرغم من أنه كان معنيًًا بحقل الجنسانية» وبالرغم من أنه 
عاصر غير خليفة عباسيّ ولازمه وتبوأ مراتب رفيعة في السلطة التي 
كان أحد أقطابها 007 وهذا يعنى أنّ الخطات العقدة: 1 
الأدت العرئ القديي: ظل يُعاني ا إكراهات وتحديات لانت 


(34) هكذا ورد عند السيوطيء وورد الخبر برواية مختلفة عند الراغب الأصفهانٍ 
نضّها: «وكان للرشيد مائتا جارية تبلغ النزبة إلى كل جارية في مائتي ليلة قضعد 
ليلة فإذا جارية تغني: 
أأيرواحديشفي ل ا 
بنبدى بلفجلامج يان تحني سا ستعي لجيه 
فاستدعاها واستعاد أبياتها وقال: نزيد في زيارتك؟ فقالت: لا أريد» أ كانت كما 
او 
56 لا بل لا نره الجراب فارشا وقام فواقعها؛ 000 نا لكناء 
1 اوه الصادق» . انظر: الراغب الامتفيائن رت 502 ه)ء يحافيزات 
الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاءع. ج23 منشورات دار مكننة الحياة» 
بيروت» ص 210 -211. 


(35) المُستظرف في أخبار الجواري» ص 69. 





إشكالية الحظر والإياحة: الموقف النقديٌ 59 


حراكه وعطلت فعاليته مما أدى إلى حجب النصّيات ومصادرة 
المرويات. 

كما تكشفٌ مدوّنةٌ الخطاب الجنسيّ عن طبيعة الجنسانيّات 
وأشكالها في الثقافة والمجتمع العربيين» إذ إِنَ العرب كانوا 
يرفضون تزويج نسائهم من الموالي؛ لخسّتهم ووضاعتهم العرقية 
قياسًا بالعرب». وفي الوقت الذي كانوا يجيزون فيه لأنفسهم التمة 
بنساء الموالي والزواج منهن» فإنهم كانوا يرفضون زواج رجال 
الموالي العجم من النساء العربيات”©'» وقد شهدت المجتمعات 
الإسلامية عددًا من الزيجات بين الموالي والنساء العربيات كانت 
تنتهي» غالبّاء بالتفريق بين الأزواج من قبل الولاة الذين كانوا 
يعبّرون عن استنكارهم وغضبهم الشديدين» لدرجة أن بعضهم كان 
يتزوج من المرأة بعد تطليقها من زوجها المولى. 

ونتيجة تفاقم الإحساس بالتفوّق العرقيّ فإِنَ العرب استبعدوا مبداً 
تزاوج الرجال الموالي والنساء العربيات في الجنة التي يتعين عليها أنْ 
تخضع لمواصفات العرب ووجودهم الاستثنائيّ ومفاهيمهم الثقافية. 
يقول ابن حمدون  495(‏ 562 ه): «وزعم الأصمعئ أنه سمع أعرابيًا 
يقول لآخر: أترى هذه العجم تنْكحٌ نساءنا في الجنة؟ قال: أرى ذلك 
والله بالأعمال الصالحة. قال: توطأ رقابنا والله قبل ذلك)7”©. 


(236 انظبر: محمد حسن عبد الله الحب في التراث العربي» ط1ء دار المعارف» 
القاهرة» 4 ص 61 1. 

22327١‏ أبو المعاللي محمد بن الحسن بن محمد بن على بن حمدونء التذكرة الحمدونية. 
ج26 محنفيق : إحسان عباس وبكر عباس » ط1ء دار صادر بيروت» 6 
ص 61 





00 خطاب الجنس: مقارياتٌ في الأدب العربيٌ القديم 


إِنَ هذا النصّ لا يتضمنٌ مفارقة بقدر ما يُظهر مركزية الثقافة 
العربية ونظرتها الدونية إلى الموالي العجم؛. فضلا عن رفضها الإقرار 
أن النساء العربيات لقن لينكحن غير العرب حتى عندما يتعلّق 
الأمر بالحدة وملزذاتها الجنسية؛ فالجنة تقصر الاستمتاع بالنساء 
العربيات ونكاحهنَّ على العرب دون سواهم من المسلمين حتى وإِنْ 
فاقوهم تقى وصلاحًا. 


51 


المبحث الثانى 


بدايات الخطاب الجنسئ: الدوافع والغايات 


لا يكاد الباحث في مدوّنات الجنسانية يعثر على دوافع تأليف 
واضحة في هذا الحقل الشائق الشائك. كما أن الموقف النقديّ 
الذئ تخيط بالخطابات: الحسية نيدؤ غانشاء' ]ذلا نكاد تقب 
على تصورات ومفاهيم نقديّة ترتبط بهذا الحقل المعرفيّ البالغ 
الأهمية» ومن ثمّ فإِنْ مَطَلبَ استخراج أحكام نقدية واضحة 
سيكون محفوفًا بالمخاطر فضلا عن أنه سيظلٌ موضوع بحث 
ومنبناء لها بو ككيف. 

نيد أن الأمن الذي يسمكن الأطعتتاك إلييه يكمن في أن 
الحضارة العربية قد فُيَض لها من العوامل والظروف والسياقات» 
ما جعلها تتوافر على إمكانيات وشروط هائلة مكنتها من الالتفات 
إلى الأنشطة الجنسية وتحويلها إلى جنسانيّات عبر خطابات 
واضحة المعالم محددة الغايات. فقد عرفت الثقافة العربية» في 
العصر الوسيطء قفزةً معرفية شملت الحقول والميادين 
والتخصصات كلها نتيجة الطفرة المعرفية من ناحية» وانفتاحها 


02 خطاب الجنس: مقارياتٌ في الأدب العربيّ القديم 


على الثقافات الأخرى بمختلف مكوناتها البشرية» والعقائدية» 
والعلمية» والفكرية» والتواصلية مما أفضى إلى استيعاب الثقافة 
العربية مُدَّخرات الثقافات الأخرى والاستيلاء على ثرواتها وإعادة 
إنتاجها عن طريق عوَرَبَتهاء وإخضاعها للمقاييس العربية المتنوعة 
من ناحية 000506 

ويندرج في سياق الانفجار المعرفيّ الضخم الخطابٌ الجنسيّ 
النف يول على عبق الابر اذى أضاتك«الققافة العري ةم وصماضيدها 
المعرفية الشديدة حيث تسللت إليها القوى البشرية الهائلة مصحوبة 
بموارد جنسية هائلة الأمر الذي استدعى منها تطوير برامجها الجنسية 
وتخصيب مفاهيمها ورؤاها الكلية. 

لقد أصبح البحثٌُ عن دوافع الكتابة والتأليف الجنسيين أمرًا 
ضروريًا للتعبير عن الاستجابة الثقافية للمستجدات والظواهر الحادثة 
في المجتمع والثقافة. غير أن حساسية الموضوع شكلت حرجًا 
للكتاب العرب القدامى في التناول والعرض والمقاربة بالرغم من 
وجو نصّيات وتمثيلات جسية كبرى تمندٌ في كتب الأدب والتاريخ 
والفقه والأخبار والسّير واللغة والتفسير. لذلك يمكن القول بشىء من 
اليقين: إِنَّ اتساع مساحة النصّيات الجنسانية لم ترافقه بوانت نقديةٌ 
الجر المتواهر «.وتستدوى السبا انا وقباين الخعرات رلك 
الممارسات» وتستخلص النتائج. 

إن حضور الجنسانيات» في الأدب العربيَ القديم بمختلف 
نصّياته» لا يعدو أنْ يكون ضريًا من الطرائف والنوادر والحكايات 


(1) ري تاناهيل» قصة الجنس عبر التاريخ» ج1؛: ص 214 - 216. 


بدايات الخطاب الجنسيئ: الدوافع والغايات 93 


والأخبار والقصص التي يُقصد بها إمتاع القارئ والترويح عنه 
وتثقيفه في المقام الأول.» فضلا عن دفع الأفراد إلى تطوير 
مهاراتهم الجنسية» وتنويعهاء وإشباع رغباتهم» ضمن حدود 
الشريعة والقانون.» وتحصين الذات من افات الممارسات الجنسية 
غير السليمة. بيد أن المفارقة تكمن في أن الثقافة العربية لم تبلور 
تصوّرات نقدية تساهم في إنتاج خطاب معرفي حول الجنس 
والجنسانية؛ فبالرغم من أن الثقافة العربية يسّرت السبل لإنتاج 
الجنسانيات» وهيّأت الوسائل لتطويرهاء ووفرت الظروف للبوح 
بها وتدوينهاء ومكنت الكتاب من تدوينها وإنتاج خطابات حولها 
إلا أنها صمتت عن تحليلهاء ومقاربتها وتفسيرهاء واحتجبت عن 
الإدلاء بمواقف علمية وإنتاج خطاب نقديّ يوازي الخطاب 
الأدين. 


وسوف نحاول» في ما يلي» استعراض دوافع الكتاب العرب 
وغاياتهم في تناول الجنسانيات العربية» وكيفية تناولهاء ومواقفهم 
النقدية منها. ونقصدء بذلكء» بدايات الخطاب الجنسيّ المبكرة 
الواقعة في القرنين الثالث والرابع الهجريين. إذ إِنْ هذه الفترة 
تشكل بداية الوعي بالجنسانية وأسئلتها الملخة. لذلك فإِنْ الوقوف 
عليها سيمنحنا الفرصة الكافية لإدراك التصوّرات النقدية المرتبطة 
بالخطاب 'الجلسئ: 

وبصرف النظر عن مرجعيات الكتّاب العرب القدامىء فإِنَ 
المُتبِضَرَ في كتب الأدب العربيّ القديم ومدوّناته يرى أن المؤلفين قد 
عمدواء في تآليفهم. إلى إفراد فصل أو باب موضوعه يدور حول 


04 خطاب الجنس: مقارياتٌ في الأدب العربيّ القديم 


التيماعة ويشمل نصيّات حول الجنس » «ولم يكن هؤلاء المؤلفون 
ممن سَفْلتَ أخلاقهم أو سقطت مروءتهم» بل رأوا أن تواليفهم لا 
تكمل إلا إذا تحدّثوا عن الأمور الجنسيّة لأنها أمورٌ من الحياة 
. 0 


يكاد أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ (ت 255 ه) يكون أوّل 
من أفرد رسائل خاصة تعرضٌ موقفًا نقديًا حول الجنسانيّات» فكتبه 
«في النساء»» وفي «مفاخرة الجواري والغلمان»» وفي «القيان» فضلا 
عن النضّيات الواردة في كتبه الأخرى تُعَدٌ فاتحة في تأسيس الخطاب 
الجنسيّ» ولعل جميع من جاء بعده غرفوا من بحرهء واقتفوا أثره 
دون أنْ يبلغوا فضلهء ويصلوا إلى مراقيه. وعلى العكس من ذلك 
تمامًا فقد قام من جاء بعده بتكرار كتابة ما كتبه» وإعادة تدوين 
النصوص التي جمعها مع قليل من التوسع والإحاطة في جمع 
الشواهد دون أنْ يُشيروا إلى ريادته في مقاربة الحقل””. ولا يُمكن 
إغفال دور الجاحظ وتمكنه من تفتيق الخطاب الجنسيّ تفتيقًا عقلانيًا 
نقديًا في حين أن من تبعوه» وبحكم مرجعياتهم المنهجية. قد 
صدروا عن تصورات وعظية أخلاقية نقليّة. 


(2) صلاح الدين المنجّدء الحياة الجنسية عند العرب: من الجاهلية إلى أواخر القرن الرابع 
الهجريّ. ط2 دار الكتاب الجديد» بيروت» 75 ص 11. 


(3) أشار غير باحث إلى ريادة الجاحظ. فقد أشار صلاح الدين المنجد إلى أن كتاب 
الجاحظ «المفاخرة بين الجواري والغلمان» مثالٌ جيّد لبواكير الأدب الجنسيّ. أما 
محمد حسن عبد الله فيرى أن الجاحظ هو الأكثر قربًا من تقديم مفاهيم الحب 
الطبيعيّ» » علاوة على سبقه الزمني في تناول مسائل الحب والعشق ومقاربتهما 
من منظور جدلي. انظر: الحياة الجنسية عند العرب: من الجاهلية إلى أواخر 
القرن الراد بع الهجريّ. ص 150. و. : الحب فى التراث العربي. ص 79. 





بدايات الخطاب الجنسيئ: الدوافع والغايات 95 


والناظر ف كتاب الجاحظ الموسوم ب «مفاخرة الجواري 
والغلمان». يلحظ أن الجاحظ يؤكد حرصه الشديد على إدراج هذا 
الكتاب فى المناظرات الحجاجية الكثيرة والمتنوعة فى المضامين 
وتثقيفهم وتنويرهم من جهة ولعلمه بانتشار ظاهرة الغلمان في 
المجتمع العباسى. ولعل الجاحظ عالم بالقارئ المترتص الذي يمثل 
رقابة أخلاقية وثقافية وعقائدية» وواع بالمرجعية التأثيمية التي يصدر 
عنهاء ذلك أن مقاربة «مجريات ما وقع بين اللاطة والزناة», 
باستحضار «نا :تقل مال الآثار وروته الرُواة»” يُعرّض مشروع 
الكتاب لمصادرة قوى التأثيم وهجومها وانتقادها. بيد أن الجاحظ 
يستبق هجوم التأثيميين بمهاجمتهم» واتهامه مرجعياتهم بالقصور 
والعجز والعقم. لذلك لا يتردد في وصفف وقارهم المفتعل 
بالزيف». يقول الجاحظ : «وبعض من يُظَهرٌ النسك والتقشّف إذا 
ذكر الحرٌ والأيرُ والنيكُ تقزز وانقبض. وأكثر من تجده كذلك فإنما 
هو رجل ليس معه من المعرفة والكرم. والثُبل والوقار» إلا بقدر 
هذا التصتع»””. 


تحقيق ا دار 0 » بيروت» طكء 91 ا 


(5) مفاخرة الجواري والغلمان. ص 91. وقد ورد النصٌ نفسه في كتاب الحيوان 
بصيغة مختلفة نصها: «وبعض الناس إذا انتهي إلى ذكر الجر والأير والنيك 
ارتدّع وأظهر التقَرّزء وَاستَعْمّلٍ بات التّوَرُع» وأكثّرُ مَنْ تجده كذلك فإِنَّما 77 
رجل ليس مَعَهِ من العَفافٍ والكرّمء والتُل والوّقارٍء إلا بِقَدْرِ هذا الشّكل من 
0-0 وم يُكْشَفْ قط صاحِبُ رياءٍ وئفاقي» إل عن لوم مُسْتَعْمَل ٠‏ وكذالة 

») .الحيوان» تحقيق : عبد السلام مَازون» ط3 دار إحَياء التراث العربي» 
69 بيروت» ج23 ص 40. 


06 خطاب الجنس: مقارياتٌ في الأدب العربيٌ القديم 


وهذا يعني» حسب الجاحظهء أن أبواب المعرفة يجب أنْ تُشرعَ 
للبحث والمساءلة» ذلك «أنَ لكل نوع من العلم أهلا يقصدونه 
ويؤثرونه» وأصناف العلم لا تُحصى. منها الجَزلٌ ومنها السخيف”©. 
هكذا يستثمر الجاحظ فضاء المعرفة» وكشوفات العلم بمقاربة 
تلامس موضوعًا يثير الكثير من الحساسيات. بيد أنّ الحصانة المعرفية 
تقي القرّاء من الانزلاق في متاهات الموضوع» وتعصمهم من 
السقوط في براثنه. وبهذه الطريق فإِنْ الجاحظ يصدر عن تعالٍ 
معرفئٌ» واستعلاء علمىّ يخؤلانه الخوض فى أشد الخطابات 
جوابب 1 زا لاف ر نوكو سير ورم لد ا اح لكمين اسمن 
المعرفيّ؛ لأنهم لا ينظرون ولا يتأملون. يقول الجاحظ مدافعًا عن 
وجاهة مقارية الحشانية» (ومن كان صاحبٌ علم ممرّنًا موفا!2)27 
إلف تفكير ودراسة. وجلف تبن وكل ذلك عادةٌ لهى لم يضره 
النظرٌ في كلّ فنٍ من الجد والهزل؛ ليخرج بذلك من شكل إلى 
شكل. فإِنْ الأسماع قد ل الأصوات المُطربة» والأوتارَ الفصيحة. 
والأغاني الحسنة» إذا طال عليها»©. 

لا يتحرّج الجاحظ من فتح باب الجنسانية على مصراعيه» نظرًا 
لموقعه الثقافيَء ومرجعياته المعرفيّة؛ فارتباطه بالسلطة ومؤسسة 
الخلافة 58 القدرة على تناول الموضوعات» كما أنْ خلفياته 
ومرجعياته المعرفية الاعتزالية تمكنه من مقاربة الموضوعات دونما 
إحساس بالوجل والرهبة؛ إِنْ موقعه يوفر له قوّة في فتح المغاليق» 
(6) مفاخرة الجواري والغلمان. ص 91. 


(7) الموقح: الذي أصابته البلايا فصار جُرَيًا. 
4:9 مفاخرة الجواري والغلمان» ص 91 


بدايات الخطاب الجنسيئ: الدوافع والغايات 977 


علاوة على أنْ مرجعياته تؤهله من حشد الأدلة والبراهين والتصرّف 
بالمنقولات والمرويّات» وإقامة المعقولات؛ من أجل كشف 
موضوعاته ودراستهاء وبعبارة أخرى فإِنَ الجاحظ يملك سلطة 
الخطاب المطلقة؛ فهو قادر على نقض المحظورات وعدم الاعتراف 
بها بالقدر الذي يُمكنه من تعيين مفاهيم الجنسانية. 

بيد أن رغبة الجاحظ في إنطاق الجنسانية العربية والإسلامية لا 
تهدف إلى تنظيم الخطابات وتفتيقها كما يدعي ويزعمء ولا إلى 
محاججة من يتحاشون الحديث عن الجنس والجنسانية وتبكيتهم» 
بل إِنْ الجاحظ يسعى إلى تسويغ ممارسات خلفاء بني العباس 
ووزرائهم الذين يملكون سجلات انتهاكات جنسية كبرى. يقول 
صلاح الدين المنجّد: «أمَا الخلفاء العباسيون فقد سبقوا الأمويين في 
الفحش وارتياد اللذات أشواطا بعيدة. حتى إِنّ الأمويين ليُعدَون أتقياء 
بجانب العباسيين المتهتكين الفاسقين الذين كانت قصورهم أخصب 
بيئة لكل ما يتعلق بالجنس. لقد انطلقوا وراء شهواتهم وتفننوا في 


ذواق اللذات)70. 


وتشيو:ملاؤنات” الأدف» العريق وكتب الأخيار والتاريخ أن خلفاء 
بني العباس وابتداء بهارون الرشيد قد انكبّوا على مباهج الجنس 
ولذائذه». وأنهم أطلقوا لرغائبهم الأعئّة في سبيل الارتواء الجنسيّ 
الذي لم يكن يُروى. ولم تقتصر أنشطة الخلفاء العباسيين على 
الجواري فحسب بل إنها شملت الغلمان والشذوذ الجنسن"". وقد 


(9) الحياة الجنسية عند العرب: من الجاهلية إلى أواخر القرن الرابع الهجريّ. ص 98. 
(10) نفسهء ص 102-99. 


08 خطاب الجنس: مقارياتٌ في الأدب العربيّ القديم 


أفضى ولع العباسيين بالجنس إلى انتشار الفسق واللذائذ في صفوف 
١ 0110‏ 
العامة 0. 
ويستند الجاحظ في تأسيس خطابه إلى الخبر المرفوع إلى عبد 
اللة نه عباس نحن مخلفاء نتن "العنائن © ووراك المؤة كما د فموة؛ 
لأنه عمّ النبيَّ الذي كان حيًّا عند وفاته. يقول الجاحظ مُشِيرًا إلى 
القارئ المتربّص : «ولو علم أنَ عبد الله بن عباس أنشد في المسجد 
الحرام وهو مُحرمٌ: 
وهنّ يمشين بناهميسا إِنْتَضْدُقٍ الطَيرُ ننك لميسا 
فقيل له: إِنْ هذا من الرّفث! فقال: إنما الرّفث ما كان عند 
النساء)120) 


إن اتكاء الجاحظ على هذا الخبر المرفوع إلى حبر الأمة عبد الله 
بن عباس الذي قال فيه النبي محمد (256) : «اللهم فقهه في الدين» 
وعلمه التأويل»”*''. لا يمنح الخطاب الذي يسعى إلى تدشينه قوّة 
مصداقية حسب بل إن فيه تسويعًا لممارسات خلفاء بني العباس 
وانتهاكاتهم. ولعل فاحضن المذوثات الجفسية الفى نحاتى بعد 


(0) يقول صلاح الدين المنجد: «وعلى الجملة فقد كان الخلفاء العباسيون رمرًا للتهالك 


ار 0 0 راسد 00م ديري 


لان ا علد لمر : من الجاهلية إلى أواخر القرن الرابع سين 
(12) مفاخرة الجواري والغلمان. ص 91. 
20130 انظر : البيان والتبيين» ٠‏ تحقيق : عبد السلام محمد هارون» ج1» مكتبة الخانجي» 
القاهرة. طق ص 331-330. ويذكر الجاحظ في الموضع نفسه أن عبد الله بن 


ابن «كان يُسمَى البحر وحَبر قريش»2 واأنه لم يكن لقرشيّ مثل رأي 
العبا 
باس ). 





بدايات الخطاب الجنسيئ: الدوافع والغايات 99 


مدونات الجاحظ سيكتشف أنْ الكئّاب قد اعتمدوا هذا الخبر فى 
تأسيفن خطاباتهم الأمر الدّال على أثر الجاحظ فيمن جاء ا 
وعلى أهمية الخبر في تشريع الخطاب وإكسابه المشروعية. 

وبالجملة فإِن الجاحظ يمارس ضروبًا من المراوغة الخطابية 
والاقيسة المُغالِطة؛ فهو يزعم أن دوافعه في تأليف المدونات الجنسية 
تقتصرٌ على تثقيف القرّاء وتبصيرهم وتنويرهم محتجًا بأدلة رحج 
متقادمة موثوقة» ومتحوًطًا بالمنقولات» ومستعيئًا بالمعقولات لكنَّ 
هدفه الحقيقيّ إيجاد خطاب يسوغ ما اقترفه الخلفاء العباسيون من 
انتهاكات ويشرعن ممارساتهم. 


© غواية المرأة 


يرى الجاحظ أن للنساء حظوة في نفوس الرجال وقلوبهم؛ لذلك 
يتكلفون لأجلية كفيزا م الوسائل المؤذية إلى إوضائهن » يقل 
الجاحظ : «وعامة اكتساب الرجال وإنفاقهم. وهمهم وتصنعهمء 
وتحسينهم لما يملكونء إنما هو مصروف إلى النساء والأسباب 
المتعلقة بالنساء. ولو لم يكن إلا التنممص والتطيّب والتطوس 
والتعرُس والتخضب والذي يُعد لها من الطيب والصّبغ» والحلي» 
والكساءء. والفرش» والآنية» لكان في ذلك ما كفى. ولو لم يكن له 
إلا الاهتمام بحفظها وحراستها. وخوف العار من جنايتها والجناية 
عليهاء لكان فى ذلك المؤونة العظيمة» والمشقة الشديدة»*". لذلك 
ياك الوكال: فى سنن تبن ؤي اضيا اليعات بوالاسععناد لمك 


(14) الحيوان» ج1» تحقيق: عبد السلام هارون» ص 111-110. 


100 خطاب الجنس: مقارياتٌ في الأدب العربيٌ القديم 


والبدنيَّ فضلا عن إحاطتهنّ بالرعاية والاهتمام والرقابة”" كأن 
الحيطان الرفيعة» والستور الكثيفة» والخصيان والظؤورة» والحشوة 
والحواضن لم تُتَخذ إلآ للصون لهِنّ» والاحتفاظ بما يُحبَ من حفظ 
النعية )100 
ويحتجٌ الجاحظ على غواية المرأة ورفعة قدرها في قلوب الرجال 
بالآية القرآنية: «إديّنَ ادس حت التَّهَوتِ مك اليكل وَالْبَيِنَ وَالَْْطِيرِ 
الْمَقَنطرَوَ ورت لدم 6 اليل الْمسْوَّمَة 7 وَالْحَرْيٌ كلت 
متدع الحيّاة دي وَأَّهُ عِنْدَه. خْثْرٌ الْمَكَابٍِ (9) 4 [آل عمرّان: 14]: 2 
إذ يرى أن الله قدّم ذكر النساء وجعلها في رأس الشهوات والغوايات 
لتقدّم قَدْرهِنَ في قلوب الرجال””". 
ولا يكتفى الجاحظ بالوقوف عند غواية المرأة وقدرها فى 
شود لمجال 4 عل ليطي ليها كل قد سو للع دنا 
يتحدث عن أن الأنثى هي مكوَّنٌ من مُكوّنات الأرض التي لقت 
وسُخَرت لإمتاع الإنسان الداكرة وك الجاحظ : «والقَلَكُ وجميع 
ما تحويه أقطارٌ الأرضء وكل ما تُقله أكنافها حول ومتاغ إلى 
حين. حين. إلا أن أقرب ما 066 له من روحه وألطفه عند نفسه «الأنثى) 


0150 يقول ابن المقفع في حديثه عن النساء: اكفف عليهنَ أبصارهنّ » فإِنُ استطعت 
ألا يُبصرن غيرك فافعل؛ فإِنْ شذة الحجاب أيسرٌ عليك من الارتياب). 
السموأل المغربي» نزهة الأصحاب في معاشرة الأحباب. تحقيق: أحمد فريد 
المزيدي.ء ص 157. 

(16) رسالة النساء. م 2. ج3. ص 142. 

(17») نفسهء. ص 142. وللوقوف على صورة المرأة الجنسية عند الحاحظ يُنظر: ضياء 
الكعبيَ» صُورة المرأة في ي السّرد العرن القديم : دراسة في كتب الجاحظ. والأغاني» 
والسير الشعبية العربية» (أطروحة ماجستير خطوطة)ء الجامعة الأردنية» 21999 
ص 95 -100. 


بدايات الخطاب الجنسيئ: الدوافع والغايات 101 


فإنها خُلقت له ليسكن إليهاء وجُعلت بينه وبينها مودة ورحمة»”*". 

ويتخل الماسطا قن غيارة «السياء رثك للؤجال» ميهد 
للتعبيرعن رأي في غاية الخطورة؛ مُفَادُه الإباحة الجنسية» بيد أنه 
يحترز لرأيه بمبادئ التحريم الواردة في الشريعة. يقول الجاحظ: 
«ولولا المحنةٌ والبلوى في تحريم ما حُرّمَ وتحليل ما أحلء 
وتخليص المواليد من شبهات الاشتراك فيهاء وحصول المواريث 
في أيدي الأعقاب. لم يكن واحدٌ أحقّ بواحدة منهنَّ من الآخرء 
كما ليس بعض السّوام أحقّ برعي مواقع السّحاب من بعضء 
ولكان الأمرُ كما قالت المجوس: إنَ للرجل الأقرب فالأقرب إليه 
رحمًا وسببًا منهنّ. إلآ أن الفرض وقع بالامتحان فخصٌ المطلق» 
كما فعل بالزرع فإنه مرعئ لولد آدم ولسائر الحيوان إلا ما منع من 
التتحريو»090. 

وبحسب الجاحظ فإنَ مقاصد الشريعة تمثّل حاجرًا يقف بين 
الإنسان وشهواته. ولولا هذه المقاصد لجاز منطق المجوس في إتيان 
المحارم. فالجاحظ يؤمن بإباحة المتعة بين الذكور والإناث دون قيدء 
كما أنه «ينكرٌ الوازع الطبيعيّ في إتيان المحارم)» إلآ أنه يتجاوز مبدأ 
اعتزاليًا مهما «وهو القول بالتحسين والتقبيح العقليين»؛ ذلك «أنَ ما 
خُرّم من النكاح خُرّم بالشّرع وليس بالطبع»”. وفي هذا الجانب 
ينحاز الجاحظ إلى النصّ ويتفادى العقل» أي أنه يُظهر التزامًا مطلقًا 


(18) كتاب القيان». م1. ج2. ص 146. 
(19) نفسهء ص 147. 
(20) الحب في التراث العربيء ص 80. 


102 خطاب الجنس: مقارياتٌ في الأدب العربيّ القديم 


بقواعد التحريم والتحليل الشرعيين دون أنْ يجادل في حرمة 
التحريم. يقول الجاحظ : «وكلّ شيء لم يوجد مُحرَّمًا في كتاب الله 
وسنة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فمباحٌ مُطلق. وليس على 
استقباح الناس واستحسانهم قياسٌ ما لم نخرج من التحريم دليلا على 
حسنه )2 وداعبًا إلى حلاله)217, 


إِنّ الجاحظ في خطابه الجنسيّ يقدّم استقراءً حجاجيًا للنصوص 
والأخبار والأشعار؛ إنه يمخضها ويفحصها ليستخرج منها استنتاجات 
دالة على مواقفه. ومؤيدة لقناعاته في الجنسانية. ومن ذلك مثلا 
قوله: «وكان معاوية يؤتى بالجارية فيجرّدها من ثيابها بحضرة 
جلسائه؛ ويضع القضيب على ركبهاء ثم يقول: إنه لمتاعٌ لو وجد 
متاعًا! ثم يقول لصعصعة بن صُوحان: خذها لبعض ولدكء فإنها لا 
تحلٌّ ليزيد بعد أن فعلتٌ بها ما فعلت»20. 


وسوف يقود هذا الأثرُ الجاحظ إلى القول بجواز ملامسة القيان 
لغايات التقليب والنظرء نقؤل الجاسظ + «وكذلك مكالمة القبان 
ومفاكهتهنَ.» ومغازلتهنَ ومصافحتهن للسلام. ووضع اليد عليهنّ 
للتقليب والنظرء حلالٌ ما لم يَشْبْ ذلك ما يَحِرُم)”©. ولعلّ تعظيم 
الجاحظ حاسّة اللمس يصدر عن إدراكه أنها أمّ الحواسٌ الجنسية 
يقول الجاحظ : «فإذا جاء بِابُ القيان اشترك فيه ثلاثة من الحواسٌء 
وصار القلبٌ لها رابعًا. فللعين النظر إلى القينة الحسناء والمشهّية 
(21) كتاب القيان. ص 147. 


(22) نفسهء م1. ج2. ص 155. 
(23) نفسهء ص 163. 





بدايات الخطاب الجنسيئ: الدوافع والغايات 103 


إذ كان الحذقٌ والجمال لا يكادان يحتمعان ليتع ومرتع» 
وللسيع منها حك الذي لا مؤونة عليه. ولا تطربٌ آلته إلا إليه. 
وللمسن فيها الشهوة والحنين إلى الباه. والحواسش كلها رُوَاد للقلب 


وشهود عنده 240 


ومسألة اللمس ضرورية ومهمّة من أجل حصول الشهوة 
المُحتكمة إلى الخبرة والموصلة إلى القناعة واليقين. بِياكُ ذلك ما 
ذهب إليه أبو نصر مؤيد الدين السموأل المغربي (ت 570 ه)؛ إذ 
ذكر ثلاث عشرة وصية للانتفاع بها في بيع الجواري وشرائهن» وقد 
جاءت الوصيّة الأولى للبحث في عدم الركون إلى النظرة الأولى في 
شراء الجواري لأنَ حال المُشتري تماثل حال الجائع والعُريان؛ ذلك 
أن «الجائع يستجيدُ كل طعام يُشبعه. والعريان يستوفق كل طمر 
يستره ويدفيه؛ ولهذا قال: لا يستعرضٌ جارية شَبِقُ»ء فليس لِبَعِظٍ 
01 ؛ لأنه يقطعْ بأوَل نظرة ينظرٌء وللجديدة لذَة» وللغريب روعة؛ 

ذا صادف منه حاجة داعيةٌ, قطع ما يُكذّبه حواسّه عند الاستغناء 
عنه. ولهذا قال: تكرار اللحظ مُخلفٌ كل جدّة. ولمعاودة التقليب 


يظهر التصنّع ويهرجٌ المُدلّس)2©. 
ولصو اير توا الإنسان حسب» وإنما نظامٌ يُحيل 
!له لذة مضاعفة تهدف إلى تحقيق الرغبة وتشكيل الاستجابة 


والحساسية اللين تقودان إلق اليه وتدفعان إلى إدراك جسدك الآخر 
بوصفه سلسلة من العلامات المُثيرة. كما أن اللمس أداة لقياس 


(24) نفسهء ص 171-170. 
(25) نزهة الأصحاب فى معاشرة الأحباب.» ص 2118 


104 خطاب الجنس: مقارياتٌ في الأدب العربيّ القديم 


استجابة الآخر ومعرفة كوامن رغباته. إِنَ اللمس قنطرةٌ تعبر منها 
الملذّات© وتسري بوساطتها الرغائب» ولذلك فإنّ «مقدارًا مُعبًا 
من اللمس أمرٌ ضروريٌٍ (في جميع الحالات بين البشر) قبل بلوغ 
الهدف الجنسيّ السويّ. وكل فرد يعلم ما هو مقدار اللذة» من 
ناحية» وما هو مقدار تدفق الإثارة الناشئة. من ناحية أخرى. عن 
الإحساسات اللمسية لبشرة الموضوع الجنسي. ولذلك فإِنَّ التوقف 
عند مرحلة اللمس لا يمكن أنْ يُعدَ انحرافاء إذا كان الفعل الجنسيّ 


سيتجاوزها فيما بعد””7. 


ولا يكتفي الجاحظٌ ياستنطاق النصوص واستقراء الأخبار وإنما 
يذهب إلى مكاشفة آي النصٌ القرآني؛ فهو يستعين» في حجاجه 
على جواز تواصل الرجال والنساء بآية قرآنية تدعم رؤيته غير 
التابوي* 2 . يفول الساعتظ : (وقن استتى :الله تارك :ؤتعالئى اللمم 
فقال: «الذين يجتنبون كبائرٌ الإثم والفواحش إلا اللمم إِنَ رتك واسع 
المغفرة». قال عبد الله بن مسعود. وسئل عن تأويل هذه الآية» 
فقال: إذا دنا الرجل من المرأة فإِنْ تقدّم ففاحشةً. وإِنْ تأخر فلّمم. 


)226 لقد أفرد إبراهيم محمود فصلا عنوانه ' «الملذات اللمسية» » في الجنة دون أنْ يجَلٍ 
المسألةء ويحللها فكان كلامه ضربًا من الاجترار والشرح البسيط. انظر: جغرافيا 
الملذّات : الجنس في الجنة» ط2. رياض الريس للكتب والنشر» بيروت» 21998 
ص 343 353. 

(27) سيجمند فرويد» ثلاث رسائل في نظرية الجنس» » ترجمة: محمد عثمان نجاتي» 
ط4ء دار الشروق» القاهرة. 2006. ص 68. 

(28) يقول الباحث عل محمد علي سلمان: «إِنْ الحاحظ يُشَاكِلٌ بين المجة وا موضوع 
مشاكلة تفضي إلى قوة التأثير والإقناع» .كتابة الجاحظ في ضوء نظريات 
الحجاج : رسائله نموذجّاء المؤسسة العربية للدراسات والنشرء ط1ء بيروت» 
0» ص 249. 


بدايات الخطاب الجنسيئ: الدوافع والغايات 105 


وقال غيره من الصحابة: القُّبلةً واللمس. وقال آخرون: الإتيان فيما 
دون الفرج)””7. 

وسوف يقوم مصنفو الأدب العربي اللاحقون للجاحظ باقتفاء أثره 
في الكتابة عن النساء والجنس». حتى إنه يمكن القول: إِنْ مُصئّفات 
الأدب العربي القديم ومدوناته لم تكن تستوفي شروطها المعرفية إلآ 
بإفراد باب عن النساء والجنس. وهذا يعني أن حضور الجنسانية جتبًا 
إلى جنب مع المعارف والتجارب والخبرات الأخرى التي عرفتها 
الثقافة العربية قديمًا دليل على حيوية هذا الحقل المعرفيّ وخصوبة 
ريدي نامدن لك فى ان الكنات حاتم نسي لمات كنز 
ينتجون المعرفة الجنسية» ويسهمون في صياغة الخطاب الجنسيّ 
دون أدنى إحساس بالإثم أو الفسق أو الخوف من الرقابة أو 
الكلؤجدة ودس شوج هال العقافة العرية كاف سعلك قزرو 
الإبداع الخلاق الذي لا يخضع لأية رقابة أو مرجعية مهما كان 
نوعها. ولعل المفارقة الحقيقيّة تكمنُ في أن من أسهموا في إنتاج 
الخطاب الجنسيّ كانوا يضطلعون بالسلطات الفقهية والقضائية 
والمعرفية المتنوعة» أي أنهم القائمون على حماية المنظومات 
المعرفية» وحراسة أفكار المجتمعات من الخطابات التي قد تبلبلهم 
وتعصف بهم. ربما تكون مواقعهم في السلطة هي التي مكنتهم من 
الكتابة دونما خوف أو خشية من الرقابة» وربما قام المبدعون 
بتطويع السلطة وأنظمتها من أجل الكتابة في الحقول الشائكة التي 


تبدو مثار جدال وصخب. 


(229 كتاب القيان» م 21 ج 2.2 ص 164. 


106 خطاب الجنس: مقارياتٌ في الأدب العربيّ القديم 


تيل انك قنية الايتورع (ت276 هن اكعانه الموشوم ى «الساء: 
أخلاقهنَ وحَلقهِنَ وما يُختار منهنَ وما يُكره»». وهو المجلد الرابع 
فى كتاب عيون الأخبار. بسلسلة من الأحاديث النبوية والمرويّات 
التي تحض على الزواج بوصفه نظامًا قاطعًا لدابر الفتنة الجنسيّة. 
ويدل هذا الاستهلال على أن ابن قتيبة يصدر عن موقف أخلاقيٌ 
مُحتشم يُقاربُ فيه النساء في طبيعتهنَ وأخلاقهنَ. ويحشد ابن قتيبة» 
لهذه الغاية» أخبارًا ومرويّات تَحْفِرٌ على الزواج واختيار المرأة 
المناسبة» فضلا عن حديثه عن الكفاءة الزوجية بمختلف أشكالها. 
وضمن هذا السياق يُسْدَّدُ ابن قتيبة على صفات النساء وأوصافهنَّ من 
حيث الجمالء والقبح» والخصوبة الإنجابية» والعقمء والالتزام 
بالقيم الثقافية السائدة» كما يفرد بابًا للحديث عن القيادة» وبابًا للزنا 
والفسوقء وبابًا للولادة والولدء وبابًا للطلاق. والناظر في كتاب 
النساء لابن قتيبة يجده خلوًا من المفاهيم والتصوّرات اش 
المرتبطة بالجنسانية» فعمله محض استقراء وتبويب للنصيات 
والكدوالعة والتوادرد والانار ال 30 

ويقارب ابن طيفور (ت 280 ه) بلاغات النساء المحتججات 
على استعبادهنّ من قبل النظام الأبويّ. ويستبطن العنوان نقذا 
لحضور خطاب النساء في ثقافة ذكوريّة تحتفي بالأدب المُعبّر عن 
وجهة نظر الرجل ون فد عأع امع 1010م ا تجارب النساء 
ولا تسمح بظهورها إلا من خلال المُتخيّل الذكوريّ. وكأنَ ابن 
(30) أبو محمد عبد الله مسلم بن قتيبة الدينوريَ (ت 276 ه)ء عيون الأخبارء 


المجلد الرابع (كتاب النساء). مطبعة دار الكتب المصرية بالقاهرة.» 1996» ط22 
ص 10-9. 102. 106 





بدايات الخطاب الجنسيئ: الدوافع والغايات 107 


بخطابات النساء التى ترتكز على خبرات النساء وتجاربهنّ الأنثوية 
عنغدءه0ه 09 . ويصوّر كتاب «بلاغات النساء» أصوات النساء اللواتي 
يحتججن على سيطرة الرجال ودعمه المطلق من لدن المؤسسة 
الثقافية والاجتماعية» لذلك يحفل الكتاب بالرفض والبوح؛ إذ 
أزواجهنّ» ويتحدثن بكل وضوح عن عيوب أزواجهنّ ومثالبهم 
الجنسية. كما أن الكتاب يقدّم مادة غنية حول قدرة المرأة على إنفاذ 
رغباتها والبوح بها وقدرتها على الاختيار ومحاججة مجتمع الذكور 
وإفحامه ومنافرته 7 

وبالرغم من أهمية كتاب الكامل في اللغة والأدب لأبي العباس 
الهره:( 67283 الأديية والتقدية "إل أن الكنات مخلو من بات 
يتناول أخبار النساعء» وشؤون العحنسن والباه. والحق أنه له يمكن 
يورد حكايات وقصصا عن طرائف العشاق, وكأنه يرى أن في 
موضوع الجنس ما يُفقد الكتاب الرصانة والجذية» مما يعنى أنه أراد 
أنْ ينأى بكتابه عن الابتذال المتمثل في الحديث عن النساء بوصفهنّ 


232( . 


أدوات إمتاع جنسئ 


(31) أبو الفضل أحمد بن أبي طاهر ابن طيفور (ت 280 ه) بلاغات النساء. ضمن: 
الجنس عند العرب. ج3» ط 1» منشورات الجمل» كولونيا ‏ ألمانيا. 21999 
ص 220 233 2.34 40. 

(32) أبو العباس محمد بن يزيد المبرد (ت 285 ه)., الكامل في اللغة والأدب 
(أربعة أجزاء)» ج 2؛ ط3» تحقيق: محمد أحمد الدَالي» مؤسسة الرسالة؛ 21997 
ص 867 - 887. 





108 خطاب الجنس: مقارياتٌ في الأدب العربيّ القديم 


ويندرج فى هذا الإطار ما أنجزه ابن عبد ربّه الأندلسئّ (ت 328 
ه). إذ أفرد بابًا عنوانه: «فى النساء وصفاتهنَّ» عرض فيه 
موضوعات ترتبط بالهجناء» والسراريٌ» وف الباه» وصفة المرأة 
السوء» وفي مكر النساء وغدرهنٌ» ومن أخبار النساء» وصفات 
الحسن والقبح في النساء**©. ولعل ما ينطبق على عمل ابن قتيبة 
السابق ينطبق على عمل ابن عبد ربه الأندلسيّ؛ فعمله تجميعٌ 

ويكاد كتاب الأغاني لأبي الفرج الأصفهانيّ يكون من أبرز 
الموسوعات الأدبية التي تناولت النصوص. والحكايات» والأخبار 
الجنسية بدءًا من الحياة الجاهلية» ومرورًا بصدر الإسلامء وانتهاء 
بالعصر العباسيّ الذي يعد عصر الخطاب الجنسيّ بامتياز. لقد جمع 
الأصفهانى مادة جنسية ضخمة تورّعت على امتداد الكتاب وأجزائه 
الأربعة والعشرين. ولعل أهمية ما جمعه الأصفهانى من مادة جنسية 
تكمن في أنه لم يخضع للتبويب الموضوعيّ» وإنما خضع لأخبار 
الشخصيات الثقافية اللامعة الأمر الذي يجعلها أقرب إلى الدقة 
الم 0 


)033 أبو عمر أحمد بن عبد ربه الأندلسيَ (ت 328 ه)ء ٠‏ العقد الفريدء ج 6» شرح 
وضبط وتصحيح وترتيب : : أحمد أمين» وإبراهيم الأبياريّ» وعبد السلام هارون» 
يا 0 142. 
مجلدًا)» محقيق : عبان خداسنء رب سنا ا ط 22 دار 
صادرء بيروت» 2004. اي ا ا ل ا ١‏ إذ 
0 اوقال أبن الأعراي: اه 


بدايات الخطاب الجنسيئ: الدوافع والغايات 109 


ويقدّم بديع الزمان الهمذانيَ (ت 389 ه) في المقامة الشامية 
حكاية ذات طابع جبجلجي ينعن ابي الفتح الإاسكتدرق” وامبر انبرق 
إحداهما تطلب صداقًا والأخرى تطلب طلاقًا. وتدور أحداث المقامة 
على نزاع بين أبي الفتح الإسكندريٌّ والمرأة التي تطلب صدافًا؛ ذلك 
أنه ينكر الإقرار بحقها في الصداق لعدم حيويتها الجنسية» في حين 
أن المرأة تدافع عن نفسها وتتهم الإسكندريّ بالعجز الجنسن””. 

وتحفل كتب أبي حيان التوحيديّ (ت 414 ه) بنصوص الجنس 
وسردياته» ففي كتاب الإمتاع والمؤانسة نجد أن التوحيديّ أفرد الليلة 
الثامنة عشرة لحديث المجون» فكانت ليلة مجونية كما أرادها الوزير 
ابن سعدان. فضلا عن بعض الطرائف الجنسية التي وردت في الليلة 
العافطة دوق 30 كما يقل الناظر على :تستاك وشكدنات كلسية 

هائلة في كتاب البصائر والذخائر لأبي حيّان التوحيديٍ””0. 


ويفرد الراغب الأصفهانيّ (ت 502 ه) في كتابه الموسوم 
ب «محاضرات الأدياء ومحاورات الشّعراء والبلغاء») حدين يحيلان الو 
الجنسانية؛ الحد الخامس عشر وعنوانه «في التزويج والطلاق والعفة 


العْشْرَةٌ فقال لامرأته : يا هَنَاه إِنَ إنساناً لَيُطالعنا من العُشَّرة قالت : مَهَ يا ث 
ذاك جانٌ العُشَرة! إليك عني وعن ولّدِي!! قال الشيخ : وعنّي يرحّمك اللّه! 57 
51 0 كام ليه اد 

(235 مقامات بديع الزمان الهمنان اشع ا ط1ء تماد العربّ ‏ بيروت» 
9» ص 157 - 158. 

)236 الإمتاع والمؤانسة» ج 2.2 ص 50) ج 2.3 تصحيح وضبط: أحمد أمين» وأحمد 
الزين» منشورات دار مكتبة الحياة» بيروت» د.ت. طن ص 12 . 

(37) البصائر والذخائر (تسعة أجزاء). ط 4» تحقيق: وداد القاضىء. دار صادر» 
بيروت» 1999. 





110 خطاب الجنس: مقارياتٌ في الأدب العربيٌ القديم 


والتَديّث»» والحدّ السادس عشر وعنوانه «في المجون والسّخف»”*0. 
بيد أن الراغب الأصفهانيَء ورغم الصفحات الثمانين التي عرض 
فيها نصوصه. لم يعالج المادة التي جمعهاء. ولم يستخرج منها 
أصولا وقواعد يمكن أنْ تمثّل مبادئ معرفية في التفكير الجنسيّ في 
الحضارة العربية. 

وتتضمن مقامات أبي القاسم الحريريّ (ت 516 ه) مقامة عالج 
فيها الحريريّ نزاعًا بين امرأة شابة وشيخ هرم. ففي المقامة الخامسة 
والأربعين الموسومة بالمقامة الرملية تُنافِرُ امرأة شابة جميلة زوجَها 
الشيخ في مجلس قاضي الرملة بفلسطين» وتزعم عدم كفايته 
الجنسية؛ وتدعي تقصيره في حقوقها الجنسية بسبب عكوفه على 
طاعاته وعباداته97©, 

ويحشد ابن حمدون (ت 569 ه) في الجزء التاسع من كتابه 
الموسوم ب «التذكرة الحمدونية» مادّة كبيرة من الطرائف والنوادر 
والحكايات الجنسية الذالة على تصرّف الناس في مادة الجنس» وقدرة 
الأدب على استثمار هذا الموضوع الحسّاس وتزويده بالاستعارات 
والكنايات الطريفة090, 


(38) محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء» ج3. ص 200 280. 


(239 شرح مقامات الحريري» دار الفكر للطباعة واللتشن والتوزيع» دمشق» د.ط. ت.) 
ص 415 522. 

(40) أبو المعالي محمد بن الحسن بن محمد بن على بن حمدون  495(‏ 562 ه )» التذكرة 
الحمدونية. ج29 تحفيق: إحسان عباس وبكر عباس » ط1ء دار صادر بيروت» 
6 





بدايات الخطاب الجنسيئ: الدوافع والغايات 111 


0 ه) النساء في الباب الثالث والسبعين في كتابه الموسوم 
ب «المستطرف في كل فنّ مُسْتَظْرَف»» فقد عرض هذا البابُ «ذكر 
النساء وصفاتهنَّ ونكاحهنّ وطلاقهنّ وما يُحمدٌ ويُذمٌ من عشرتهن». 
والملاحظ أنَ الأبشيهيّ قام بإيراد كثير من الأخبار المرتبطة بالنساء 
الى :رادت فئ كشب الآدت. العوين. الى : سيقعه: .وقد نكن الأبشيهن 
هذا الباب خمسة فصول من أجل تنظيم النصوص والأخبار التي 
تأتلف فيما بينها موضوعيًا. فقد عالج الفصل الأول موضوع «النكاح 
وفضله والترغيب فيه»» وتناول الفصل الثانى «صفات المرأة 
المحمودة»» وعرض الفصل الثالث «صفات المرأة السوء». وقارب 
الفصل الرابع «مكر النساء وغدرهنّ وذمّهِنَ ومخالفتهنَ»» وتوقف 
الفصل الخامس عند «الطلاق وما جاء فيه)”1. 

ويمكن القول: إِنْ كتّاب الأدب العربئ الذي جاؤوا بعد الجاحظ 
قد أفردوا أبوابًا فى النساء والجنسء ون أنْ يصدروا عن مواقف 
نقدية في كتابة 1 الأبواب. بل إنهم» في الغالب الأعمّء قاموا 
بتأئيم النساء بأنْ أثبتوا أنهِنَ مصائد الشيطان مُتلوّنات» ولعل مراجعة 
لعناوين الأبواب التى أدرجت فيها شؤون النساء يكشف عن الخلفية 
الدينية المينافيزيقية التي تسرّبت. في مدونات النفسير الأسلامي تلك 
الى لراك ات مده تدرا مواقم اذإ لبون تعر اوملسي 1 
ال غادرةٌ خائنة ماكرة كائدة خلافًا للرجل الذي يحضي عاقلاً 
كاملاً عاملاً شريمًا عفيفًا لذلك ينغي الاحتراس من المرأة والحذر 


(41) أبو الفتح شهاب الدين محمد بن أحمد الأبشيهيَّ (ت 850 ه)» ط1ء المستظرف في 
كل فن مُستطرف. ج22 تقديم وشرح: مفيد قميحة» دار الكتب العلمية» 
بيروت» 1983. ص 476 498. 





112 خطاب الجنس: مقارياتٌ في الأدب العربيٌ القديم 


منها وإخضاعها لنظام مراقبة صارم”. لقد مارس الأدباء العرب 
القدامى توسّعًا في حشد النصوص والشواهد الدّالة والمؤيدة على 
صورة المرأة الآثمة» فضلا عن إتقان التبويب وتنظيم المادة العلمية» 
وهو العمل الذي لم يكن الجاحظ يثق بهء فكتابة الجاحظ لا تقوم 
على الاستطراد حسب بل إنها تؤسس كتابة لا تعترف بالحدود 
المنهجية» ولا ترضى بالطرق المدرسية» ولا تقبل إلا بالإقامة في 
التخوم القصية. 


(42) انظر: آمال قرامي» الاختلاف في الثقافة العربية الإسلامية: دراسة جندرية» 
ط1ء دار المدار الإسلامى» بيروت »2 07 ص 41 - 642. 


113 


الميحث الثالث 


التآأليف في الخطاب الجنسئ: الاستراتيجيات والسياسات 


سوف يشهد الخطاب الجنسيّ في التراث العربيّ تحوّلا جوهريًا 
من جهة مضمونه» وأهدافه. وسو 52507 ومضامينه؛ إذ 
أصبح حقلا للكتابة والتدوين والتآليف المنسجمة في أبوابها ومفاهيمها 
وفصولها ونصوصها. ولعل انبراء الكتّاب المسلمين» على اختلاف 
مرجعياتهم العقائدية» والمذهبية» والمعرفية للكتابة في هذا الحقل 
وعكوفهم على التأليف فيه دليل على وعيهم الكبير بأهمية الجنسانية 
في حياة الأفراد والمجتمعات». وحرصهم على مقاربة موضوع 
الجنسانية في ضوء التحوّلات العميقة التي شهدتها هذه المجتمعات. 

وعلاوة على ذلك فإِنَ هذه التآليف تندرج في سياق الطفرة العلمية 
التي شهدتها الحضارة العربية الإسلامية التي وفرت لمجتمع المعرفة 
السبل الكفيلة بمقاربة هذه القضايا المهمة والحسّاسة» ومكنته من 
معالجة الموضوعات برؤى وأنظار جديدة. كما أن الكتّاب أنفسهم 
استطاعوا النفاذ إلى دقائق المسائل واستخراج الروابط بين المفاهيم 
بعد استقراء الوقائع والتجارب والظواهر وتأويلها وإثبات النصَّيّات 


114 خطاب الجنس: مقارياتٌ في الأدب العربيٌ القديم 


الجنسانيّة وتدوينها الأمر الذي ساعدهم على تطويع المنظومة الثقافية 
عبر تجريد الموضوع الجنسيّ من أبعاده التأثيمية والأخلاقية. 

وقد أسهم تطوّر الجنسانيّات في تطوّر الخطاب الجنسيّ الذي 
أصبح يتعيّنُ عليه رصد التجارب الجديدة التي أسفر عنها الانفتاح 
والتعدد اللذان أنجزتهما الحضارة العربية» وبذلك انتقل الخطابُ 
الجنسيّ من وصف الجنسانيات إلى توصيفها بالكشف عن العلاقات 
والدوافع التي تؤدي إلى إنتاج قوانين الجنسانية وتحديث أشكالها. 

ولعل عناية الكتّاب العرب والمسلمين بهذه التآليف يتجاوز 
سعيهم إلى إنجاز مؤلّفات ذات طبيعة موسوعيّة تجمع الشواهد 
والشُوارد والأوابد المرتبطة بهذا الحقل؛ ذلك أن لهذه التآليف 
استراتيجياتٍ واضحةً» وسياسات مُعلئَةَ تكمنُ في تجلية ممارسات 
الأنسانة وسلو كل الققافة سيمل اليد ال سنت لمحف باعل 
مع حقول أخرى مثل الي واللغة» والسياسة. والسلطة. والأدب» 
والجماعات» والإثنيّات والأعراق المتنوّعة. 

وبعبارة أخرىء, فإِنَ تآليف الخطاب الجنسيّ تسعى إلى الإحاطة 
برغبات الإنسان وحاجاته ومخاوفه و فاه الجنسية المتعددة 
المُتجددة وتطويقها. ولمّا كانت المسائل الجنسية محفوفةً بالغموض 
والإبهام ومحاطة بالموانع الدينية والأخلاقية والصحيّة فقد عمدت 
تاليف الخطاب الجنسيّ إلى تقديم مراجعات ومُساءلات وتسويغات 
وتأويلات تهدف إلى تفكيك جُجدر التحريم والتأثيم التي تحيط 
بموضوع الجنس. والحقّ أن خطابَ الجنسء» في التراث العربيّ» 
يقدم مُقارأة عميقة في دوافع الإنسان ورغباته الجنسيّة» إذ إنه يحفل 
بالأنظار التي تهدف إلى تطوير هذه الدوافع والرغبات وتحويلها من 


التآليف فى الخطاب الجنسئ: الاستراتيجيات والسياسات 115 


«ضرورات بيولوجية (حيوية) إلى رغبات وحاجات فردية لتزيد من 
الارتواء أكثر مما تُضعفه)”'". ويبدو أنْ الجاحظ تفطن لمثل هذا النظر 
عندما أجرى محاججة بين شخصين حول مسألة الجمع بين الرجال 
والقيان نصّها: «فإن قال قائل: فيما روي من الحديث: «فرّقوا بين 
أنفاس الرجال والنّساء»»؛ وقال: «لا يخْل رجل بامرأة في بيتٍ وإِنْ 
قيل حموهاء إِنَّ حماها الموت» وإِنّ في الجمع بين الرّجال والقيان 
ما دعا إلى الفسق والارتباط والعشق» مع ما ينزل بصاحبه من العُلمة 
التي تضطرٌ إلى الفجور وتحمل على الفاحشة؛ وأنَّ أكثر من يحضّر 
إنمًا يحضر لذلك لا لسماع ولا ابتياع. 

قلنا: إِنَّ الأحكام إِنّما على ظاهر الأمورء ولم يكلف الله العباد 
الحكم على الباطن» والعمل على النيّات» فيُقضى للرجل بالإسلام 
بما يظهر منه ولعله ملحد فيهء ويُقضى أنه لأبيه ولعلّه لم يلذه الأب 
الذي ادّعى إليه قطء إلا أنه مولود على فراشه»ء مشهورٌ بالانتماء إليه. 
ولو كُلّف من يشهد لرجل بواحدٍ من هذين المعنيين على الحقيقة لم 
تقم عليه شهادة. ومن يحضر مجالسنا لا يظهر نسبا مما ينسبونه إليه» 
ولو أظهر ثم أغضينا له عليه لم يلحقّنا في ذلك إثم»”7. 

فالجاحظ يدرك أنْ غرائز الإنسان لا يمكن محاصرتهاء لذلك 
فهو يجنح إلى إباحة الاختلاط واللمس والمحادثة والنظرء أما 
المقاصد والنوايا فلا سبيل إلى معرفتها والاستدلال عليها؛ لأنها 
ليست من ظواهر الأمور التي تترتب عليها الأحكام. ولعل الإشارة 


داق هربرت ماركوزء الحب والحضارة. ترحمة: مطاع الصفدي ط22 دار الآداب» 
بيروت» 7 ص 8. 


(2) كتاب القيان. ص 164 165. 





116 خطاب الجنس: مقارياتٌ في الأدب العربيّ القديم 


إلى مجالس القيان ومجالستهنَ في الأسواق وبيوت النخاسين تؤشر 
على شيوع ظاهرة استشراء القيان في المجتمعات العربية» 
واستعمالهنَ جنسيًا في الحياة اليومية. لذلك لا يمكن رمي الجاحظ 
«بالتحامل على هذه الطائفة التّعسة التي كانت تُقدَمٌ للمتعة.. 
وتجري المهاداة بِهنَّ»؛ لأنه كان «يرصدٌ الواقع مضمّئًا هذا الوصف 
الأبجات"السافة له و اوور في 


ويعزو الجاحظ إقبال العرب على طلب القيان إلى العشق 
المركب من الحبّ والهوى والمشاكلة والإلف والابتداء في 
المصاعدة» والرغبة في الوقوف على الغايات؛ لإحراز الانحلال التام 
وتخليص النفس من الملال. وبعبارة أخرى فإِنّ الجاحظ يدرك أنّ 
نفس الإنسان تواقة إلى طلب الملذات وتنمية الإحساس بها عن 
طريق تجديدها؛ لأنْ التجديد يخرج النفس من الملال الذي يعني 
شكرة الشنى ومواني : 

وهنا لاقدك فيه أن. الرقية التحضاوي الذي توصل إليه العرمه 
ولت عجوي فسا موديوسا انق إلى ارس الاي لطم 
والنهوض بها ونقله من منطقة الحواشي إلى المتون» وإخراجه من 
رحم المؤلفات الموسوعيّة إلى المؤلفات المتخصصة التي جعلت 
منه حقلاً معرفيًا ومنهجيًا مستقلا بنفسه. ويعزو صلاح الدين المنججد 
ظهور هذه التآليف إلى عدد من العوامل أبرزها: طبيعة العرب 
الشهوانية» وأجواء الحرية التي أنتجتها الحضارة والترف» وتوافر 


)3( الحب ف التراث العربيّ» ص 2 
(4) كتاب القيان. ص ص 166 167. 


التآليف فى الخطاب الجنسئ: الاستراتيجيات والسياسات 17 


أسباب الملذات» ومعاشرة الجواري والقيان والغلمان» وانتشار 
المتظرفات والمخدين ؟' ووجوةالأماكن »الى تومق اللذات مل 
الديارات والحانات وأسواق الجواري وأسواق القيان والمجالس 
الخاصة والقصور. وهذا يعني أن الحضارة العربية الإسلامية وفرت 
بيئة خصبة لإثارة الغرائز الجنسية وتنشيطها وإشباعهاء كما أنها 
أتخمت المجتمعات بصنوف المُتع» وأشبعتها بالملذات الطبيعية 
والشاذة. ولعل انتشار النساء والغلاميات والغلمان والخصيان أدلة 
كافية على عناية الثقافة العربية الإسلامية بالمسألة الجنسية. ونتيجة 
وفرة الملذات وقع تحوّلٌ وانحرافٌ في جوهر الجنسانيات؛ إذ أخذ 
الناس ينهلون من شتى صنوف الملذات ويتفننون في تطوير قوانين 
الجنسانية عن طريق استحداث السحاق واللواط وممارسة الجنس 
مع الحيوانات”” مما أدى إلى تطوّر أنشطة القيانة والبغاء والقيادة 
والتختث تلك الأنشطة التي انهمك فيها العامة والخلفاء على حد 
ار 

وبالرغم من انفتاح الثقافة العربية على الثقافات الأخرى والنهل 
منها والتأثر بها إلآ أنها حافظت على أصالتها الموضوعية وجوهر 


إل أورد الجاحظ عددًا من الأخبار الذالة على ذلك منها قوله: «وكان رجلٌ ينيك 
البَغلاتِء فجلس يوماً يحُبْر عن رجلٍ كيف ناك بغلة» وكيف انكسرت رجلّهء 
وكيف كان ينالهاء قال : كان يضع تحت رجله لَبنةَه فبينما هو يُنْحِي فيها إذا 
انكسرت اللبنة من تحت رجلهء وإذا أنا على قفاي! ' ومنها قوله: «ومن الأحاديث 
المولدة التي لا تكون. وهو في ذلك مليحٌ» قولهم: : ناك رجلّ كلبةً فَعَقَدَتْ عليه 
فلما طال عليه البلاءُ رفع رأسّه فصادف رجلا يطلع عليه من سَطحء فقال له 
الرجل: : اضرب جنبهاء فلما ضربَ جنبّها وتخلص قال: : قائله الله : أي نياك 
كلبات هو!) ' .البيان والتبيين» مج 4 ص 14 15. 

(6) الحياة الجنسية عند العرب. ص 149. 


118 خطاب الجنس: مقارياتٌ في الأدب العربيٌ القديم 


نظريتها في حقل الجنسانية الذي حمل التصورات والمفاهيم العربية 
نالتقي "1 فيز اذ حصور حواري النكداناتك الأححاين هد 
ساعد على التفنّن في ضروب الملذات الجنسية وتطوير الجنسانيات» 
إذ إِنَ هؤلاء الجواري قد نقلن طرائق الحب الجنسيّ إلى الثقافة 
العربية”*' مما دفع إلى البحث عن تفسيرات لهذه الطرائق الجنسية 
الوافدة فنشأت حركة الترجمة الجنسانية التي هدفت إلى الوقوف على 
منجزات الثقافات الأخرى في معالجة الجنسانيات» «فترجمت كتبٌّ 
في هذا الشأن عن فارس والروم والهندء وكلهم أمم أقدمٌُ حضارة من 
العرب» وأقدمُ تفننًا في الانغماس في اللذة)”. 


أمَا مصادرٌُ الخطاب الجنسيّ في الأدب العربيّ القديم فمتعددة» 
عذااذ العانك أذ العزت عناترسيرا نانس الح عن اليقر داز 
كتاب «الألفية» والألفية» كما ذكر الجاحظء امرأة من الهند وطئها ألف 
رجل «فكانت أعلم أهل زمانها بأحوال الباه. فتحدّثت عن أخبار التكاح 
وطرائقه وما يتعلّق به ويدور حوله»"". ولعل صناعة الأدب الجنسيّ 
قد راجت بكثرة؛ نظرًا للتطوّرات والمستجدات الجنسانية في مختلف 
العصورء. وعلاوة على ذلك فقد طرأ على الخطاب الجنسيّ ضرب من 
التفريع المعرفيّ؛ إذ هناك مؤلفاثٌ ذات طبيعة فقهية» ومؤلفات ذات 
طبيعة أدبية تشمل أخبارًا ونوادر وحكايات تأثّر العرب فيها بمنجزات 


(7) الحب في التراث العربي.ء ص 125. 

(5) انظر: سلام خيّاط» البغاء عبر العصور: أقدم مهنة في التاريخ» ص 47 - 48 
3 100. 

(9) الحياة الجنسية عند العرب. ص 150. 

(10) نفسهء ص 150» 154. 





التآليف فى الخطاب الجنسئ: الاستراتيجيات والسياسات 119 


الهند وخطاباتهم الجنسية”''» ومؤلفات ذات صفة علمية تتحدث عن 
الطبّ والتشريح الجنسيّين اللذين أخذهما العرب عن اليونان» كما 
نجد مؤلفات يغلب عليها البعد الجنسيّ التربويّ» كما نجد مؤلفات 
تصدر عن مرجعية فقية وقضائية» ومؤلفات تشيع فيها الأبعاد الجنسية 
التداولية تلك التي تعرض لغة الجنس ومعجمه التفصيليين”2. 

ويقودُ الحديث عن مرجعيّات الخطاب الجنسيّ ومرجعيّات مؤلفيه 
إلى البحث في الاستراتيجيات التي انتهجتها السلطة في إنطاق الجنس 
وإنتاج الجنسانية وتثبيتها بالخطاب. لقد حمل مؤلفو الخطاب الجنسيّ 
سِيّرَ الناس وممارساتهم الجنسية وباحوا بها واستثمروا معطياتها باسم 
السلطة التي يحتمون خلفها ويتحصّنون بها. وهذا يعني أنهم غرروا 
بالناس عندما قالوا: إنهم يقدّمون فرصة لفهم دوافعهم وإيجاد حلول 
لمشكلاتهم الجنسية مدّعين أن لهم القدرةً على تحسين أدائهم وتطوير 


(11) أشار الجاحظ إلى هذه القضية إشارة عابرة دون أنْ يُوضح تأثرَ العرب الفعلي 
بتآليف الهند في الباه. يقول الحاحظ : «والهند توافق العربَ في كلّ شيء إلا في 
ختانٍ النّساء والرجال» م ا قالوا: 
ولذلك اتخذوا الأدوية» وكتبوا في صناعة الباه كتبا كتبأ ودّرسوها الأولاد» .الحيوان» 
ج22 ص 29. 

(12) يقول الحاحظ عن ألفاظ الجدس وأعضائه وأوصافه ومتعلقاته: «وإنما ضعت هذه 
الألفاظ ليستعملها أهل اللغة» ولو كان الرأي ألا يُلفظ بها ما كان لأوّل كونها 
معنى» ولكان في التحريم والصون للغة العرب أنْ تُرفع هذه الأسماءٌ والألفاظ 
منها. «مفاخرة الجواري والغلمان؛ م1 ج2: ص 95. وقد جاء السيوطيّ بعد 
الجاحظ وألف كتايًا أسماه «في الجماع وآلاته) ' وهو مُعجم جنسيٌ مُفصّل استقصى 
فيه الألفاظ والكلمات التي تندرج في باب الجماع وأحواله وأعضائه وصفاته 
وأسمائه وأفعاله وهيآته ولغاته وكل ما يعرض له من أشكال ووطرائق. انظر: 7 في 
الجماع وآلاته» ضمن : الجنس عند العرب. ج4» تحقيق وتعليق وتقديم: : فرج 
الحوارء منشورات الجملء ط1ء كولونيا ‏ بغداد؛» 2006. 





120 خطاب الجنس: مقارياتٌ في الأدب العربيّ القديم 


فعاليتهم الجنسية عن طريق توجيه طاقاتهم الجنسية التي يتعيّنُْ عليها 
أن تتطابق مع مرجع الخطاب وسلطته”2". 

وقد دفع ادَعاءُ الخطاب الأفراد والمجتمعات وحملهم على البوح 
بممارساتهم وتقديمها للسلطة التي لها حضورٌ مُتعطش ورغبةٌ كبيرة 
في الاستحواذ على البيانات وحيازة الأرشيف بهدف إعادة إنتاجه عبر 
الكبلاي 040 وبمتعيع الغ فإن كل سلطة تسكتها رعية فن الكقب 
عن الحقيقة وادّعائها خاصة إذا كانت الحقيقة تتعلّقُ الح أن 
العم ونوك تلن اللمائط واد اكد لامك اده ولا نيه أنه 
يُمكنها من «إدراك طبيعة الميول الغرائزية وديناميتها»» تمهيدًا إلى 
فرض أنظمة جنسية بوساطة إنتاج الخطاب”5". 

إِنَ النظام هو الشكل الأكثر تجريدًا وتمثيلا للخطاب؛ لأنَ النظامَ 
يُتِيحُ فهم الجنس من خلال علاقته بالقانون» أي أن السلطة تُمارس 
تأثيرًا على الجنس بوساطة أشد أدواتها قوّةً وبلاغة ألا وهى اللغة 
التي تخلقٌ تفسيرًا وتأويلاً وقانونًا عندما تنتج الخطاب» الأمر الذي 
يجعلٌ السلطة تتكلّمُ انا كن وان مدنت ابا 1 

إِنَّ الناظرَ في التآليف الجنسية العربية يُفَاجَا بضخامة المُدوّنات 
الجنسية» 8 دل على أنْ الثقافة العربية قد فعّلت مرجعيّات 
متنوّعة من أجل إنتاج المعرفة الجنسية الهائلة التي ستفسرٌ عن تكاثر 


(13) انظر: ميشيل فوكوء تاريخ الجنسانية: إرادة المعرفة» ترجمة» مطاع الصفدي 
وجورج أبي صالح.» ص 88 - 89. 

(14) انظر: نفسهء ص 90. 

(15) انظر: نفسهء» ص 93. 

(16) انظر: نفسهء» ص 94. 


التآليف فى الخطاب الجنسئ: الاستراتيجيات والسياسات 121 


الخطابات وانتشارها وتباين مرجعياتها وتعدد مجالاتها. كما أن هذه 
الوفرة تبرهن على أن الجنسانيّات وجدت سلطة تحرّضها على التطوّر 
ومرجعيّة تغذّي تفاعلها؛ وذلك بهدف تخصيب الخطابات المُتعطشة 
لتنمية مرجعياتها السلطوية التي تتحقق بترسيخ التنافر الجنسي وتفعيل 
الظواهر الجنسية من أجل «تكوين جاهزيات قابلة لعزل الجنس عند 
الضرورة» واستدعائه» وإثارته وتحويله إلى مراكز انتباه وخطابات 
وملذات» عند الحاجة؛ تمهيدًا لإنشاء اقتصاد للملذات المتعددة 
وأنظمة جنسية معرفيّة تنشر الجنس وتعاظم رساميله الرمزية وتغرسه 
في الواقع وتجعله يطفو على السطح””". 

إِنَّ وجود مرجعيات دينية وتربوية وطبية تساند الخطابات 
الجنسية وتدعمها وتتحالف معها يعني أن السلطة تسعى إلى تقنين 
الجنسانيات وفرض أنظمة عليها. 5 اتكاء الخطابات على 
تجارب الأفراد والجماعات واستغلال أرشيفها الجنسيّ يؤكد رغبتها 
في إخضاع الإنسان واستنطاقه وتنصيص تجاربه وصولا إلى قهره 
والهيمنة عليه خلافًا لما تظهره من نزعة علمية تتمئّل في تحقيل 
التجارب وتنظيم الظواهر”*". 

كه تكقف الخطاباك الشنسة ع وؤقاحة السلظة والمرجعية 
اللتين تتكئ عليهماء وتسمح لهما بأنْ تمارسا الوصاية على الأنشطة 
الجنسية وتعيين مفاهيمها”". إِنَّ السلطةً عندما تُشْغْلُ آلياتها وتستثمر 
تفوّقها المعرفيّ في سبيل الكشف عن ممارسات الأفراد الجنسية 
(17) انظر: نفسهء ص 84 85. 


(218 انظر: نفسه» ص 5 
(19) انظر: نفسهء» ص 96. 





122 خطاب الجنس: مقارياتٌ في الأدب العربيّ القديم 


وإخضاعها لأدواتها فإنما تقوم بمعاظمة سلطتها وتنمية ملكيتها 
ومؤسساتها لإحكام سيطرتها على المجتمع”27. 


إن الخطاب الجنسيء في نهاية الأمرء يهدف إلى اختبار منهجه 
وإرساء مفاهيمه وترسيخ آلياته وتثبيت سلطة استراتيجياته التي يُحْكِمْ 
بها السيطرة على الجنسانيات. وتعني «سلطة الاستراتيجيات» الاليات 
«التي بوساطتها تفعل موازين القوى فعلهاء والتي تتجِسَّدُ خطتها 
العامة أو تبلورها المؤسسي في أجهزة الدولة» وصياغة القانون» 
والعيينات الس اميق .عازه حرق نان تلطه الأ اتويات 
تعزز سلطة الخطاب التي تستخدم آلياتها في تطويق الحقل 
الاجتماعيّ والوصول إلى احتكاره وفرض الوصاية عليه©. 


إن صراع السلطات الدينية والفقهية والقضائية والتربوية والصحية 


(20) انظر: نفسهء» ص 97. 

(21) انظر: نفسه.ء ص 101. 

(22) وضعت الثقافة العربية أحوالا لطباع المرأة وميولها الجنسية. ووضعت أشكالا 
للوصاية الجنسية التي ينبغي فرضها على المرأة خشية انحرافها وميلها إلى الشهوة 
والباه. فالمرأة» في الأصل» مفطورةٌ على سلامة «الدين والعرض والقلب». يقول 
الجاحظ : ««وأكثْرٌ النّساء بين ثلاثة أحوال : إمّا امرأة قد مات رَوجُهاء فتحريكٌ 
طباعها خِطارٌ بأمانتها وعَفافِهاء والمغيّبة في مثل هذا المعنى» والثّالئة : :مشأ قن 
طال لُبثها مع زؤجها؛ فقد ذهب الاستطراف» وماتت الشهوة» وإذا رأت ذلك (- 
تسافد طيور الحمام) تحرّك منها كل ساكن وذكَرَتْ ما كانث عنه بمندوحة. 
والمرأة سليمةٌ الدين والعرْض والقّلب» » ما لم تَهْجسسُ في صدرها الخواطرء ولم 
تنوهُمْ حالاتٍ اللذة وتحرّك الشهوة» فأمّا إذا وقع ذلك فعرْمُها أضعفُ العَرْمء 
وعرْمُها على ركوب الهوى أقوى العَزْم. 
فأمّا الأبكارٌ الغريرات فهنّ إلى أنْ يُؤْحذّن بالقراءة في المصحف. ويُحتالَ لهن 
حي يعبزه إلى حال التشييخ والحن والكزازة رحتى لا معن يمن [حاديت الا 
والعَرّل قليلاً ولا كثيراً - أحوج». الحيوان. ج3. ص 291. 


التآليف فى الخطاب الجنسئ: الاستراتيجيات والسياسات 123 


على إنتاج الخطابات يُجِسَّدُ صراعها على الحقيقة القادرة على تعزيز 
سلطتها؛ «فالسلطة ليست مؤسسة.» وليست بنية» وليست قدرةً معينة 
يتمتع بها البعض. إنها الاسم الذي يُطلق على وضع استراتيجيّ مُعقّد 
متهم ل 

ولكلّ سلطة أهدافٌ ومقاصدُ تمكنها من ترسيخ نفوذهاء وعندما 
تتنوّع السلطات تتعدد الأهدافٌ والمقاصد التي تثيرُ حدّة المجابهات 
بين السلطات وتدعمها. لذلك تعمل السلطات» للدفاع عن 
مرجعيتهاء على تسليط مفاهيمها وتنشيط آلياتها وتفعيل منهجياتها 
لإتناك الخطايات الحديب .رتسي البتلطات في اتكقيط 
الجنسانيات؛ لأنها تُدركٌ أنَّ الجنسانية حقلُ مفتوحٌ لإنتاج المعرفة 
وامتلاك الخطاب الذي يعني امتلاكه امتلاك الحقيقة واحتكارها””. 

بيد أن الخطاب وإِنْ كان يعمل على ترسيخ السلطة وإنتاجها 
وتقويتها من جهة إلآ أنه يسمح من جهة مُقابلة بإلغائها وتفكيكها؛ إذ 
إنه يكشف التقنيات المعرفية والاستراتيجيات السلطوية والمعايير 
المنهجية التي انتهجتها السلطة في بناء نظام الخطاب الذي يتوافر على 
مفاهيم المراقبة والاستبعاد والإقصاء والانحياز والتباين والتناقض"26. 

كما أنَ تصارعً الخطابات على توظيف أنظمة الجنس يصدر عن 
تصوّر مُفَادُه: أن الجنسانية أكثر الحقول قابلية للاستعمال؛ لأنها 
مُكَل مرتكرًا وملتقى لأكثر الاستراتيجيات تنوّعًا)» وأشد المفاهيم 


(23) انظر: تاريخ الجنسانية: إرادة المعرفة. ص 102. 
(24) انظر: نفسهء» ص 104» 105 106. 

(25) انظر: نفسه.ء ص 106. 

(26) انظر: نفسه.ء ص 109. 





124 خطاب الجنس: مقارياتٌ في الأدب العربيٌ القديم 


تعقيدًا وخصوبة. ولهذا السبب تحاول استراتيجيات الخطاب الجنسىٌ 
السط: على | الجساتة”" من خلال تعذد مقاصضدها الناشكة عق 00 
ذو المرجع الدينيّ المتشدد يُحارب الجنسانيات غير المتوافقة مع 
عدم احتشام وجاذبية وعصيان ومُكاشفة. أما الخطاب الفقهيّ فيهدفٌ 
إلى ضبط الجنسانية وما ينسجم مع قواعد الفقه» وأما الخطاب الجنسيّ 
الطبيْ فيسعى إلى التحذير:من الشلوك اللجنسئ الذي يُعرْض الإنسان 
للخطر»ء وأمًا الخطاب الأدبيَ فهمّه تكوين المعارف الجنسية الهادفة إلى 
تنشيط الأجسام» وتقوية الملذات والحتٌ على البوح» وأما الخطاب 
القانوني فيرمي إلى تعزيز المراقبة والمعاقبة وتدعيم سلطة التعزير”*©. 


وسوف تتوافقٌ بعضٌ الخطابات في قَدَْرِ كبير في مقاصدها 
وأهدافهاء فالخطاتٌ الفقهئّ والقانونىّ يؤمنان بالجنسانية الناشئة 


(27) لاا شك في أن الثقافة العربية قد انتهجت سبلا عديدة للسيطرة على الجنسانية 
ومراقبتهاء. ويخبرنا الجاحظ» في سياق خطابه عن الختان» عن نظام الإحصاء ء الذي 
استعمل للتثبّت من أسباب الفجور بين النساءء فيقول: «وزعم جنابٌ بن جسّاس 
القاضيء أنه أحصى في قرية واحدة النساء المختونات والمعبرات (- النساء اللواتي 
لم يخضعن للختان)» فوجد أكثر العفائف مستوعبات وأكثر الفواجر مُعبرات» د 
نساء الهند والروم وفارس إنما صار الزنا وطلب الرجال فيهنَ أعمّ. لأنَ شهوتمنَ 
الاك ره ل قالوا : وليس لذلك علَةٌ إلا وفارة 

(28) انظر: تاريخ الجا إرادة المعرفة» ص 113. 


التآليف فى الخطاب الجنسئ: الاستراتيجيات والسياسات 125 


تلتزم بالقانون والتشريع اللذين يحكمانها. أمّا الخطابات الأخرى 
فحاز إلى جتهان'التسالية الذئى يعمل :ضمن تقتيات مشتاقة تتعارض 
مع مُقررات مؤسسة الزواج» ويشكل تحذيًا لها من جهة كونه ينتهك 
ثوابتها ويستخخف بشرعيتها. وإذا كانت مؤسسة الزواج مؤسسة حقوقية 
تهدف 0 الصلة القانونية ا بين 0 فإِن جهاز 
كما أن ل الرراع وفلف ا و لانن ا النعاية 
إذ إن مؤسسة الزواج معنيةٌ بتأمين استقرار الجسم الاجتماعيّ 
والمحافظة عليه قانونيًا بإعادة إنتاجه وزيادة الرأسمال الاجتماعى عبر 
النسل والإنجاب””*. في حين أن مهمة جهاز الجنسانية تحقيق تكاثر 
الملذات وتجديدها وابتكارها وتعظيم الجسد وتمجيد الشهوة عن 
طويق 17 لجن وتات الأدازة القسوات بالا 


وسوف تقومٌ الخطاباث المُحافظة قانونيًا وفقهيًا بالعمل على إعادة 
إنتاج هذه التكنولوجيات من خلال شرعنتها وتقنينها؛ ذلك أنها 
تخشى من بقائها وإقامتها خارج مرجعياتهاء. لذلك فإنها تعمل على 
تطويعها وتأويلها وإدراجها ضمن فضاء مفاهيمها ونظامها عن طريق 
مكارو صروك بكر لعزي او اوتاه الجميو تعر لوي التريمه 
على «الاسط راب الشدون العام ف عياة الحقيانةة اندي لأ كت 


عن إدانته 5 


(29) انظر: تركي علي الربيعوء العُنف والقدس والجنس في الميثولوجيا الإسلاميّة» 
ط2. المركز الثقافي العربي» بيروت - الدار البيضاءء 1995. ص 118 119. 


(30) انظر: تاريخ الجنسانية : إرادة المعرفة» ص 114 115. 
(31) انظر: نفسهء ص 117-116. 


126 خطاب الجنس: مقارياتٌ في الأدب العربيٌ القديم 


بيد أن هذه الخطابات المُحافظة سرعان ما تقع في فخ جهاز 
الكشبائنة ولاك عددنا تقبط )إلى الامفعانة حضرات: الت وتجارب 
الحربين: لستالتجة الحالات: الشاذة' الون لا تنلك: لها خلولا مفل: 
اللواط» والعنةة 'والعضاتب: والبروو!62, وسوف تدفع هذه الحالات 
الخطابات إلى الاعتراف بالجنسانيات الخارجة عن إطار مؤسسة 
الزواج التي لن يكون بوسعها التصدي إلى الانتهاكات الجنسية 
0 

وسوف نكتشف أن الخطابات الجنسية العربية المتعددة 
الجرتحعنات لن تعسكو م السطود"والتخافظة غلئ اسعقاالها 
المعرفيّ؛ إذ شهدت انفتاحًا بين المرجعيات والمفاهيم بهدف البرهنة 
على قدرة كلّ خطاب على استيعاب مفاهيم الخطابات الأخرى. 
لذلك يرى الناظر في الخطاب الجنسيّ العربيّ أن هذا الخطاب تشيع 
فيه مفاهيم وأدوات ومصطلحات وعلامات ونصّيات وأجناس بشرية 
وطبقات اجتماعية وعناوين وحكايات وقصص وأشعار وآثار وأصوات 
متنوّعة تجعل من الخطاب مسرحًا تتبادل فيه الشخصيات الأدوار 
والتجارب وفضاء تشيع فيه الحركات والألوان والأمكنة والأزمنة. 
ولعل ذلك يدفع البحث إلى الوقوف على أبرز هذه المؤلفات ورصد 
عناوينها وتفكيك علاماتها. 


(32) انظر: نفسهء» ص 117. 
(33) انظر: نفسهء» ص 120. 


الجنسانيّة في الإسلام: من النصّ إلى التأويل 127 


المبحث الرابع 


إِنَ حضور خطاب الجنسانية في ثقافة تُعلي من شأنٍ المقدّس إلى 
عد ادي القيفة الك ارصم قن تسرف الت لقا ف موا 
حيويًا لإعادة القراءة وإنتاج التأويل» خاصة إذا ما كان خطاب 
الجنسانيّة يُقِيمُ في لغة نجحت في إخراج علاماتها من جاهلية الشعر 
ولق إلى محضيارة القداسة وعدي , 


إِنَ النصوصٌ. في الثقافة العربية الإسلامية» لا تُشغْلُ الخطاباتِ 
ينك انل مرسيا عام جدلية» وفرادةً لا سبيل إلى إنكارها. لقد 
تمكنت الثقافة العربية الإسلامية من دمج الإيروسي (الجنسي) 
بالمقدس ضمن إطار الدين التوحيدي» لقد حدث ذلك في الماضي 
أمَا اليوم فإِنَ الثقافة العربية الإسلامية تعيش ارتباكًا فادحًا وتخبّطا 
كبيرًا في ما يتعلّق بمفاهيم الجنس والجنسانية» إذ يبدو أن كتّاب 
العربية ومبدعيها فقدوا القدرةً على استخدام مفاهيم الجنس الراسخة 


(1) انظر: مطاع الصفديء» استراتيجية التسمية في نظام الأنظمة المعرفية» ط1» مركز 
الإنماء القومى» بيروت »2 6 ص 4 . 


128 خطاب الجنس: مقارياتٌ في الأدب العربيٌ القديم 


في التراث» في شؤون حياتهم وخطاباتهم ولغتهم الراهنة””) 

وتندرج المسألة الجنسية في الإسلام في ثنائية دينية وكونية؛ 
فالإسلام يبارك الجنس في إطار النكاح لتحقيق الأمن الاجتماعيّ» 
وضمن هذا السياق يحت الإسلامٌ أتباعه المؤمنين ويحضّهم على 
الاستمتاع بمباهج الجنس في الدنيا طلبًا للحصانة وتحقيق القوة من 
جهة» وبوصفها مشغْلا لمُتخيّلِ جنسيّ لن يكتمل إلآ في الجنة والحياة 
الآخرة. وبالرغم من تمجيد الإسلام فكرة الزواج وحضّه عليه إلا أنّه 
أتاح للرجال المتزوجين فصمٌ عُرى النكاح؛ فضلاً عن أنه وسّع دائرة 
متع النكاح باعتماد مبدأ تعدد الزوجات وامتلاك الجواري الأمر الذي 
يهدد مؤسسة الزواج من جهة ويمنح الرجال فرصًا لتطوير جنسانيتهه'”. 
فتعدد الزوجات في النظام الإسلاميَ «ضروريٌ لإرضاء اندفاع الرجل 
الجنسيّ»» كما أنَ إطلاق يد الرجل في التعدد الناتج عن الزواج أو 
التسرّي من شأنه تعزيز تصوّرات الرجل بالتفوّق الجنسي. كما أن التعدد 
الوقييلة يجازين يها الرجل إذلال العير اه ككادى جنس يها آنه الذلين 
الأكبد على عجز هذه المرأة عن إرضائه» وكلية خاجانة السو 


ولعل النصوص الواردة فى هذه المسألة بلغت مبلعًا عظيمًا؛ فكتب 
الأدب العربى تحتشد بهاء وللتدليل عليها يمكن الإشارة إلى النصّ التالى : 


(2) انظر: فتحي بن سلامة» الجنس المطلق. ضمن: الأنوثة والجنس في الإسلام» 
تر حمة : حسين قبيسى » بدايات» دمشق». 22008 ص 5. 
(3) انظر: عبد الوهّاب بوحديبة» الإسلام والجنس. ص 1588. 


(4) انظر: فاطمة المرنيسي» الجنس كهندسة اجتماعية بين النص والواقع» ترجمة: 
فاطمة الزهراء زريول» ط2 المركز الثقافي العربي» بيروت الدار البيضاءء 
6 ؛» ص 34 35. 





الجنسانيّة في الإسلام: من النصّ إلى التأويل 129 


«وتزوج رجل من همدان ابنة عمّه وكان مُحبًّا لهاء فلم يلبث أن 
ضرب عليه البعث إلى أذربيجان فأصاب بها خيراًء فاستفاد بها جارية 
وفرساًء فسمّى الفرس الورد والجارية حَبابة ثمّ قفل» فأتاه ابن عم له 
فقال: ما يمنعك من القفول؟ فقال: أخشى ابنة عمي أن تحول بيني 
وبين هذه الجارية وقد هَويتُهاء وأنشأً يقول: 
0101 بالنق :لدو شعنت عت 1ن تيه معزو سما لوالو 
شديدٌ نياط المنكبين إذا جرَّى وبيضاء مثل الرّيم زيّنها العقدٌ 
فهذالأيّام الهياج وهذه2 بموضع حاجاتي إذا انصرف الجُندٌ 
فبلغها الشعر فكتبت إليه : 
لعمري لنن'شطت يعتمان دار ٠‏ وآضكى غَنياً بالحبابة والوزد 
ألا فاقره منا السَلامَ وقل لهُ غَنِينا بفتيانٍ غطارفة مُردٍ 
إذا شاء مته ناشين هذ كنه. ١‏ :إلى كقورتان أو كعثت تيد 
بحمد أمير المؤمنين أقرهم شباباً وأغزاكم كرالت فى انمد 
فما كنتم تقضون حاجة أهلكم2 قريباً فيقضوها على النأي والبُعد 
فأرسل إلينا بالسراح فإنه منانا ولا ندعو لك الله بالرشد 
إذاوجم الكند الذي أنشا بهم .وزادك رب الثامن تعدا على بعد 
فلما وصلت أبياتها إليه باع الجارية» وأقبل مسرعاً فوجدها 
معتكفةً فى مسجدها وصلاتها فقال: يا هند فعلت ما قلت. قالت: 
الله شيعي واف موا أرتكب المأثم» ولكنْ كيف وجدت 
طعم الغيرة فإنك غظتني فغظتك)”©. 


(5) أبو بكر محمد بن داود الأصبهاني (ت 297 ه).ء الزّهرة» ج2»: ط2» تحقيق : إبراهيم 
السَامرَائيَ ونوري حمود القيسي» مكتبة المنار» الزرقاء الأردن» 1985» ص 839. 


1130 خطاب الجنس: مقارياتٌ في الأدب العربيٌ القديم 


ويكشفٌ ضمورٌ مفاهيم الجنس وخطابات الجنسيانية وتراجعهاء 
فى الثقافة العربية المعاصرة. عن اختلالات بنيوية حادة فى البنيات 
المقليق عن «امعراف جتن انا يغكة جابلة :1ق قات بربلطة القلد والققية 
تإتضاء اسك الجتسو مو مجد التعالبات الاشيا به المعو 
والوجودية» وعملت على تقنينه وإقصائه وخنقه بالمحظورات» وسوء 
تأريل )التعنوض اومكذا اده مناه النسيى الى مانا عليه 
مجالات الوجود ونظام الشريعة والحق'©. 


لقد ساهم المخيال الفقهيّ الإسلاميَّ في مصادرة مفاهيم الجنس 
والجنسانية» ونقلها خارج الخطاب””» والعمل على إنتاج خطاب 
مُهيمن 10156010156 10021084 يعمل على إعادة تشكيل الأدب الرسمىٌ 
طم كتاء نص أقدمء6 18 الذي يونم الجنسانية» ويحرّمها. إن الخطاب الفقهئّ 
ينظر إلى حقيقة عضوي الجنس للمرأة والرجل بوصفهما حقيقة إلهية لا 
يجوز استعمالهما في غير الوظيفة الموضوعة لهماء وهي وظيفة النكاح 
العتوعة اليانفالن الاتعات: والتناتم '" كهااأنة معدل بالعلاقة 
الجنسية الدالة على الرغبة والشهوة المطلقتين مصطلحات دالَةً؛ 
كالجماع الذي يُحيل على الزواج الشرعيّ» والنكاح الدّال على مفاهيم 
حقوقية تؤمّن لمؤسسة الزواج الحقوق والواجبات الشرعية””. لقد 


(6) انظر: فتحي بن سلامة؛» الجنس المطلق» ضمن: الأنوثة والجنس في الإسلام؛ ص 7. 

(7) انظر: نفسهء» ص 50. 

(8) انظر: نفسهء» ص 16. 

(9) يرى عبد الكبير الخطيبي أن اللغة العربية تعاني التباسًا كبيرًا في تصوّرات الجنس 
ومفاهيمه ؟؛ بسبب تعالق المفهومات وتناسجها وامتدادها في الخطابات التي تعين 
ليان حص لسدواى الى بالستواى تميق العاميم: انظر: الجنس في القرآن 
الكريم؛ ضمن غ: الجنس عند العرب» ج 2: ط2» منشورات الجملء كولونيا ‏ 


ألمانياء 3» ص 184. 





الجنسانيّة في الإسلام: من النصّ إلى التأويل 131 


وردت الشهوة الجنسية» في النصّ القرآنيَّ» في موضعين؛ الأول: تنص 
عليه الآية القرآنية «#رُيّنَ لِلنّاس حُبُ الشَّهُوتِ مس اليك وَالْسَنينَ وَالْفَتَطِيرِ 


مه 


و2 ساد 2 دغ برا« لاف سرون “اموس عاتن ل روك با ره 12 هل 
المقط رو برست الدسي: .واليمة والشكل! السويق ‏ والأفي والدرن 


91> ملع الحكزة م واه كدو حر لْمَعَابِ 1 0 ويقلل 
سياق الآية من أهمية الشهوة؛ لاقترانها بزينة الحياة الدنيا ومتاعها 
ورغائبها وهي مسائل من شأنها صرف الإنسان المسلم عن الآخرة التي 
تعد الغاية والمآب. والثاني : يُحرم الشهوة المختصّة باشتهاء الرجال من 
دون النساءء في محاولة لقصر شهوة الرجال على النساء وعدم حرف 
الشهوة عن طبيعتها؛ لأنَ الشهوة المنحرفة تقترن بالجهل والإسراف» 
كما يرد ذكر القائمين بالشهوة المنحرفة في إطار الذمّ والهجاء. وتنص 
على هذه الدلالات الآية القرآنية: «8إِنَّحكُمَ لَأنونَ أَلرْجَالَ عَبْوَةٌ ين 
فين التكل بل أنشد كيم شرفت 4" وقد تكررت الآية 
بصيغة أخرى على لسان النبي لوط ونصّها: ©لْينَكم لون اَْعَالَ سَبَوهٌ 
ين دون لسك بل نم مم هت )4 [التمل : 22*]55. 

وهذا يعني. حسب الخطاب الفقهيّء أن الإسلامٌ لا يعترفٌ برغائب 
الإنسان الجنسية خارج مؤسسة الزواج» ويفرض على أتباعه ممارسة 
حب لقان لعي عدلكد هديا ره الى المعفيوة 7 دان 
الإسلام باعترافه بنظام التسرّي فإنه يقرٌ بما نفاه في نظام الزواج؛ فبعد أنْ 


(10) سورة آل عمران» آية 14. انظر: كامل العجلوني» الجنس في اليهودية والمسيحية 
والإسلام: المرأة والرجل وعلاقتهماء ط1ء مطبعة الجامعة الأردنية» عمان» 
7 ص 257. 

(11) سورة الأعراف» آية 81. 

(12) سورة النمل» آية 55. 

(13) انظر: فتحي بن سلامة» الجنس المطلق. ص 15. 





1132 خطاب الجنس: مقارياتٌ في الأدب العربيٌ القديم 


حدد الزواج في أربع زوجات إلا أنه أبقى الباب مفتوحًا على مصراعيه 
أمام جحافل الحظايا اللواتي رحن يذكين الغوايات والشهوات”*". 

وعندما يجعل الإسلام الفقهيَّ من أعضاء الإنسان كلها أماناتٍ لا 
يجوز استعمالها إلا ضمن علاقة حقوقية وشرعية فإنه يُسقط العلاقة 
الجنسية المقصودة لذاتهاء ويستبعد الوصال في تجربة العشق ويعمل 
على تطويعهما وتوظيفهما في خدمة مقاصده الشرعية””". 

وإذا كان النصّ القراني يُشْجَعُ على الجماع الجنسيّ المُقيّد 
بالزواج الشرعيّ» فإنه جعل له هدقًا أساسيًا يكمن في إنجاب الذريّة 
والتناسل» وتأمين الحصانة في البناء الاجتماعيّ» وإحداث التطابق 
بين المرجع الديني من جهة والسلوك الجنسي من جهة أخرى6". 
فللجنس في الإسلام مكانة مرموقة تحيل على المفاهيم الاجتماعية 
والإنسانية والنفسية؛ إذ يرتبط الجنس بالتكاثر والإنجاب والمتعة 
والمقا ع بو الا 


ويصرّحٌ النصٌ القرآنيٌ بأهداف الزواج الشرعيّ المتمئّلة في 
السّكن والحصول على 0 والرحمة» فالآية القرآنية التي نصّها: 
مون لي أ حَلَقَ لكر ص تن شيك أنعييًا لتشكوا' إذهاوَعقل 
يكم موده م تعلل الزواج بالسكينة والاستقرار النفسيين» 
أمَا المودّة فذهب بعض المفسرين إلى أنها الجماعٌ» وأما الرحمة 


(14) انظر: عبد الوهّاب بوحديبة» الإسلام والجنس. ص 158. 
(215 5 لتحي ب مد سلامة» و ل ص 18 19. 
دار الكلمة» دمشق » 2001 ص 4 209. 


217 الجنس في اليهودية والمسيحية والإسلام : المرأة والرجل وعلاقتهما. ص 288. 





الجنسانيّة في الإسلام: من النصّ إلى التأويل 33] 


فتتمثّلٌ في الإنجاب*''؛ فالزواج «في القرآن هو الزواجُ الإنسانيّ في 
وضعه الصحيح من وجهة المجتمع ومن وجهة الأفراد. فهو واجتٌ 
اجتماعئٌ للمحافظة على النوع الإنسانيّ» واستمرار الوجود البشريّ» 
وإشباغٌ للغريزة الجنسية» وسكن نفسانيَ. ومن جهة الفردء فهو راحة 
النفس ومستقرّهاء وأمنها وطمأنينتها وهدوؤهاء وهو سبيل مودة 
ورحمة بين الرجال والنساء». لقد أعاد الإسلام إنتاج العلاقات 
الجنسية بما يتوافق مع روح رسالته» أما ما يخالفها فهو مذموم 
القرآنيّ بوصفها تمثيلات للممارسات وقواعد التحليل والتحري””", 


ط1ء الماية ‏ الجماهيرية العظمىء ص 28. 

(219 لا شك في أن المؤولين الجدد الذين يقترحون جنسانية دينية تُعيدٌ تفكيك منطق 
التحريم اللغويّ لصالح المنطق الجينيّ ة قد سقطوا في فح القراءة الْمعرّقة؛ إذ 
يذهب بعضهم إلى تفسير سبب تحريم زواج النساء ء الوارد ذكرهنَّ في الآيتين 
القرآنيتين اللتين نضصّهما : لإولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف 
إنه كان فاحشة ومقنًا وساء سبيلا خُرّمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم 
وعماتكم وخالاتكم وبناتٌ الأخ وبنات الأحخت وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم 
وأخواتكم من الرضاعة وأمهات نسائكم وربائبكم اللاتيٍ في حُجُورِكم من 

نسائكم اللاتي دخلتم بن فإنْ لم تكونوا دخلتم بن فلا جُناح عليكم وحلائل 
أبنائكم الذين من أصلابكم وأنْ تجمعوا , بين الأختين إلا ما قد سَلَّفَ إِنْ الله كان 
غفورًا رحيما» (سورة النساءء الآيتان 22 - 23) بتفادي تكاثر العيوب الجينيّة» 
وهو تأويل طباقيّ يترجم النصٌ القرآني بيولوجيًا ما يؤدي إلى وضع الدوال 
القرآنية في خدمة الخطاب العلميّ من ناحية» وتجريد المعان من حقيقتها وتعطيل 
مقاصدهاء وتعليقها بفتوحات العلم وكشوفات المعرفة. ولعل أوهام المؤولين 
الحدد الذي يبحثون عن تطابق النص القرآنٍ مع إنجازات الخطاب العلمي 
تكشف عن ميتافيزيقيا مُعقّدة تحا ول أنْ تبرهن أن العلم امتداد للنصٌ القرآني» 
وعلة وجود الكلام الإلهي. انظر : فتحي بن سلامة» الإسلا م والتحليل النفسي» 
ط1ء. ترحمة: رجاء بن سلامة» دار الساقي بالاشتراك مم رابطة العقلانيين 
العرب» بيروت» 2008,. ص 94 97. 





134 خطاب الجنس: مقارياتٌ في الأدب العربيٌ القديم 


"غير أن القرآنَ» وإِنْ أبقى على ولع العرب بالجنس وحبّهم له. إلا 
أنه هذّب هذا الولع» ونظم التعبير عنه بقواعد ونواميس معينة» 
أعظف: اجنين قندسية اوستصيوم ةرشد فين مخال العبذك 
المعقول. وأدان المحرّم منه بأشدّ العقوبات»20. 


ولا يمكن إغفال التوجيهات النبوية في تعظيم شأن الزواج 
والترغيب فيه؛ فالزواج في المدونة النبوية من أبرز الأفعال أهمية 
وأرفعها قدرً!'©. ويتضح ذلك من الوقوف على الآثار النبوية التي 
تحض على الزواج من خلال ربطه بالطهارة» والعفة» والعبادة» 
وبتوكيد كونه يؤدي إلى الجنة التي تبارك الأزواج المخلصين وتفاخر 
بنسلهه”*”. وبالرغم من ذلك فإنّ هناك متنا دينيًا كبيرًا يُلِزْم الزوجة 
بالخضوع لزوجها عن طريق «ححسن التبعل) لهء وحفظ ماله 
والإحسان إلى أهله» واسترضائه» ومؤانسته ورعايته» وخدمتهء وأنْ 
تتعهّد جسدها بالرعاية ليكون جاهرًا لاستعماله جنسيًا من قبل الزوج 
الذي ينبغي تهييجه وتحصينه جنسيًا بإشباع رغباته والاهتمام بتنميتها 
وإدامتها عن طريق الأطعمة والأشربة والألبسة والعطور والفراش» 
والطاعة المطلقة؛ ذلك أن طاعة الزوجة زوجها هي سبيلها إلى 
الجنة. وبعبارة أخرى فإِنَ هوية المرأة الجنسيّة لا تتحققٌ إلا من 


(20) الجنس في اليهودية والمسيحية والإسلام: المرأة والرجل وعلاقتهما. ص 288. 
(21) انظر: الخطيب العدناني» النكاح وأصول الزواج في الإسلام» ط1ء الانتشار 
العربي» بيروت» 2000. ص 15 -32. ١‏ 


(22) الجنس في اليهودية والمسيحية والإسلام: المرأة والرجل وعلاقتهماء ص 265 - 
73 


الجنسانيّة في الإسلام: من النصّ إلى التأويل 135 


خلال تطابقها مع معايير التأنيث التي أنتجها المجتمع الذكوريٍ”2. 

أما التشريع الإسلاميَّ فقد أولى الجنسانية عناية كبرى تصدر عن 
موقع الإنسان المتميز؛ ذلك أنه محورٌ الرسالة الإلهية وخطاب 
الوحي الصادر عن اللهء وهذا يعني أن الإنسانَ بوصفه مُتلقَيًا 
ومُستهدفًا في خطاب الوحي فإنه يملك الكلام التأويليَّ الذي يُمكنه 
من فهم المقاصد وتحديد الدلالات. فالإنسان» في الإسلام» خليفة 
الله في الأرض» مركز الكونء الأمر الذي يعني أن الحقيقة جزءٌ من 
مدركاته» وأنَّ التأويلات تستهدفٌ عمليًا إخراج الإنسان من محنته في 
إدراك المعاني» والقبض على جوهر المعرفة. إِنّ الإسلام عندما 
يتكمَّلٌ بالإنسان الكليّ فإنما يعمدُ إلى إشباع حاجاته وغرائزه 
ومدركاته لتحقيق وجوديته 24 

لقد حاول الإنسان المسلمُ تطوير فعاليته المعرفية وإنتاج تأويلاته 
عبر عذة أنظمة؛ فالنظامٌ الفقهيَّ يسعى إلى تطوير قانونٍ إنسانيٌ 
حقيقيّء والنظام الأدبيَّ بحثٌ نهم للكشف عن أسثئلة الإنسان 
الحسّاسة وجمالياته وأشواقه وخساراته وانكساراته ومكامن تفوقه 
وتعاليه. أما النظام الفلسفيّ فيستثمر الفكر التأمليّ في حل المشاكل 
الخطيرة التي يطرحها حضور الإلهيّ والإنسانيّ» توكيدًا لشرعية 
العقل. وأمًا النظام الصوفيّ فيسعى إلى إيجاد تقانات الزهد للوصول 
إلى االكهال: الانسات 7 


(23) الاختلاف في الثقافة العربية الإسلامية : دراسة جندرية. ص 643 649. 

(24) انظر: عبد الوهّاب بوحديبة» الإنسان في الإسلام. ط1ء دار الجنوب» تونس» 
7» ص 43 - 48. 

(25) نفسهء ص 49. 





136 خطاب الجنس: مقارياتٌ في الأدب العربيّ القديم 


بيد أن نظام الفقه الإسلاميّ يمثّلٌ أبرز محاولة لوضع تعاليم 
القرآن والسّنة ضمن قواعد ومُقنئنات إيجابية ومتلائمة» عبر العصور 
المختلفة ضمن سياقٍ تراكمي شهد نزعاتٍ صاخبةً حاولت احتكار 
سلطة الخطاب الفقهيّ وإنتاج رؤى متشددة ومتصلبة”©. ولأنّ روح 
الفقه ترفضٌ الإقامة في مناطق التشدد والتصلّب؛ ذلك أن الفقه 
اعجلية بناة وتقكين 'ففية تيت إلى جراقاة الشاعات الاعسفاعية 
وتفهّم وقناك : الآمةا وساي مواد العيو يا الفا الس 
خطابات فقهية متوازنة ومتحررة نسبيًًا قامت بإعادة الاعتبار للإنسان 
ورغائبه. 

ولا يمكن الوقوف على التمثيلات التأويلية المُتشددة والسياقات 
التي أنتجتهاء ولكن يمكنٌ الإشارة إلى منهاج محدّثي أهل المدينة 
في التحريم والتحليل الذين «جلدوا على الريح الخفي» الذي يشتبه 
بكونه رائحة شراب الخمر. لقد حاجج الجاحظ منهج المحدثين 
فقال: (إِنْ عِظّمَّ حقّ البلدة لا يُحل شيئًا ولا يُحرّمهء وإنما يُعرفٌ 
الحلال والحرام بالكتاب الناطق» والسّنة المُجمع عليهاء والعقول 
الصحيحة» والمقاييس المُصيبة)”*©. وهذا يعني أن انتماء الفقهاء إلى 
مرجعية مكانية لا تمنح أحكامهم صحة ومصداقية» ذلك أن تحريم 
الحلال يساوي في الخطأ والانحراف تحليل الحرام؛ أي «أنْ الذين 
من أهل المدينة حرّموا الأنبذة ليسوا بأفضل من الذين أحلوا التكاح 


(20) نفسهء ص50. 

(27) نفسهء ص52. 

(28) كتاب الشارب والمشروب؛. ضمن: «رسائل الجاحظ». المجلد الثاني» الجزء الرابع » 
ص 216 - 277. 





الجنسانيّة في الإسلام: من النصّ إلى التأويل 137 


في أدبار النساء”” .. . وأهل المدينة وإِنْ كانوا جلدوا على الرّيح 
الخفيَّ فقد جلدوا على حمل الزقٌ الفارغ؛ لأنهم زعموا أنّه آلة 
الخمرء حتى قال بعض من يُنكر عليهم: فهلا جلدوا أنفسهم؟ لأنّه 
ليس منهم إلا ومعه آله الرّنى! وكان يجب على هذا المثال أنْ يُحْكمَ 
بمثل ذلك على حامل السّيف والسّكين والسَّمّ القاتل» في نظائر 
ذلك؛ لأنْ هذه كلها آلات القتل)*9©. 

ولعل الجاحظ من أبرز الكتّاب الذين قاوموا هيمنة قراءة النصّ 
وحدود عقله. يقول الجاحظ 0 9 لله تبارك وتعالى اللّم 
فقال : «الذين يجتنبون كبائرٌ الإثم والفواحش إلا اللّممَ إن ربّك واس 
المغفرة». قال عبد الله بن مسعود. وسّئل عن تأويل هذه الآية فقال: 
«إذا دنا الرجل من المرأة فإِنْ تقدّم ففاحشةء وإِنْ تأخَّر فلممٌ. وقال غيره 
من الصّحابة : القبلةٌ واللّمْس. وقال آخرون: الإتيان فيما دون الفرج. 

وكذلك قال الأعرابئن حين سئل عمًا نال من عشيقته» فقال: ما 
أقرب ما أحل الله مما حرّم الله!)”07. 

وتأسيسًا على ذلك فإِنَ الفقهاء والمُّفْسَّرين ساهموا في إنتاج 
التمثيلات التأويلية التي تورْعٌ أدوار الرجال والنساء الجنسية» 
ذهبوا إلى ترسيخ سلطة الرجل على المرأة مستندين على الآية القرآنية 


(229 للوقوف على مسألة وطء المرأة في الدبر انظر: حسين علي المصطفى. ثقا 
الجنسية بين فيض الإسلام واستبداد العادات؛» طاء المركز الثقافي ا 
بيروت - الدار البيضاءء 2003 ص 151‏ 157. 


(0) كتاب الشارب والمشروب. ص 277. 
(31) كتاب القيانء ضمن: «رسائل الجاحظ»., المجلد الأول» الجزء الثان» ص 164. 





138 خطاب الجنس: مقارياتٌ في الأدب العربيٌ القديم 


الع تضهنا: #إولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف إنه 
كان فاحشة ومقنًا وساء سبيلا حُرّمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم 
وعمّاتكم وخالاتكم وبناث الأخ وبناث الأخت وأمهاتكم اللاتي 
أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة وأمهات نسائكم وربائبكم اللاتي في 
خجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن فإنْ لم تكونوا دَخلتم بهن فلا 
جُناح عليكم وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم وأنْ تجمعوا بين 
الأختين إلأما قد سَلَفَ إِنَ الله كان غفورًا رحيما» سورة النساء. 

وهي آية تمنح. حسب هذه الفئة من المفسرين والفقهاء. الرجال 
هيمنة على النساء. ولعل خطورة هذا التمثيل التأويلي الذي يؤسس 
سلطة الرجل على المرأة تكمن في كونه تمثيلاً مطلقًا غير قابل 
للنقض أو الرفض.» لذلك فإنه يتمتع بهيمنة مُطلقة وقداسة رفيعة 


و 
ع 


أضيفت إلى النضن» الأمن الذي يعني أن التمثيلات التأويلية فى 
الإسلام تتمتع بحضور كبير يجعلها امتدادًا للنص وجزءًا منه وتتمة 
لقراءته. لقد احتلّت التمثيلات التأويلية المرتبطة بأدوار الرجال 
والنساء الجنسية وما يترتب عليها من نتائج مساحة وسلطةً فاعلتين لا 
سبيل إلى نقدهما أو مراجعتهما وتفكيكهما!2©. 

بيد أن المُفارقة في التمثيلات التأويلية الجنسانية أنها حققت 
للرجال تفْوّقًا وهيمنة في سورة تختصٌ بالنساء وثعنى بشؤونهنَ وتعلي 
من شأنهنَّ في الحقوق والواجبات والفروض. وكأنَّ المُفسّرين 
والفقهاء حاولوا ممارسة ضروب من التأويلات الذكورية في سورة 


(32) انظر: باربارا ستوواسرء قضايا الجنوسة والتفسير المعاصر للقرآن. ضمن: 
«الإسلام» والجنوسة, والتغيّر الاجتماعئ» ط1ء ترجمة: أمل الشرقي» ومراجعة: 
فؤاد سروجيّ, الأهلية للنشر والتوزيع» عمّانء 2003. ص 95 98. 





الجنسانيّة في الإسلام: من النصّ إلى التأويل 139 


تفرد آياتها لإنتاج قوانين النسوية الإسلامية. ولعل في غياب سورة 
لا يحتاجان إلى إفراد سورة تعالج شؤونهم» وتبحث في شجونهم. 
بيد أن ذلك ليس كافيًا للمؤسسة الذكورية التى تسعى إلى معاظمة 
رساميلها الرمزية عن طريق استبعاد المرأة» وذلك بقيام الفقهاء 
والمفسرين باجتياح سورة النساء مجالٍ النساء المقدس من أجل إنتاج 
تأويلات تؤكّدٌ تفوّق الرجال وهيمنتهم من جهة ودونية النساء 
وتبعيتهنَ من جهة أخرى. 


إن النظام الذكوري الذي يستبعد النساء ويحجبهنَ ويصادر حقوقهنّ 
يسعى إلى البرهنة على عدم المطابقة بين الرجل والمرأة في مستوى 
علاقات الإنتاج وقواعد المبادلات الرمزية» فهو عندما يجتاح (وعي 
النساء وحقوقهنَّ وأجسادهن» يؤكد أن الهيمنة ليست تمثيلات عقلية 
وأيدولوجيا مستمرة» وإنما هي نسقٌ من البنى المتأصّلة التي تدفع 
المُهيمن عليهن إلى الاعتراف بتفوّق المُهيمنين والتصديق بهيمنتهم. 
وضمن سياق الهيمنة الذكورية فإنَ المرأة تُقرأ من الأسفل إلى الأعلى» 
وتظهر كرموز تشكل المعنى خارجهاء لذلك فإنَ واجبها الوحيد مباركة 
رأس المال الرمزي الذكوريّ والعمل على زيادته ومضاعفته”0©. 


الإسلامية» ولها معارضون ومُستنكرون» يقول الجاحظ : «ونحن وإِنْ 
رأينا فضل الرجل على المرأة» في جملة القول في الرجال والنساءء 


(33) انظر: بيار بورديوء الهيمنة الذكوريّة.» ط1» ترجمة: سلمان قعفرانىء المنظمة 
العربية للت رحمة» بيروت» 09 ص 714-70 


140 خطاب الجنس: مقارياتٌ في الأدب العربيّ القديم 


أكثرٌ وأظهرء فليس ينبغي لنا أنْ نُقصّرّ في حقوق المرأة. وليس ينبغي 
لمن عظم حقوق الآباء أنْ يُصِغّْرَ حقوقَ الأمهات. وكذلك الإخوة 
والأخوات» والبنون والبنات. وأنا وإنْ كنت أرى أن حقّ هذا أعظم 
فإنَ هذه أرحم»”*”. ولعلٌ دافع الجاحظ في حديثه عن النساء العدالة 
بيخ الرمعل واليزاق زذلك هدو قانالة:: لسغا تقول نولة ينول أعين 
ممن يعقل: إن النساء فوق الرّجال» أو دونهم بطبقة أو طبقتين» أو 
بأكثرء ولكنا رأينا ناسًا يُرْرُون عليهنَ أشد الزّراية» ويحتقرونهنّ أشد 
الأحتقار ؛ ويخدونين انح اق 

لكنّ ذلك لا يعني أنْ بؤس الخطاب التأويليَ ظل قائمًا؛ فقد 
شهد التفسير والفقه الإسلاميان تحوّلاً باررًا في مفاهيم التأويل على 
يد الحداثيين الإسلاميين الذين قاموا بتطوير برامج تأويلية لإعادة 
مُقاربة المسائل الأخلاقيّة والقيمية في الثقافة والمجتمع والسياسة 
والاقتصاد. ولأنّ روّاد التجديد والحداثة المسلمين يصدرون عن نزعة 
إصلاحيّة فقد راحوا يناوئون البنى الفقهية والتفسيرية التقليدية» وذلك 
من أجل الوصول إلى قواعد إرشادية جديدة مُفعمة بالحيويةء 
وتوجيهات معرفية تنير السبل للإنسان المسلم المعاصر بغية 
استخلاص النظام القيميّ في النصّ القرآنت© . 


(34) كتاب النساء. ضمن : «رسائل الجاحظ». المجلد الثاني الجزء الأول.» ص 157. 

(35) نفس م 2. ج1ء ص 157. 

(36) انظر: باربارا ستوواسرء قضايا الجنوسة والتفسير المعاصر للقرآن.» ص 97 98. 
ويندرج في الاتجاه التجديديٌ الحداثئئّ الإسلامئّ محمد عبده» ورشيد رضاء وسيد 
قطب» وعلال الفاسي » ومحمد الطاهر بن عاشور» وأمينة ودود محسن» وقاسم 
أمين» والطاهر الحداد» ومحمد شلتوت» ومحمد أركون» ونصر حامد أبو زيد. 





الفصل الثالث 


مقاصد الجنسانيّة في الأدب العربئ القديم 


113 


المبحث الأول 


مؤسسة الكتابة ومقاصد التدوين 


لك ينافك فى الفقاقة التدريعة شَدَيما اتكال يسدرفة مد 
لمن ريات غير عبرل داكا لقان ينه ادها المدر كد ةفاي ١|‏ 
نجد ظاهرة اللواط. والسّحاق. والمثلية الجنسية» والعري». والجنس 
بوساطة الحيوانات فضلا عن الشذوذ الجنسى. ونتيجة لذلكء. فإنّ 
وميد كدان لعي » يمحكاتت اتجامانها عرست ناه كوه 
مطالبة بتسجيل هذه الوقائع بهدف تمكين الخطابات من رصد 
الجنسانيات. وكشف نوازع الإنسان ومشكلاته». وإيجاد الحلول 
الملائمة لهاء ولا يكون ذلك إلا بتدوين التجارب,. والاعترافات» 
والعيّنات» والأسرار. وهكذا أصبحت السلطة المتمئّلة فى منظومات 
النعه والتضاء والادي تود :عبروكا من الرفاءة على سارك الأفزاة 
مسوّغة ممارساتها بمراقبة الأخلاق» وحماية الشريعة» والقوانين» وفي 
كل مواطيم لتم وي كان فرانيه ارو ضاف دوانم لأعالي انان ٠‏ 


بيد أن السلطة. وهى تزاول عملهاء استطاعت أنْ تُذكى الملذات 


(1) ميشيل فوكوء إرادة المعرفة» ص 61. 


144 خطاب الجنس: مقارياتٌ في الأدب العربيّ القديم 


والمتع الجنسية وإطلاقها من عقالها؛ ذلك أَنّ أهدافها باتت محض 
مسوّغات تستهدف كشف تجارب الأفراد والتلصص على رغائبهم 
بغية إنتاج خطابات جنسية من شأنها إشاعة الجنس والتحريض عليه 
ود تعليمه إضافة إلى 5 تعميم التجارب» ووضعها أمام ١‏ 2 لجميع دونما 
2ط 3 0 

وهكذا أصبحت اللذة والسلطة مترافقتين ومتلازمتين؛ فالسلطة 
تمارس 'لاقينا عير ممنارسناة اللسةال :4 والمتراقية + والشرصيك» 
والملاحظة» والتفتيش» والمساءلة. والكشف.». والفضح. واللذة 
تتضوّر سلطة» وتتوقّد حذة عندما تستشري ولا تعود تذعن لسلطة 
الخطابات» بل على العكس من ذلكء. فاللذة لا تكف عن محايلتها 
وخداعهاء والهزء بوصايتها عن طريق التهتب منهاء والتدكر أمامهاء 
وتضليلهاء وخرق نواميسهاء والإفلات من أنظمتها. إِنْ اللذة لا تكف 
أشكالهاء وتطور أساليبهاء وتعاظم فاعليتها. لذلك فإِنَ السلطة برقابتها 
وتسلّطها لا تعرفٌ أنها تمنح اللذةً القدرة على اجتياحها ومناوأتها 
وخداعها. كذلك الأمر بالنسبة إلى اللذة التي تمنح السلطة لذة 
محمومة في تقصّيهاء ورصد أساليبهاء وتعديل مفاهيمهاء وتطوير 
برامجها. وهكذا فإِنّ السلطة» برقابتها وهيمنتهاء. توفر للذة أدوات 
مقاومة تحصّنها من الافتضاح والانكشاف» كما أن اللذة بمراوغتهاء 
وإغرائهاء ومجابهتها تقدّم للسلطة ذرائع لملاحقتها وتعقّبها!. 


(2) نفسهء ص 62. 
(3) نفسهء ص 66. 


لا يمكن للسلطة أنْ تستبعد الجنسانية؛ لأنْ الجنسانية مسألة لا 
يمكن استبعادها وإقصاؤها. بيد أن السلطة تعمل على إنتاجها بإيجاد 
قواعد لها. إنها تُعيّن حدود الجنسانية» وتَمَدُدَ أشكالها عن طريق 
ملاحقتهاء ورصد تفاصيلهاء وهي بهذه الوسائل تجذب أنواعها 
المختلفة وتحصر أشكالها المتنوّعة مما يؤدي إلى تقوية الأواصر بين 
السلطة واللذة. فالسلطة لا تقيم أمام الجنسانية سدًا بل إنها تُعدٌ لها 
مساحة رحبة تمارس فيها حضورها. وهي عندما تراقب الجنسانيات 
وتقاربها فإنها لا تسعى إلى السيطرة عليها أو إيقاف عملهاء فهذا أمر 
لا يمكن لأحد القيام به» وإنما ترعاها وتهيئ لها مناخاتٍ من التطوّر 
والتكاثئر عن طريق شبكة الاليات التي تنشرها في العلاقات والقوى 
السائدة. فكلما توسّعت دوائر السلطة تكاثرت اكات التى تؤدي 
إلى إشباع نهم السلطة ونفوذها©. ش 

© آفاق الخطاب الجنسى التخييلية 

ينتمي خطاب الجنس العربيّ إلى مؤسسة الكتابة العربية التي تضم 
خطابات لا متناهية تنتظم على وفق خصائص شكلية ومقاصد 
مضنمونيّة تفغل عملية العداول: وتتحقنئ أفعال: الاستجابة الجمالية. 
فخطاب الجنس العربيّ يشتمل على المفاتيح الأساسية والأبنية 
الرئيسية التي تشتمل عليها الخطابات الإبداعية والمعرفية الأخرى في 
مختلف الحقول والمعارفء. مثل العنوان الرئيسئ» والعناوين 
الفرعية» والتبويب» والفواتح» والمسوّغات». والخراك كما أنه 
يتنوّع في حجم المادة المدونة؛ فمنه ما هو رسالة في قضية جنسانية 


(4) انظر: نفسهء» ص 63- 65. 


146 خطاب الجنس: مقارياتٌ في الأدب العربيّ القديم 


جُزئية» ومنها ما هو كتاب مُفْصَلٌ متخصصٌ في مُقاربة قضايا جنسانية 
ككياء ومنها ماهر كنات سادن يحرم السايا جليجالة دري 
ويستقصيها في الحديث والأخبار» واللغة» والنوادر والأخبارء 
والأسجاع والأشعارء وعلم التشريح». وفن الطبّء وفن الباه'©. 

كما أن خطاتب النين تفلت من التجحيس ؟ إذ"إنة يقرق من 
الفمن القوات ا" والنهة النيوية وم والققيةوالطي القبورق«المسمر 
القراتئ: ولغة العرن"* + والشعرع :و الأمدال والطرانقماء والدواوت 
سانا والأخبار» والتكات» والسّيرء والمُلح» والمأثورات» 
والجكم. إنه يولَّدُ من هذه النصيّات تفاعلاً تمثيلًا وتخييليًا مُدهشًا 
يجعل دلالات الخطاب في حواريّة ديناميّة تُعيدٌ تشكيل مفاهيم 
الجنسيانية وإنتاج التصوّرات المتعلّقة بها". 

وعلاوة على ذلك فإِنٌ لخطاب الجنس استراتيجياتٍ خطابية 
تَوَدَيَهَا الحلافات' المتطقتة والجتجاحئة القن تتعتهاءيثية الخطاتب 
اناق -وتييدت فده العالافات إل تحقبق الإقناع الذي يمنح 
الخطاب صفة التداول التي تُنزّله في مدارج التفاعل القرائي. وبعبارة 
أخرى» فإِنَ مؤلفي الخطاب الجنسيّ يسعون إلى التأثير في القرّاء 
وإقناعهم من خلال إيصال مقاصدهم لهم وإقناعهم بها'*. 


(5) انظر للتمثيل : الوشاح في فوائد النكاح» دار تالة للطباعة والنشر. 

(6) انظر: علي عبد الحليم حمزة» الجنس وأبعاده: جدل القداسة والإغواء والعنف. 

ط1ء رياض الريس للكتب والنشر» بيروت» 2003. ص 33 224. 

7) انظر: حميد لحمداني» القراءة وتوليد الدلالة: تغيير عاداتنا في قراءة النصّ الأدن» 

طآء المركز الثقافي العربي» بيروت - الدار البيضاءء 2003؛: ص 11. 

)0 ظزة اعد العمر يبه نظرية الآدب في القرن العشريق» ط2» أفريقيا الشرق» الدار 
البيضاءء 2004. ص 132. 








وإذا كان المؤلف صانعٌ الخطاب ذانًا مُتخيّلةَ فإنَ ذلك يعني أن ما 
يعرضه من خبرات ورؤى ليست ملكا له وإنما هو ناسقٌ لها عبر 
استناده إلى أصوات وشخصيات ونصّيات غير مُتجانسة. إِنّ فضيلة 
المؤلفه الكبرئن أله تمكن شن القنضن على عباضر متابينة وتالينها 
ضمن ناظم موضوعيٌ دقيق» علاوة على أنه استطاع استثمار تجارب 
الآخرين وجعل منهم أقنعة وأصوانا يتحدث باألسنتهم ويقوم بإنطاقهم 
ويتخذ منهم مطيّة يعبر بهم عن مقاصده. ويجعل من تجاربهم ذريعة 
إنتاج الخطاب”. 


وبناة على ذلكء, فإِنَ المؤلفين» في الثقافة العربية» كانوا واعين 
بهذه الاستراتيجيات» إذ إنهم كانوا يي تأليفهم بإبرام عقود 
القراءة التي توضّح التحويلات التي كانوا يجرونها في المواد 
والنصّيّات التي يخضعونها إلى فرضياتهم ومواقفهم التي كانت لا 
تسلم من التغيير والإضافة والنقض والبناء. كما أن المؤلفين كانوا 
يدركون أن استنادهم إلى خبرات الشخصيات الحقيقية قد يعرّض 
مشروعهم إلى الانهيار إذا ما تلاعبوا بها وعرّضوها للتشويه وإساءة 
الاستعمال. وبالرغم من أن عمل المؤلف يعتمدء في أساسه 
التصوّريّ. على المحاكاة إلا أن أن موقعه الإبداعيّ يُجِيرُ له تعديل 
الخبرات والتجارب والعمل على تطويعها وتحويرها ليولّد عوالم 
دلاليّة متماسكة قادرة على منح التشتيت السرديٌ وتعدد الأصوات 


)9 انظي: والكر جبسون» المؤلفون» والمتكلمون». والقراء. والقرّاء الصوريون. 
ضمن : من نقد استجابة القارئ: من الشكلانية إلى ما بعد البنيوية» ترحمة: حسن 
ناظم» وعلي حاكم» مراجعة وتقديم: محمد جواد حسن الموسويّ» المجلس الأعلى 
للثقافة (المشروع القومىّ للترحمة).» القاهرة» 21999 ص 3 - 45. 





148 خطاب الجنس: مقارياتٌ في الأدب العربيٌ القديم 


بما ينسجم ومقاصده الإبداعية. وهذا يعني أن الشخصيات التي 
تنطوي عليها المُدوّنات بكماءٌ بالرغم من أنّها تتكلم في النصّ. إِنَ 
الذي يُنطقها هو المؤلف الذي يُعلن اختفاءه بعد فاتحة الكتاب 
وكأنه يسعى إلى التنصّل من تبعات الأقوال والأفعال التي تقوم بها 
الشخصيات2090. 


إِنَ المؤلف. في الثقافة العربية» مسكونٌ بالحذر والقلق؛ إذ إِنَْ 
مؤسشة الكتانة تشيطه يزقابة قنديدة تذقعه إلى التدراس والتشحؤط 
وكوخق الذفة اعدو فى هرو تاقسر أذلنه ووو اهده وتمناته يفول 
العاعط فى بخان اد القيان: «هذه الرسالة التي كتبناها من 
ا ا 7 
أذَينا منها حقّ الرواية» والذين كتبوها أولى بما قد تقلدوا من الحجة 
فوا :5 فاتك «متوالة هون قال الحو تيو" لكا قوا فلن ادو 
الحجّة في اطراح الحشمة» والمرتبطين ليسهّلوا على المقيّنين ما 
صنعه المقترفون. 

فإن قال قائل: إِنَّ لها في كل صنفبٍ من هذه الثلاثة الأصناف 
عدي وسما :ققد حدق وباللة: سات ال 

وإذا كانت الكتابة في مدوّنات الأدب العربي القديم على هذا 
النحو من الدقة والحيطة فإنها في خطاب الجنس أشدّ دقَةَ واحتراسًا. 
فالمؤلفون» في الخطاب الجنسيّ» سيكونون أكثر تحوّطا من مؤلفي 


(10) انظر: عبد الفتاح كيليطوء الكتابة والتناسخ : مفهوم المؤلّف في الققافة العربية» 
ط2 دار توبقال» الدار البيضاء» 220058 ص 10-9. 


(1) انظر: رسالة القيان» ضمن: رسائل الجاحظ. م1. ج 2؛ ص 181. 





الخطابات الأخرى؛ ذلك أن موضوع الجنس من الموضوعات التي 
تثيرُ حرجًا ورهبة؛ لأنها تمسّ واحدًا من التابوهات المُحرّمة التي لا 
يمكن مقاربتها دون وقار وتحوّطء ولآن: الجسن .واحد من التابوهات 
الأساسية في التم نت التي تحول المفاهيم الدينية والثقافية 
والاجتماعية دون المساس به والتعرّض إليه'*'' كانت عناية المؤلفين 
فيه بالغة وكبيرة. ونتيجة لذلك. احترز مؤلفو خطاب الجنس 
بمجموعة من الدوافع والمحفزات التي تتنوع بتنوّع مرجعياتهم» 
واختلاف مُحفْزاتهم في التدوين والكتابة. 


(12) انظر: بوعلي ياسينء الثالوث الْمحرّم: دراسةً في الدين والجنس والصّراع الطبقي» 


ط 8. دار النوز الأدبية» بيروت» 2006» ص 53. 


151 


المبحث الثانى 


الكتابة بمداد الفقهاء: المؤسسة الفقهية والجنسانية 


ساهم الفقهاء في إنتاج الخطاب الجنسيّ نظرًا لموقعهم الثقافيّ 
وحرصهم على إشاعة جنسانيات تلتزم بروح الشريعة ونصّها من 
جهة. ورغبتهم في تطويع الجنسانيات وإخضاعها إلى مفاهيم الفقه 
بهدف احتكارها والهيمنة عليها في ظلّ صراع حقول المعرفة 
المسيطرة على الجنسانيات من جهة أخرى. لقد أرست المنظومة 
الفقهية جملة من الحقوق والواجبات الجنسية الهادفة إلى تنظيم 
المسألة الجنسية بين الزوج والزوجة» وقامت بمنح الزوج سلطة 
وامتيازات مطلقة أمّنت خضوع المرأة للرجل» وصيّرت «أنوثة 
المرأة تحت تصرّف الرجل». ومن ضمن الاستراتيجيات الفقهية 
السيطرة على حركة المرأة فى الفضاءات المكانية مثل الأسواق التى 
نحل أمكلة كوو وممال 0505 لماوسة دراه ا 
أدواتها. وحسب هذا التصوّر فإنَ الفقه ينظر إلى المرأة بوصفها 
كائًا طافحًا بالفتئنة والشهوة المصحوبتين بنقصان العقل والحصانة 
والتحكم بالغرائز» لذلك فإنَ التزامها ببيتها وخضوعها لسلطة 


1532 خطاب الجنس: مقارياتٌ في الأدب العربيّ القديم 


الرجل يضمن لها الحصانة ويجنبها السقوط في حبائل الغواية”". 

كما أن المنظومة الفقهية منحت الرجل امتيازًا رمزيًا يقوم على 
وصايته على عفّة المرأة وطهرها مما جعله يُضاعف من إقصائها 
غبن التعجاب"الذاق: يعد آداة قدو الازباب الذئ. قد يعض ريتاميل 
الرجولة الرمزية إلى الانهيار. لقد عمدت المنظومة الفقهية إلى 
التشديد على حركة المرأة وتعطيلها وانتقالها فى الفضاءات 
المحسومة جندريًا لصالح الرجل بسك أنيا ءارف حي خافيية 
للرقابة مما يجعل المرأة عرضة للإخضاع والسيطرة من قبل الرجال 
الآخرين المتعطشين إلى ممارسة الفحولة واستعراضها”” عبر إنتاج 
مقولات ومفاهيم تثبت للرجل مزية وفضلا على المرأة من خلال 
الاستناد على أسبقية الخلق وتأويل أنطولوجيّ يبين تفاوت الرجل 
والمرأة من جهة الجوهر والطبيعة» وإساءة تأويل النصّ القرآنيّ 
وهي إساءة فادحة تقوم على الادّعاء بأنْ حوّاء كانت سببًا هيدا 
في دفع آدم إلى اقتراف فعل الخطيئةء وسوف يقود هذان 
المفهومان إلى نتيجة مُفادها أن وجود المرأة وخلقها ذرائعيّان» 
فهي مخلوقة لإذهاب الوحشة عن الرجل وإشباع نهمه والإبقاء على 
مسيرته ووجوده'0 


ولم تكتف المنظومة الفقهية بالانتقاص من شهادة المرأة بحكم 


(1) انظر: آمال قرامى» الاختلاف فى الثقافة العربية الإسلامية: دراسة جندرية» 
ص 621-619. 

)2( انظر: نفسه» ص 625. 

(3) انظر: : فهمي جدعان» خارج السرب: بحث في النسويّة الإسلاميّة الرافضة 
وإغراءات الحرية. ط1ء الشبكة العربية للأبحاث والنشن: » بيروت» 2010» 
ص 71-70. 





الكتابة بمداد الفقهاء: المؤسسة الفقهية والجنسانية 153 


كونها مجبولة على السهو والغفلة ونقصان العقل””" بل قامت بإنتاج 
سلسلة من البرامج المرتبطة بتحجيم حضور المرأة وتوكيد دونيّتها 
إزاء الرجل الذي قام باحتكار النظم الفاعلة اجتماعيًا واقتصاديًا 
ومعرفيًا واستبعد المرأة وجعلها موضوعًا وأقصاها من مجالات 
التعليم”©» والتجارة» والقضاءء وفي المقابل عاظمت المنظومة 
الفقهية من تبعية النساء للرجال؛ وذلك بتوجيهها إلى العناية بأنوثتها 
وحسن التبعّل لزوجها وهي قيم تخدم الرجل وتعظم سلطته. وعلاوة 
علن ذلك :قات المغطونة الفقهية بعزل النشاء وفرفبت: عَليين 
الحجاب باسم العفة»ء وأوجدت لهذه الآية فقهًا يُعنى بالمرأة 
ويوجههاء وفي ضوء هذه الرؤية فإِنْ المرأة المحمودة فقهيًا هي التي 
تلتزم ببيتها الخاضعة لشروط مؤسسة الزواج» فخير النساء الولود 
الودود التي لا تشكو زوجها ولا تُعرّض بمعايبه» ولا ترفع صوتها 
فوق صوته ومتى ما التزمت المرأة بهذه المعايير الفقهية عدت زوجة 
صالحة أمّا إذا خرقتها فهي امرأة عاصية يلفظها المجتمع ولا يعترف 
بحقوقها"©. 

وتتأسس الجنسانيّة الفقهيّة على مبدأ إشباع الرغبات الجنسية 
لحصول الإنجاب والتناسل في المقام الأول؛ ذلك أنْ الجنسانية» في 


4( انظر : الاختلاف فى الثقافة العربية الإسلامية: دراسة جندرية» ص 625. 

)5( تبِينٌ بعض النصوص والأخبار أن المرأة كانت عُرضة للتحرّش من قبل الرجال في 
الفضاءات والأمكنة الخاضعة لسيطرتهم الذكورية. يؤيد ذلك ما قاله التوحيدي : 
«جاءت امرأة إلى معلم تشكو ابنهاء وكانت جميلة» فقال المعلم للصبيّ : مثل هذه 
الأم يوحشها إنسان فيؤذيها؟! كان يجب عليك لو كان لك عقلٌ أنْ تلحس خراها 
كل يوم طلباً لرضاها» .البصائر والذخائر» م2 ج24 ص 69. 

(6) انظر : الاختلاف فى الثقافة العربية الإسلامية: دراسة جندرية. ص 628 629. 





154 خطاب الجنس: مقارياتٌ في الأدب العربيٌ القديم 


السياق الفقهئء تُطلبُ لمآلها وهو التّكائرٌُ والنّسلُ. ولمّا كانت الشهوة 
لا تتحقق إلا بالنكاح فقد وضع الفقهاءً أنظمةً واجتهادات في مسائل 
التكاح المتنوعة وتفصيلاته الدقيقة. وتعلي الجنسانية الفقهية من منزلة 
الرجل المسلم وتمنحه امتيازات جنسانيّة تفوق المرأة؛ استنادًا إلى 
دوره في تعمير الكون ونشر تعاليم الدين لذلك أفاض الفقهاء في 
الحديث عن شهوة الرجل ورغبته الجنسية وضرورة إشباعهما من 
خلال توسيع دائرة الإباحة وتأويلها بما يتلاءم مع قوى الرجل 
وفحولته وشهوته الجنسية"”. 


وسوف تكون شهوة الرجل وسبل تحقيقها مدار خطاب الفقه 
الجنسئ الذي يجعل الرجل مدار الجنسانية والمرأة أداة تحقق بها 
ووسيلة تتم من خلالها. لقد نصّت المرجعية الفقهية على آداب 
الجماع الواجبة والمفروضة على المرأة التي يتعيّنُ عليها أنْ تُنَاغمَ 
الرجل في رغباته وشهواته وألا تبادره بإظهار الرغبة الجنسية في حين 
أنها ملزمة بالاستجابة لرغبته في أي زمان ومكان شاء حتى لو كانت 
على ظهر قتب. كما أن عليها إيلاء جسدها ومكامن أنوثتها الرعاية 
الكبيرة من جهة التطيّب واستعمال المهيّجات الجنسية التي تستدرج 
الرجل وتزيد في رغبته وشهوته. أما الفعل الجنسيّ فإنه يقبح بالمرأة 
أنْ تتحرك أكثر من الرجل متوهّمة أن إفراطها في الحركة يمنحها 
حظوة عند الرجل » فالواجب عليها أنْ تكون» في حركتهاء أقل من 
حركة الرجل» «وأفضل من سائر الحركات الحركةٌ التى تخفى عن 
الحسّ وتشبه بالسّكون» وهو أن تسكن المرأة على شريطة أنْ يكونّ 


(7) انظر : نفسهء» ص 665- 667. 


الكتابة بمداد الفقهاء: المؤسسة الفقهية والجنسانية 155 


كل عضو منها إذا استدعاه الرجلٌ بأدنى إيماء» أسرع إليه إجابة: 
وانفعل له» كالريشة في سرعة لمح البصرء حتى أنه لو حرّك أثقل 
أعضائها؛ لتحرّك كالريشة خفة)0. 


إن دورَ المرأة الجنسي يقتصر على إمتاع الرجل وإيصاله إلى 
إشباع رغباته الجنسية» لذلك ينبغي على المرأة «ألاأ تقول على سبيل 
المزاح والمداعبة كلامًا معناه الاستزادة من الجماع؛ فإِنَ ذلك غير 
محتمل من المرأة» ولم يُحقّق الرّجل أنها مازحة» بل الأولى إِنْ 
توهّمت أن الرجل قادرٌ على المعاودة» وأعجبها ذلكء أنْ تتقرّب 
إليه» وتتحبب له». وتحادثه أحسن الحديث وأمتعه وأجلبه لقيام 
الذكرء وفي أثناء ذلك تقربٌ منهء وثُبدي له ما تعلم أنه يُعجبه 
منهاء وفي خلال ذلك تُكبِّسٌ يدهء وتلف ساقها على ساقه. ولا 
بأس في خلال ذلك بِأنْ تُقبّله قليلاآ؛ فإِنَ الرجل لا يلبثُ أنْ ينشط 
لمعاودتهاء ولو كان عنّْينًا»". 


وفي المقابل فإنّه من الواجب «ألآ تمتنع المرأة عن الجماع إذا 
ألحّ الرجل في المراودة؛ فإنه إِنّما يُلحٌ لشذة إنعاظه» ولصدق شهوة 
يجدها. وإصرارها على الامتناع» يكسر شهوتهء ويُفِسدٌ رأيه فيهاء لا 
سيّما إِنْ كان عزيز النفس. عالي الهمّةء فأمًا اللواتي يمتنعن ليحلو 
موقعهنَ عند الرجل» فقد أخطأنَ الطريق» وضيّعن مقصودهنَّ»؛ لأنَ 
من شأن الممانعة تسكين «هائج الشهوة» ومتى حصل ذلك قبّح العقل 
الشهوة مما يؤدي إلى إشاحة وجه الرجل عن المرأة وذكره سوء 


(8) نزهة الأصحاب فى معاشرة الأحباب. ص 115. 
(9) نفسهء ص 116. 


156 خطاب الجنس: مقارياتٌ في الأدب العربيّ القديم 


خلقهاء وتخلّفها عن موافقته الأمر الذي ينتهي بانتقاص موضعها 


وقدرها 0 


ويشدد فقهاء الأنكحة والباه على ضرورة تحقق الشهوة في إنجاز 
الفعل الجنسيّء إذ لا يكفي توافر آلة النكاح وإنعاظ الذكر بل لا بد 
من توافر آلة الجماع والشهوة. يقول السموأل المغربيَ: «ومن الآداب 
ألا يُجامع الرَّجِلٌ إلآ مُنعظًا قويّ الإنعاظء ولا يتكلّفٌ لها بما لا 
يسمح به طبعهء فيجامعها بمتاع رخوء فإِنْ كانت زوجة؛ أضمرت 
تفرك :وإ كان لخليلة فار شينف :ف عا شتر ته :قله افع اال" 
يعتمدٌ على قيام الدكو يك عن :وجوه شهوة صادقة ؟ فَإِن ذلك القيام 
لا يدوم إلا بمقدار ما يتوسَّطً الفرج» فيرخيه بحرارته» ويبقى على 
أكتن اللحوال تالف 7 


وبالجملة فإِنَّ على الرجل أنْ يقتصد في سلوكه الجنسيّ وألآ 
يُقرط في المضاجعة والنكاح لا لما سيعتريه من ضعف ووهن وإنما 
ليظل محظيًا عند المرأة مُعتدا بفحولته ونشاطه. يقول ابن المقفع: 
«ولا تُطل الخلوةً فتمللهن ويمللنك» واستبق من نفسك بقية؛ فإِنَ 
إمساكك عنهنّ» وهنٌّ يردنك باقتدار؛ خير من أن تهجم منك على 
م 


إن مرجعية الخطاب الجنسيّ الفقهيّة نُعظمٌ شهوة الرجل وتكاد 
تستبعد المرأة» وبناء على ذلك فإِنَ على الرجل أنْ يُحكم فعله 
(10) نفسهء ص 116. 


(11) نفسهء ص 117. 
(12) نفسهء ص 117. 


الكتابة بمداد الفقهاء: المؤسسة الفقهية والجنسانية 157 


الجنسيّ ويتخذ له التدابير ليشبع رغبته ويصل إلى هدفه الجنسيّ دون 
أن مشقل تعنفب _المزاة يقرل السيوطن مرمة) :هذه العسالة: 
«وأصدق ما قيل في ذلك : بن كم الس با شهوته ودامت 
لذته. ومن نكح لغيره فترث آلته» معناه: أنْ يكون الرّجل مراعيًا 
لشهوة المرأة يُكلّفٌ نفسه بلوغ مُرادها من التكاح وغاية شهوتهاء ولا 
يلتفت إلى استحكام مائه» ولا حفظ جسمه. ويكون مُنهمكا في 
شهوة غيره». إِنْ الرجل» على وفق هذه المرجعية» مُطالب بحفظ 
جسمه من التّلف وشهوته من الفتور وذَكَرَه من الوهن. ويستدرك 
السيوطيّ قائلا: «ومعنى «من نكح لنفسه»: أنْ يكون الرجل مُقبلاً 
على شهوة نفسه يأحذُ من النكاح حسبما يُرِيدُ من زيادة أو نُقصانء 
أو في أي وقتٍ اختار ما كانت شهوته داعية إلى النكاح» فهذا لا 
تنقطع مادثّه في التكاح7”0". 

وتقترن المرأة في خطاب الفقهاء الجنسيّ بمستودع فضلات 
الرجل؛ إذ إنها الوسيلة الناجعة في تخليص الرجل من احتباس منيّه. 
يقول السيوطيّ: «ولا ينبغي أنْ يُسِتعْمَلَ التكاحُ إلآ إذا قويت الشَّهوةٌ 
وحصل الانتشارٌ التامُ الذي يحصل من غير تكلفٍ وتفكر ولا تذكّر 
مستحسن» وإنما يكون عن كثرة مني وشدة شبق» فينبغي أنْ يخرج 
في الحال. كما تخرجٌ الفضلةً الرديئة من الاستفراغ السّهلء لأنْ في 


2142 > 


حبسه ضررًا عظيمًا) 


(13) نزهة المتأمّل ومرشد المتأقل في الخاطب والمتزوج. ضمن: الجنس في أعمال الإمام 
جلال الدين السَيوطىٌ » دراسة وتحقيق : حسن |حمد جغام» تقديم: محمد بئْيس » 
ط1ء دار المعارف للطباعة والنشر» سوسة ‏ تونس » 601 ص 109. 


(14) نفسهء ص 115. 





1538 خطاب الجنس: مقارياتٌ في الأدب العربيّ القديم 


وقلى وفق هذه التفنور فإن على «الرعا آلآ تر حقوق المرأة 
ولذتها بمعزل عن شهوته وانفصال عن رغبته؛ لأنَ في ذلك ضررًا 
بالعًا وأذىٌ كبيرًا. يقول السيوطيّ: «وأمًا حبسٌ المئْي عند الجماع 
ليطولٌ على المرأة كيما يدومً الالتذاذٌ بها لكونه يُمسكُ المئى عند 
إنزاله» ويُدافعُ شهوته وقنًا بعد وقت. فذلك يحدثٌ من الاحتراق في 
الأدرّة» والفُروح في الكلى والمثانة» ويفسل مزاج البدن. ورثما تولن 
طن علج بيلك هيا "ماعتها» كو للم سا لبي 

لقد أعاد الخطاب الجنسي ذو المرجعية الفقهية إنتاج الجنسانيات 
وفق أصل ميتافيزيقي يفضل الرجل على المرأة ويجعلها فراشا له 
يعلوها أثناء الجماع. مما يعني أن أوضاع الجماع الفقهية تجسَّدٌ قوامة 
الرجل وعلوٌ الذكر ومركزيّة القضيبء. لذلك راح الفقهاء يبحثون عن 
مُسوّغات طبيّة لتعزيز فرضية أفضليّة الرجل على المرأة الأمر الذي 
يعني أن «الجماع ليس فعلا بيولوجيًا بقدر ما هو بنيةٌ رمزيّةٌ وبناء 
ثقاكة حتهن بالنعوور "توق ووه الخي كله ها تفي هذا امون 
عومااقان: «الويل كل الوم لحن جتعل تنقسيه أرضا والمر ا شاف 
كانه تكن منه أنواع البلاء»””0. 


(15) نفسهء ص 109. 

(16) ترى الباحثة آمال قرامي أن العرب» قبل الإسلام» حرّموا اعتلاء المرأة الرجل عند 
النكاح» ورفضوا إتيانها في وضع يكون فيه ظهرها إلى السماء. وتفسر الباحثة هذا 
الأمر بأنَ علو الرجل على المرأة في الجماع يدل على خضوعها وطاعتها له. وأن 
«اعتلاء المرأة الرجل حجّة على فساد أخلاقها ونقص أنوثتها ورفض الامتثال 
للنموذج السائد». انظر : الاختلاف في الثقافة العربية الإسلامية: دراسة جندرية» 
ص 683 - 685. 

(17) نزهة المتأمّل ومرشد المتأفل في الخاطب والمتزوج» ص 108. 





الكتابة بمداد الفقهاء: المؤسسة الفقهية والجنسانية 159 


وينبغي على المرأة أن تهيئ أسباب الشهوة للرجلء وأنْ تحرص 
على إدامة شهوته. وتجديد رغبته» ومتى أحسنت المرأة ذلك نجحت 
في درء جفاء زوجها وأنْ يستبدل بها امرأة أخرى. كما أن هذه المرأة 
محمودة من الناحية الفقهية؛ إذ توفْرُ لزوجها أسباب الاستقرار 
النفسي والروحيّ وتمكنه من تعمير الأرض والقيام بالفرائض 
والطافات يعات رسالته الا 0 


إِنْ دور المدراة تعد أبتاف ]فى تين العا وتنشيطه سيا 
ويستعير السيوطيّ ما توارد في كتب الباه في سبيل توضيح هذا الدور 
ونصه: الأجمع علماء الفرس وحكماء الهند من العارفين بأحوال الباه 
غلن: أن" إثاز#«الشيوق “واتتكبال المفعة ل يكن إلا :بالمؤاففة" التامة 
من المرأة وتصئعها لبعلها في وقتِ نشاطه مما تتم به شهوته» وتكملٌ 
متعته »2 من التودد» والتملّق» والإقبال عليه» والمُثُول بين يديه» من 
الهيعات ‏ العفنة 4 والزينة الكهفر كه الدن تمرك دوي الاتكباز 
والمُتور» وتزيدٌ ذوي النشاط نشاطا. . . فالمرأةٌ الفطنةٌ الحسنةٌ التَبِعُل 


219) 


تراعي جميع هذه الأحوال مما تتم به متعة الزوج» 


إنَ منطق الغَلبة هو الذي يحكم علاقة الرجل بالمرأة» فالرجل 
يسعى إلى البحث عن حقوقه كاملة غير منقوصة أما المرأة فعليها أنْ 
ترضخ للرجل بصرف النظر عن مآله وتحولاته الصحية والنفسية 
والجنسية. ولعل امتلاك الرجل أدوات الغلبة يجعله قادرًا على 


(18) انظر: الاختلاف فى الثقافة العربية الإسلامية: دراسة جندرية.» ص 648. 


(19) شقائقٌ الأترنج في رقائق الغُنج. ضمن: الجنس في أعمال الإمام جلال الدين 
السيوطىّ ‏ ص 90. 





160 خطاب الجنس: مقارياتٌ في الأدب العربيٌ القديم 


السيطرة على المرأة وإخضاعها. ومن الأخبار المؤيدة ما نصّه: «قال 
الجفيه وق شيجة لك العام على ادف فاه كدت رشي 
فوع شبيبتى بالباه» فلمًا أسننتٌ أرضيتَهُنَ بالمداعبة والفكاهة. فلمَا 


220 


هَرِمت أرضيتهنَ بالمال» 

إن المتخيل الذكوري ينظر إلى المرأة بوصفها أداة من أدوات 
الإمتاع» ولتحقيق الإمتاع يتعيّنُ على الرجل إرضاءها بالباه والفكاهة 
والمداعبة والمال. ويحضر تصوّر إخضاع المرأة والسيطرة عليه في 
نصيّات كثيرة تجسد رغبة الرجل في إحكام قبضته على النساء. يقول 
أبو حيان التوحيديّ: «قيل لرجل من العرب كان يجمع بين ضرائر: 
كيف تقدرٌ على جمعهنّ؟ قال: كان لنا شبابٌ يُظاهرهنَ عليناء ومال 
يصورهنٌ لناء ثم قد بقي لنا خُلقٌ حَسنُ فنحنٌ نتعايش به2100. 

والناظر في النصّين السابقين يجد أنّ هناك ترتيبًا في وسائل 
الرجل وتدابيره في السيطرة على النساء والجمع بينهنّ» فَأوَلٌ هذه 
اللوسافل انام والمحسن» والقانية : التعال» والعالغة: العداعية 
والمفاكهة» وأخيرًا: حُسن الخلق. وبموجب هذه التصور فإِنْ الرجل 
ينظر إلى المرأة بوصفها كائئًا مسكونًا بالفتنة والرغبة والشهوة وأنَ 
دوره ينحصر في إطفائها وتسكينها والتحكم بها بالوسائل المذكورة 
بعانقًا: 

إِنَ قدرة الرجل الجنسية عامل حاسم في إخضاع المرأة والسيطرة 
عليهاء وإذا ما انتقصت قدرة الرجل الجنسية وعجز عن إتيان المرأة 


(20) البصائر والذخائرء م1. ج1. ص 127. 
(21) البصائر والذخائرء م3)» ج5. ص 195 196. 


الكتابة بمداد الفقهاء: المؤسسة الفقهية والجنسانية 161 


والقيام بحقوقها فإِنَ المرأة لن تطيق البقاء معه والامتثال له. ومن 
النصوص المؤيدة: «قال المدائني: سمع أعرابيٌ قوما يقولون: 
النساءً لا يقمن مع الرجال على غير نكاح» فأحبٌ تجربته فقال 
لامرأته : إن أيري قد اصطلمء فسكتت,» واعتزل فراشها فقالت له: 
يا هذا خلّ سبيلي فليس لي فيك حاجةًٌء فداراها فأبت إلا الفراقَ 
وطالبته بثمن خاتم كان لها عليه» فوثب عليها وأخذ برجلها ودفع 
فيها وهو يرتجز: 

فلست بالجَلْد ولا بالحازم إذال اجا مَناكِ بالعغجارم 

وجا يسيك لاب الخاتم ش 

فلما فرغ قال لها: ما رأيِّكِ؟ قالت: ما أقبحَ بمثلي التردد إلى 
البعول. قال: فما قولك في ثمن الخاتم؟ قالت: كيف تقضيني 
وأنت مضيق» ولكن إذا اتسعت» وأقول واحدةً: قد وهبتٌ لك ثمن 
الخاتم)”77. 

إِنَْ هذا الخبر يجِسَّدٌ صورة المرأة التي تطالب زوجها بالطلاق 
والفراق بعد أنْ علمت أن أيره قد استُؤصل وقُطع من أصوله». وبعد 
أن اعتزلها وأهمل حقوقها الجنسية. كما أنها راحت تطالبه بثمن خاتم 
كان لها عليه مما يعني أن المرأة كرهت زوجها؛ لأنه لم يعد قادرًا 
على نكاحها ومجامعتها. 


(22) نفسهء م1ء ج2. ص 152. 


162 خطاب الجنس: مقارياتٌ في الأدب العربيّ القديم 


© عمامة الفقيه وصناعة الجنس 


يُمَثْلُ جلال الدين السبوطي. واحدًا من الموسوعيين الكبان الذين 
خاضوا فى حقول المعرفة الشائعة فى عصره» ومن أبرز هذه الحقول 
حدل لوال الدى نارية السوك يقلتي افده رارق لتر 
ومنهجية اللغويّ. لقد فعّل السيوطي في خطابه الجنسيّ الممتد في 
أربعة عشر كتابًا ورسالة معارفه التي برز فيها وفاق شيوخه وعلماء 
عصة لد غرف التحرظ من ماوع سيلو اننابين ارسي 
علوم فرعية؛؟ فأمًا الأساسية فالتفسيرء والحديثُ» والفقه. والنحوء 
والمعاني» والبديعء وأمًا الثانوية فأصول الفقهء والجدلء 
والتصريف. والإنشاء والترسّل» والفرائضء والقراءات» والطب”©. 

يُشير السيوطيّ إلى عكوفه الطويل على التأليف في «فن النكاح»؛ 
بعد أن أدرك أن'المضحفات التي سيققعه تراوح نين الإسهات 
والاختصار من جهة والاستيعاب والتّقصير من جهة أخرىء الأمر 
الذي حفزه على الخوض في حقل الكتابة الجنسية بدافع الإضافة 
وتخلهن الخطانات الحسسة من افا التقضن. والقمنوز رظنا للدقة 
والكمال. لكنّ ذلك كله لم يمنع السيوطيّ من الإشادة بكتاب ١تحفة‏ 
العروس ومتعة النفوس» للتيجانيّ» الذي يُعَدْه حسب السيوطيّ» 
أجمع الكتب لفوائد مسالك الخطابات الع ْ 


(23) انظر: مقدمة فرج الحوارء في الجماع وآلاته لجلال الدين السيوطيّ» ضمن: 
الجنس عند العرب. ج 4» ص 11-10» 19-58. 

(24) انظر: الوشاح في فوائد النكاح. ضمن: الجنس في أعمال الإمام جلال الدين 
السَيوطيَّ» ص 194. 





الكتابة بمداد الفقهاء: المؤوسسة الفقهية والجنسانية 163 


وبالرغم من إقرار السيوطيّ بوقوفه على مصتفات الأوائل في 
التآليف الجنسية إلآ أنه يُنكرٌ أنْ يكون قد وجد فيها من التنظيم 
المنهجيّ والتبويب العلمي ما يجعلها جديرة بأنْ تحظى بكونها 
خطابات» وما بين الإقرار والإنكار يسعى السيوطي إلى تدشين 
خطايهة إنةالقة وجوه الجاكة: اله الكنه نكر اللاراعي فس سك 
منهجيّ وائتلافها في نسق مفاهيمي. إِنّْه يسوَّعٌ تآليقه برؤيته الخطابية 
التي تقوم على أساس فقهيّ يسعى إلى شرعنة الجنسانيات واحتكارها 
ووضعها في إطار الفقه الإسلاميّ الشرعيّ» كما أنه يروم إنجاز 
خطاب موسوعيّ يتصف بالشمولية ويحتكم إلى مداخل جديدة في 
تناول المسائل والقضايا بما يتيح مقاربة موضوعات الخطاب برؤى 


جديدة. 


ويمئّل كتاب السيوطيّ الموسوعي الموسوم ب «مباسم الملاح 
ومياسم الصباح في مواسم النكاح» مشروعًا مكتملاً في حقل 
الجنسانية؛ فقد فصّل فيه ما كان مُجملا فى التآليف والكتب التى 
مجك عي أن امرك ان تان جم قير رودو ابراب ظوياةاهنا 
ولّد فيه سأمًا ومللاً منهاء مما يعني أن طموحه الموسوعيّ أخفق في 
تحقيق الأهداف التي وُْضِعّ من أجلي أو أنه رأى أنْ المادة الضخمة 
التي جمعها وبوّبها تصلح أنْ تكون عدة كتب ورسائل. 

بيد أن حالة الملل والسأم التي شكا منها السيوطي لم تدفعه إلى 
إتلاف كتابه بل إنها جعلته يعاود رسم مخططاته الخطابية بأنْ جعله 
مسوّدةً لمشروع يمتد في قضايا الجنسانية ومسائلها. لقد وعى 
السيوطيّ أن المادة النصية التي جمعها وصلت إلى حدّ التضخم 
لذلك ارتأى أنْ يوزّع مفاهيمها في رسائل وكتب تناسلت من المسوّدة 


164 خطاب الجنس: مقارياتٌ في الأدب العربيٌ القديم 


الكبرى التي جمعها ودوّنها ووظف فيها معارفه وعلومه المتنوّعة 
غلأوة.غلن ما أنجذه الآخرون مخ تاليف كانت بين يديه أثناء الكتابة. 
وهذا يعنى أن السيوطى يدرك أن حقل الكتابة الجنسية حقلٌ خصبٌ 
ومُكمة حل الأمر لق يدفعه إلى استثمار المادة النصية التى 
اسوك بن 'ندية فن,كألينب أكثر من كنات وورسالة: وااو 
فكرة الكتاب الموسوعيّ الجامع مُفضّلا تقسيم الموضوعات والقضايا 
ويجعل لها نواظم منهجية تجمع كل باب موضوع على حدة. 


يقول السيوطي في صفة مسودة كتابه «مباسم الملاح ومياسم 
الصباح في مواسم النكاح»: «فتضمّنت من الفوائد جُملآء ومن 
الفرائة: كنيو مفطاة ومجما» غبى أنهنا بلحث "تيحن عكمسية كزانا 
فاستطلتهاء وسئمت من طولهاء ومللتها فاختصرت منها هذا 
الممختصر في نحو عشرهاء ولخصتٌ فيه أحاسن المحاسن من نظمها 
ونثرهاء ورتّبته كترتيبها في تلك المسوّدة» وإِنْ كنت لم أودع في 
تلك المُسوّدة إلا ما يُسْتَحَسنُء فقد جئتُ هنا بالأحسن من ذلك 
الحسن. وانتخبت كل ذُرَة خفيفة المحمل غالية الثمن» وسمّيته 

1 ع2 (225) 
ب «الوشاح في فوائد النكاح» © . 


إن الكتابة في خطاب السيوطيّ الجنسيّ تخضع لعمليات طويلة 
ودقيقة تمر بجمع المادة النصّية وتدوين الفوائد مُجِمَلَةَء وتفصيل 
الفرائد وتحليلها واستخراج المفاهيم الماثلة فيها. ثم مرحلة الاختصار 
والتنلخيص والترتيب والانتقاء والانتخاب. وإذا كانت المادة الأولية 


(25) انظر: الوشاح في فوائد النكاح. ضمن: الجنس في أعمال الإمام جلال الدين 
السيوطيَّ» ص 194 195. 


الكتابة بمداد الفقهاء: المؤسسة الفقهية والجنسانية 165 


المجموعة فى المُسوّدة تنماز بالجودة والحسن فإِنّ المادة المُنتخبة فى 
كتاب الوشاح في فوائد النكاح تتصف بكونها «خفيفة المحمل غالية 
الثمن»» وهذا يعني أن السيوطيّ يُنَزّل خطابه منزلة رفيعة بِأنْ جعله 
١4‏ ينا رمو له الا فطل الشارع لاار كل سادزا سين ميدن 
الخطاب وتمييزه عما سواه. 

ويعتمد السيوطيّ في تأسيس خطابه الجنسيّ الذهبيَّ على مرجعية 
ا مكية الات الأول رو 9 ١في‏ ف اللجديه 
والآثار» الذي جعله مرتكرًا أساسيًا فى حفريات خطابه ذي المقتربات 
والفترت السبعة: ارشف الكريكرة اليوط يالك التسما فاته لقي 
جعل عنوانها «الوشاح في فوائد النكاح» في سبعة فنون هي: فنّ 
الحديث والآثارء وفن اللغة» وفنّ النوادر والأخبار» وفنَ الأسجاع 
والأشعار في كتب الأخبارء وفن التشريح» وفن الطبء وفنّ الباه. 
وبعبارة أخرى» فإنَ السيوطيّ استعمل صيغة «النكاح» المتداولة في 
المرتجحفية الفقهية للدلالة: على :العلاقة التحسيية الشرعية “بين الذكز 
والأنثى التى تستبعد العلاقات والأشكال الجنسانية الأخرى ولا 
تعترف توعودنا خارج المرجعية الفقهية القادرة على استيعاب 
الأنشطة والممارسات وإكسابها صفة الشرعية. وضمن هذه المقاربة 
فإنه لا وجود إلا للجنسانية الفقهية التي تفسّر الغاية من خلق الإنسان 
وتسوّغ حضوره في الأرض بالعبادة وعمارة الكون. 

إِنَ السيوطي ليدرك أن الخطاب الجنسي عرضةًٌ للمقاربة من قبل 
الحقول المعتادة التي تنافس الخطاب القين في احتكار الخطاب 


)226 انظر: نفسه» ص 5 


166 خطاب الجنس: مقارياتٌ في الأدب العربيٌ القديم 


لذلك يعمد السيوطيّ إلى إعادة إنتاج الجنسانية ضمن خطاب ذي 
مرجعيّة فقهيّة تدّعي بأنها الأنسب في تناول الخطاب والأولى في 
نقارينة.:ويسنتك السينوط + في فن البحديت والآنار» إلئ الآيات 
القرآنية””© والأحاديث النبويّة وما ورد من آثار منسوبة إلى الصّحابة 
والتابعين والمفشرين والمؤوليق والأختاريين يهودق البحثك عن 
مسوّغات وأدلة وحجج تجعل المرجعية الفقهية أقرب المرجعيات 
نسبًا إلى الخطاب الجنسيّ. واستنادًا إلى هذه المرجعية ينصرف 
السيوطي إلى التأويل الذئ:برق أن الهنداية التي ركبها" الله فئ 
الإنسان بعد خلقه تتمثّلُ في الجماع. وإتيان الذكر الأنثى”*. كما أنه 
يجمع آراء العلماء في فوائد النكاح فيذهب إلى أنَ رأي الغزالي» 
يمثّل مدخلا مهما ومُّقنعًا في إنتاج الخطاب الجنسيّ الذي تتنافس 
عليه مرجعيات متنوّعة. ويتبتى السيوطيّ رأي الإمام الغزالي ومُفاده 
أنَ: «الفقهاء يقولون في فوائد النكاح: كثرة النسل» وحفظ الوجودء 
والاطلاع على اللذات الأخروية» «ولّعمريء والكلام للغزالي» إِنَ ما 
قالوا لصحيح. وإنَ في هذه اللذة التي لا توازيها لذة لو دامت» 
لتنبيهًا على اللذات المودعة في الجنانء إن الترغيب في لذة لا 
تُعْرَفُ لا ينفع» فلو رُعْبَ العنينُ في لذّة الجماع. أو الصَّبيَ في لذّة 
(27) يرى عبد الكبير الخطيبي أنْ الفرضية القدسية التي ترى أن قراءة القرآن مهيئة 

للجماع تتضمن اخترافًا للنصٌ القرآني في بعده الدينيَ؛ إذ يصبح القرآن كلامًا 

شعائريا فاتحا للشهيّة الجنسية ووسيلة الجماع الذي يغدو ضروريًا كضرورة الكلام 

الإلهيَّ. فالنصٌ القرآني يثير في النفس مباهج الجنس وشهوات الجسد والإقبال على 


انام عير ستحددة. انظن :الاسم الغرى الريخ ١‏ ترهة عمد بحس درط 
منشورات عكاظط,» الرباط » 0 ص 120-117. 


)228 انظر : الوشاح في فوائد النكاح » دار تالة للطباعة والنشية ص 27. 





الكتابة بمداد الفقهاء: المؤسسة الفقهية والجنسانية 167 


المُلك لم ينفع الترغيب فيهء فإحدى فوائد هذه اللذة في الدنيا الرغبة 
فى دوامها فى الجنّة ليكون ذلك باعًا على عبادة الله تعالى. قال: 
فاظار إلى مكوة الله شال دن رحعع» كات تعد ان انير 
واحدة حياتين». حياة ظاهرة» وحياة باطنة». فالحياة الظاهرة حياة 
المرء ببقاء نسله والحياة الباطنة هى الحياة الأخروية» فإِنّ هذه اللذة 
الناقصة بسرعة الانصرام» ُحرّكُ الرغية في اللذة الكاملة بلدّة الدوام» 
فتحث على العبادة الموصلة إلبها)29, 

إن المُتخيّل الجنسي الذي تشتمل عليه الجنئة سيكون مشغلا 
فاغلا لخطانات الفقه الحسية ذلك أن هذه الخطابات تمر فيداً 
لا نهائية الجنسانية التي أنتجتها المرجعية الفقهية التي أرادت 
معاظمة الخلود في الآخرة» وربطه بالعبادة والالتزام بالشريعة 
ومقاصدها في الدنيا. ويحضر هذا التصوّر جليًا في كتاب الوشاح 
في فوائد النكاح» إذ يوظف السيوطيّ عددًا كبيرًا من النصّيات 
الواردة في الحديث والأخبار في سبيل إكساب الجنسانيات صفة 
شرعية» والبرهنة على مرجعيتها الفقهية في المقام الأول. لذلك تراه 
يشدد على الجنسانية الآخروية التي تصور تناكح أهل الجنة بذْكّر لا 
يمل وشهوة لا تنقطع. ويستند السيوطي إلى الاثار التي تجسدها 
الجنسانية النبوية التي تعد المرأة كما تعد الرجل بحياة جنسانية 
متجددة. فعندما سئل النبيَّ محمد: هل يتناكح أهل الجنة؟ قال: 
انعم بقبل شهيّ وذكر لا ا 


(29) نفسهء ص 29. 
(30) نفسهء ص 53. 


168 خطاب الجنس: مقارياتٌ في الأدب العربيّ القديم 


وافتيوة هذا" التسيوو :تان" السدجانة ستكون: أنه مكراض لاسر 
المهمة التي تدفع الإنسان إلى العمل والطاعة في سبيل الحصول 
عليها ف «(أصحاب الجنة في فيعل فأكيون3 وَأ حنا فو ل طن 
بالتعفهانبات: المعتعدةة اللانتتاعية <رذلك لوفرة الحون العون) 
وعكوف الله على خلقهنَ في سبيل إشاعة المباهج الجنسية”©. يقول 
السيوطي: مسدبدا إلى الآثر الذي أحرجه ابن عشاكن: «إنْ.فئ الجبة 
أنهارًا على شاطتها خيامٌ فيهنَ الحورء يُنشئ الله إحداهنّ إنشاءء فإذا 
تكامل خلقها ضربت الملائكة عليهنَ الخيام» جالسة على كرسي ميل 
في ميل» قد خرجت عجيزتها من جوانب الكرسيّ» فيجيء أهل 
الجئة من قصورهم يتنرّهون ما شاؤوا ثم يخلو كل رجل منهم 
بوائحدة مدهي , 


)031 يذهب الجاحظ إلى أن النصٌ القرآني يجيب عن أسئلة القراء والمسلمين المرتبطة 
بالجنة يقول الحاحظ : «وقال الله عر وجل: «إنْ أصحاب الجنة اليوم في شغل 
فاكهون) ' وأصحاب الجنة لا يوصفون بالشغل» وإنما ذلك جوابٌ لقول القائل 
خبّرني عن أهل الجثة» بأيّ شيء يتشاغلون؟ أم لهم فراٌ أبدا؟ فيقول المجيب: 
لاء ما ل وأكل فواكه الجنة» وزيارة الإخوان على 
نجائب الياقوت!) ». الحيوان» ج24 ص 276. 


2320 اللوقوف على الجنس في بعديه الدنيوي والآخروي انظر: إبراهيم تحمود. الجنس 
في القرآن. ط2 رياض الريسن للكتن:والتشين» بيروت »2 8 .؛» ص 133 154. 


)2233 الوشاح في فوائد التكاح, دار تالة للطباعة والنشرء» ص 54 55. 





169 


الميحث الثالث 


الكتابة بمداد القضاة: المؤسسة القضائية والجنسانية 


لم يكن القضاة بمعزل عن تكوين المعرفة الجنسانية والتأثير في 
أنشطة الإنسان وسلوكه الجنسيين. ذلك أن موقعهم الوظيفيَّ مكنهم من 
الاطلاع على نزاعات الأفراد وخصوماتهم المرتبطة بالحقوق والواجبات 
الجنسية. لقد شارك القضاةٌ الفقهاءً والكتّابَ والشعراءً في إنتاج التمثيلات 
الجنسانية من خلال أحكامهم ومقرراتهم في القضايا المعروضة على 
مجالس القضاء للنظر فيها والتثبّت من تفاصيلها والاستماع إلى وجهات 
نظر الخصوم وفحص أدلتهم والاستماع إلى محاججاتهم. 


وبذلك فإِنَ عمل القضاء سينصرفٌ إلى إعادة إنتاج الوقائع 
الجنسية» والتحقق من سيرورة الأحداث من أجل استخراج القوانين 
والأحكام التي ترتبط بالقضايا المعروضة. ولا بد من التذكير بأن 
هناك شروطا يجب توافرها في القاضي ومنها: العدل. والنزاهة؛ 
والحصافة» علاوة على التزامه بشرع الله وأحكامه» واستيعابه للسنة» 
واطلاعه الدقيق على التجارب المتواترة المشهورة» وإدراكه الحوادث 
المرتبطة بحقل الجنسانية» ووعيه بالنوازل المتعلقة به. 


10 خطاب الجنس: مقارياتٌ في الأدب العربيٌ القديم 


وقد أورد أبو حيّان التوحيديّ» في البصائر والذخائر» عددا من 
الحكايات التي وردت على القضاة ا أحكام فيها. لكنّ الأمر 
المثير للتساؤل يتعلّقُ بكيفية انتقال هذه الحكايات وتسرّبها من 
مجالس القضاء إلى مدونات الأدب. خاصة إذا ما علمنا أنْ هذا 
النوع من القضايا ينطوي على قدر كبير من الحرج الاجتماعيّ 
والخصوصية الشخصية التي يحاول الإنسان التستر عليهاء علاوة على 
أن من واجبات القامي لاني أَنْ يكون مؤتمئًا على أسرار 
المتنازعين والمتخاصمين الجنسية. 

وسوف نحاول تناول بعض النصيّات لمعالجة الوقائع الجنسانية 
التي تتضمنها الحكايات والأخبار. 

© قُضاة حمص 

مفشول أخرار : قرداه خيمي على تجكاناضا ومنراتدازك قساف 
وقعت في مجالس قضائهم سواء أ كانت في مدينة حمص أم في 
غيرها من المدن الإسلامية. وتقوم هذه المرافعات والنزاعات على 
خصومات جنسية ترتبط بالواجبات والحقوق والنوازل». وهي قضايا 
في غاية الأهمية والخطورة وتحتاج إلى قدرة في إصدار الأحكام 
القضائية. ومن هذه الأخبار: 

© القاضي الفاسد: «وتخاصم رجلان من أهل حمص في أمر 
نسائهما فقال كل واحد منهما: امرأتي أحسن» وارتفعا إلى قاضيهم» 
فقال القاضي : أنا عارف بهماء وقد نكتهما جميعا قبل تقلد القضاء 
وقبل أن تتزوجاهماء فقال بعض العدول: قد عرفتهما فاقض بينهماء 
فقال: والله لأن أنيك امرأة هذا في استها أحبٌ إلي من أنْ أنيك 


الكتابة بمداد القضاة: المؤسسة القضائية والجنسانية 171 


امرأة هذا في حرها؛ ففرح الذي حكم له وقام مسروراً)”". 

ينفتح مجلس القضاء على خصومة رجلين في أمر زوجتيهما من 
جهة المفاضلة بينهماء فكل رجل يعتقد ويتوهّم ويذعي أن امرأته 
أحسنٌ من امرأة الآخر. ولمّا أخفق كل رجل منهما في البرهنة على 
تفوق امرأته على الأخرى ارتأيا أنْ يرفعا الأمر إلى القاضي للنظر في 
القضية والبت فيها. ويشدد الخبر على أن الرجلين من مدينة حمص» 
وأنَ قاضي حمصء وبعد استماعه إلى جوهر الخصومة,» أكد معرفة 
المرأتين واعترف بأنه ناكهما قبل تقلّد القضاءء وقبل زواجهماء وفى 
هذا التأكيد دلالة مهمة؛ فالقاضي يريد التنصّل من شبهة سك 
بوصفه قاضيًا عن طريق استعمال ظرف الزمن «قبل تقلّد منصب 
القضاء»؛ كما أنه يؤكَدٌ مواقعة المرأتين قبل زواجهما وهو توكيد 
يتضمن نفي مواقعتهما بعد زواجهما؛ لتقليل كمية الإهانة التي قد 
تلحق بالزوجين إذا ما علما أن القاضي قد واقع زوجتيهما بعد 
زواجهماء ولنفي شبهة الفساد التي ستثبت عليه إذا غلم أنه واقعهما 
بعد زواجهما وبعد تقلد القضاء. 

وسيطلب الشهود العدول من القاضي أنْ يصدر قرارًا يقضي لأحد 
الزوجين بأنْ امرأته أحسن من الأخرى. وهذا يعني أن المرآتين ربما 
كانتا حاضرتين في مجلس التخاصم» وأنّ الققاضي قد رآهما ليحكم 
بحُسن إحداهما. بيد أن المرأتين لا تتكلمان بل تخضعان للمعاينة 
الجمالية لِيُحكم لزوج إحداهما برجحان ذائقته. وإذا كان الخبر يجعل 
من حُسن المرأتين موضوعٌ التخاصم والتقاضي إلآ أن القاضي استثمر 


(1) البصائر والذخائر. م2) ج2. ص 75. 


1/2 خطاب الجنس: مقارياتٌ في الأدب العربيّ القديم 


تجربته الجنسية مع المرأتين ليحكم لزوج إحداهما بصحة معياره 
الجماليّ. إن الخبر يصمت عن موقف الرجلين من القاضي الذي 
رف با ناك زوجتيهماء وأنه لا يزال مُعتدًا بهذه العف 
ومُستحضرًا تفاصيلها وعارفًا بمكامن فرادة كل امرأة منهما. كما أن 
الخبر أخفى صوت المرأتين اللتين لم تعربا عن استنكارهما 
وإنكارهما لما يقوله القاضي ويدعيه وكأنَ صمتهما يكشف إقرارًا 
بادّعاء القاضي الذي 57 بما اقترفه مُحتررًا بالزمن., أو أنّ 
مولتهما يجيد حون وفية من ميلظة القاهت. وسواء أ كان هذا 
الخبر نادرةً تخيلية أم حادثة واقعية إلا أنها د وافاحة السلظة 
القضائية وتطاولها على خصوصيات الأفراد وتوظيفها سيرهم 
ونزاعاتهم في إنتاج الخطاب. أو أنْ يكون الخبر يقصد إلى التهكم 
من القضاءء أو التندّر من أهل حمص الموصوفين بالسّذاجة 
والحُمق؛ فالرجلان المُتنازعان عند القاضي أحمقان؛ لأنْ قضية 
نزاغهما لا "تعاسن: عليه حقوق:: كنذا أنينها الخمتان لسكوتهها على 
كلام القاضي الذي أساء لهما رغم إيهامهما بأنه فض نزاعهما. وبهذا 
المعنى فالخبر يسخر من أهل حمص أفرادًا وقضاة» ولعل سخريته 
من القاضي تجسّد تهكمًا كبيرًا من أهل المدينة؛ فإذا كان القاضي 
بهذا القدر من الصفاقة والغباوة فكيف ستكون حال الناس العاديين؟ 


© الطاعة الحنسية: ا(وتقدم إل قاض حمصيّ بواسط كن 
الحجاج رجلٌ وامرأةٌ فقال الرجل: أصلح الله القاضي إنها لا 
تطيعني» فقالت: أصلح الله القاضي إن لا أقوى بما معهء قال: يا 
أذ بين تحجلياها لاخطق» فال اسلحاق الله إنها كانت عدن 
رجل قبلي فكانت تكرمهء فضرط القاضي من فمه ثم قال: يا 


الكتابة بمداد القضاة: المؤسسة القضائية والجنسانية 173 


جاهل» الأمور كلها تستوي؟ هو ذا أنا معي أيرٌ مثل البغل» ومن في 
انين أستودعهم الله - م م 
الحمصيّ في تنازعهما في الطاعة الجنسية؛ فالزوج يدعي أن زوجته 
لا تطيعه جنسيًا وأنها لا تخضع له ولا تقوم بواجباتها الجنسية 
تجاهه. أما الزوجة فترد حجّة زوجها بكونها لا تقوى على أيره ولا 
تطيقه. إِنْ الزوجة. في الخبرء تقوم برد حُبَة الزوج وإبطالهاء لكنّ 
الزوج يُحاججهاء بتوجيه خطابه إلى القاضي» بأنها كانت متزوجة 
من رجل قبله وكانت تكرمه وتقوم بحقوقه الجنسية. 

إن الخبرٌ ينتظم وفق تسلسل حجاجيٌ غير متكافئ فالرجل أدلى 
بحجّتين والمرأة أدلت بِحُجّة واحدة» لكنّ القاضي حسم الخصومة 
ِأنْ «ضرط من فمه» استخفافًا بحُبّة الزوج الثانية التي ردّ فيه حجة 
زوجته مخاطبًا إياه ب «يا جاهلء, الأمور كلها تستوي؟»» ليعلن 
حكمه برد دعوى الزوج من خلال الاستدلال بتجربته الشخصية 
وقياس الحاضر على الغائب؛ فزوجة القاضي تستصغر أير زوجها 
رغم أنه مثل أير البغل. والخبر بذلك» يجسد سفاهة القاضي 
الحمصيّ ذلك أنه يثبت أن زوجته تستصغر أير ومع ذلك لا 
تخاصمه قضائيًا. إن مجلسًا قضائيًا يُعقدٌ للنظر في نزاع الأزواج على 
الطاعة الجنسية لا يستند على أصول قضائية مجلسٌ غير قانونيّ 
وأحكامه وقراراته غير قانونية. 

وتشيع أخبارٌ القضاة في نظرهم للقضايا الجنسية وآلية مقارباتهم 


(2) البصائر والذخائرء م2) ج2. ص 75. 


1/4 خطاب الجنس: مقارياتٌ في الأدب العربيّ القديم 


وأدوات احتجاجهم ومنطق استدلالهم وأنظمة أحكامهم. ومن أشكال 
هذه القضايا: 

© قياس المساواة7©: الجاءت امرأةٌ أبا العطوف القاضي برجلٍ 
فقالت: إِنْ هذا افتض ابنتي» فقال للرجل : أ فعلت؟ قال: نعمء قال: 
ولم؟ قال: لاعبتني آمرةً مُطاعةً فقَّمّرتني» فأدخلث في استي دستة 
الهاون». ولاعبتُها فقَمَرْتُها ونكتُهاء فقال أبو العطوف: يا هذه. إِنّ الذي 
أدخلت ابنتكِ في است هذا أشدٌ مما أدخل هذا في است ابنتك). 

يستند الخبر على نازلة فض بكارة عذراء دون زواج» وسوف 
ترفع الأم قضية ابنتها إلى القاضي للنظر فيها والحكم لها. بيد أن 
القاضي سينحاز إلى حُسَة الرجل الذي ادّعى أن الفتاة لاعبته آمرة 
مُطاعة؛ بمعنى أنها استدرجت الرجل وأغوته مما أدى» في نهاية 
المطاف. إلى افتضاضهاء وإذا كان رأى في حجة الفتاة والمرأة 
تكافوًا "نحا كله يعلن قفن اللكارة يدل “تاف لأنه يسفقك إلى 
مقدمة شنيعة”” تتمثّل في الادعاء بقيام الفتاة بإدخال دستة الهاون في 
است الرجل الذي ارتأى أنْ يفضها ليثأر من فعلتها. إِنَ حكم القاضي 
للرجل استنادًا إلى مقدمة شنيعة ودليل فاسد وججاج مُغالط يكشف 
عن فساد القضاء وعدم قدرته على مقاربة الجنسانية وإنتاج مفاهيم 
معرفية تضبط الانتهاكات والخصومات والتنازعات. 


(3) أبو الحسن الشريف الجرجاي (ت ات 816 ه).ء التعريفات». ط1. مصطفى البابي 
الحلبى وأولاده. القاهرة. 1938» ص 160. 

(4) البصائر والذخائرء م2؛ ج2. ص 205 - 206. 

(5) انظر: حمو النقاري. منطق الكلام من المنطق الجدلي الفلسفي إلى المنطق الحجاجي 
الأصولي. ط1ء دار الأمان يي 05 ص 309 310. 


1/5 


المبحث الرابع 


الطبابة والجنسانية 


لقد حاولت الجنسانية أنْ تنفذ من الإطار الطبيّ» لتقدم حلولا 
للمشكلات الجنسية التى تواجه الأفراد والمجتمعات» بيد أنها فاقمت 
من حذة الجدل الدائر حول الجنسانية ووسائلهاء وأساليبهاء الأمر 
الذي يعني أن الطبابة الجنسية لا تسعى إلى حماية القوانين» والدفاع 
عن سلطة الدين» وحراسة منظومة الفضائل بل إنها تقوم. من حيث 
لا تدري» بتأجيج الرغائب» وتحفيز الملذات» وهي بذلك تقدّم ضربًا 
من الإفساد الجنسيّ؛ لأنها تتواطؤ مع ما تدينه» وتتحالف مع ما 
تشجبه وترفضه؛ إنها بإشاراتها عن السلوكيات الجنسية وأشكالها فإنها 
تعمل على نشر البذاءات الجنسية» وتقدّم للمجتمع اقتراحات جنسية 
لا يعرف عنها شيئا. إِنّ الطبابة الجنسية» وهي تدعي إيجاد حلول 
الجنسية» فإنها تفتّح عبيون الأفزاه على ففناءات حجسسية مجهولة ”1 . 


(1) ميشيل فوكوء إرادة المعرفة» ص 68 - 69. 


1/6 خطاب الجنس: مقارياتٌ في الأدب العربيّ القديم 
© كتاب الباه 


يوضح أبو بكر محمد بن زكريا الرّازي (ت 313 ه) هدفه في 
تأليف هذا الكتاب الموسوم ب «الباه»» ويحدد فئة القرّاء التي 
يستهدفها الكتاب فيقول: (إنه وإِنْ كانت الكتب المؤلفة في تحرير 
الباه كثيرة موجودةً فإني لم أتقصّ إلى هذه الغاية كتابًا بالا في هذا 
الغرض» وتوابعه» كما وجدتها إِمّا مبتسرة منقوصة» وإمًا مشوشة 
ملتبسة» خليقٌ أنْ يكون واضعوها يضرّون بها أكثر مما ينفعونء 
ويخطئون غرضهم أكثر مما يصيبون. وأنا قائل في هذا الفنَ ولواحقه 
قولاً كاملا بَِئَا يمستوي في فهمهء لوضوحه وشرحه. الناظرون» 
ويشترك في الانتفاع به العوامَ والتتطيبرة: وامهزئ في .ذلك ألا 
ألابس». ولا أطيل في المعاني التي يخصٌ الفلاسفة امير النظر 
فيهاء والبحث عنهاء لكنّ غرضي وقصدي إلى ما ينتفع به أهل 
العلاج والعمل» لا أهل البحث والنظر)!©. 


إِنَ الرازيّ يصدر عن مرجعية طبيّة علمية مجرّدة هدفها مُقاربة 
الباه (الجماع والنكاح) من الناحية الاستطبابية» ويعين الرازيٌ مصادره 
الأساسية وهي مقولات «بقراط» و«جالينوس) السرئيطة بالطب 
الجنسي» وكأنَ الرازي يسعى إلى انتهاج نهج علميّ في كتابه بعيد 
عن المغالطات والنقص والتلبيس والتشويش التي حَفلت بها كتبٌ 


(2) انظر: أبو بكر الرازيّ (ت 313 ه).» كتاب الباه» ضمن: ثلاث مخطوطات تراثية 
نادرة في الجنس » تحقيق وتقديم: هشام عبد العزيز وعادل محمود. ط1ء دار 
الخيّال» القاهرة». 1999. ص 149. ولكتاب الباه تحقيق آخر نُشِر ضمن: نزهة 
الأصحاب فى معاشرة الأحباب. تحقيق: أحمد فريد المزيدي» دار الآفاق العربية» 
القاهرة» 2007» ص 297 - 370. 





الطّبابة والجنسانية 177 


الباه قبله . ولا يكتفي الرازيّ بوصف كتب الباه بهذه الأوصاف بل إنه 
يتعرّضٌ لمؤلّفيها الذي يضرون بها أكثر مما ينفعون» ويخطئون في 
غرضهم أكثر مما يصيبون. إن هدف الرازي يكمن في أمرين: 
الاستدراك على المؤلفين السابقين» وإنجاز طبابة جنسانيّة ينتفع بها 
أهل العلاج والعمل. 


والناظر في كتاب الرازي يلحظ أنه قارب الجنسانية مُقاربة طبيّة 
ومَرَضيّة مُعيّنة؛ لأنَ غرضه الأساسيّ ومقصده الرئيسيّ إنجاز طبابة 
جنسانية ينتفع بها أهل العلاج والعمل. وقد قسّم الرازي «مقالته) 
ورسم لها «رؤوسًا لكي يسهل وجود ما يطلبٌ منها» وجعلها في ثلاثة 
عَشَر رأسًا موضوعيًّاء ومن أبرز المسائل التى أوردها فى هذا الكتاب 
حديثه عن الشهوة النفسانية وأثرها في دوام الباه ونشاط البدن 
وانصرافها إلى طلب الجماع. وهو يرى أن الشهوة النفسانية أكثر أهمية 
من الشهوة الطبيعية في القيام بالباه» إذ إِنْ هناك كثيرًا من الناس من 
يملكون قوة الجسد والبدن لكنهم مصابون بعوارض نفسانية نحو: 
الغضب الشند يدل أو عدم اشتهاء الرجل للمرأة أو المرأة للرجل» أو 
العنّة الجنسية””. أو الفرح. ويعزو الرازيّ نقصان الباه إلى سقوط 
الشهوة التي تحتاج إلى رعاية واهتمام من صاحبها”". 


)03 ورد في باب النوادر عند أبي حيّان التوحيدي ما نضّه: « قال ابن المعتز: كان أخمر 
بن علي الإسكافي عنّيناً» فراود امرأة عن نفسها فلما أمكنته عجز» » فقام مشيطا 
وأخذ السكين ليقطع ذكرهء فقالت له الماجنة: لاجم شيط دعت ل الي 
البصائر والذخائر» م 21 ج 2» ص 37. 

4( انظر : كتاب الباهء ص 162. 





1/8 خطاب الجنس: مقارياتٌ في الأدب العربيّ القديم 


أما استعمال الباه فيرى الرازيّ أنْ يكون باعتدال؛ «إبقاءً على 
اليعة+ :وعناية نها4+ :والراجب أن يفوم مه المرع «إذ| حكن شبفه» 
واشتدت شهوته» وأحسٌ من أجل ذلك فى بدنه بثقل ودغدغة فإنه 
إذا امتتعجل فى :هذا الوقت حخفب فك انين ونشط واعتدل 
وصح)”7. 0 الزازي أشكال الباه السححية والمكروهة 
علاوة على الأدوية المُضيّقة لفروج النساء والمُعظمة للذّكر©. وهذ 
يعني أن هناك حالات مَرَضيّة كثيرة دفعت الرازي لتأليف هذا الكتاب 
فهناك نساء يملكن فروجًا واسعة" ونساءٌ يملكن طاقة جنسية 
كبيرة”*. وهناك رجال يعانون من ضعف جنسيّ ناجم عن ضعف 
الانتشار والإنعاظ وقلة المني””. 


© رجوع الشيخ إلى صباه 


(5) انظر: نفسهء» ص 159. 

(6) انظر: نفسهء» ص 174- 175. 

)0( أو و3 اللاحظ' ما ضيه "وقيل لامرأة من الأشراف كانت من المتزوّجات : ما بانّك مع 
جمالك وشرفك لا تمكثين مع زوجك إل يسيراً حتى يطلقك؟ قالت : يريدون 
الضيق» ضيّق الله عليهم» «مقاخرة الجواري والقبان: ضع : رسائل الجاحظ» م 1» 
ج2: ص 127. 

49 00 «قال الجماز: أردت أنْ أتزوج جارية بصرية فقالت لرسولي أن أن 

كلامه.» فقعدثٌ قريباً منها فقالت لي : اذكر ما عندك». قلت: عندي دنانيرٌ 
د : ما سألتك عن هذاء إنما سألتك عن الفراش» قلت: 
واحدة في أول الليل» وأخرى في السحرء قالت: : قم رحمك الله ٠‏ فإنك إلى قبر 
أحوج متك إلى امرأة» . التوحيديّ» البصائر والذخائر» مآ ج22 ص 99. 

)9 من ذلك مثلاً: «قال أبو العيناء: اشتريت جاريةً مليحةً ماجنةً» فلمًا قمت إليها 
0 : يا مولاي هذا يصلح للمضيرة» فقلت : كيف؟ قالت: 
أليس هو البقلةٌ الحمقاء ». التوحيديّ» البصائر والذخائر» م1 ج1» ص 231. 


الطّبابة والجنسانية 179 


سليمان (ت 940 ه) أنْ هدفه الأساسىّ تقديم مادة جامعة في أدوية 
الجاة إلا أن كنابة عاد فو« المنيا إلق البخحف فن سوديات النسائية 
وحكاياتها وأخبارها. يقول المؤلف فى فاتحة كتابه: 


«إني لما رأيت الشهوات كلها منوطة بأسماء الباه وداعية إلى 
الجماع» ورأيت أهل الأقدار وأرباب الأموال ورؤساء كل بلد في 
عصرنا هذا وما تقدمه من الأعصار والأزمان» هممهم مصروفة إلى 
معاشرة النسوان» وأحوالهم متفرّقة في بيوت القيان» ولم أر أحذا 
منهم يخلو من عشقٍ لمغتّية واستهتار بجارية وغرام بفاحشة» علمت 
أن معرفتهم بما انصرفت إليه شهواتهم وتتبعته نفوسهم مما يجزل 
نفعه وتعظم فائدته» فدعاني ذلك إلى تأليف هذا الكتاب» ولم أر أن 
أجعل كتابى هذا مقصورًا على أدوية الباه فقط. وقد جمعته من 
الكتب افق قن اليه وي ام 

يوضحٌ المؤلف أن دافعه» في تأليف كتابه» إيجاد برامج جنسانية 
تجمع بين الطبابة والخلاعة» وهو يحدد الفئة المعنية بالكتاب وهم 
«أهل الأقدار وأرباب الأموال ورؤساء كل بلد فى عصرنا هذا وما 
تقدّمه من الأعصار والأزمان» المُنكبّون على اللذات والمصروفة 
هممهم إلى معاشرة النسوان وأحوالهم متفرّقةٌ في بيوت القيان. 
ويكشف هذا الوصف عن ميل نُخب المجتمع الذكورية إلى معاظمة 
الشهوات وتلبية الرغبات التي لا يمكن إرواؤها وإشباعها. وسوف 
تكون :وظيقة ‏ أبن كماك 525000 هذه الشهوات وتأجيج الرغبات 


(210 ابن كمال باشا أحمد بن سليمان رت 940 ه) .2 رجوع الشيخ إلى صباه ذ فى القؤّة 


على الباهو. ضمن: : الجنس عند العرب» ج2» منشورات الجمل» كولونيا ألمانياء 
ط2: 2002. ص 8. 





160 خطاب الجنس: مقارياتٌ في الأدب العربيٌ القديم 


بتأليف كتاب يحظى باهتمام أهل الأقدار وأرباب الأموال ورؤوساء 
البلدان. وتدل عبارة «يجزل نفعه وتعظم فائدته» على معنى موارب؛ 
فهي من ناحية تدل على صفة الكتاب والعلم الذي يتضمنه» وتدل 
من ناحية ثانية على إشارة إلى العطاء الذي يطمح المؤلف في 
الحصول عليه خاصة أنّه يقدم مشروعًا من شأنه إرجاع الشيخ إلى 
صباه فى القوة والباه. إِنْ العنوان» بوصفه علامة سيميائية» يتضمن 
قدرة الكتاب الخارقة ومفعوله التحويليّ والسحريّ» فهو يقدّم وعودًا 
للشيخ باسترداد قوته على أفعال البافء الأمر الذي يكشف عن ان 
السلطة وحرصها على إدامة تمسّكها بشروط الحياة وعدم انسحابها 
من المجالات الحيويّة. وإذا كان الشيخ معادلا موضوعيًا للسلطة 
المختزلة في «أهل الأقدار وأرباب الأموال ورؤساء كل بلد) فإنّ بحثه 
عما يقويه ويرجعه إلى صباه يكشف عن رعونة الشيخ وغوايته؛ إنه 
شيخ مُتصاب متمسّكُ بملذّات الحياة ولا يُدرك أثر الزمن في إضعاف 
ارم العامة و لصفيو ات سعديك بيطاي ابخان عل ار الى 
ضروراتها وراغب في الإمساك بالزمن وإطالته. إِنْ هذه العلائم 
تكشف. بالمقابل» عن ضعف السلطة ووهنها وعجزها عن إنجاز 
شروط الحياة. لذلك يمكن القول: إِنَ سلطةً تحتاج طِبابَةَ جنسية 
تنقذها من حالة العجز الجنسي”'''. الذي هو دليل عجز مُطلق» 


(11) من ذلك تدليلا الخبر الذي نصّه: «كان المتوكلٌ مُشتهرًا بالنساء. وكان ربما تامع 
ويشتاق إلى المعاودة فيجد أعضاءه ضعْفت عن حركات الرهز. . . فجُعل له حوض 
قد مُلَئ من الزئبق» وبُسطت عليه الفرش» فكان يامعٌ عليه وكان الزئبقٌ يحرّكه 
دون أن يستعمل الحركة. فاستلذ لذلك» وسأل عن معدنه. فقيل له: هو بالشير 
من أذربيجان. فوجّه إلى حمدون النديم ليتوجّه له بكل ما يتحصّل عليه منه» وكتب 
له بولاية الشير.. .». ابن هشام» محاسن النساء.؛ ضمن: ثلاث مخطوطات تراثية 
نادرة"فى اتكتس» :صن 137 





الطنانة"والختسافة 151 


وفعلٍ الزمن سلطةٌ لا تملك شرعية ولا مشروعيّة؛ لأنها تغتال فرص 
الآخرين وتستولي على حقوقهم وتحوّلهم إلى أدواتٍ وتخضعهم إلى 
مزاجها المتوتر والموتورء إنها تحتكر الصّبا والقوة والجنسانيات 
ولتستائر بها ويسعحوذ على جنتسانيات الآخرين .ولا تقبل بالعتازل 
عنها؛ لأنها أدلّة على بقائها ورموز تفعّل حضورها”2'". بيد أن للقضية 
وجهًا آخر يتمّل في تصدي المؤلف ابن كمال باشا للبحث في أدوية 
لأذؤاء السلظة وعسوها وعتتها 'السباسية والشرعنة والبددية .»بحن 
إزاء تخطات يقرا قزاءة تاويلية توليلاية تكش عن بلط بعاجرة وغير 
صالحة للبقاء تبحث عن إصلاح جنسانيتهاء ومثقَفٍ لا يتورّعٌ عن 
تقديم الإعانة لإنقاذ موقف السلطة المُتهالكة. إِنَ ثمرة هذه القراءة 
يتجاوز الدلالة الضمنية الدالة على أن الكتب الجنسانية قد حظيت 
برعاية السلطة ودعمها المطلق إلى البحث في دور سلطة المعرفة في 
إنتاج فساد السلطة وإطالة أمد لا شرعيتها. 3 السلطة عندما ترى أنها 
مُحاطة بهذه الهالة من التقديس والتعظيم تزداد تعجرفًا وفسادًا 
وتضحمًا مما يؤدي إلى دفعها إلى الجنون والتَطرّف. 


تفن التفبان إلى أن انق كقالدماتنا الفدهدا: الكعاته باقيارة 
من السلطان سليم خان» وأنّه قام بجمع ماذة الكتاب من كتب الباه 
الى متيفقة ذل كياب الام للدملة«والحرسن والعرائش: لالظ : 


21207 لا شك أنْ احتكار الجنس من قبل فئات عاجزة جنسيًا وحرمان فئات أخرى قادرة 
عا كدل,عنان التفاوتات الاجتماعية والاقتصادية والمتلطوية فى مفو 
المجتمعات. وهناك الكثير من النصيّات الدّالة على هذا التصوّر منها هذا الخبر: 
«قال الحسين بن فهم : قلت لحاريتي عند غيظي منها وغضبي عليها: اصبري حتى 
تجيء العَلَهُ والله لأشترينَ جاريةً مثل القمر وأستريحٌ منك» قالت: يا مولاي» 
اشتر أولا أيراً تنيك به» .البصائر والذخائر؛ م 1» ج 22 ص 57. 





162 خطاب الجنس: مقارياتٌ في الأدب العربيٌ القديم 


والقيان لابن حاجب النعمان» والإيضاح في علم النكاح للسيوطيّ» 
وجوامع اللذة لأبي الحسن علي بن نصر الكاتب السمنانيّء 
وبرجان وحباحب للنمليّ» والمُناكحة والمفاتحة في أخبار الجماع 
وآلاته لعرّ الدين المسبّحي”2". 

ولن يكتفى 'أية كمال راقن بآيراد. العلاتحات. والأآدوية الى تعين 
على إيجاد 01 للمشكلات الجنسية بل إنه سيقدم حكايات وأخبارًا 
وأشعارًا”*'" تؤجج اللذات الجنسية وتحرف الجنسانية السليمة 
والصحية عن مسارها. لقد أكّد ابن كمال باشاء فى فاتحة كتابه» أنه 
لا يسعى إلى إفساد الشهوات وحرفها عن لوعي فقا «لم أقصد 
بتأليف هذا الكتاب كثرة الفسادء ولا طلب الإثم» ولا إعانة المتمتع 
الذي يرتكب المعاصي ويستحل ما حرّم الله تعالى» بل قصدت به 
إعانة من قصرت شهوته على بلوغ أمنيته في الحلال الذي هو سبب 
لعمارة الدنيا بكثرة النسل» لقوله عليه الصلاة والسلام: تناكحوا 
وتناسلوا فإني أباهي بكم الأمم يوم القيامة»””''. لكنه لم يلتزم بوعده 
وقصده؛ ذلك أنه ضمن كتابه من الحكايات والوصفات الطبية 
والأخبار ما يفسدء ومن ذلك تمثيلا: عنوان الباب الثالث عشر «في 


(13) انظر: الحياة الجنسية عند العرب من الجاهلية إلى أواخر القرن الرابع الهجريّ. ص 


2 - 163. 
(214 يبدو أنْ علاج القصور الجنسي بالمثيرات السردية والشعرية شاع عند العرب؛ لما 
للأدب من قدرة على 2 #بييج المتخيّل الجنسي. ومن ذلك ما ورد عن أبي حيان 


الموعيدي 0 إن أشكر إلبك قصوري عن الباد؛ أي 
ربيعة» لغزله» : البصائر والاخائر»<م اماج فص 45 

(215 رجوع الشيخ إلى صباه في القوّة على الباه. ضمن: الجنس عند العرب» ج22 
ص 9. 


الطّبابة والجنسانية 153 


معرفة الأدوية التي تُهيّج شهوة النساء إلى الجماع حتى يأخذهن 
الهيمان والجنون» ويخرجن من بيوتهنَ إلى الطرقات في طلب 
ذلك)4 غتلاوة على أنه اتتخل هن الأثر التبوي وسيلة ليعسمّن غلى 
القرّاء؛ إذ إنه طوّع أثْرًا نبويًا يحض على النكاح الشرعيّ في سبيل 
إنتاج خطاب جنسيّ قائم على إفساد الغرائز وحملها على اقتراف 
المُنكرات. كما أن الناظر الفاحص يجد أن ابن كمال باشا أخذ كثيرًا 
من كتاب الباه للرازي ونقل عنه معظم ما كتب خاصة في الجوانب 


الفصل الرابع 


تمثيلات الجنسانيّة في الأدب العربئ القديم 


157 


المبحث الأول 


الجنسانية النسويّة: صوت المرأة وهويتها الجنسية 


لم تكن المرأة العربية مجرّد موضوع جنسيٌ بل إنها كانت ذانًا 
ساهمت في تشكيل الجنسانية عن طريق تنصيص تجربتها الجنسية. 
ولعلّ الناظر الفاحص» في كتب الأدب العربي القديم» يعثر على 
نضّيات هائلة تجسّدٌ صوت المرأة وهي تعبّر عن هواجسها ورغائبها 
الجنسية بصرف النظر عن مآل خطابها الاعترافي وعن وضعها 
الاجتماعيّ» ونتيجة مكاشفتها وجرأتها في البوح عن تجاربها الجنسية. 

وتتعدد صور حضور صوت المرأة الجنسيّ؛ فهو أحيانًا يظهر 
صاخبًا معبّرًا عن حاجاته ورافضًا قوى التَسلّط الدينيّ والاجتماعيّ 
والثقافيّ التي تُقصيه وتسكتهء ويحضر في حالاتٍ أخرى مُتماهيًا مع 
الأنظمة الثقافية السائدة خاضعًا لمفاهيم الدين والمجتمع» ويحضر 
في حالات أخرى مُراوغًا مُتفلثًا من القوى الأبوية. 

ومن اللافت للنظر أنَ أصوات المرأة المُعبّرة عن جنسانيتها وردت 
على لسان الرجل الذي يروي حكاية المرأة وتجربتها استنادًا إلى موقعه 
الذكوريّ الذي يمنح الأصوات دلالات ومعانيّ تنسجم مع رصيد 


168 خطاب الجنس: مقارياتٌ في الأدب العربيٌ القديم 


الرجل ومركزيته ودوره العاف 7 فبالرغم من أن المرأة ترد في هذه 
النضّياتء فاعلاً جنسيًا يملك صونًا وإرادة فاعلة إلا أنها لا تحضة 
راوية وقائلة ومدوّنة لما تمارس وتفعل كأنّ حضورها حاكيةً جرّدها من 
سلطة الكتابة والتدوين التى يحتكرها الرجل من أجل صياغة المفاهيم 
وإنتاج التمثيلات» وعلى وفق هذه المعادلة فإِنَ المرأة لا تعدو أَنْ تكون 
معنى يُنتتجه الرجل من ألفاظه التي يستأثر بها حفاظًا على كينونته اللغوية 
وامتيازاته البطريركية”©. وسوف نستعرض فيما يلي عددًا من أصوات 
المرأة الجنسانية وعلاقتها بالمتخيل والسياق الثقافيين اللذين يختلفان 
اختلافًا كبيرًا من تجربة جنسانية إلى أخرى مما يدل على عدم ثباتهما 
عق اركنم «إذ (نفينا دان فى عفن الجا لاه مويق بصدادوان 
المرأة ويحنقان صوتهاء وفي بعض الحالات يُتيحان للمرأة القدرة على 
الوفصاح عن صوتها ورغبتها”©. وربما يكون صوت السارد الذكوريّ 


(1» تشيع النصيّات النسويّة العربية على ألسنة الرجل الذي يصادر المرأة ويحجب صوتبهاء 
ا عو ار 7 ل 
أجلقيا لصحيه : اشغلها عني» لاسر خف انها وتسطى بالتماء و سرج جاع 
قائمّاء فنظرت إليه فقالت: : أطرثرتثٌ ولا رملةء أذؤنونٌ ولا عِضًاه هله؟! ثم ب بركت 
عليه للضي عا تيا ٠‏ فاطرة الغنم» فلمًا فرغث من أمرها العمست الغنم فإذا هي 
قد بعدت» فتبعتهاء وخرج الآخرٌ من الحفرة فعارض صاحبه فاطرد الغنم فذهبا 
مها» .البصائر والذخائ 3 م2 ج 2.3 ص 142. 

(2) انظر: عبد الله الغذاميء المرأة واللغة» ص 7. ص 134 135. 

(3) يقول محمد بنيس تعليقًا على موسوعة السيوطي الجنسية: «عندما أقرأ هذه الموسوعة 
لا نتردة: مثلاء» عل حال المتسمات سرى صرف الركل» الذي يتكلم في 
الكتاب تلو الكتاب. لا نسمعٌ صوت المرأة إلا كناطتي ب بشهوة الرجل أو كمستجيب 
اليه كما تخي ره ال وشيفيتها نطق يم الرجل. رمز ئفسه الذي 
عر ا ١‏ 


الجنسانية النسويّة: صوت المرأة وهويتها الجنسية 159 


هو القادر على الإيحاء بمثل هذا التناقض الثقافيَّ الذي يحضر مرنًا تارة 
ومتصلبًا تارة أخرى. 

ل السبيّ الجنسيّ 

ومن تلك النصيّات ما يبيّن إعجاب المرأة الجنسيّ بالغازي» 
وشعورها بالمتعة إثر مواصلته الجنسيّة. وفي الجهة المقابلة نقف على 
نصيّات تبين موقمًا مضادًا للمرأة التي هجت قبيلتها لأنها مُزمت 
ومكنت عدوّها من سبي نسائها. فقد ورد أنّ سلمى بنت المحلق 
عيّرت مالك بن كعب بفرّته والطفيل في يوم النسار الذي ظفرت فيه 
ضبة وتميم على بني عامر فقالت: 


لم تمنعوا القوم إذ شلُوا سوامَكمٌ 


يوم النسار وقُئب العَيْرٍ جوابا 
يوم التسار بنو ذبيان أربابا 
ولا النساء وكان القومٌ أحزابا 


أمَا الفارعة بنت معاوية من بني فُشير فدافعت عن صورة قبيلتها 
«بنى عامر» التى استبسلت في قتال ضبّة وتميم. كما أنها عسوتت تنو 
كلاب ؛ لأنهم شاطروا أحلافهم وقاسموهم السبايا فقالت: 


ما فوارس قاتلوا عن سبّيهم 
ولبئس ما نصر العشيرةً ذو لحى 
زعمت بزوخ بني كلاب أنهم 
كذبت بزو بني كلاب إنها 
حاشى بني المجنون إن أَبِاهُمْ 
لولا بيوتُ بني الحريش تقسّمت 


(4) أيام العرب في الجاهلية» ص 381-378. 


توم التسان ولس ينا أسطر 
مس اميا كما ا 
تيشئ: الضراء ويولها يععطر 
صاتٌ إذ سطع الغبازُ الأكدرُ 
سبي القبائل مازنٌ والعنبر” 


1540 خطاب الجنس: مقارياتٌ في الأدب العربيٌ القديم 


نيد أن عنووة الجدأة النثية البنذعدة نايا و الجوامتدة لفح عد تعن 
صورة مُحيّرة» فمن غير اللائق والمعقول. في السئن الثقافية العربية» 
أن كع السراة غم : نشكا دياه زكر دين مين مول تجا سمو ] مذلة نينا نينا 
ولعل النصّ التالي يجلّي هذا التصوّر: 

«غزا ابن هُبيرة الغسّانيَ الحارث بن عمر فلم يُصبه في منزله» 
فأخرج ما وجد له واستاق امرأته فأصابها في الطريق» وكانت من 
الجمال في نهاية» فأعجبت بهء فقالت له: انح فوالله لكأني به 
يتبعك كأنّه بعيرٌ أكل مُرارَا". فبلغ الخبر الحارث فأقبل يتبعه حتى 
لحقه فقتله. وأخذ ما كان معهء وأخذ امرآته. فقال لها: هل 
أصابك؟ فقالت: نعمء والله ما اشتملت النساءً على مثله قط. 
فلطمها ثم أمر بها فقت بين فرسين ثم أحضَّرَهما حتى تقطعت. ثم 
انشتل: 

كل اشوا ناهد لقعم ٠‏ امائر ماين يده 


دص داه التسماء يفو يعد مدا لاما مسر 


إن الخبر الوارد فى النصّ يكشف عن إعجاب امرأة الحارث بن 
عمر بابن هبيرة الغسانيّ الذي داهم منزل زوجها دون أنْ يظفر به؛ 
لأنه لم يكن حاضرًا وقت الغزو. وسوف يضع ابن هبيرة الغسانيّ 
يده على ما خف وزنه وغلا ثمنهء تتويجًا لفعل الغزو الذي لا 
يكتمل إلا بإحساس الغازي الكبير بالظفر والفوز.ء ومن ضمن 
الأعور الع فج 3 قياس «وضاطيي افر بالمر ا الف تعد 


(5) نوعٌ من النبات تأكله الإبل فتتقلّصُ مشافرها وتبدو أسنانها. 
)6( ابن قِيم الجوزية» أخبار النساع.» ص 10. 


الجنسانية النسويّة: صوت المرأة وهويتها الجنسية 191 


امتلاكهاء بالغزو والسبيّ» دليل فروسيّة رفيعة لا مجال للطعن 
فيها"”. علاوة على أن سبي المرأة دليل انتصار على المغزوٌء وكأن 
الغازي مسكون بشهوة بالغة بإلحاق الهزيمة النفسية بخصمه 
وتجريده من أعظم نيلكات لآن هذه السيية ورهاة هين عل 
نقص حصانة المغزوٌ وعدمها. بيد أنْ ممارسة الغزو تتخذ من 
المرأة» العنصر الضيعف الذي لا يملك تأهيلا لمقاومة الغزوء 
تخالا لسنارسة "ترويجة العو ونضولة الغازى» الذلك يسك الفوكة 
إنَ الثقافة التي تُعلي من شأن الغزاة وتمنحهم تقديرًا رفيعًا ثقافة 
مضطربة معرفيًا ومصابة بالعٌصاب الذهني؛ ذلك أنها تجرّد الإنسان 
من إنسانيته عبر استغلال ضعفه» والسيطرة على مقدساته. 


ولعل الفعل «استاق» الوارد في النصٌ يعبّر عن فعل الإخضاع 
الذي مارسه ابن هبيرة على امرأة الحارث بن عمرء فصيغة «استفعل» 
تدل على المبالغة في الفعل» وكأنَ المرأة تندرج مع الإبل والأغنام 
التي تُساقٌ بعد اكتمال الغزوء فالمرأة ثمرة الغزو وهدفه الأول. ليس 
جاص وو لكاي خاي عبر 4« تتحقق بعد انتصاره 
وظفره؛ إذ تُصبحُ من مدخراته وممتلكاته غير القابلة للتشكيك» ! 
قادر على إخضاعها لجبروته ورغائبه وشهواته واستعمالها في إنتاج 


7 لقد كان الحصول على النساء أحد الدوافع الأساسية في الإغارة والغزوء ففي يوم 
الشقيقة الذي وقع بين ضبّة وشيبان وانتهى بانتصار ضبة على شيبان كان الدافع في 
هذه الواقعة رغبة سيّد شيبان في أنْ يحصل على امرأة من ضبّة» وتقول الرواية: 
"قال بسطامٌ بن قيس سيّدُ بني شيبان لأمّهِ ليل بنت الأحوص : : إني قد أخدمتك من 
كل حي أمة. ولست مُنتهيًا حتى أخدمك أمة من ضبّةء فقالت له أمه :ايا بنيّ لا 
تفعل ؛ فإِنَ بني ضبّة حي لا يسلمٌ ولا يغنمٌ منهم من غزاهم» ٠.‏ أيتام العرب في 
الجاهلية. ص 382. 


2ظ1 خطاب الجنس: مقارياتٌ في الأدب العربيٌ القديم 


لذاته دون أنْ ترفض أو تقاوم. كما أن المرأة بدورها واعية بهذه 
الممارسة ؛ فهي تملك استعدادًا نفسيًا وجنسيًا للخضوع للغازي» 
ولِتُصبح ضمن مجاله الحيويّ فالثقافة زوّدتها بمفاهيم الخضوع 
وغذّتها بمعاني الامتثال» ومن ثم فإِنَ انتقالها من مؤسسة الزواج إلى 
مؤسسة السبيّ لن يُعطل إحساسها بهويتها الإنسانيّة؛ إنها محض 
مجال حيوي تمارس الفحولة رغائبها فيه. 

والخاضل اتابن خبيرة لم ينتظن لبطل إلى حتئ قبيلته جل إإنه 
واقع امرأة الحارث بن عمر في الطريق» ولا يوجد في النصّ ما 
يفسر تعجل ابن هبيرة الغسّاني في مواقعة سبيته إلا عبارة «وكانت 
غاية في الجمال»» فالمستوى التداوليّ يحيلٌ إلى تسرّع ابن هبيرة 
الغسَاني» وعدم كياسته» وغياب فطنته» إذ إنه لم يتأنَ ولم ينتظر 
الرجوع إلى حمى قبيلته ويفعل ما يريد. ويحيلٌ الخبرُ أيضًا على أنَّ 
ابن هبيرة الغسّاني مُتعطشٌ لممارسة غزو جنسيًا وفحولة بعد أنْ قام 
به إغارة وحربًا. 

أمَا امرأة الحارث بن عامر فصورتها منقسمة؛ فهى من ناحية ترد 
سبية ذليلة يسوقها الغازي ويواقعهاء ومن ناحية رن ترد متحالفة 
مع السَابي» إذ إِنَ الخبر يؤكد أنها «أعجبت به). ولا ندري كيف 
تحقق الراوي من الإعجاب؛ إذ إِنَ السبية والسابي لقيا حتفهما. بيد 
أن الخبر يوهم بعلم ما وقع بين السبية والسابي وذلك عندما قالت 
لسابيها تنصحه بعد أنْ أعجبت به: «انجٌ فوالله لكأني به يتبعك كأنّه 
بعيرٌ أكل مُرارًا»» إنها تطلب منه النجاة» وتطلب له النجاة؛ أي أنها 
تحذّره من أن زوجها سيدركه وينال منه لفعلته» وهي نتيجة لا تريد 
تحققهاء لذلك قرين من الفرار. أما انها نظلت لف المحاة تعس أنه 


الجنسانية النسويّة: صوت المرأة وهويتها الجنسية 153 


أحبته ووقع عشقه في قلبها بعد أَنْ واصلها وأصابها. 


لقد هوّلت المرأة صورة زوجها في مخيال سابيها ليس لإخافته 
وتحذيره من نتيجة فعلهء وإنما كيما تمنح نفسها فرصة أخرى للقائه 
أو أنها تريده أنْ ينجو بعد أنْ ذاقت عسيلته. بيان ذلك أنه كان 
بمقدورها أنْ تحذّر ابن هبيرة الغساني عندما كان غازيًا وقبل وقوع 
السَبيء فلو أنها حذرته وخوّفته وقاومته لعدّ ذلك دليلا ناصعًا على 
موقفهاء لكنها لم تفعل بل إنها انساقت أمام سابيها دون أنْ تعبّر عن 
رفضها ومخالفتهاء ثم إِنَ الخبر يقدم بيانًا لصمت المرأة وصوتها؛ إذ 
إنها ظلّت صامتة إلى أنْ أصابها ابن هبيرة الغساني» وكأنَ فعل 
الإصابة الجنسيّ حرّك فيها شهوة الصوت. أي أن شهوة الصوت 
والكلام لم تتحقق إلآ بعد تحقق شهوة الجسد وشهوة الخضوع 
المتحققتين بفعل السّبي. لكنّ النتيجة التي يُسْلِمِ لها هذا التحليل أن 
المرأة العربية لا تستطيع التعبير عن صوتها إلا بعد خضوعها للسبيّ» 
فهي تجد لذة في الخضوع للسيطرة الجنسية» ومتعة في الوقوع في 
دائرة السَّبي. هكذا يصوّر الخبر المرأة المسبية التي تقع بين حد 
الصمت وحد الصّوت. من المؤكد أنْ هذه القراءة لا تنوي إصدار 
حكم قيميّ بقدر ما تسعى إلى الكشف عن الهيمنة الواقعة على المرأة 
في الثقافة العربية؛ إنها ثقافةٌ». في أحد تمثيلاتهاء تصادر المرأة 
وتحجب صوتها. 

لقد كانت المرأة تدري بأنَ زوجها لن يذعن للهزيمة النكراء التى 
حلت بهء وكانت واثقة أنه سينال من الغازي» ويحررهاء اء 
الوصف ببئية الحال «كأنه بعيرٌ أكل مُرارًا»» بيد أنْ هذه الصورة ليست 
موجّهة للغازي ابن هبيرة» وإنما هي الصورة التي تمتلكها المرأة عن 


104 خطاب الجنس: مقارياتٌ في الأدب العربيٌ القديم 


زوجهاء فالصورة لا تريد أن توضح سرعة الزوج في إدراك خصمه؛ 
إذ إن بإمكانها وصف سرعة زوجها في إدراك الغازي وطلب الزوجة 
العامة ل ليان« الذيك »كما أنياة لا تود صرين قرة تركنا 
وشجاعته؛ إذ كان بمقدورها أن تستعير صورة الأسد أو غيره من 
الوحوش. وبمعنى آخر فإِنَ المرأة لا تريد أن توضح صورة زوجها 
لغاز يجهله؛ إذ إنه لو كان جاهلا به لما أغار عليه» وساق امرأته. إِنَ 
المرأة تصوّر تحضور زوجها في مخيالها؛ بعيرًا أكل مُرارَاء فهي صورة 
تجتمع فيها أشكال من البشاعة» والغضبء. والتهوّرء والجنون» 
والطيش. ولعل خضوع المرأة للسابي يجِسّدٌ حنينها في التخلص من 
الزوج الذي يمتلك هذه الصفات؛ ففي هذه الحالة فإنَّ المرأة تفضل 
أن تكون سبيّة على أنْ تكون زوجة. 

ويعزز الخبر فحولة الزوج المضادة لفحولة السابي» أما المرأة 
فتقع بين فحولتين متعطشتين للظفر بهاء ودونما تفاصيل دقيقة يسرّع 
الخبر في الأحداث ويجعل الغلبة للزوج الذي جاء للتخلص من 
الإهانة التي لحقت به لا من أجل استرداد زوجته» وإنقاذ شرفه. لقد 
تحققت غاية الزوج من خلال ثلاثة أمور: قتل السَّابِي» وأخذ ما كان 
معهء وأخذ امرأته. وبيحسب نسق الأحداث السردي كان من 
المفترض أنْ يكتفي الزوج بهذه النتيجة العادلة المشرّفة» لكنّ السرد 
كان قد أبلغنا أن هناك أفعال تواصل وإعجاب وانتخاب جنسية قد 
وقعت بين المَسَبيّة الحيّة والسابق: المقتؤل.. لذلك سيتعين على السرذ 
أنْ يشبع شهوة القارئ بتفاصيل تروي عطثه في بلوغ لذة القراءة 
تمامًا كما أن عليه أنْ يوصل الزوج الحارث بن عامر إلى لذائذ 
استرداد زوجته بعد أنْ ظفر بغازيه وسابي امرأته الذي نال منه قتلا. 


الجنسانية النسويّة: صوت المرأة وهويتها الجنسية 155 


إن قتل السابي لا يُعدٌ فعلاً انتقاميًا ولا استردادًا لفحولة مفقودة 
فحسبء وإنما هو فعل محو لصورة رجل من مخيال امرأة تُعذْ ملكا 
امنا كهنا" ننه عسي ه] لك الكى 4533 اورقا عن فده الكيت 
والخصاء التي لحقت بالحارث بن عمر أَنْ سبيت امرأته. ولا يتحقق 
الشفاء من هذه العقدة إلا بالتحقق مما لحق بزوجته من أثر السَبِيء 
إذ يقدم النصٌ استجوابًا وجهه الحارث بن عمر إلى زوجته مُفاده: 
«هل أصابك؟»2. ولعل صيغة الاستفهام مفتوحة على الدلالات» إذ 


ميؤضدة في إدراك اين عبر ة:.وقكله"قيل أدا يمل ووعيه + لمن غير 
المعقول أنْ يكون السابي في حالة هيجانٍ جنسيّ تدفعه إلى مواقعة 
سبيته وهو لم يبتعد عن بيت زوجها مسافة طويلة» كما تتضمن هذه 
الدلالة إنكار حدوث الفعل من قبل الزوج ليظهر بصورة الفارس 
ادق الها رين إلى افعدسى (وعة نالفي كين مرينة فركية 
فروسيته وفحولته المضادة»؛ والظهور بمظهر الرجل الذي ل يُغلبء 
علاوة على رغبته العميقة في الاستشفاء الذهني من عَقدة الخصاء. 
وقد يحتمل الاستفهام دلالة التقريع؛ أي أن الزوج يريد النيل من 
المقتول بعد قتله وتقريعه» بمعنى أنَ الزوج يريد أنْ يؤكد أن مفعول 
الإصابة لا يملك تأثيرًا عميقًا في مخيال زوجته ووعيها. ودليل ذلك 
محتوى صيغة الاستفهام وفعله «أصابّكِ»». فالزوجة مفعول بها وهي 
واقعة تحت الفاعل ولا تملك إرادة في حدوث الفعل, أما الفاعل 


8 انظر: مصطفى صفوان» الكلام أو الموت» ترحمة : مصطفى حجازي » ط1ء المنظمة 
العربية للت رحمة» بيروت» 058 ص 32-29. 


156 خطاب الجنس: مقارياتٌ في الأدب العربيٌ القديم 


فقد لقي جزاءه قتلا. بيد أنَ إجابة الزوجة قد خالفت توقّعات 
زوجها؛ فهي لم تقم بنفي فعل «الإصابة» وقد كان بمقدورها النفي 
للتخفيف من وقع الإصابة على زوجها؛ إذ إن فحولته ستظل مكلومة 
للأبد بعد أن تقرّ بالإصابة بالرغم من أنه شفي من عقدة الخصاء في 
الظاهر إثر قتل السابي. إلا أنها لم تجب بالإيجاب فقط» فلو فعلت 
ذلك فإنَ الزوج كان سيتعاطف مع زوجته؛ ذلك أن فعل الإصابة 
خارج عن إرادتها ونتيجة حتمية لفعل السبيّ الذي ليست مسؤولة عنه 
ولا طرفًا فيه. فمطلع النصٌ يقول: «غزا ابن هبيرة الغسانيّ الحارث 
بن عمراء أي أَنْ المقصود بالغزو هو الحارث بن عمر وليس زوجته. 
وهذا يستوجب من الزوج تعاطمًا مع زوجته التي وقعت في السبي 
بجريرة زوجهاء وهذا يستدعي منه ألا يُلحَّ في سؤالها وعذلها 
ويكتفي بنتيجة السبي: قتل السابي؛ لاقترافه فعل الغزو والسبي 
والإصابة» واسترداد ما كان معه. وأَخل زوجته. 

لكنّ إجابة الزوجة فاقمت إحساس زوجها بالخصاء والكبت» إذ 
إن قوتياء (واللة نا املك الساة عق مكله قط تعبب عن 
خضوعها الإراديّ لسيطرة السابيّ» وبعبارة أخرى فإِنْ فعل الإعجاب 
ذى حدق كد ال ]مها اننا ىورا ميا سنا يل رذ الاعجات 
تحقق مفعوله بمجرد الغزو والسبيّ» أي أنها شعرت بالفرح بمجرد 
أنْ أصبحت في حيازة رجل تفوّق على زوجها في الفحولة» وفي 
موضع تنازع بين رجلين يتعطشان لإشباع فحولتهما. كما أن فرصة 
السبي ستحقق لها تداولاً جنسيًا لم تكن تحلم بالحصول عليه لو 
بقيت في كنف زوجها. لذلك فإِنْ صيغة القسم الواقع؛ في المستوى 
الدلاليَّ» امتدادًا لحرف الجواب (نعم) تقلل من أهمية الإنجاز الذي 


الجنسانية النسويّة: صوت المرأة وهويتها الجنسية 177 


قام به الزوج. علاوة على أن الصيغة تستبعد الزوج من فصيلة 
الفحول المميزين» كما أنها تجعل من المرأة حكمًا على فحولة 
واشتراطاته. وآخر ضمن سياق السبى وإرغاماته. إن النتيجة الأخرى 
التي يمكن استخراجها هي أن الزوجة تجعل من نفسها متحدثة باسم 
النساء فبالرغم من أنها واحدة إلا أنها تملك مخيالاً نسويًا جمعيًا؛ 
إنها تتحدث بصوت النساء التائقات إلى السبي والراغبات في الخروج 
من مؤسسة الزواج وإكراهاتها. ولنتخيّل أن امرأة تلتذ باحتضان سابيها 
والالتفاف حول جسده؛ إنها صورة امرأة تفتقد صورة الزوج المثال 
وتسعى إلى الاستعاضة عنه مجارًا بساب» فالمجاز يملك طاقة رمزية 
مضمرة كبرى تعووؤض الإنسان المجبّر والمضطهّد ما يفقده في الحقيقة 
والواقع وتوفر له وسيلة أو وانتقام من المُضطهد””. 


إن صيغة الاستفهام. على هذا النحو المتوترء ضرب من 
المراقبة”'' التي تنتهجها السلطة المتورطة في ممارسة القهر 
والسيطرة» فالزوج يسعى إلى التفتيش في ذاكرة زوجته عن صور 
السبي وتمثيلاته» ليتمكن من استرداد إحساسه بفحولته المسبية» ذلك 
أنه وقع تحت السبي» كما أن فعل الإصابة لحق بهء لذلك فإِنْ رغبته 
8 التحقق من «الإصابة» سعي إلى التأكد من النجاة من فعل القهر 
الجنسي؛ إذ إن إخضاع المرأة للفعل الجنسيّ يعني إخضاع الذكور 


(9) انظر: طارق النعمان» مفاهيم المجاز بين البلاغة والتفكيك» ط1ء» ميريت للنشر 
والمعلوماتء» القاهرة» 2003. ص 9. 

(10) انظر: ميشيل فوكوء المراقبة والمعاقبة: ولادة السّجنء ترجمة: علي مقلد» مراجعة 
وتقديم: مطاع صفدي». ط1ء مركز الإنماء القومي» بيروت» 1990,. ص 9. 





158 خطاب الجنس: مقارياتٌ في الأدب العربيٌ القديم 


الذين تقع المرأة في نطاق رعايتهم للفعل نفسه”''. لذلك فهو يسعى 
إلى الحصول على أدلة تحقق هذه النتيجة» لكنه لما فشل حاول أنْ 
ينزع عنوةً ما يريد فكانت النتيجة مخالفة لتوقعاته» لذلك أخذ يميل 
إلى الإكراه للحصول على أدلة مضادة ثُدين الزوجة وتجعلها شريكة 
في فعل السبي. وبعد أنْ جمع الزوج أدلة الإدانة المتحققة بالاعتراف 
الذي يُعدٌ سيّد الأدلة جاءت المعاقبة لتلحق الزوجة بالسابي المقتول؛ 
إنها شريكته في الفعل؛ فالمقتول غزا الزوج وسبى زوجته» والمقتولة 
انقادت للسابي وخضعت له بإرادتها المطلقة وعززت فعل إخصاء 
الزوج واضطهاده مجارًا وواقعًا وألحقت الضيم بفحولته. وسوف 
تكون عقوية المرأة من جنس جنايتها استنادًا إلى القاعدة القائلة: 
«الجزاء من جنس العمل»؛ فهي أرادت انتهاك فحولة زوجها وتدنيس 
ذكورته وإخصاءه وقتل إحساسه بالفروسية». فحكم عليها من جنس ما 
دبّرت له؛ لطمّاء ووثاقا بين فرسين قطعتاهاء وميتة قرنتها بالخيانة. 


بيد أن النصّ لا يوضّح من راوي الخبرء فالسابي قُتل قبل أنْ 
تُسمعٌ روايتف والزوجةٌ قتلت بصورة لا تقبل التوصيف قبل التحقق 
من ادّعاء زوجها. إِنَّ هذا النص مصممٌ بمواصفات ذكوريّة» فهو 
يُحيل إلى الزوج بوصفه راويًا كليَ العلم فهو يملك مقاليد السرد كما 
يملك مقاليد القتل» ومقاليد المراقبة والمعاقبة وأدلة الإدانة. لقد قتل 
الزوجٌ الغازيّ السابي؛ لأنه حاول النيل من فروسيته والإطاحة 
بفحولته» وقام بقتل زوجته تخلصًا من الحالة النفسية التي انتابته 
نتيجة جوابها بالإيجاب الدّال على إقرارها بخصائه. لكنْ لو قذرنا أن 


(11) انظر: عبد الصّمد الديالمنَ» سوسيولوجيا الجنسانيّة العربية. ص 41-38. 


الجنسانية النسويّة: صوت المرأة وهويتها الجنسية ً15 


المرأة لم تعترف بأنَ الغازي قد أصابهاء ولم تقسم بأنَ «النساء لم 
تشتمل على مثله قط»» فإِنْ زوجها سيكون قاتلا مُحترفًا يسعى إلى 
التخلص من وقع الخصاء في نظامه الذهني المؤسس تأسيسًا فحوليًا 
عن طريق قتل زوجته البريئة'7''. ولو أن المرأة اعترفت بالإصابة فقط 
فإِنَ زوجها يكون قد صمم على قتلهاء ولكنه أنطقها بإعجابها 
بمواصلة السابي وإصابته ليكون في إنطاقها مسوْغ منطقيّ لفعل القتل 
الذي عزم عليه للتخلص من إحساسه المرير بالقهر وما سببته له عقدة 
الخصاء. وربما أن الزوج قرأ في عيني زوجته ما ينبئٌ عن إعجابها 
بمواصلة السابي بأثر من سلوكه معها وعلمه بكرهها له. بيد أن 
البيتين الواردين على لسان الحارث بن عامر قاتل زوجته يمثّلان 
مسوَغًا لقتل الزوجة؛ إذ إِنْ الثقافة لن تتساهل مع قاتل زوجة جنايتها 
أنها سّبيت؛ لذلك يمكن القول: إِنْ هذين البيتين يمثلان ججاجًا من 
قبل الزوج للدفاع عن صورته» وتسويعًا لفعله المُستنكر اجتماعيًا 
وثقافيًا. بيد أن هذا الحجاج الذي يندرج في إدانة القتيلة» وتشويه 
صورتها ججاحٌ تلفيقيَ يصادرٌ القتيل» ويحكم عليه بالإدانة دون أنْ 
يُتيح للآخرين سماع صوته. والأنكى أن البيتين يصوّران خلاصة 
تحكم على «الأنثى» بالخداع» والتلون» والتقلب لذلك يتعيّن على 
الوسال ألا عقوا بالصسبان: لأن اثققة مين دلبل ييل وغرون: إن 
الحارث بن عمر لا يسعى» في هذين البيتين» إلى تسويغ جناية القتل 


(12) لعل لهذه الصورة حضورًا واطرادًا في مدونة الأدب العريّ القديم؛ فزوجة امرئ 
القيس عبرت عن إعجابها بعلقمة الفحل عندما حكمت بينه وبين امرئ القيس في 
وصف الحصان. كما أن شهريار قام بقتل زوجته بعد أن وجدها مع أحد خصيانه 
في وضع جنسي. . ويمكن الإشارة إلى أن المرأة العربية ا مغتصبة» في المجتمعات 
المعاصرة» تعاني مصيرًا مشابها قائمًا على الإقصاء والاستبعاد والحجر. 





200 خطاب الجنس: مقارياتٌ في الأدب العربيٌ القديم 


وتبرئة نفسه من الفعل» وإنما يسعى إلى إضافة قيمة جديدة في سجل 
خيانة المرأة ذلك السجل الذي صاغه الرجالء» وزوّدوه بخلاصة 
أحكامهم ونتائج تجاربهه”. 


© التمرّد الجنسي وقتل الأب 

تحفل كتب الأدب بالنسويات الرافضات المُتحذيات تعاليمَ 
التحريم الدينيّ الجنسيّ» إذ نقع على نصّيات تجسّد أشكالا من 
الجنسانيات المناوئة للقيم والتقاليد السّائدة دينيًا وثقافيًا. ومن ذلك 
النص الاتي : 

"حملث ابنةٌ الخ من زنئ فسُّئلت ممن حملت فقالت : 
أشمْ كغصن البانٍ جَعْدٌ مُرجَلَ شُغفث به لو كان شيئًا مُدانيا 
كلت أن ننه ذفت كريته سُّلاًا ولا ماء من المُرْنِ صافيا 
دامين لواللترشرييق فوفد رودي ا اعرف ان لااواننا 
فإذا ارس عفدف درفي . غاذم بعلن الي 
يكشف النصٌ عن مُخالفة مُعلنة لتعاليم الإسلام الدينية التي تمنع 


(213 م ع ل ل ا ل د 
الزواج العربية وطربيها الزتيهي! --- والزوجة؛ وإلها هو ثيل لس 0 
ذرة غتذ ابن كيام ونطية: 
«وقالت جميلة النميرية في زوجها: 
لهورك ضخْمٌ ورمحٌ بقرة بهامةهرفي قذالمعجِر 
ينيك به سبعًا وسبعًاوستة ‏ وماكلّ هذافي يميني بمنكر 
محاسن النساء. ضمن : ثلاث مخطوطات تراثية نادرة فى الجنس. ص 49. 
)214 ابن حمدونء التذكرة الحمدونية» م 9 ص 9. 


الجنسانية النسويّة: صوت المرأة وهويتها الجنسية 201 


ممارسة الزنى وتعاقب الفاعل بالجلدء إن كان غير محصنء» والرجم 
حتى الموت إِنْ كان مُحصئًا. فالزنى من الأفعال المُخالفة التي تندرج 
في سياق الكبائر التي وضع لها الإسلام حدودا مُغلظة تحول دون 
اقترافها. بيد أن «ابنة الخسٌ» جهرت بالكبيرة وهي تعلم أنها تنتهك 
قواعد الإسلام وتعاليمه» كما أنَ فعلها لم يتوقف عند ارتكاب كبيرة 
من الكبائر بل تجاوزها إلى الحمل الذي دل على وقوع الزنى دون 
الحاجة إلى أربعة شهود عدول. 

ويرد اعتراف ابنة الخس ضمن سياقٍ إقراريّ ينطوي على جرأة 
كبيرة» إذ إِنه اعتراف لا يتضمّن إدانة لفعل الزنى» ولا ندمًا عليه 
وعلى العكس من ذلك تمامًا فإجابتها تعلنُ استخفافًا بالقيم الدينية 
الإسلامية» وتطاولا على هيبة الأعراف الاجتماعية» فهي تواجه 
السؤال بإجابة مستهترة قائمة على تعظيم صورة الرجل الذي زنى 
بها" وشغفها ا 

لكنَ مكمن تحدي المرأة يتجاوز كبيرة الزنى إلى استحضار الأب 
في سياق مفاضلة بينه وبين الرجل الذي خلّف فيها مذاق رضاب 
يفوق في لذته مذاق الخمر وماء السحاب الصافيّ. ولعل استحضار 
الأب في إطار الذكل يكشف عن كناية دالّة على قتل الأب؛ فابنة 
الخس لا تتورع عن إظهار رغبتها في قتل أبيها مقابل أنْ تنعم 
(15) لقد عرفت الثقافة العربية أنظمة البغاء السريّ والعلنيّ في الجاهلية والإسلام. 

وهناك نساء ولدن من البغاء والزنى. ويمكن الإشارة إلى كتاب أبي عبيدة معمر بن 

لمشنى الموسوم ب «بغايا قريش في الجاهلية ومن ولد منهنَ' ومعلوم أن هذا الكتاب 

ألفَ بدافع شعونّ للرد على العرب الذين كانوا يفاخرون بصفاء أعراقهم ونقاء 


دمائهم. انظر: الخطيب البغداديء الزنى والشذوذ في التاريخ العرن. ط1ء 
الانتشار العربي» بيروت» 9 ص 55 - 66 





202 خطاب الجنس: مقارياتٌ في الأدب العربيٌ القديم 


بمواصلة عاشقها. ويؤكد القسم تمسّكها بعاشقها ورضاها بفقد أبيهاء 
وبعبارة أخرى فإِنْ مقارنة ابنة الخس بين أبيها وعاشقها تجسّد 
تفضيلها الحياة على الموت؛ فهي تختار الحياة مع «الغلام الهلاليّ» 
بدلا من البقاء ميّتةَ مع أبيهاء فالأب يحيل إلى الموت والغلام 
الهلاليّ يقترن بالحياة. ورغم أنها تدرك أن إرادتها صعبةٌ التحقق إلآ 
أنها ترضى موت أبيها على أنْ يظل الغلام الهلاليَّ حيًا. إِنَ موت 
الأب يتحققٌ باقتراف ابنته كبيرةً يدينها العرف والدين؛ فالأب». في 
النظام الأبويّ» هو الرمز الذي تنال منه أحكام العرف والدين التي 
تحاكمه بوصفه أبَا عاجرًا عن حماية تعاليم القيم الأبوية. وإذا كان 
الأب مُعادلاً موضوعيًا لتعاليم النظام الأبوي المتمثّلة في العرف 
والدين وما تتضمنه هذه التعاليم من مصادرة ومراقبة ومعاقبة وهيمنة 
وسيطرة» فإنَ الدلالات العميقة التى تتضمنها إرادة ابنة الخس 
وأمنيتها تتمثل في قتل تعاليم النظام الأبويّ والثأر منها؛ فهي حسب 
الله "فى #صباد د رضاتكة لقان وف ل علا 
ويتكرر حضور الأب في نص المرأة المعبّر عن رغبتها الجنسية 
المخالفة لأنظمة العرف والدين. فقد ورد أنّ امرأة ضبيّة قالت: 
لخلوةٌ ليلةٍ وبياض يوم من ابن الوائليّ شِفَاءٌ قلبي 
بمحنية أوسّده شمالي وأرفع باليمين ذيول إتبي 
وأرشفٌ من مُجاجٍ الظلم منه عتايو لني ة الث عدن 
وَألصِقُ بالحشا مني حشاة 2 ويسهل :من قيادي كل : 


(16) انظر: إبراهيم الحيدريّ» النظام الأبويَ وإشكالية الجنس عند العرب» ط1ء دار 
الساقى » بيروت »2 3 صن 4 


الجنسانية النسويّة: صوت المرأة وهويتها الجنسية 203 


وألمِسُ كمّه جَهْمًا تعالى على رَكَبٍ كَخْينةٍ ظهر قَعْبٍ 
ويسحبّني على البوغاء حتقى تنال غدائري تعفيرَ ثُرب 
انون اتعيينات اب وات جع لصن حي الا ا 

تتكتيية الآياك اقمة عمسكة تضق ومرلا نيا د بين امرأة ضبيّة 
ورجل وائليّء رلا سارت لراك مان اذى علد ان سو لق 
بناء على أحداث قصصية تُستهل بالزمن الذي يمتد من أول الليل إلى 
أول الفجر. وهذا الزمن مخصصٌ للوصال الجنسيّ الذي تقوم المرأة 
بتمثيله شعرًا قصصيًاء وكأنها بذلك تعمد إلى تنصيص تجربتها 
وتخليد حكايتها وتدوين أنوثتها'*'"» دون أنْ تخشى من منظومة القيم 
الاجتماعية ووصاية النظام الأبويّ. وإذا كان فعل الوصال دالا على 
جملة أفعال بين المُتواصِلّين تشمل : العناق» والقبل» والرهزء فإِنَ 
المرأة الشاعرة لا تكتفي بالإحالة إلى فعل الوصل» وإنما تعمد إلى 
شرح تفصيليّ لواقعة الوصال وكأنها تتحدى القيم الاجتماعية السائدة 
وتستخفٌ بالنظام الأبويّ القائه”". إنها امرأة متمرّدة تبوح بتجربتها 


(217 الوزير هال الدين الو اتن كيين ريت الفط + إنباه الزواةعل امار التُحاق» 
ا القاهرة حاتي وأنك نا 6 ص 300. 


(18) انظر: عبد الله محمد العذَامِيَ المرأة واللغة» ط2. المركز الثقافي العربي» بيروت- 
لدار البيضاع»ء 7.» ص 64 68. 


(19) لا شك في أن هناك استثناءات كثيرة في الأدب العربي لهذا المفهوم؛ إذ إِنْ 
ا ل د ة يرعى الجنسانية ويباركها ومن ذلك الخبر 
لذي أورده الأصفهاني ونضّه: أزوك: ساد بن خارجة الفزاريٌ بنته هند من 
لحجاج بن يوسف» كلما كانت ليله أراد الجاد ا قال لها أسعاء يز ع خارجة: يا 
بنية» إِنَّ الأمهات يؤدبن البنات» وإِنّ أمّك هلكت وأنت صغيرة» فعليك بأطيب 








204 خطاب الجنس: مقارياتٌ في الأدب العربيّ القديم 


الحسية ف باق اعدداة وفك يمنا عو حجان اماما وتقافتا. 


ولعل التدقيق فى بنية الضمائر العائدة على صوت المرأة يجد أنها 
تكررت ثماني عشرة مرة» امعط يمراد ا رو امامل 
وهي ٠‏ : أوسّده شمالي» أرفع ذيول إتبي » اك مرو نياج الظلمء 
والعؤ سكا دن أقول له. واتخيل 'ينية الأفعال على 
تحريض المرأة عاشقها على مضاجعتها ووصلها؛ فهي لا تكتفي بأنْ 
تون ليان ها نكي انها اسح مان القمل عمةها يك لحميل 
الوصل واللقاء. فالمرأة. ف هذا المقطع. توسد عاشقها شمالهاء 
وترفع بيدها اليُمنى ثوبها القصيرء وتتبع الفعلين برشف رضاب 
#الارر عار واس حا 0 إزرا سيك ادر جديا على 
فرجها المكتنز. وسوف نلحظ أن المرأة : * تغيب بعد أنْ تقوم بهذه 
الافيان لكارك المعيان: لعاقتقها ا فون تاتف من الفدل لقن مسحت فق 
علاقة قائمة على تبادل الأدوار» أما الرجل فيحضر في بنية الضمائر 


الطيب الماء» وأحسن الحسن الكحل. وإياك وكثرة المعاتبة» فإنها قطيعة للودء 
وإياك والغيرة فإنها مفتاح الطلاق. وكوني لزوجك أمَّةَ يكن لك عبداًء واعلمي 
اوالفائل كار 


هع د 01 نش مسف فقبلت من أبيها 
وصيته. وكان الحجاج يصفها في مجلسه بكل خيرء وفيها يقول بعض الشعراء 
يخاطب أباها: 


جتزاك اللةديا اأتنهاء جيرا . :كما أرضيت:ششنلة الأمير 
بصدغ قد يفوح المسك منه عليهمثل كركرةالبعير 
إذا أعة الأمية يَمَشعِنِييا يشيعت لدهنا أزيذا كالصريو 
إذاالقحث بأرواح تراها تجيد الرهز من فوق السرير 
الأغاني» ج 20. ص 233. 


الجنسانية النسويّة: صوت المرأة وهويتها الجنسية 205 


إحدى عشرة مرة» وقع فيها فاعلاً مرتين هما؛ فيجمع منكبيّء 
ويسحبني على البوغاء. وهما الفعلان اللذان يحققان خضوع المرأة 
في تجربة الوصل الجنسيّ للرجل. ولعل مقارنة بين بنية المفعول به 
للرجل والمرأة تكشف عن فعل السيطرة الذي يقوم به كل طرف. 
فالرجل وقع مفعولا به دلاليًا في المواضع الآتية: أوسّدهء ألصق 
حشاه؛ ألمس كفّهء أقول له. أما المرأة فتردٌ مفعولة به دلاليًا في 
ثلاثة مواضع هي: فيجمع منكبي؛ تجاحف ركبتاي ضلوعٌ جنبي؛ 
ويسحبني على البوغاء. 


ويكشف توزيع بنية الضمائر البنيويّ عن مركزية المرأة الكبرى 
في ممارسة الوصال الجنسيّ فهي التي تملك القدرة على إدارة أفعال 
الجنس وإنتاجها وكأنها تسعى إلى تسجيل تجربتها وتخليدها في 
سحا السحمناقة التسردة: 

ويخضر الآب#:في البيت: الأخيو» :في سياق: الفذاء؟ أي أن 
ابنته مستعدة أنْ تفدي عاشقها بأبيها وأمها. وإذا كان الأب والأم 
رمزي حَجبٍ وفاعلي منع؛ ذلك أنهما يحاصران ابنتهما ويحولان 
دون وصلها لخشيتهما من طاقتها الجنسية وتصريفها في طرق 
خاوعة عن تطاف نط مين 177 “فزللف: لأنهنا ‏ مستتناة" المصادزة 
والتسلط" اللوع تحطلاة فعالننها الحنسية: :ولف الأبووة يحضوان 
بوصفهما مدافعين عن النظام الديني والاجتماعي الذي تدعمه 
الشريعة الإلهية وتغذيهء مما يعني أن فداء المرأة عاشقها بأبويها 


(20) انظر: فاطمة المرنيسيء الجنس كهندسة اجتماعية بين النصٌ والواقع. 
ص 26 -31. 


206 خطاب الجنس: مقارياتٌ في الأدب العربيٌ القديم 


يجسّد حنيئًا عميقًا إلى التخلص من النظام الأبويّ المُطلق”21. 


© التمرّد الجنسيٍ وقتل الزوج 

يندرج» في هذا السّياق» تمرّد المرأة الجنسيّ وجرأتها في تهديد 
زوجها بخيانته جنسيًا إذا ما اتخذ غيرها زوجة أو جارية» ويُحِسَدٌ 
الخبر الآني هذا التصوّر ونصّه: «قال أحمد بن هشام الكوفيّ: 
تزوجثٌُ فاطمة بنت أبي زيد الحامض» فلما اجتمعنا ليلة العرس 
وعخلجو العيناء على الرصو مع المروسن قالك نين : الا اعرف 
لقعودكنّ معنى» لا أنا مستوحشة فتؤ نسنني » ولا محتشمة فتبسطنني» 
فانصرفن فى حفظ اللهء فقمن» وأقبلت عليىّ فقالت: احتشامّك 
بغض» واحتشامي أبغض منه. لأنك ره وقد جربتُ؛» وكما 
أله يكير عليك اثاقزان مع غير ده ذلك كبر علي أن أريك مغ 
غيري» فخذ في أمرك., والزم الصحبة يلزمُك العمل» وأنا أعطي الله 
عز وجل عهداً يسألني عنه. ويأخذني بهء لعن خالفتني إلى امرأة 
لأخالفتّك إلى ثلاثة رجال)20©, ْ 


إِنْ الزوجة لا تكتفي بوضع قانون يُنظمٌّ العلاقة الزوجيّة ويوضح 
مخاوفها الجنسانية وإنما تقوم بنفي حقّ الرجل في اللجوء إلى تعداد 
الزواج أو التَسرّي. وهي تشرعء منذ البداية» بتحديد موقفها من تعدد 
العلاقات الجنسية مستندة» في ججاجهاء إلى كراهة الزوج رؤيتها 
مع غيره من الرجال. وبذلك فإنّها تستفرٌ ذكورته وفحولته وغيرته 


)221 انظر: رجاء بن سلامة» العشق والكتابة. منشورات الجمل» ط1ء كولونيا- 
ألمانياء 2003. ص 281. 


)222 انطو البصائر والذخائر» مم 21 ج22 ص 55 





الجنسانية النسويّة: صوت المرأة وهويتها الجنسية 207 


لتؤقن النفسها تحطنانة عير اسعفوازّةواسشحضار ضوزه الرعجل الآخر 
الأكثر فحولة والمتفوّق عليه جنسيًا". إِنَ المرأة تواجه الرجل 
بالججاج التمثيليت*” الذي يتأسس على عبارة أساسية هي: «وكما 
انكر عليك أن ترات مم فيورك كدلك يكين عل أن أزالك م 
غيري»» فزوجة أحمد بن هشام الكوفيَّ تضع نفسها بموازاة زوجها 
في الحقوق الجنسيّة””». لكنّ الأمر لايتوقف عند هذا الحدّ بل 
يتخطاه إلى ججاج توليديٌ يقوم على دلالات ضمنية مُفادها أن 


223١ 


224) 


)225( 


تشيع الأخبار والسرديات الكاشفة عن تذمّر المرأة من ضعف زوجها الجنسي 
واحتجاجها على هذا المآل. ومن ذلك ما أورده التوحيدي ونصّه: «قال أبو هفّان: 
سمعتٌ امرأة تقول لرجل : : قد والله استحيتٌ من الله تعالى تما أساحقك) ' .البصائر 
يتجاوز هذا ع ل و ا ا ا ور 1 قيامه 
ب «استحضار ملكتي الإحساس والمخيّلة إذ يُفيد التصوير والتأثيرا» كما «أنَّ التمثيل 
لا يُفِيدٌ فقط الرجوع إلى حالة خاصّة وإقامة علاقة تشابه معهاء ٠»‏ بل يُفيد كذلك اتخاذ 
ل ل ا ا والتمثيل لا يفيد إقامة علاقة 
تشابه بين طرفين بل بين علاقتين ». انظر : : مليكة غبار وآخرون؛ الحجاج في درس 

الفلسفة. ط1ء دار أفريقيا الشرق» الداد اليضيات»»* 2006 0 -26. 


ل م وم 5 

أبو عمرو بن العلاء: أي أعرابي فلم آر أجن منها؛ ورأيتها بول شيخاء فلا 
وتلطّفته 5 : إن ضِعُفت قواه وكف بصرّه؟ قلت وإ كان ذللع: فضربت 
بيدها إلى ذكره فقالت: وإِنْ استرخى ذكرّه وحُسفت أنثياه وقلّ فعله؟ قلت : ما لك 
ويك ولهنا الشيخ؟ فقالنت* 

لا خيرٌ في الشيخ إذا ما اجلخًا ‏ واطلمٌماءمعينهولحًا 
واحدودبَ الظهرٌ فكان فخًا| وناممنهأيره واسترخه) 
البصائر والذخائر. م2 ج24 ص 149 . وللوقوف على تفاصيل وافية حول 
جنسانية المسسية في الثقافة العربية الإسلامية انظر: آمال قرامي » الاختلاف في 
الثقافة العربية الإسلامية : دراسة جندرية.» ص 823 854. 





208 خطاب الجنس: مقارياتٌ في الأدب العربيّ القديم 


الزوجة لا تعترف بحقٌّ الرجل في تعدد جنسانياته» ولا تؤمن 
بالمرجع القرآنيّ الذي يمنحه هذا الحق» لذلك تبدو هازئة بالسلطة 
التي تجعل للرجل حمًا في تعداد جنسانيته على حساب إقصاء الزوجة 
واسعتعالهاء' إن رصوك العر ال اكد عون وها باعلاها إلى ناد 
رجال في حال اختلف زوجها إلى امرأة واحدة يكشفٌ استخافها 
بحقّ الرجل في إشباع نهمه الجنسيّ وتعداد جنسانيته» ولعل توظيفها 
للقسم والتوكيد المضاعف في قولها: «لأخالفتك» يبرهن على النقمة 
التي تعتمل في داخلها جرّاء استحضارها امرأة أخرى تشاركها في 
زوجها. 

إِنَ زوجة أحمد بن هشام الكوفيّ تستعير أدوات الإقصاء التي 
يستعملها الرجل في الدفاع عن أنوثتها وصلاحيتها وقدرتها على 
إشباع زوجها وإرضائه وتلبية حاجاته الجنسانية» وهي عندما تهدد 
زوجها وتتوعده وتعاهد الله على «اختلافها إلى ثلاثة رجال» في حال 
اختلف زوجها إلى امرأة واحدة فإنها تعبّر عما يسكنها من رغبة في 
الخلاص من قهر الزوج وما يملكه من سلطة تتيح له تعديد جنسانيته. 
إنها في النهاية لا تسعى إلى قتل الزوج وإنما تسعى إلى النيل من 
المنظومة الرمزية التي توفر له ممارسة التسلط والقهر والاستبعاد. 


209 


المبحث الثانى 


الآخر في الجنسانية العربية 


تحمر الاش فى العضاتة العرية يرضنقه شافيعا المساربيات 
الجنسية التي يمارسها الإنسان المتفوّق ثقافيًًا ودينيًا وعرقيًًا وطائفيّاء 
وسوف يمنح التفوّق الثقافيّ المُتفوّق حضورًا طاغيًا وإحساسًا كبيرًا 
بهويّته الجنسيّة التى تستعلن وتظهر بوصفها أداة للقهر والإهانة. كما 
أن الممارسة الجنسية تردء فى هذا السياق». بوصفها فعلا شائنًا 
يهدف إلى إلحاق العار والضيم بالمفعول به. وتتعدد صورة الآخر في 
هذا الخطاب؛ فهي تحيل تارة له غير العربيّ» وتحيل تارة 
أخرى إلى 0 م ااا تنيي الن 4 دارع 
لاسر اس وم 
قد يكون مُسلمًا لكنه مختلف فى مذهبه وعقيدته. وفى الأحوال كلها 
فإِنَ الآخر يقع في الجنسانية العربية موقعًا دونيًا؛ إذ إِنَ ما يلحقٌ به 
من استعمال وإخضاع جنسيين يمثّلٌ تتويبًا للسيطرة والهيمنة» بمعنى 
أن هدف الفاعل الجنسيّ يتجاوز الاستمتاع الجنسيّ إلى إلحاق 


210 خطاب الجنس: مقارياتٌ في الأدب العربيٌ القديم 


الإهانة والضيم بالمفعول به الخاضع للفعل الجنسيّ”"". أي أن الآخر 
لا يعكل شريكا حقيقيًا وإنما شريك رمرئ؛ بمعئى أن الهدف 
الأساسيّ في هذا السلوك الجنسيّ ليس الوصول إلى المتعة الجنسية 
بل إلى تحقير الآخر وإهانة هويته. 

© أوهام الفحولة 

كناتقن محا “كن لمعيه اناق ٠.‏ الب العف" الذتن وعفه 
مؤسسة القبيلة العربية لتأمين مواردها من القداه 55-5 الاستعمال 
والاستخدام. وسوف نعرض فيمايلي». صورة الرجال العرب 
المسلمين الذين كانوا يقعون في الأسر ويتعرّضون لابتزاز جنسيّ قد 
يُعرّض حياتهم للخطر والموت إِنْ ظفر بهم أعداؤهم. ومن تلك 
الروايات ما وقع مع أعشى همدان الذي كان كما قال عنه أبو الفرج 
الأحفهانة + تكد الفقواء القذاه للقران)/* + :وتقول. الروانة المتحكمة 
في ا الإسنادية: « كان أعشى همدان أبو المُصَبّح ممن أغزاه 
الحجَاجُ بلد الديلم ونواحي دستبى» فأسٍرء فلم يزل أسيراً في أيدي 
الديلم مدة. ثم إِنْ بنتا للعلج الذي أسره هّويته» وصارت إليه ليلا 
فمكنته من نفسهاء فأصبحٌ وقد واقعها ثمانيّ مرات؛ فقالت له 
الديلمية: يا معشرّ المسلمين» أهكذا تفعلون بنسائكم؟ فقال لها: 


(1) لا تقتصر الإهانة على المفعول به جنسيًا وإنما تمتد لتشمل من يحيطون به. 
فالممارسة الجنسية غير الشرعية قد تستخدم سلاحًا فعَالا للنيل تمن يقعون في 
دائرة المفعول به. دليل ذلك هذا النصّ: (وقع بين مزبد ورجل كلام فقال 
الرجل: تكلمنى وأنا قد نكت أمك؟ فرجع إلى أمه فقال لها: أتعرفين نائكاً؟ 
قالت: أبو علية؟ قال: ناكك والله! أنا أسألك عن اسمه وتجيبيننى بكنيته؟!). 
البصائر والذخائر؛ م 2: ج 4. ص 148. 


)2( الأغانّ. ج26 يق إحسان عباس وإبراهيم السعافين» وبكر عباس » ص 27. 





الآخر في الجنسانية العربية 211 
هكذا نفعل كلّنا؛ فقالت له: بهذا العمل نصرتم”* ؛ أفرأيتَ إن 
خلّصتك» أتصطفيني لنفسك؟ فقال لها نعم». وعاهدها. فلما كان 
الليل حلّت قيوده وأخذت به طرقاً تعرفها حتى خلصته وهربت معه. 
فقال كتاعردمن أسزى المتلمية: 

فحن كان يفديه من الأسنر مالة< ٠‏ فهمةانتفديها الغذاة أبوظي 

تنفتح الرواية على مشهد غزو ينطلق من الكوفة حيث إقامة الوالي 
الأموي الحجاج بن يوسف الثقفيَّ ويستهدف الديلم والمنطقة الواقعة 
بين الريّ وهمذان» وبحسب مشروع الغزو فإنّ على العْزاة أَنْ يحققوا 
نصرًا مؤرّرًا على المُستهدفين بالغزو يقوم على قتل كلّ من يعترض 
الغزو الإسلامي والفتك به علاوة على إخضاع المناطق المستهدفة 
إلى سلطة المسلمين العْزاة وهيمنتهم» فالغزو هو الهدف الاستراتيجيّ 
الذي يورده نص الرواية المُدعَم بقوة الإسناد في فاتحته. 

وإذاكاذت الرواية السابقة مقتطعة مخ سيرة 'ذاتية أخبازية لأعشئ 
همدان فإنها من المؤكد أنْ تلط الضوء على مكامن التوهّج في هذه 
السيرة. وتُشدد الرواية على أسر أعشى همدان» ووقوعه. في أيدي 
الدذيلم» مُّدَةَ لا تفصحٌ الروايةٌ عنها. لكنّ النصّ يخبر ضمن مساره 
الاستدلاليّ أنها مدة طويلة؛ إذ إِنّها أتاحت لابنة العلج الذي أسر 
أعشى همدان أنْ تهواه» وبحسب معجم العشق العربيّ فإِنَ الهوى 


)3( ورد في كتاب الوشاح في فوائد النكاح ما يمائل هذه الرواية» إذ أورد السيوطيّ 
نقلا عن كتاب «نزهة المذاكرة وأنس المحاضرة» «أَنَ الحكم بن عبدل شكا إلى ابن 
هُبيرة الضبعة» فوهب له جارية من جواريه» فواثبها ليلة صارت إليه تسعًا أو 
عدوا فقالت : جعلت فداكء» تمن أنتَ؟ قال: : امرؤٌ من أهل الشّام. قالت: «هذا 
العمل نُصرتم22 .الجنس في أعمال الإمام جلال الدين السَيوطي؛ ص 208. 

(4) الأغان. ج6». ص 28. 





212 خطاب الجنس: مقارياتٌ في الأدب العربيّ القديم 


من مراتب الحبّ التي تتوسّط تجربة العشق التي تبداً بالمودة» ثم 
المحبة» ثمّ الحبّ»ء ثم الهوى» ثم العشق.» فالهيام» والولهء فالتّيم. 

إِنَ المراحل التي أمضتها ابنة العلج لبلوغ مرتبة الوصال الجنسيّ 
مع أعشى همدان تكللت بالنجاح» فالنصٌ يخبر أنها لم تتعرض 
لمحاولة الوقوع في قبضة أبيها الفارس الذي تمكن من الإيقاع 
بأعشى همدان وأسرهء فالأب» في هذه الرواية» يظهر غافلا عن 
اميف وسامتااهم ابض العامة ولع لحضور الأب الضعيف مقصدًا 
ضمنيًا؛ إذ إِنَ ما يخبر عنه النص لا يكمن في منطوقه وإنما في 
مضمونه. إِنَ النصّ يحيل إلى الوقوع في الأسر من قبل المأسور 
لأعشى همدان» لكنه يخبر عن وقوع ابنة العلج في أسر أعشى همدان 
الجنسيّ بعد أن وقعت في أسر هواه. لكنّ النصّ لا يحدذث عن فخاخ 
أعشى همدان التي نصبها للإيقاع بابنة العلج في براثئن هواه. كما أن 
النص يحجب عنًا التدابير الاحترازية التي اتخذها العلج لحراسة 
أعشى همدان خشية فراره وهربه» النص مُصاغ ليناسب نزعة التمركز 
العربية التي تُمجّد الأنا وتقلل من شأن الآخر. 

هكذا ينطق النصٌ بِأنَ ابنة العلج صارت إلى أعشى همدان «ليلا 
فمكنته من نفسهاء فأصبح وقد واقعها ثماني مرات». لكنّ النصّ 
نفسه يحجب أسئلة تدور حول مكان اللقاءء وما إذا كان مُحاطا 
بالحرّاس الليليين» كما أن النص لا يفصحٌ عن آليات الممارسة 
الجنسية التي شهدها لقاء الآسرة بالأسير والآسر بالمأسورة» إذ إِنَ 
كل واحد منهما أسير الأخر؛ أعشى همدان أسير الغزوء وابنة العلج 
أسيرة الهوى. كما أن كل واحد منهما آسرّ؛ فابنة العلج آسرة من 
خيية إنها ابكذاد لآب الآش نر وأعشي هيدان امسن من جهة أنه 


الآخر فى الجنسانية العربية 213 


استطاع أنْ يُخضع ابنة العلج «ثمرة أبيها» لهواهء واشتهائه ومواصلته. 

إن القارئ يعجر عن إدراك لقاء جنسيٌ دبّرته ابنة العلج وخططت 
له امتد من الليل إلى مطلع الصبح وهو مرحلة تالية للفجرء وهذا 
يعني أن أعشى همدان كان مُطمئنًا ويتمتع باستعداد نفسيّ هائلٍ مكنه 
من مواقعة ابنة العلج ثماني مرّات. ولعل لعدد المواقعة دلالات 
مهمة؛ فهو من ناحية يُشير إلى أن ابنة العلج وأعشى همدان لم يكونا 
يخشيان الرقباء والعسسء لهذا استغرقا في استعمال اللذات إلى 
درجة الانهمام بالذات والإفراط في بلوغ الشهوة ومعاودة المتعة. 
وهو من ناحية أخرى يشير إلى فيض في الفحولة سوف يختزلها 
البيت الشعريّ الذي تختتم به الرواية نفسها. 

بيد أن القيمة الحقيقية التي تسعى الرواية إلى إبرازها هي القدرة 
الجنسية الكبيرة التي يتمتع 8 أعشى همدانء إذ إنها كانت بيغا في 
تعلّق ابنة العلج به وقيامها بفك قيوده وتخليصه من الأسر بعد أن 
وقعت في أسر فحولته الساحرة. لم تقم ابنة العلج بمدح فحولة 
أعشى همدان ولا التعبير عن انتشائها ورضاهاء بل الرواية تجعلها 
تنطن مااع اكت إبلاغا وذلك عنرها سالك أعكن همدان عم حيقة 
نشاط المسلمين الجنسيّ وإِنّ كانت نساؤهم يحصلن على هذه المتع 
واللذائذ الجنسية كما حدث معها. ولعل صيغة الاستفهام الواردة 
تثبت للمسلمين تفوقًا جنسيّاء وإقرارًا من ابنة العلج بهذا التفوّق» 
فصيغة الاستفهام تتضمن استفهامًا إقراريًا مفاده الاعتراف بفحولة 
المسلميق الحسية وتبجيل نشاطهم ‏ الجتسي الهائل: 

وتقوم بنية الحوار على مبدأ حسم الرواية سرديًا؛ فأعشى همدان 
أجاب عن استفهام ابنة العلج الإقراريّ بإجابة قاطعة شافية مُفادها 


214 خطاب الجنس: مقارياتٌ في الأدب العربيٌ القديم 


«هكذا نفعل كلنا» في إشارة واضحة إلى إحالة الضمير على جمع 
المسلمين» وسوف تعمل هذه الإجابة على استدراج ابنة العلج 
وإغوائها بالرغم من أنها نالت قسطا وافرًا من الوصل الجنسيّء إِنَّ 
الكلام في هذه الحال يعمل على إخضاع المرأة نفسيّاء وإعدادها 
ذهنيًًا للتمركز حول القضيب الذي تسعى لامتلاكه وحيازته. لكنْ 
الرواية «مؤسين تعظيما للضباعة الحتنية" الاسللامية 0 فإذا :ها عددنا 
الرواية مُلمْقَة في جزء كبير منها فإِنْ التدقيق في الرابط السرديٌ بين 
انتتصارات المسلمين وفحولتهم الجنسية يكشف عن قدر كبير من 
هذيان المُخيلة المُنتجة للرواية» فالنصٌ يُلفْق عالمًا مُتخيّلا ويسعى 
إلى منحه تمثيلا قائمًا. وبعبارة أخرى فإِنَ العبارة التي أوردتها المرأة 
ونضّها «بهذا العمل نُصرتم) تكشف عن دلالات ضمنية مهمة مُفادها 
أن الانتتصارات التى يسعى المسلمون إلى إحرازها تستهدف الوصول 
إلى إشباع النهم اسن الفائل: الدق سكن الذات المسلمة:. أئ أن 
طاقتهم الجنسية كانت قوّة تحركهم إلى إحراز النصر العسكريّ الذي 
كان وسيلة إلى الوصول إلى الأهداف الجنسيّة. 


لكق القراءة لا تعوقفب عدن هذا المخليل يل“ إنها تيد إلى «قراءة 
المُتخيّل الجنسيّء ذلك أن أعشى همدان الذي وقع في الأسر مدة 
لم تعيّنها الرواية قد أصيبّ بحالة تشبه الهياج الجنسيّ نتيجة انقطاعه 
عن ممارسة الجنس الذي يورث فى الرجل احتباسًا فى منيّه واحتقانًا 
كبيرًا في طاقته الحيويّة مما يدفعه إلى التوثّر والتشئّج» وبعبارة أخرى 
فإِنَ الفعل الجنسيّ الذي يُنجز في ظل هذه الظروف يحمل رموز 
المرض القديم الكائن في توتر الذات اللاإراديٌ» والتهيّج الدائم 
الذي يجعل المرء فى حالة انتعاظ وانتصاب دائمين» إنه تهيّج يس 


الآخر فى الجنسانية العربية 215 


ملازم لا حلّ له أبدّاء ومن أعراضه بقاء المريض في حالة تشتج 
دائم» علاوةً على نوبات حادة تقترب من الصرع» وانتصاب القضيب 
الدائم. ولهذا المرض الجنسيّ أعراض أهمها رغبة دائمة في 
المضاجعة لا يُمكن إشباعهاء «ولا يخففها إرضاء الشهوة نفسه؛ لأنّ 
الانتصاب يستمرٌ بعد نيل أكثر اللذات تعددًا»» وتعتري المريض حالة 
من الخروج عن حدود اللباقة في الأفعال والأقوال الناجمة عن ازدياد 
حجم القضيب الدائم. ولهذه الحالة المرضية تفسيرات مهمة أبرزها: 
تمدد الشرايين الناتج عن التكوين البيولوجيّ في بيئة معينة وما يندرج 
فيها من مناخ» وغذاءء وهواءء أو أن هذه الحالة تنتج عن «انحباس 
المني» الناتج عن الانقطاع عن المضاجعة قسرًاء أما التفسير الأخير 
فيكمن في الثقافة المنتجة لمفاهيم اللذات الجنسية”©. 

لكنْ الرواية تعود لتجسّد تمايرًا في الهويّات الساردة وذلك عندما 
يحضر صوت شاعر من أسرى المسلمين الذي كانوا قد وقعوا في 
الأسر. وسوف يطلعنا الشاعر على خلاصة ما وقع مع أعشى همدان؛ 
إنه بيت شعريٌ يختزل تجربة كاملة من جهة ويُمجَدٌ القضيبية 
الهمدانية التى ينتمى لها أعشى همدان بعد أنْ كانت الرواية تسعى 
إلى لمعل المعولة ناكف او الي 


فمن كان يَفديه من الأسرمالة فهمدانٌ تفديها الغداةً أيورها 
هكذا يُفَاحَرُ بالقضيب عضو الفحولة الذي يُحِسَدٌ هاجس الافتتان 
والتمركز» فالقضيب يكاد يكون تميمة تدرأ المخاطر عن المُتسلّح 


(5) انظر: ميشيل فوكوء تاريخ الجنسانية: الانممام بالذات» ترجمة: جورج أبي صالح 
ومراجعة : مطاع الصفديّ » مركز الإنماء القومي » بيروت» ص 80-78. 


216 خطاب الجنس: مقارياتٌ في الأدب العربيٌ القديم 


به وهو طبيب الشهوة» وترجمان البح ذ0ة, إن الأير» عند عش 
همدان» يُعرّض عن اللسان والسيف. فهو وإِنْ هُرْمِ في المعركة 
ووقع أسيرًا وفقد ترسه وسيفه إلآ أنه يملك سلاحًا بديلاً يمنحه 
القدرة على تشغيل فضاء القتال بطريقة أخرى. لذلك يمكن أَنْ يُفهم 
قول الشاعر: 

ويُبِعتُ يوم الحشر أمّا لسائه فعيٌ وأمَاأَيرُه فخطيبُ”” 
وقول أبى حُكيمة راشد بن إسحاق الكاتب (ت 240 ه) فى رثاء 
أو وعم 80 

ألا يها الأيرٌ الذي كَل تفغة ١ ١‏ أمَافيك حير كم تدم وكم تسكن؟ 
ألم تك أولى بِالمَصَبّرِ في الوّغى 6 إذا كُنتَ مِمّن يُظهِرٌ الجئتٌ وَالنُسكا 
حك عطق الأنان عه رونة” ٠‏ ,فيك كم اله دتطات بسكن 
رَأَنْكَ في حال الفُسوقٍ مُشَمَراً قَفِيمَ هَداكٌ اللَّهُ لي تَكتُمٌ النسكا 
كبتك لَمَا لم تَقُم عِندَ حاجّة وَححقٌ لأير لا يَقومُ بأن يُبكى 
هكذا يحضر الأيرء فى الثّقافة العربية» بوصفه مُعادلا موضوعيًا 
تلقو والسطق :العف لدلف تناه يوسن كان قاف 
متتصيا وورفح ازنينها إن كان عا 7 


(6) انظر: باسكال كينيار» الجنس والفزع. ط1ء ترجمة: روز مخلوف» ورد للطباعة 
والنشر والتوزيع» دمشق» ص 52 55. 

7) انظر: ابن قتيبة الدينوريّ» عيون الأخبار» المجلد الرابع (كتاب النساء)» ص 109. 

(8) راشد بن إسحاق الكاتب (ت 240 ه)» ديوان أبي حُكيمة: في الأيرتات» ط3» 
منشورات الجمل» كولونيا ‏ ألمانياء 2007. ص 64. 

(9) انظر: عبد المجيد جحفة». سطوة النهار وسحر الليل : الفحولةٌ وما يوازيها في التصؤر 
العربي؛ ط 1» دار توبقال للنشرء الدار البيضاء. 1999. ص 17» 62-59. 





الآخر فى الجنسانية العربية 217 


لقد ساهمت المرأة في صناعة المتخيّل الجنسيّ وتنظيم مفاهيمه» 
فقد وردت في كثير من الأخبار عليمة بأحوال الرجال وعارفة 
بمنازلهم الجنسية. فقد ورد في الأخبار ما نصّه: «أسرت عنزة 
الحارث بن ظالم» فمرت به امرأةً منهم فرأت كمرةً سوداءء فقالت: 
احتفظوا بأسيركم فإنه ملك وخدن ملك. قالوا: وكيف عرفت ذلك؟ 


قالت : ارَأيْتِ حشفةً سوداء من فروم 000 


لقد علمت المرأة العنزيّة بمنزلة الحارث بن ظالم الرفيعة بعد 
أنْ رأت كمرة أيره السوداء» وصفة الاسوداد ناجمة عن مضاجعة 
النساء المُستفْرِمَات» وهنّ اللواتي يتخذن من ماء عجم الزبيب دواء 
لتفونق دفروهية" الوانضية ٠»‏ المعاطية اللدى العفيية 77 لك «الخير 


(10) انظر: ابن قتيبة الدينوريّ» عيون الأخبار» المجلد الرابع (كتاب النساء)» ص 108. 
(110) لقد وجّه عبد الملك بن مروان رسالة شديدة اللهجة للحجاج بن يوسف الثقفى؛ 
لأنه قسا على أنس بن مالك وقال فيها: «لا مرحباً بك ولا أهلا. لعنةٌ الله عليك 
من شيخ جوالٍ في الفتنة. ». فكتب له عبد الملك بن مروان: (بسم الله 
ل ارخ نا افق لسري بعجم الزبيب» والله لقد حممتٌ أنْ أركلك 
ركلة تبوي بها في نار جهنّم. قاقاك اله يا أحنن المن أصلك التجلين: أسوة 
لجاعرتين. والسلام» . الحاحظء البيان والتبيين» » ج1» طك. تحقيق عه السلام 
هارون» مكتبة الخانجي» القاهرة» 5 ص385 - 386. ويبدو, أن وصف 
لاستفرام معروف في نساء ثقيف. وقد لازمت هذه الصفة الحجاج فأضيفت إلى 
رصيده الثقافي. فقد أورد التوحيدي استناداً إلى المدائني ما نصه: «كان عروة بن 
لزبير عند عبد الملك بن مروان يدنه - وعنئده الحجاج بن يوسف 0 
في بعض حديثه : قال أبو بكر - يعني عبد الله بن الزبير فقال الحجَاج: أعند 
مير المؤمنين تُكني ذلك الفاسق؟ لا أمّ لك. قال عر ألي تقول هذا لا أمّ لك 
وأنا ابن عجائز الجنة خديجة وصفية وأسماء وعائشة» بل لا أمّ لك أنت يابن 
لمُستفرمة بعجم زبيب الطائف . «الإمتاع والمؤانسة» ج23 تصحيح وضبط : : أحمد 
أميخ وأحمد الؤين منشورات دار مكتبة الحياة» بيروت» د.ت.ب.طء ص182. - 





216 خطاب الجنس: مقارياتٌ في الأدب العربيّ القديم 


المتقدم لم يبين الكيفية التي جعلت امرأة ترى كمرة أير الحارث 
بن ظالمء ولم يكشف عن سبب إجابتها بمثل هذه الإجابة رغم أنه 
كان 'يمقدورها العملفن تن الاجانة أو استحضان إجانة الشرئ» كما 
أنَ الخبر لا يقدمٌ بيانًا لموقف الرجال العنزيين الذي سمعوا الإجابة 
التي تستبطن تعظيمًا للحارث بن ظالم» وامتداحًا لقضيبيته الباذخة 
في الوقت التي تتضمن انتقاصًا من شأن رجال قومهاء ولعل هذا 
الخبر دُوَنَ للمباهاة بسيد ذُبيان الحارث بن ظالم والانتقاص من 
شأن آسريه الذين تعيّن عليهم الحرص على الحارث بن ظالم بعد 


أن لوا ابغلاية اواك 


وقد عمدت المرأة إلى الإقرار بخبراتها الجنسية والمُفاخرة 
بزيجاتها المتعددة» ومن ذلك ما ورد عند الجاحظ ونصّه: «خطبّ 
رجل امرأةً أعرابيّة فقالت له: سل عنّي بني فلان وبني فلان وبني 
فلان. فعدّت قبائل» فقال لها: وما علمهم بك؟ قالت: في كلهم قد 
نكحت. قال: أَرَاكِ جَلئفعة قد خَرّمتك الخزائم. قالت: لاء ولكني 
جوالة بالرّحل عَنْتَريس)70". 


إن السياق الذي ترد فيه هذه النادرةٌ سياقٌ ججاجيٌ محوره خبرةٌ 


والمُستفرمة هي التي تجعل الدواء في فرجها ليضيق. والفرام : ما تتضيَّقٌ به 
المرأة من دواء. ردت ان مظر آنا اناك كنب للحا بالك « لأنّ في 
نساء ثقيفٍ سَعَةٌَ فِهُنّ يفعلنَ ذلك يَسْتَضْمَنَ به. «لسان العربء» مادة: (فرم). 
وانظر: آمال قرامى» الاختلاف فى الثقافة العربية الإسلامية: دراسة جندرية» 
ص 645 - 646. 


(12) للوقوف على أخبار الحارث بن ظالم انظر: أيام العرب في الجاهلية» ص 242. 


(0) البيان والتبيين» م1 ج22 حشيق: عبد السلام هارون.» طت» مكتبة الخانجي» 
القاهرة» 5 ص 151. 





الآخر فى الجنسانية العربية 219 


المرأة وكفايثها الجنسية» فالمرأة تريد إبراز قَذْرِها وشأنها أمام 
الخاطب بإشارتها إلى نكاحها المتعدد في القبائل» وكأنها تُفَاجِرٌ 
بتجاربها'*' 2 وتباهي بخبراتها هذا إذا ما علمنا أنّ هناك رواية أخرى 
لهذه النادرة وردت في لسان العرب في مادة ات جاء فيها أن 
المرأة قالت لخاطبها: الإ تالت ع بق قلات انيف عنما سكلف 
وبنو فلان ينبئونك بما يزيدك في رغبة» وعند بني فلان مني 
0 ولغ تجليلة لبنانكا لسة الشرعة بعل :إلى تيده التحوات: 
ف جحزن د ادل االشرظ ورعه اباك ا ور بعر الشرط على 
اننبا ا لضفي تست المديو وو القن وكات المر اه سفن :ال 
تحفيز الرجل على السعي إلى التمسّك بهاء وإذا كان النبا والخبر 
يدلآن على العلم من جهة أنهما يتضمَّنان معرفة لم تكن معلومة إلآ 
أنهما يدلآن على الجهل من جهة أن الرجل الخاطب لا يعلم قيمة 
المرأة ولا يعرف قَذْرها. واعتدادُ المرأة بتعدد نكاحها في القبائل 
دليل خبرة رفيعة» وأهمية بالغة» لذلك لم تقم المرأة بإخفاء 
تجاربهاء ولا تجاهل ماضيها لأنها تدرك أن القيم الثقافية السائدة لا 
تعاقبها ولا تحول دون حضورهاء ولا تعرقل رغبتهاء ولا تحكم 
عليها بالإقصاء والفشل كما تفعل المجتمعات العربية المعاصرة» 


(14) من ذلك مثلا: «قالت ابنة الكميت لأمها: أي الأيور أحبّ إليك؟ قالت: أير 
فرس في حرارة قبس » » في لين فنك في استدارة فلك في حقو رجل صمك. 
وقالت جارية: : ما شيء أحب إلي من رجل ينيكني بأيره في حري» وخصيته تدق 
على باب استي فتهيج شهوتي) . الراغب الأصفهان (ت 502 ه). محاضرات الأدباء 
ومحاورات الشعراء والبلغاء. ج23 ص 229. 

(15) أشار لهذه الرواية عبد السلام هارون في حاشية رقم (3) في كتاب: البيان 
والتبيين» مل ج22 ص 1 . 





220 خطاب الجنس: مقارياتٌ في الأدب العربيٌ القديم 


لذلك جاء جوابها واضحًا يقوم على أسلوب التحقيق «في كلهم قد 
نكحت». إن هذا الصوت الممتلئ قوّة وإرادة لم يكن ليصدر لو لم 
تكن تدعمه سنن ثقافية تعترف بحرية المرأة وحقّها في الطلاق 
والزواج اللذين يدلان على قانون يبيح تداول الجنس دونما قيود أو 
عقبات. بيد أن الرحل سيك مل إلى لحي فروعوافم الى التراضع عن 
رغبته في خطبة المرأة» وذلك في قوله: «أرَاكِ جَلنْفعةَ قد حَرّمتك 
الخزائم»» وهو قول يتضمّن كناية عن صفة الكبّر وذهاب البهاء» أي 
أنها امرأة مُسِنَةٌ ذللت وسُخَرت في زيجاتها المتعددة» ولعل الجذر 
اللغوي (خ ز م) يدل على الثقب الذي يُجعل في أنوف الإبل ليسهل 
اقتيادها بوساطة الخزامة وهي الحلقة التي توضع في الأنف. لكنّ 
المرأة تدافع عن نفسها بكونها ناقة عنتريسًاء وهي الناقة الفتيّةٌ الصلبة 
الوثيقة الشديدة القادرة على الانتقال من مكان إلى اخر بتماسك 
وقوّة وصلابة©". ولعل المقام يستبطنُ إشاراتٍ جنسيّة؛ فالرجل شبَّه 
المرأة» بعد أنْ علم بتعدد زيجاتها في القبائل» بالناقة الهُرمة 
«جلنفعة» التي ذهب بهاؤها من الأسفارء والمرأة تدفع عن نفسها 
هذه الصفة وتؤكد أنها ناقة فتيّة «عنتريس». وإذا كان الرجل يسعى 
إلى الحط من قيمة المرأة الجنسية وذلك بوصفها أنها ناقة هرمة فإِنّ 
المرأة تتعالى على الرجل من خلال ازدراء فحولته وذلك بأنْ وصفت 
نفسها بكونها عنتريسًا. وبعبارة أخرى فإِنْ المرأة تريد استدراج 
الرجل بوسيلتين؛ عن طريق استثارته جنسيًّاء فالناقة الفتية ألذ 
للضراب» وازدرائه جنسيًاء في حال إعراضه عنها» أي أنه يعجز عن 


(16) انظر: أحمد عبد التواب» نوادر الأعراب» ط1ء الهيئة المصرية العامة للكتاب» 
القاهرة» 7 ص 002 


الآخر فى الجنسانية العربية 221 


إتيان امرأة عنتريس جوّالة بالرحل» تبحث عن رجل قادر على إشباع 
نهمها الجنسن”17. 

© الآخر المُختلف عرقيًا 

تُحيل هذه القضية على الآخر المُختلف عرقيًا الذي يرد في منزلة 
دونيّة» ويُقصدُ بالاختلاف العرقيّ في هذا السياق النزعة الشعوبية 
التي استشرت في الثقافة العربية القديمة وخلّفت فيها صراعات 
اجتماعية وسياسية ومذهبية. وقد انبرى الأدباء والكبّاب العرب 
للدفاع عن العروبة والعرب والردٌ على الطاعنين الذين حاولوا 
الانتقاص من شأن العرب وأمجادهم وتقاليدهم وتاريخهم ومآثرهم. 
وستتوقف عدن لصل واحد للتدليل على .حضون الآحض المتتلف: غرقيًا 
فو ساق التريع اجشمة زيول النضن "لوكا العكم ب جمد ين 
ُنْب المازني قد عظم شأنه في بني تميم؛ سين كان ملي على 
جنائزهم. فلما لج في رأي الريك وقال في ذلك الأشعارء 
ضربته بنو مازنٍء وهم مواليه» فلما ألخُوا عليه في الضربء نادى : 
يا آل تميم! فقال أعرابيّ : 

يدعُو تميماأء وتميمٌ تضربة 

تلطِمهُطوراء وطوراًتركبة 


017 وبالمقابل نقف على نضّيات تكشِفٌ عن ضيق المرأة وتذمّرها من كبّر أير زوجها 
وعدم قدرتها على احتماله. يروي الجاحظ ما نصه: «قالوا : وشكت امرأة مؤرّج 
الأزدي عظم أير زوجها إلى الوالي » واسمها خوصاء» فقالت: 
إني أعوذ ببالأمين العذّلٍ من مُئْتن الرّيح خبيث وغْلِ 


يحمل أيْراً مثل أير البغل). 


كتاب البغال. ص 320. 





2202 خطاب الجنس: مقارياتٌ في الأدب العربيّ القديم 


وقال مُسلم بن الوليد: 
تركْتٌ صفاتٍ الخيل والخيلٌ معقل 
ْ وأصبحت في وصف البغال الكوادنٍ 
فدونك أيرَ البغل ياعبّد 06 
يرد هذا النص في كتاب البغال للجاحظ الذي يندرج في سياق 
«وصف الأشراف شأن البغلة» في حُسن سيرتهاء وتمام حُلقهاء 
والأمور الدّالة على السرّ الذي في جوهرهاء وعلى وجوه الارتفاق 
بهاء وعلى تصرّفها في منافعهاء وعلى خمَة مئونتها في التنقّل في 
أمكنتها وأزمنتهاء ولم كلف الأشراف بارتباطهاء مع كثرة ما يزعمون 
من عيوبها؟ ولم آثروها على ما هو أدوم طهارة خُلْقٍ منها؟ وكيف 
ظهر فضلّها مع النقص الذي هو فيها؟ وكيف اغتفروا مكروة ما فيهاء 
لما وجدوا من خصال المحبوب فيها؟””". 
يعسن المعاهة: إلى شيب دياف الأمرات انلدي هوا 
بارتباطهم بالبغال وتفضيلها على سائر المركوبات» بيد أن الجاحظ 
سيعمل على استحضار نصيّات البغال في الثقافة والاستعمال وما ورد 
من المواقف المقترنة بها. وسوف يُظهر الجاحظ انحيازًا إلى مسلم بن 
الوليد في نزاعه وخصومته”””' مع الحكم بن قُنبْر بشأن الموقف من 
الشعوبية؛ فالحكم بن قُنبر ينحاز إلى مذهب الشعوبية الذي يزدري 


(18) كتاب البغال.» ص 301 -302. 
(19) كتاب البغال» ص 216. 


)220 ورد أنَّ الحكم بن قُنبر «كان يباجي مسلم بن الوليد الأنصاريّ مذة؛ ثم غلبه مُسلم)» 
الأغانيّ. ج14» تحقيق : إحسان عباس وإبراهيم السعافين» وبكر عباس» ص 103. 





الآخر فى الجنسانية العربية 223 


العرب ويحقر رموزهمء لذلك يتخذ مسلم بن الوليد من موقف 
الحكم بن قنبر المذهبيّ ذريعة للطعن فيه وتحقيره وتسفيهه عبر 
استثماره الخيل معادلا موضوعيًا للثقافة العربية والبغال معادلا 
موضوعيًا للشعوبيين الذي يفضلون العجم على العرب. 

وإذا كانت الخيل :رهزا تقافيا عريكا'فإنها فقيل ومسا لمن 
يحتمي بها أما البغال فلا توفر حماية لمن يلجأ إليها. وعلاوة على 
ذلك ا الخيل تقترن» في المتخيّل الثقافيّ العربي . بالفروسية 
والبطولة والحرب والقكال فى حين أن البغال تقترن بالأثقال 
والبلادة» ثم إِنَ العرب حقّروا البغل عندما قالوا: «سُئل البغل من 
أبوك؟ فقال: الحصان خالي». وهذا المعنى مُتضمَنٌ في قول مسلم 
بن الوليد الذي صغْر الحكم بطريقتين عندما جعله واقعًا تحت أير 
البغل» وعندما جعله عبدًا لمازن. وإذا كان الحكم بن قُنبر من 
العوارة ,القرى يوا اموي وان الشرنية كليو واتعرن فحت أبور 
البغال» وهكذا فإِنَ أير البغل يعمل بوصفه علامة إذلال وتحقير 
وتسفيه للشعوبيين الذي يحاولون البرهنة على تفوقهم العرقيّ 
والعيقان علي الغرف 7 


)21 من الجدير ذكره أنَّ الجاحظ نفسه أنبه إلى فتنة الُفاخرة» لكنه لم يُلزْم نفسه بما أنبه 
لآخرين وحذر منه فهو يقول: «وليس أدعى إلى الفساد ولا أجلبَ للشرٌ من 
ُفاخرة» وليس على ظهرها إل فخورٌء إلا قليل». لكنه يقول في مواضع أخرى: 
«قد علمنا أن العجمّ حين كان فيهم الك والتبوَة ة كانوا أشرف من العرب» وأنّ 
لله لا حوّل ذلك إلى العرب صارت العرب أشرفٌ منهم' . وقوله: (وأيّ شيءٍ 
أغيظ من أنْ يكون عبدك يرِعُمْ أنه أشرفٌ منك وهو مُقَرُ أنه صار شريمًا بعِبْقِكَ 
إياه») . ولعل هدف الحاحظ » من ججاجه. أَنْ يُقدّم سلسلة من الأدلة لإظهار تفوّق 
لعرب على الموالي دون أنْ يعي أن أدلته قائمة على المغالطات .رسالة في النابتة» 
رسائل الجاحظ. م 1» ج 2. ص 23. 








224 خطاب الجنس: مقارياتٌ في الأدب العربيّ القديم 


© الآخر المُختلف دينيًا 

تشيع في مدونة الأدب العربيّ القديم تمثيلات جنسانية ترتبط 
بالآخر المختلف دينيّاء ولعل حضور المرأة والغلام المسيحيين من أبرز 
هذه التمثيلات. ويعود السبب في شيوع التمثيل المسيحيّ إلى أن 
المسلمين كانوا يرتادون أديرة المسيحيين ؛ للتنرّه وشرب الخمر واللعب 
والقصف. وقد كان يقصد هذه الأديرة فئات من المجتمع الإسلاميّ 
كلّهء بدءًا من الخلفاء ومرورًا بالولاة والقادة والقضاة وانتهاء بالشعراء 
واللتش اوسن ل عقويو معاي 0 رودل جد اسل إن الم و اكد 
يقصدون هذه الأديرة للخروج عن وقارهم الذي كان يفرضه عليهم 
الالتزام الدينن» خاضة أن الأديزة كانت بعيذة غن أعين الناس 
والحواضر مما يجعلها مكانًا آمئًا لممارسة الأنشطة المحظورة نظرًا 
لمنعتها وحصانتها”””. ولعل وصف الأديرة بكونها «عامرة» نَرِهَةٌ 
كثيرة البساتين والفواكه والكروم والحانات والخمّارين معمورَةٌ بأهل 
التطرب والشرب» وهي موطن من مواطن الخُلعاء»”*7'» يصوّر جمالية 
المكان المترافقة مع السرّية التي تُحاط بها الممارسات القائمة فيها'”©. 


(22) من هؤلاء الخلفاء المأمون» والمتوكلء والمعتز. انظر: أبو الحسن علي بن محمد 
الشابستى (ت 388 ه)., الذيارات». ط 2؛. مطبعة المعارف» بغداد». 21966 
ص 45. 85. 164. 

(23) انظر: أبو الفرج الأصبهانٌ (ت 362 ه). الذيارات» تحقيق: جليل العطيّة» 
ط 1 رياض الريّس للكتب والنشر» لندن ‏ قبرص » 1 .» ص 13 14. 

)224 الدذيارات» ص 54. 

(25) يقول الشابستيَّ في وصف «دير زكي» الواقع بالرقة على الفرات: «وهو من أحسن 
الديارات موقعًا وأنزهها موضعًا. فس ات 
لأنه يجتمع فيه كل ما يريدونه من عمارته ونفاسة أبنيته وطيب المواضع التي به. 
ونرّهه ظاهرةٌ لأنَ له بقايا عجيبة. اسه شن القز لاد والارردي رما شاكل «ل 
وما يُصطادُ بالجارح من طير الماء والبارئ.أضكناف 'الطثير: وفي الفرات» ببن..ت- - 


الآخر فى الجنسانية العربية 225 


وهذا يعنى أن الأديرة كانت منتجعات للهو واستراحات للمجون فى 
لوقتف اند ى كارك دو مك اله للوموان و لهات .وله يكن امير 
هذه الازدواجية فى أمكنة مخصصة للعبادة إلا بكون القائمين عليها رأوا 
أ بك دا لوحو شين اام اش مقا نا نيلو الماك سد 
الحياة خاصة أن بعض الخلفاء كان يقدم لهذه الأديرة أموالاً طائلة مقابل 
اللهو الذي كانوا ينالونه والظرف الذي يحظون به من الديرانيين الذي 
يحرصون على مفاكهة الروّاد ومنادمتهه'26. 

وفضلا عن اللهو والشرب والقصف والغناء فقد كان لمرتادي 
الأديرة أهدافٌ أخرى تكمن ذف في المُتع الجنسيّة» إذ تشير المرويّات 
إلى أن الراهباتِ كن مطمسًا لكلّ من يبحث عن الوصال الجنسيّ. 
لهذا الطموع بها" بو كنا فى عدون (القصرية الى ماه لسعزاف كنا بين 
الراهبات والحور العين في الجنة. فقد ورد بيتان شعريان نصّهما: 
نعم المحل لمن يسعى للدّته ديرٌ لمريمٌ فوق الطهر معمور 
ظلّ ظليلٌ وماء غيرٌ ذي أسن ارات كامتفال اتذمين جره 


فالأديرة كانت فضاءً حافلا بالمتع والمسرّات المُحرّضة على هذا 
النوع من الوصال. يقول الشابستيّ عن دير الخوات: «... وهو ديرٌ 
كبيرٌ عامرٌء يسكنه نساءً مترهّباتٌ متبتلاتٌ فيه. وهو وسط البساتين 
والكروم؛ حسن الموقعء نَزِهُ الموضع. وعيده الأول من الصَّوم. 


0 0 فهو جامعٌ ا ا وليس يخلو 
بارا 211 
ص 164 - 165. 





226 خطاب الجنس: مقارياتٌ في الأدب العربيٌ القديم 


يتجتمع إلية كل من يقرب.منة من النضارى والمُسلمين» فَيُعَيِّد 
هؤلاء. وينزه هؤلاء. وفي هذا العيد ليلة الماشوش. وهي ليلة 
تختلط فيها النساء بالرجال» فلا يرد أحدٌ يده عن شيء» ولا يردُ أحدٌ 
أحدًا عن شىء. وهو من معادن الشراب». ومنازل القصف» ومواطن 
و50 اشاعدرة لد ارق فكو امنود حكيد ل ساف رلك البدائين 
والكروم» وفيه جميع ما يحتاج إليه. ولا يخلو من متنزه يقصده 
للشرب واللعب. وهو من الذيارات الحسنة» وبقعته من البقاع 
المستطابة. وإنما سُمَّى بدير العذارى» لأنْ فيه جواريُ متبتلات 
عذارى» هّن 20 5" تكح الدب 1 , 
ويروي الشابستيّ رواية ترجع في سندها إلى الجاحظ نصّها: 
«حدثني ابن فرج الثعلبيّ» أن قومًا من بني ثعلب» أرادوا قطع الطريق 
على مال السّلطان فأتتهم المُعاينة» فأعلمتهم أن السلطان قد نذر 
بهم. فساروا ثم أزمعوا على الاستخفاء في دير العذارى» فصاروا إلى 
الدير ففتح لهمء. فما استقرّوا حتى سمعوا وقع حوافر الخيل في 
طلبهم. فلما أمنوا وجاوزتهم الخيل» خلا كل واحدٍ منهم بجارية هي 
عنده عذراءء فإذا القسّ قد فرغ منهنّ. فقال بعضهم في ذلك : 
وألوط من راهب يدّعي أن المساء عليه خزام 
يمُحَرُمُ بيضاء ممكورةً ويّغنيه في البضع عنهاغلامُ 
إذا مشى غضٌ من طرفه وفي الذير بالليل منهعُرامُ 
ودير العذارى فضوحٌ لهنَّ وعند اللصوص حديتٌ تمام»2. 
(27) نفسهء ص 93. 


(28) نفسهء ص 107. 
(29) نفسهء ص 107 108. 





الآخر فى الجنسانية العربية 27 


لا يُحيلٌ الدير في هذا النصّ على العبادة واللهو بل إِنّ الدّال 
يتفكك ليحيل على فضاء يقترن بالمّنعة والحصانة اللتين يوفرهما 
الدير. فاللصوص لجأوا إلى الدير لحصانته واستشعارهم الأمن 
والنجاة» بيد أنَ اسم الدير «دير العذارى» يعمل على الإحالة على 
لعي ح !"لابوا لانن كراة ودان يطلاف ماه :ولائلة كتير 
تقترن من الناحية الدينية بالسيدة مريم العذراء أم النبي عيسى عليه 
السلام» وهو يقترن بالعذرية والبتولة اللتين تُعدان كنرًا جنسيًا ثميئًا 
يحيل على الفاتحة الجنسية؛ وتجدد الرغبة. وبحسب الرواية فإن 
اللصوص توجهوا للدير طلبًا للاستخفاءء وقد تحقق طلبهمء 
«فصاروا إلى الذّير فمتح لهم». ولعلّ بنية الفعل المبني للمجهول 
تكشف عن تعاون الراهبات العذراوات مع اللصوصء فالدير كما 
وصفه الشابستيّ « فيه جوارٍ متبتلات عذارى» هُنَّ سكانه وقطانه» 
فسّمي الدير بِهِنَ»» إنه فضاء أنثويّ لا وجود لغير الأنثى فيه. لكنّ 
الوواية الستدة إلى الساحظ: كدت عذرنة المكاتةة» “فقن رحد 
الالجوضي بعد اث انقلا كز تعن تدهم يزافية آنا الراساف لسن 


2300 لعل من الجدير ذكره أن الديرَ يحضر في مرويات ألف ليلة وليلة بوصفه مكانًا 
لاستدراج الرجال وإغوائهم» فالديرء كما ورد في الليلتين السابعة والأربعين 
والثامنة والأربعين» مكانٌ يُدهِشُ العقل يصبح فيه الرجال المستدرجون تحت حُكم 
الراهيات روفي تين كما أنَ الراهبات يعلمن أن عقيدة المسلمين تحلل لهم التمتع 
ا . فقد ورد على لسان راهبة تخاطب شركان: «لأنْ اعتقادكم أنه يحل لكم التمتع 
بمثلٍ كما في كتبكم حيث قيل فيها : أو ما ملكت أيمانكم) . وتحضر الراهبة في 
هذه الليلة مُشفقة على الغرباء» لكنّها في الوقت نفسه تملك نفسًا عامرة بالشجاعة 
علاوة على كونمها فطنةً حذرة تخاف غدر «شركان» ٠‏ ألف ليلة وليلة (نسخة مصورة 
عن طبعة بولاق 1252 ه ).2 مُقابلة وتصحيح الشّيخ مُحمّد قطة العدويّ» ج1» 
الهيئة العامة لقصور الثقافة» القاهرة» 2010. ص 143 147. 





228 خطاب الجنس: مقارياتٌ في الأدب العربيّ القديم 


عذراوات كما وَهِموا؛ ذلك أنَ الراهبات يكنّ في الغالب الأعمّ 
عذراوات لأنهنَ يترهبنَ في سن مبكرة من حياتهن» وكما أوهمهم 
الاسم. فاسم الدير مخاتلٌ ومُخادع إنه يشير إلى عُذرية الراهبات 
لكنّْهنَ في حقيقة الأمر غير عذراوات”!©. وسوف تكشفٌ الرواية عن 
احتيال اللصوص؛ فهم لم يقدروا أَنَ الدير أنقذهم من الشرطة 
وامنهم من خوف السلطان بل لقد راحوا يستعملون الراهبات 
ويستمتعون بهن جنسيًا. ويبدو أنْ هذه الرواية صيغت لتوافق الرؤية 
الإسلامية؛ إذ إنها تشدد على عدم عذرية الراهبات وعلى فقدان 
عذريتهنَ بواسطة قسٌ الدير. كما أنها تكشف عن توق اللصوص إلى 
فعل الافتضاض ؛ ذلك أنهم يعلمون يقيئًا عذرية الراهبات. إِنَ الرواية 
تريد أنْ تقلل من أهمية ممارسة اللصوص الجنس مع الراهبات 


الْجَان عمدوا ال لماه بن اشع الم والدية. ول أب فواس 
د فتك الأجشناء يالا حشتتاء 
ديوان أبي نواس (ت 199 ه). ط1(جمعية المستشرقين الألمانية)» تحقيق: 
إيفالد ال دار 0 للثقافة والنشرء 03 ج23 ص 20. 
ا ان را حتى شربث دِماءَهُنّ جراحا 





أخرجِئُْهُنَ مِنَ الخدورٍ حَواسِراً ‏ وَتَركتُ صَونَ عفافهنٌ مُباحا 

في ديوسائز» والشباح يلوخ لي 4 ٠‏ فحَمَعيت درا الصاح وراجها 
فَمَعَلتُ ما فَعَلَ المَسُوقٌ بلَيلِةٍ ‏ عادت لَذادَتَهاعَلَيَ صَباحا 
فالقه ا برقيلة قن دي نكل + وجا امد ننجتا اها 
براك الكسرويى المكاف زد 5ق وطن متي جل الع » يراك 
الجمل» كولونيا ‏ بغدادء 2005, ص 61» 





الآخر فى الجنسانية العربية 229 


وإخضاعهِنَ جنسيّاء وتعاظم من مسألة تعرّض الراهبات لفقدان 
العذرية عن طريق القس. كما أنّ الرواية مُصاغةٌ وفق برنامج سردي 
يتضمن حدث ملاحقة شرطة السلطان للصوصء. دون أنْ يُلمح إلى 
أنَ حدث المُلاحقة محض فح نصبه لصوص العذرية من أجل 
الإيقاع بالراهبات. 

وإذا كانت الرواية تشدد على استباحة القسّ عذريّة الراهبات 
واستغلاله موقعه الدينيّ ومن ثم إدانته وتحقير مؤسسة الدير التي 
يُخْفي اسمها حقيقة مريرة يستنكرها المدلول فإنها من جهة أخرى 
تتضمن تستّرًا على جناية اللصوص وسوء صنيعهم» وبهذا المعنى فإنَ 
الرواية تصرف النظر عن غدر اللصوص بمن آواهم وأحسن إليهم 
ووفر لهم حماية وتمنحهم عفوًا في حين أنها تُجرّم الراهبات والقسّ 
بعد أنْ وضعتهم في محور التضاد» فجناية اللصوص المتمثّلة في 
لصوصيّتهم وسوء صنيعهم مع الراهبات وإساءتهم للدير الذي وفر 
لهم الحماية أمورٌ يُعادلها استغلال القسٌ للراهبات وإفقادهنّ 
عذريتهنّ. كما أنَ الرواية تقصد إلى كشف دلالة العدد فالدير يضم 
قسّا واحذدًا وراهباتٍ كثيراتٍ وهو عندما يفتح التخييل على هذا 
الفضاء البشريّ المكانيّ فإنه يهدف إلى الإحالة إلى الدير بوصفه 
ناح جديا فلي لاد الكعيرات اللوائى لا يملكة: من 

ومن الروايات الكاشفة عن إساءة استعمال الأديرة ما أورده أبو 
حيّان التوحيديٌ (ت 414 ه) ونصّها: 

«قال الماهانيّ: كانت في بعض الديارات راهبةٌ قد انفردت 
بعبادتهاء وكانت ثُقري الضيف وتجير المنقطع» وكانت النصارى 


230 خطاب الجنس: مقارياتٌ في الأدب العربيّ القديم 


تتمثل بعبادتها وعفافهاء فمرٌ بالدير رجل كان من شأنه أن يدّخرَ 
الفواكه» فيحمل في الصّيف فواكه الشتاءء وفي الشتاء فواكه الصيف 
إلى الملوك؛ ومعه غلامٌ له وحمارٌ موقّرٌ من كل فاكهة حسنةء فقال 
للغلام: ويحكء. أنا منذ زمانٍ أشتهي هذه الراهبة» فقال الغلام: 
كيف تصل إليها وهي في نهاية العفاف والعبادة؟ فقال: خذ معك من 
هذه الفاكهة وأنا أسبقك إلى سطح الدير فإذا سمعتني أتحدّث معها 
بشيء فأرسل ما معك من الروزنة؛ فأصعد الغلامُ سطمّ الدير» وجاء 
الرجل فدق الباب فقالت: من هذا؟ قال: ابن سبيل وقد انقطع بي» 
وهذا الليل: قد دعمني»٠‏ ففحت ودخل > وضار إلى البييث الذي 
الغلام على ظهرهء وأقبلت هي على صلاتهاء وقالت: لعلّه يحتاج 
إلى طعام» فجاءته به وقالت: كلء» فقال: أنا لا آكل» قالت: ولم؟ 
قال: لأني ملك بعثني الله تعالى إليك لأهب لك ولداء فارتاغت 
لذلك وشرعت :ونالة: ألسنّ كان "طريقك على الجنة فيلا سيت 
معك بشيء منها؟ قال: فرفع الرجل رأسه وقال: اللهم بعثتني إلى 
هذه المرأة» وهي بشرٌّء وقد ارتابت فأرها يا رب برهاناًء وأنزل 
عليها من فاكهة الجنة فتزداد بصيرة ومعرفة» فرمى الغلام برمّانة من 
فوق» وأتبعها بسفرجلة. ثم بِكمَّثراة» ثم بخوخةء فقالت: ما بعد 
هذا ريبٌ فشأنك وما جئت له فشال برجليها وجعل يدفع فيها وهي 
ثَمِرُ يديها على جَنْبَيْه كأنها تطلب شيئأء فقال لها: ما تلتمسين؟ 
قالت: نجد في كتابنا أن للملائكة أجنحة وأراك بلا جناح» فقال: 
صدقتء, ولكنا معشر الكَروييين بلا جناح )027 . 


(32) انظر: البصائر والذخائرء م 3» ج 6» ص 159. 


الآخر فى الجنسانية العربية 231 


إِنَ الرواية تعرض لراهبة الدير صورتين؛ الأولى : مثالية وتتمكّل 
في انفراد الراهبة بعبادتها وبقائها وحيدة في الدير لمعاظمة الأجر 
المتدق »و قرانيا العف وبر الجا اذه المكقطل دجو لقا واوا ةا مكل 
في تقديم الراهبة بوصفها راهبة غرّةً لا تملك حصانة معرفيّة كافية 
بيان ذلك أنها «ارتاعت وجزعت» عندما أخبرها الرجل أنه ملك بعثه 
الله ليهب لها ولدًا). إذ إنها سقطت ضحية حججاج الرجل المُغالط ؛ 
فالرجل استند إلى المخزون القرآني للإيقاع بالراهبة التي ارتاعت 
وجزعت لأنّها استحضرت قصة السيدة مريم مع جبريل عليه السلام» 
لذلك فإِنَ أسلوبَ الججاج الذي اعتمد عليه الرجل للتغرير بالراهبة 
يملك خاصية تحقيق الالتباس» فعبارة « لأني ملك بعثني الله تعالى 
إليك لأهب لك ولداً» تحمل إشارات رمزية ناكوة على تحرياتة الزات 
الراهبة التأويلية» ومن ثمّ دفعها إلى اعتقاد فحوى الكلام 
وتصديقه”””. بيد أن الرواية لم تكتف بهذا الججاج المُغالط الذي 
يمنح المتكلم في الرواية (- الرجل) القدرة على إخضاع الراهبة 
لسلطته الإكراهية بل إِنْ الرواية ذهبت إلى تضخيم صورة الخداع 
وذلك عندما سألت الراهبة الرجل قائلة: «أليس كان طريقك على 
الجنة فهلاً جئت معك بشيء منها؟), مما يعني أن الراهبة استسلمت 
لتأثير الججاج المُغالط ووقعت تحت تأثير الرجل الذي سوف يتعيّن 
عليه زيادة وقع الوهم الذي ظنته الراهبة يقيئاء وذلك بأنْ سأل ربّه 
برهانًا فقال: «اللهم بعثتني إلى هذه المرأة» وهي بشِرٌء وقد ارتابت 
دأزها اوت موهانا 0315 عليها.من:فاكية البجدة :نتزداف بصيرة 


(33) انظر: عبد السلام عشير» عندما نتواصل نغير: مقاربة تداولية معرفيّة لآليات 
التواصل والحجاج. ط1كء أفريقيا الشرق» الدار البيضاءء 2006 ص 131. 


232 خطاب الجنس: مقارياتٌ في الأدب العربيٌ القديم 


ومعرفة»» فالرجل يطلب ربّه مزيدًا من الخدع والأوهام لتزداد الراهبة 
بصيرة ومعرفة ويقيئًا. إن البراهين التي يطلبها الرجل ليعضد بها 
خدائعه وأراجيفه هدفها تعميق يقين الراهبة بالوهم» وهكذا فإنَ انقياد 
الراهبة وراء ججاج الرجل مكنه من إحكام قبضته على الخطاب؛ 
فهو يهم بالإيقاع بها بين فخذيه وهي تهمُ به ليمنح مُتخيّلها السَرديّ 
من الأدلة والبراهين ما يجعلها تتماهى مع السيدة مريم» لذلك لم 
تكففك الراهة «الجة. الأول وإتما كدف لطانية شه أخرى» جم 
تعزز استجابتها بالأدلّة والبراهين. 


وسوف تمضي الرواية إلى تحقيق رغبة الراهبة المتمثّلة في البرهان 
والروية. ا سأل ربّه أمرين؛ البرهان العاصمء وإترا فواكه 
الجنّة. بمعنى أن إنزال فواكه الجنة أمرٌ مختلف عن البرهان وقد وردا 
على العوجي» البرفان. اول :وان ال واف التجتة كاكاه لقن معن 
المطلب الثاني قبل الأول: فقد تمّ إنزال فواكه الجنّة عندما «رمى 
الغلام يرمّانة من فوقء وأتبعها يسفرجلةء كم بِكُمُعرَاوْه كم بتخويخة». 
بيد أن البرهان تحقق بعد إنزال الفاكهة. وذلك عندما أقرّت الراهبة 
للرجل بصحّة ججاجه وقالت: ما بعد هذا ريبٌ فشأنك وما جئت 
لهء فشال برجليها وجعل يدفع فيها). إِنَ البرهان الذي يستدعيه دعاء 
الرجل هو تحقق القدرة الجنسية التي تُمكنه من مجامعة الراهبة التي 
أسلمت نفسها لمَلَكَ مُحصّن بالبراهين والأدلة الإلهية. لكنّ الرواية لا 
تكتفى بهذا المالوىا قفي إلى تع طهة عر وا لواهن ودهاه الرجل 
الى ييه في الرّواية» أعل من الراهبة بتعاليم الدين المسيحيّ؛ 
فالراهبة أدركت أثناء المُجامعة أَنْ المَّلك لا يملك أجنحة وهو أمر 
يتعارض مع ما ورد في الكتب والشروح المسيحيّة مما يعني أن المَلك 


الآخر فى الجنسانية العربية 233 


زائفٌ» بيد أن الرجل يبدد سؤالها الججاجيّ الإنكاريّ بوسيلتين؛ 
الأولى: تصديق كلامها المتضمّن أن للملائكة أجنحة,» والثانية: 
بالامعدواك على التصتديقة :ذلك بقولهة اولكنا م ال 
بلا جناح»» إنه يُؤكد كونّه ملكا متميرًا؛ حتى تزداد الراهبة يقيئًا بعد 
أنْ اختبرت أنه مَلكَ يحمل من فواكه الجنة» فالرجل حاجج الراهبة 
بأنه مَلَكْ رفيع الشأن من سادة الملائكة ليزداد تمكنًا منها بعد أن 
شكت بعدم وجود أجنحة له. لقد قدّم الرجل حِجَاجًا تبكيتيًا وكأنَ 
لسانه المُضمر يقول: «وما أوتيتم من العلم إلا قليلا». و: 
فقل لمن يدعي في العلم معرفة 
حفظت شيئًا وغابت عنك أشياءٌ 
لقد كانت راهبات الأديرة هدفًا سهلا لطلاب المتع الجنسيّة الذين 
لم يكونوا يتورّعون عن ارتكاب الحماقات بحق الراهبات كما فعل 
أبو الطْمّحَان القينيّ الذي يرد خبره في هذا النص. «قيل لأبي 
الطكغاة القع > ند اهن أذاق لتر لقي انال :“ليلة الدوى قالوا نوما 
ليلةٌ الدير؟ قال : نزلت على ديرانية فأكلت طَفَيْشَلاً لها بلحم خنزير» 
1 عا 


وشربت من خمرهاء وزنيت بها وسرقت كساءها ومضيت 
إن هذه المرويات تجعل من الفئات الدينية غير الإسلامية هدفًا 
للستايشة اللحدية العامة" تيزل لاسلامية القن تح كشا آلف 


23 ورد فى لسان العرب لابن منظور مادة: (ك ر ب) ما نصّه: «الكروبيون سادةٌ 
الملائكة منهم جبريل وميكائيل وإسرافيل» هم المقرّبون. والملائكة الكروبيون: 
أقرب الملائكة إلى حملة العرش». وقد أنبه د. إسماعيل القيام إلى ضرورة 
توضيح معنى الكلمة وأثار حولها تساؤلا أثمر عن قيامه بكشف دلالتها بالرجوع 
إلى لسان العرب. 

(34) انظر: ابن قتيبة الدينوريّ» عيون الأخبار» المجلد الرابع (كتاب النساء)» ص 107. 





234 خطاب الجنس: مقارياتٌ في الأدب العربيٌ القديم 


الآخرين الجنسية وتخضعها لرغائبها الاستهوائية» إنها تمارس عليها 
ما يعاظم من إخضاعها وتبعيتهاء وهما تبعيةٌ وإخضاعٌ لهما ما 
يسوّغهما دينيًا. يقول أبو نواس”” : 
فيك الندامى والذين تهوّدوا وقالوا بأنا قد قتلناابن مريم 
وكلّ مجوسيّ شريب» وإنني أرى نيكهم فرضًا على كل مُسلم 
وقد نكتهم دهرًا طويلا وآنمًا أجول بأيري بين أفخاذ مُجرم 
فهذا فعالي» ما حييتُ» وإنني أعافٌ من اللذات ما لم يحرم 


ولم تقتصر الانتهاكات الجنسيّة الموجّهة ضد المختلف دينيًا على 
عامّة الناس بل إِنّها صدرت من قبل القائمين على شعائر الذين» 
ولعل الخبز الأ يتعلى :هذ الجانب ونضة: جد تون على ظهر 
صبيٌ نصرانيٌ ا فقيل: ما تصنم؟ فقال: أليس الله يقول: 
#ولا يطؤون موطنًا يَغِيِظٌ الكَفَّارَ ولا ينالُونَ من عدرٌ نيلاً إل كُيِبَ 
لهم به عَمَلْ صالحٌ إن الله لا يُضِيعْ أجرّ المُحسنينَ4 سورة التوبة آية 
0؛ فأيَ موطئ أغيظ للكفار من هذا؟)”76. 

© الآخر المختلف مذهبيًا 

ترد في كتب الأدب العربيّ القديم أخبار ونصيّات كاشفة عن 
الجنسانية بوصفها أسلحة تستعمل للنيل من الفرق والمذاهب 
الإسلامية» ومن هذه الأخبار الخبر الآتي ونصّه: 


(35) انظر: النصوص المحرّمة. تحقيق: جمال جمعة. ط2» رياض الريّسء 21998 
ص 98. 

(36) أبو القاسم الراغب الأصفهانٌء في المجون والسخف. ضمن: الجنس عند 
العرب» ج1» منشورات الجمل. ط2» كولونيا ‏ ألمانياء 2003 ص 153. 





الآخر فى الجنسانية العربية 235 


«كان سكران يبكي ويقول: لو عرفت قتلة عثمان. فقال له 
مخئّث: وما كنت تصنع بهم؟ قال: كنت أنيكهم. فقال المخنث: أنا 
قتلته» فامتطاه وقال: يا ثارات عثمان! فقال المُخَْنَثُ من تحته: إِنْ 
كيت ولي الدم وهذه عقوبتك فإني أقتل كل يوم عثمان3770, 

يُحيل هذا الخبر إلى الصراع الذي نشبٌ بين المسلمين إثر قتل 
الخليفة الثالث عثمان بن عفان وما نجم عنه من انقسام في صفوف 
المسلمين وصراع على الخلافة انتهى بحربين كبريين هما: الجمل 
وصفين» إذ خرج أهل الشام يطالبون بالثآر لمقتله والمطالبة بدمه 
وقاتليه. ويكشف الخبر عن أن الرجل السكران المنحاز للخليفة 
عثمان من أهل الشام وأنه أمويّ الهوى والانتماء. وأنه أدرك ثأره فى 
مُخَْنّثْ يبحث عمّن يشفي غليله. وتضمّن الخبر سخرية مريرة 
مفادها ؟؛ أن النئلك ينوب مناب الثأر أو أن أصحاب عثمان لم يبلغوا 
ثأرهم وأضاعوا دمه. إِنَ الفعل الجنسيّ في هذا الخبر يسعى إلى 
إدانة أصحاب عثمان والسخرية منهمء أما صناعة الخبر فلا تكاد 
تسلم من الوضع والنحل؛ فالخبرهء وإنْ أحال إلى الواقع» إلا أنه 
ضربٌ من التخييل. 

وتحيل بعض الأخبار على سياقات الخصومة بين الأمويين 
والعلويين الذين لم يتورّعوا عن اقتراف الانتهكات الجنسية في سبيل 
تطهير نفوسهم من العَلبة والضيم اللذين لحما بهما جراء العداوة 
التاريخية المستحكمة فى صفوف الطرفين. ومن هذه الأخبار ما 
أورده التوحيديٌ ونصه: «قال مسعر» حدثني علي بن الحسيق 


(37) ابن حمدونء التذكرة الحمدونية. م 9» ص 490. 


236 خطاب الجنس: مقارياتٌ في الأدب العربيٌ القديم 


العلوي قال: كان بهمذان رجل يعرف بأبى محمد القُمَّىَء وكان 
متصرّفًا بهاء وكان شديد الحماقة في بغضه عا فورد البلد غلامٌ 
بغداديٌء وكان يكتب الحديثء وبلغ القُّمَيّ خبره» وأنه صبيحٌ 
الوجه موصوفٌ بالملاحة» فوجه غلاماً له إليه بدينارين» ودعاه إلى 
منزله» فمضى الغلامٌ واحتفل القُمّي في المائدة والزينة والكرامة» 
حتى إذا كان وقت النوم قام الغلام وطرح جنبه ناحية» فنهض وراءه 
القُمَّي وراوده وداوره» فلما أجاب كرهاً أقحم عليه أيره. فتأوه 
الغلام وصرخ وقال: اخرج أمك بظراءء فقال القُمّي: دعني من هذا 
وانزل على أحد ثلاثة أمور: إما أن تلعن معاوية» وإما أنْ ترد 
الدينارين» وإما أنْ تستدخل أيري كلّهء فقال الغلام: أما لعن معاوية 
فلا سبيل إليه» وأما الديناران فقد أنفقت أحدهما ولا ترضى 
ارتجاعه إلا مع الآخرء وأما الصبرُ على مرادك فأنا أستعين بالله 
عليه؛ فغمز عليه بالحميّة» وجعل الغلام يتلوى ويقول: هذا في 
وناك ها أبااصوه الرستن قلا 0 , 

إِنَْ هذا الخبر يوضّح حجم القهر الذي خلّفته العداوة والكراهية 
ف فوس الحلريق وتمقدهو على الأمريين .ذلك اذ لصون يوني 
تاريخية ودينية وعقائدية لا يُمكنْ للزمن محوها وإنهاؤها بل على 
العكس يؤججهها ويسعّرها. أمّا الجنس فهو وسيلة تتيح لرجل مثل 
أبي محمد القمّي أنْ يدرك مناله من غلام بغداديٌ يتعلم الحديث 
ويسلك مسالك المُحدّثين» ومعلوم أن الخصومة بين المحدثين 
والعلويين كبيرةٌ؛ إذ متّل خطاب المُحدّثين الجهاز المعرفيّ الذي عرّز 


(238 أبو حيان التوحيديّ » البصائر والذخائر» م1 جل ص 187. 


الآخر فى الجنسانية العربية 237 


سلطة الأمويين ودعمها ورسّخها. وقد اجتمع في الغلام شيئان جعلاه 
فريسة لأبي محمد القميّ الذي يتمتع بسلطة رفيعة في همدان إذ 
يشدد الخبر على أنه «كان مُتصرّفًا بها»» ولا يُعرف كيف بلغ نبأ 
ورود الغلام البغداي إلى همدان» ولا معرفة القميّ بوصول الغلام 
إلا إذا كان القمي قد نشر عيونه في أرجاء البلد ليعرفوا القادمين 
والوافدين. ويسرّع الخبر بوصف الغلام الذي كان «يكتب الحديث» 
وصبيح الوجهء وموصوفًا بالملاحة»» لكنه يحجب هدف الغلام في 
زيارته همدان التي تبدو من الخبر علويّة الهوى والمذهب. لذلك 
كان يجدر بالفتى أنْ يتخفى وألا يُعلن انشغاله بعلم الحديث. لكنّ 
الخبر يوضحٌ أن الغلام كان غِرًا؛ِ إذ إنه أعلم أهل همدان باشتغاله 
في علم الحديث» علاوة على أنه اقتيد بدينارين الأمر الذي يكشف 
عن فقره وهي دلالة لا يمكن تصديقها إذا ما عُلم أن المسافر وطالب 
العلم أحرص ما يكونان على تأمين الموارد المالية. 


بيد أن الخبر يبالغ في إهانة الغلام وتعظيم شأنَ أبي محمد القمّيّ 
الذى يمحر سبلطنه لاقتياد غلام يطلب العلمء والنيل منه بقهره 


(239 تشيع الأخبار الجنسيّة المروية في صيغة النكتة في كتاب البصائر والذخائر وفي 
غيره من كتب الأدب» وهي تدل على الاحتقان المذهبيّ والطائفي الذي كان منتشرًا 
في ذلك العصرء ٠‏ وهو احتقانٌ ناتج عن العداء المستحكم بين جميع الطوائف 
والمذاهب ويعبّر عن أصواتهم دون مواربة ومداراة كأن التوحيديّ يِسَدُ أصوات 

يع الفئات ولا ينحاز لفئة على حساب الأخرى. لذلك فإِنّ تواتر الأخبار المرتبطة 
الاق الدينية المتنوعة دليل على موضوعيّة ة التوحيديٌ 'ومصلداقيته الأدبية القائمة 
على العدالة السّردية. ومن تلك الأخبار: «أدخل رجلّ علوي بيئه قحبةً» فلما 
أرادها قالت: : الدراهم» قال: دعي عنك هذا ويحك مع قرابتي من رسول الله 
صلى الله عليه وسلم قالت : : دع هذاء عليك بقحاب قمء. هذا لا ينفق على قحاب 
بغداد» ». أبو حيان التوحيديّ» البصائر والذخائر» م22 ج23 ص 57. 





2138 خطاب الجنس: مقارياتٌ في الأدب العربيٌ القديم 


جنسيًاء وهو قهرٌ يستبطن تحقيق غاية مذهبية”” تكمن في لعن 
مُعاوية بن أبي سفيان» وهو مطلب القميّ من الغلام الذي رفض 
الامتثال والخضوع لإرادة القميّ المذهبية مُفضّلاً الخضوع والامتثال 
الجنسي. وفي كلتا الحالتين فإِنَ الغلام يحضر خاضحًا لإرادة أبي 
محمد القميّ الذي يبغض معاوية إلى درجة الحماقة. 

وكدْن أ غلةة الرؤازاقوالقهاز على أذ ندل اسمن معي كرما 
معادلاً موضوعيًا يحقّر الآخر ويهينه ويزدريه. في حين أن فاعل 
الجنس يحضر بوصفه غالبًا وقاهرًا وظافرّاء وأنّ المفعول به يحضر 
كسيرًا مهزومًا ذليلاً فاقدًا مروءته وعفّته. علاوة على أنّ أثر الإهانة 
الذئ تخلقة قعل التحنسن لا تنح :رلا بقدل النسيب يفغل الإحاثة: 


239 


مصادر الدراسة ومراجعها 


© أولاً: المصادر 


الأبشيهئ»ء أبو الفتح شهاب الدين محمد بن أتحينل رت ”همم/مه) 
قميحة» دار الكتب العلمية» بيروت» 87 .١‏ 

الإتليديٌ» محمد بن دياب رت بعد ١٠٠‏ ه) نوادر الخلفاء 
أيمن عبد الجابر الجهيري». ط١ء‏ دار الأفاق العربية» القاهرة» 
.١1‏ 


الأصبهانيٌ» أ كر محمد بن داود رت /ا9؟ هل الزّهرة, ط3 
تحقيق : إبراهيم السَامرّائيٌ ونوري حمود القيسي» مكتبة المنار» 
الزرقاء - الأردن. .١980‏ 

الأصفهانيّ» أبو الفرج علي بن الحسين (ت 57” ه)», كتاب الأغاني 
(أربعة وعشرون مجلدً)ء تحقيق: إحسان عباس » وإبراهيم 
السعافين» وبكر عباس » طْ ,2 دار صادر» بيروت» 5 


3 الذيارات» تحقيق: جليل العطيّة. ط ك2 رياض الرئس 
للكتب والنشر» لندن ‏ قبرص » .1١‏ 





240 خطاب الجنس: مقارياتٌ في الأدب العربيّ القديم 


ألف ليلة وليلة (نسخة مصورة عن طبعة بولاق ١١607‏ ها)ء مقابلة 
وتصحيح الشّيخ مُحمّد قطّة العدويّء ج١.‏ الهيئة العامة لقصور 
الثقافة» 511٠‏ 


التوحيدي» أبو حيان علي بن محمد بن العبّاس رت 515). الإمتاع 
والمؤانسة. (ثلاثة أجزاء) تصحيح وضبط : أحمد أمين» وأحمد 
الزين» منشورات دار مكتبة الحياة» بيروت» د.ت. ط. 


٠‏ البصائر والذخائر(تسعة أجزاء). تحقيق: وداد القاضى. ط؛. 
دار صادر» بيروت ٠»‏ 48. 








إبراهيم الكيلانى» دار طالاس للدراسات والترجمة والنشدة» 
د.ت.ط. 
الجاحظء» أو عثمان عمرو بن بحر(ت هه"ه) رسائل الحاحظ 
طكف دار الجيل» بيروت »2 .1١‏ 
2 الحيوان» تحقيق: عبد السلام هارونء ط”2 دار إحياء 
3 البيان والتبيين» تحقيق: عبد السلام محمد هارون» طم 
مكتبة الخانجى» القاهرة» .١16‏ 











2 في مناقب بني العباس » دراسة وتحقيق: محمد الدروبي» 
حوليات الآداب والعلوم الاجتماعية» مجلس النشر العلمي» 
جامعة الكويت» الرسالة لام الحولية الثانية والعشرون» 
ل" 


مصادر الدراسة ومراجعها 241 


ها شرح مقامات الحريري. دار الفكر للطباعة والنشر 
والتوزيع. دمشق» د.ط.ا ت. 


أبو حُكيمة» راشد بن إسحاق الكاتب (ت 51٠‏ ه)ء ديوان أبي 


حُكيمة: في الأيرتات». ط”» منشورات الجمل» كولونيا 
ألمانياء لا .5٠٠‏ 


ابن حمدونء» أبو المعالى محمد بن الحسن بن علي (ت 5ه ه)ء 
التذكرة الحمدونية. تحقيق: إحسان عباس وبكر عباس » طدف 
دار صادر» بيروت .١1 5 ٠»‏ 


الخليع. أبوعلىٌ الحسين بن الضحّاك» رت 0” هل ديوانه, ط.ف 
تحقيق: جليل العطيّة. طكف منشورات الجمل» كو وتات 
بغداد .5١٠860‏ 


الدينوريٌ» أبو محمد عبد الله مسلم بن قتيبة (ات 7175 ه)ء عيون 
الأخبار.ء مطبعة دار الكتب المصرية بالقاهرة» 19945. 


الزارئء أي كر محمد ين زكزياون 17ه)اكتانث البام “ضهن : 
ثلاث مخطوطات تراثية نادرة في الجنس» تحقيق وتقديم: هشام 
عبد العزيز وعادل محمود» طدف دار الخيّال» القاهرة» 868. 


الراغب الأصفهانيّ» أبو القاسم الحسين بن مفضل بن محمد (ت 
له هل محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء» 
منشورات دار مكتبة الحياة» بيروت. 


الرّقِيَات» عبيد الله بن قيس رت هلاه)ء ديوانه. تحقيق وشرح: 
محمد يوسف نجمء دار صادر» بيروت» د.ط.ات. 


202 خطاب الجنس: مقارياتٌ في الأدب العربيٌ القديم 


السموءل المغربئّ» أبو نصر مؤيد الدين (ت ١ه‏ ه). نزهة 
الأصحاب فى مُعاشرة الأحباب». تحقيق : حك فريد المزيديٌ» 
ط١ء‏ دار الآفاق العربية» القاهرة» /ا١50.‏ 


السيوطيّ» أبو الفضل الحافظ جلال الدين (ت 9١١‏ ه)ء نزهة 
العمر فى التفضيل بين البيض والسّمرء ط١.‏ الانتشار العربىٌ» 


.5١0١6 بيروت»‎ 





2 في الجماع وآلاته. تحقيق وتعليق وتقديم: فرج الحوار» 
طكف منشورات الجمل» كولونيا ‏ بغداد» 5 


2 المُستظرف من أخبار الجواري». تحقيق: صلاح الدين 
المَنجّد. ط١ء‏ دار الكتاب الجديد» بيروت» ”1957. 





الشابستيٌ» أبو الحسن على بن محمد (ت 388 ه). الذيارات» 
ط3ت مطبعة المعارف» بغداد» 9655 .١‏ 


ابن عبد ربه الأندلسئ» أبو عمر أحمد (ت 5/8” ه)ء العقد الفريد. 


شرح وضبط وتصحيح وترتيب: ا أمين» وإبراهيم 
الأبياريٌ» وعبد السلام هارون» دار الكتاب العربيٌ» بيروت. 


ابن طيفورء أبو الفضل أحمد بن أبى طاهر (ت ١8١‏ ه)ء بلاغات 
النساء» ضمن: الحجنس عند العرب» ط 3ك منشورات الجمل» 
كولونيا ‏ ألمانياء .١9949‏ 


القفطيّ. الوزير جمال الدين أبو الحسن عليّ بن يوسفف 
(ت 515هيء إنباه الرُواة على أنباه التُّحاة» تحقيق: محمد أبو 
الفضل إبراهيم» طدف دار الفكر العربى ومؤسسة الكتب 
الثقافية» القاهرة ‏ بيروت» ك١‏ . 


مصادر الدراسة ومراجعها 203 


ابن قيّم الجوزية» أبو عبد الله شمس الدين محمد بن بكر 
الرّرعيّ الدمشقيّ الحنبليَّ (ت١75‏ ه)ء أخبار النساء»؛ شرح 
وتحقيق: نزار رضاء درط منشورات دار مكتبة الحياة» 
بيروت» ١1‏ . 


ابن كمال باشاء أحمد بن سليمان (ت 45٠‏ ه)ء رجوع الشيخ إلى 
متناد ان الكو #على امال عفن :عدن فند المرياة 110 
مكوزات لجل + كؤلرقا اماما 

المبرد» أبو العباس محمد بن يزيد (ت 5860 ه)ء الكامل فى اللغة 
والأدب ١‏ أزعنة اجون حصي : فيه اجيف نذا طن 
مؤسنسة الرمتالة /519ة1: ْ 


ابن منظور. أبو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم رت ١آالاه)‏ 
لسان العرب» دار صادر» بيروت »2 .١13554‏ 


أبو نواس» الحسن بن هانئ (ت ١99‏ ه)ء ديوانه (أربعة أجزاء). 
(جمعية المستشرقين الألمانية)» تحقيق: إيفالد فاغنر وآخرين» 
طكفء دار المدى للثقافة والنشر» ”ل 


الهمذاني» أبو الفضل بديع الزمان (ت 784 ه)ء كتاب المقامات 
(الطبعة الكاملة)» طدف الانتشار العربىٌ » بيروت» 516, 


© ثانيَا : المراجع 


1. المراجع بالعربية 
الاي ناصر الدين: القيان والغناء في العصر الجاهلي. ط”, دار 
الجيل » بيروت» 44 .١‏ 


244 خطاب الجنس: مقارياتٌ في الأدب العربيٌ القديم 


البغدادي. الخطيب: الزنى والشذوذ في التاريخ العربي. ط١ء‏ 


بو حسن» أحمد: العرب وتاريخ الأدب: نموذج «كتاب الأغاني», 
ط.ف دار توبقال للشو الدار البيضاء» ل 


بارط». رولان: درس ا : لسيميولوجياء ترجمة: عبد السلام 
بلعبدك العالي. طُْ ؟*» دار توبقال للعشصر؟ الدار البيضاء» 
.١ 45‏ 


برنس » جيرالد: قاموس السرديات» ترجمة: السك إمامء ميريت 
للنشر والمعلومات» طكء القاهرة» ”ل 

بورديو» بياذ : الهيمنة الذكوريّة. ترجمة: لمان قعفرانئٌ» طكف 
المنظمة العربية للترجمة» بيروت» 514,. 


بارندر» جيفري: الجنس في أديان العالمء ترجمة: نور الدين 
البهلول» طدك دار الكلمة» دمشق» 5٠٠١‏ 

بوحديبة» عبد الوهّاب: الإسلام والجحنس. ترجمة: هالة العوري» 
ونافى ارين كسب الف ا 

ةك الإنسان في الإسلام» طاء دار الجنوب» تونس » لا .5١‏ 

تاناهيل » ري: قصة الجنس عبر التاريخ . ترجمة : إيهاب عبد الحميد» 
طكف دار ميريت» القاهرة» 048 .5١‏ 

جحفة» عبد المجيد: سطوة النهار وسحر الليل: الفحولةٌ وما يوازيها 


فى التصوّر العربى. ط 21 دار توبقال لاليشوة الدار البيضاء» 
04 


مصادر الدراسة ومراجعها 2015 


جدعان» فهمي: خارج السرب: بحث في النسويّة الإسلامية الرافضة 
وإغراءات الحرية. ط١.ء.‏ الشبكة العربية للأبحاث والنشرء 
يروك 1 

جغامء حسن أحمد: الجنس في أعمال الإمام جلال الدين السَيوطي» 
دراسة وتحقيقء. تقديم: محمد بئّيس» ط١.ء‏ دار المعارف 
للطباعة والنشرء سوسة ‏ تونس». .50١١‏ 


ب جمال: النصوص المحرّمة. دراسة وتحقيق» ط, رياض 
الريئس» بيروت» .١1‏ 

لحمدانيٌ» حميد» القراءة وتوليد الدلالة: تغيير عاداتنا فون قراءة 
التدن الأدين +:ط١+‏ المركز النقانى. العري» مبروت ب الداز 
الات ا دق 


حمزة» علي عبد الحليم: الجنس وأبعاده: جدل القداسة والإغواء 
والعنف». طك.ف رياض الريس للكتب والنشر» بيروت ٠»‏ ”ىل 


الحيدريّ» إبراهيم: النظام الأبويّ وإشكالية الجنس عند العرب» 
طك. دار الساقى» بيروت »2 ا 


نس + د.ط منشورات عكاظط, الرباط» للم 


: الجنس في القرآن الكريم» ضمن: الجنس عند العرب» 
ط؟». منشورات الجمل» كولونيا ‏ ألمانياء .5٠١7‏ 

خيّاط. سلام: البغاء عبر العصور: أقدم مهنة في التاريخ. ط١ء‏ 
رياض الريّس للكتب والنشر» لندن ‏ قبرص » 5 . 


246 خطاب الجنس: مقارياتٌ في الأدب العربيٌ القديم 


الديالمي» عبد الصنمدك: سوسيولوجيا الحنسانية العربية» طدف دار 
الطليعة للطباعة والنشر» بيروت» 5106 


الاساكدنة نوداني كد التقاتن لعي يروت الدار 
ال 1 


ابن سلامة» رجاء: العشق والكتابة, منشورات الجمل» طكدفء 
كولونيا ‏ ألمانياء .75١١7‏ 


ابن سلامة» فتحي : الإسلام والتحليل النفسي . ط١اء‏ ترجمة: رجاء 


بن سلامة» دار الساقي بالاشتراك مع رابطة العقلانيين العرب» 
بيرواة) هذل 


٠‏ الجنس المطلق. ضمن: الأنوثة والجنس في الإسلام» 


ترجمة: حسين 55 بدايات.» دمشق» .5١١8‏ 





سلمان». علي محمد علي : كتابة الجاحظ في ضوء نظريات الحجاج: 
ا ال 

الصفديء. مطاع: استراتيجية التسمية في نظام الأنظمة المعرفية, 
طكفء مركز الإنماء القومى» بيروت» ك١‏ . 

صفوان» مصطفى : الكلام أو الموت». ترجمة: مصطفى حجازي» 
طاء المنظمة العربية للترجمة» بيروت» 048 .5١‏ 


عبد الله محمد حسن: الحب في التراث العربي, طدف دار 
المعارف» القاهرة» 14 . 


مصادر الدراسة ومراجعها 217 


عبدهء سمير: المنزلة الجحنسية للمرأة العربية. ط١.,‏ دار النصرء 
دمشق» 6 .١‏ 


العجلوني» كامل : الجنس في اليهودية والمسيحية والإسلام: المرأة 
والرجل وعلاقتهماء ط١ء‏ مطبعة الجامعة الأردنية». عمان» 
30 


عشيرء عبد السلام: عندما نتواصل نغير: مقاربة تداولية معرفيّة 
لآليات التواصل والحجاج». ط١ء‏ أفريقيا الشرق» الدار البيضاءء 
00 


العدنانيَّ» الخطيب: النكاح وأصول الزواج في الإسلام؛ ط١اء‏ 
الانتشار العربى» بيروت »2 لوآل, 


العمرىّ» محمد: نظرية الأدب فى القرن العشرين». ط5. أفريقيا 
الشرق» الدار البيضاءء .5٠0١5‏ 


عناني» محمد: المصطلحات الأدبية الحديثة: دراسة ومعجم 
إنجليزي ‏ عربي» طكء مكتبة لبنان ناشرون والشركة المصرية 
العالمية للنشر ‏ لونجمان» 00 


العيادي» عبد العزيز: ميشيل فوكو: المعرفة والسلطة. طكفء 
المؤسسة الجامعية للدراسات والتسشر والتوزيع. بيروت» 
14 . 


الغدامة عبد الله ليد 'الموأة واللقعة 81 * الجر كز الققاف 
العربى» بيروت - الدار البيضاء » .١1/‏ 


فرويد» سيجمند : ثلاث رسائل فى نظرية الحنس» ترجمة: محمد 
عثمان نجاتى 2 طُْ 5» دار الشروق» القاهرة» ل ا 


208 خطاب الجنس: مقارياتٌ في الأدب العربيٌ القديم 


فوكوء. ميشيل : نظام الخطاب. ترجمة: محمد سبيلاء ط١ء‏ دار 
التنوير للطباعة والنشر والتوزيع» بيروت» /ا١٠5,.‏ 

: تاريخ الجنسانية (ثلاثة أجزاء)» ترجمة. مطاع الصفدي 
وجورج أبي صالح» مر كز الإنماء القومي. بيروت» .٠‏ 

ححا حفريات المعرفة, ترجمة: سالم يفوت». ط3ت امرك 
الثقافى العربى» بيروت - الدار البيضاء» /اة .١‏ 

تمده المراقبة والمعاقبة: ولادة السجن. ترجمة: على مقلدء 
مراجعة وتقديم: مطاع صفدي» طكء مركز الإنماء القومى». 
بيروت» . 

قرامىء. آمال: الاختلاف فى الثقافة العربية الإسلامية: دراسة 
جندرية» طكءء دار المدار الإإسلامى» بيروت» الل 

الكبيسىٌ» محمد على: ميشال فوكو: تكنولوجيا الخطاب» 
كترلوعها القبلطة» كدر لور هيا السطرة على الحشةه ا داة 
سراس » تونس » 417 .١1‏ 

الكردي» محمد علي : نظرية المعرفة والسلطة عند ميشيل فوكو. دار 
المعرفة الجامعية» الإاسكندرية» د.ت.ط. 


كوش » دئيس : مفهوم الثقافة في العلوم الاجتماعية. ترجمة: منير 
السعيدانى » طا١اء‏ المنظمة العربية للترجمة» بيروت» /ا٠٠5,.‏ 


كيرزويلء» أديث: عصر البنيوية: من ليفي شتراوس إلى 
فوكو, ترجمة: جابر عصفور» طكدكء دار آفاق عربية» بغداد. 
6ا١.‏ 


مصادر الدراسة ومراجعها 249 


كيليطوء عبد الفتاح: الكتابة والتناسخ: مفهوم المؤلف في الثقافة 
العربية, ط3, دار توبقال» الدار البيضاء» م4١‏ 5. 


كينيار » باسكال : الجنس والفزع . ترجمة : روز مخلوف» طدك ورد 
للطباعة والنشر والتوزيع» دمشق» /ا١٠٠5,.‏ 

متزء آدم : الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجريّ» ترجمة: محمد 
عبد الهادي أبو ريدة» وتقديم: مصطفى لبيب عبد الغني» ج١2‏ 
البز ف التوافي؟ تكله اساسلة عير اك الفرتجه )0 القاهر نه ا ا 

ماركوز» هربرت : الحب والحضارة. ترجمة: مطاع الصفدي ط3, 
دار الآداب» بيروت» /ا١0٠5.‏ 


محمودء إبراهيم : جغرافيا الملذات: الجنس في الجنة» ط؟. رياض 
الريس للكتب والنشر» بيروت» .١1‏ 

0 الجنس في القرآن» ط؟ء رياض الريس للكتب والنشرء 
بيروت» .١1‏ 

المرنيسي» فاطمة: الجنس كهندسة اجتماعية بين النص والواقع. 
بيروت - الدار البيضاء» .١195‏ 

المصطفى. حسين على : ثقافتنا الجنسية بين فيض الإسلام واستبداد 
العادات.» ط١2,‏ المركز الثقافى العربى» بيروت - الدار البيضاء» 
اد, 


المتحن» صلاح الدين : الحياة الجنسية عند العرب: من الجاهلية إلى 


أواخر القرن الرابع الهجريّ. ط!. دار الكتاب الجديد» بيروت» 
.١1/‏ 


250 خطاب الجنس: مقارياتٌ في الأدب العربيٌ القديم 


النعمان» طارق : مفاهيم المجاز بين البلاغة والتفكيك, طكف ميريت 
للنشر والمعلومات» القاهرة» ال 


النقاري» حمو: منطق الكلام من المنطق الجدلي الفلسفيَ إلى المنطق 
الججاجي الأصولي. ط١.‏ دار الأمان للنشر والتوزيع» الرباطء 


م ”5 


ياسين» بوعلي: الثالوث المُحرّم: دراسة في الدين والجنس والصّراع 
الطبقن. ط 8. دار النوز الأدبية» بيروت» .50١5‏ 


يقطي: 4 ينيك : تحليا الخطاب الروائئ : (الزمن ‏ السّرد ‏ التبئير). 
ط”. المركز الثقافي العربيئّ» /ا99١.‏ 


2. المراجع بالإنجليزية 


71 1710 /0 تزع 7020/10ء ل 1تل 11117125 /[0 “0702 1776 ,أعء 141 ,التتوعنه .1 
4 ,011لا 17م[ ,1610ل 800125 عع ١12162‏ ,رع 1ر21 


© ثالنًا: بحوث منشورة في : 


براون» جاب. واواج. يول: تحليل الخطاب. ترجمة وتعليق: 


سعود» طدف .١1/‏ 


جبسونء والكر وآخرون: من نقد استجابة القارئ: من الشكلانية إلى 
ما بعد البنيوية» ترجمة: حسن ناظم. وعلي حاكم» مراجعة 
وتقديم: محمد جواد حسن الموسويّ؛ ط١ء‏ المجلس الأعلى 
للثقافة (المشروع القوميّ للترجمة)» القاهرة» .١919‏ 


مصادر الدراسة ومراجعها 251 


دريفوسء. أوبير وبول رابينوف: ميشيل فوكو: مسيرة بنيوية» 
ترجمة: جورج أبي صالحء مراجعة: مطاع صفدي» ميك 
الانماء القومىٌ» بيروت. 


الرويلىٌ» ميجان وسعد البازعيّ: دليل الناقد الأدبن: إضاءة لأكثر من 
ك5, 


ستوواسره باربارا وآخرون: الإسلام والجنوسة والتغيّر الاجتماعي» 
ترجمة: أمل الشرقى» ومراجعة: فؤاد سروجئىٌ» ط١اء‏ الأهلية 
للنشر والتوزيع» عمّانت .5١٠١*‏ 


غبار» مليكة وآخرون: الحجاج في درس الفلسفة.» ط١ا2,‏ دار أفريقيا 


الشرق» الدار البيضاء» 5ل 
الحاهلية» مطبعة دار الكتب والوثائق القومية» القاهرة» 
0 


ميللر» جيوفري إف. وآخرون: تطور الثقافة: رؤية في ضوء منهج 
البحوث المتداخلة. إشراف التحرير: روبين دونبار وكريس نايت 
وكاميلا باور» طكء المشروع القومي للترجمة ‏ المجلس 
الأعلى للثقافة» القاهرة. .58١85‏ 


وايت. هيدن وآخرون: البنيوية وما بعدها: من ليفي شتراوس إلى 
دريداء تحرير: جون ستروك» وترجمة: د و سلسلة 
عالم المعرفة .225١15(‏ المجلس الوطني للثقافة والفنون 
والآداب» الكويت» .1١9945‏ 


252 خطاب الجنس: مقارياتٌ في الأدب العربيّ القديم 


0 الدوريات 


التليليَء عبد الرحمن» فوكو: الحفريات منهج أم فتحّ في 
الفلسفة؟» عالم الفكرء ملاع 4ع يصدرها المجلس الوطنى 
للثقافة والفنون والآداب» الكويت» 5,. 


دوسترتو» ميشيل » ضحك ميشيل فوكوء. ترجمة: كاظم جهاد. 
الكرمل. ع 05. 

فوكوء ميشيلء البنيوية والتحليل الأدبّ» العرب والفكر العالمى» 
اع يصدرها مركز الإنماء القومىٌ» بيروت» 8/4 ةا .١‏ 
© رابعًا: الأطاريح الجامعية 

الكعبيّ؛ ضياءء صُورة المرأة في السّرد العربي القديم: دراسة في 
كتب الجاحظ. والأغانىء والسير الشعبية العربية» (أطروحة 
ماجستير مخطوطة). الجامعة الأردنية» .١499‏ 


223 


المحتويات 


الإهداء مما ا ل و ا و ع لا شو كوو واه مجو م 5 
إشارة مسن سا سنن شد احج طاسب ا 1 
تقديم: عاشقٌ تَلْصِفٌ عيناه حُبًا 0 
المقدمة 1 12+11 


الفصل الأول : خطاب الجنس: 


المبحث الثانى : من الخطاب الجنسىّ إلى الجنسانيّة 55 
المبحث الثالث : الجنسانية من الحجاب إلى الخطاب .... 61 


الفصل الثانى : استقبال الجنسانيّة 
في الأدب العربي القديم 0000 
المبحث الأول : إشكالية الحظر والإباحة: 
الموقف النقديّ 5 


254 خطاب الجنس: مقارياتٌ في الأدب العربيٌ القديم 


المبحث الثاني 


المبحث الثالث 


المبحث الرابع 


الفصل الثالث 


المبحث الأول 
المبحث الثاني 


المبحث الثالث 


المبحث الرابع 
الفصل الرابع 


المبحث الأول 


مصادر الدراسة ومراجعها 


: بدايات الخطاب الجنسيّ : 
الدوافع والغايات 000000000 
: التآليف في الخطاب الجنسيّ : 
الاستراتيجيات والسياسات 0 
: الجنسانيّة في الإسلام : 


من النصّ إلى التأويل ع 


: مقاصد الحنسانيتة 

في الأدب العربيٍ القديم 00 
: مؤسسة الكتابة ومقاصد التدوين 
: الكتابة بمداد الفقهاء : 


الووييتية الفقودة و الحدةا دين 


: الكتابة بمداد القضاة : 


اللنوؤيصينة القفل ق لمات 





: الطبابة والجنسانية 50 


: تمثييللات الجنسانية 
في الأدب العربي القديم 000 
: الجنسانية النسوية : 


صوت المرأة وهويتها الجنسية 


الاعر فى الحساتية العرية ب